ارتدادات بروكسل على مفاوضات جنيف

بعد أن خمدت ألسنة لهيب الانفجارات في بروكسل، الثلاثاء، بدا أن مفاوضات جنيف الأسرع في الاستجابة للواقع الجديد الذي نشأ بعد الانفجارات، ولو من باب التصريحات الكلامية

ارتدادات بروكسل على مفاوضات جنيف

مفاوضات جنيف

بعد أن خمدت ألسنة لهيب الانفجارات في بروكسل، الثلاثاء، بدا أن مفاوضات جنيف الأسرع في الاستجابة للواقع الجديد الذي نشأ بعد الانفجارات، والذي يتطلب معالجة أسبابها، ولو من باب التصريحات الكلامية، حيث اعتبرت الأمم المتحدة والمعارضة السورية، الثلاثاء، أن الاعتداءات الدامية التي استهدفت بروكسل تذكر بضرورة التوصل إلى حل سياسي للحرب السورية عبر المفاوضات التي تجري في جنيف.

وقال موفد الامم المتحدة إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، الثلاثاء إن 'مأساة' بروكسل تؤكد مرة جديدة ضرورة 'عدم إضاعة الوقت والعمل لاخماد النار المشتعلة' في سورية.

وتابع دي ميستورا أن 'الحل اللازم لمكافحة الإرهاب يمر بالتوصل إلى صيغة للانتقال السياسي في سورية'.

وفي موقف مشابه لموقف دي ميستورا، شددت عضو وفد المعارضة إلى جنيف، بسمة قضماني، على أنه 'بات من الضروري أكثر من أي وقت مضى التوصل إلى حل سياسي' للنزاع السوري الذي دخل عامه السادس متسببا بمقتل أكثر من 270 ألف شخص.

واعتبرت في بيان، الثلاثاء، تعليقا على هجمات بروكسل أن مفاوضات جنيف 'تعد اليوم أساسية لاستعادة التوازن السياسي العام وتجنب الفوضى التي يهددنا بها المتطرفون الذين يضربون هنا في أوروبا وهناك في الشرق الأوسط'.

الأجواء تغيرت..

وأضاف دي ميستورا أن 'الأجواء تغيرت' منذ الجولة الأخيرة من المفاوضات التي تعثرت مطلع السنة الحالية. وقال إنه بعد نحو عشرة أيام في سويسرا 'لم يغادر أحد ولم يرفض أي طرف الطرف الآخر'.

يذكر في هذا السياق أنه لم يسجل بعد أي تقدم ملموس في هذه المفاوضات، ولا يزال الشك سيد الموقف بين الطرفين.

وقال عضو الوفد الاستشاري المرافق لوفد الهيئة العليا للمفاوضات (معارضة) إلى جنيف، هشام مروة، لوكالة فرانس برس إن مواقف وفد النظام الأخيرة 'لم تكن مفاجئة، ولن تؤثر على قرارنا بالانخراط في العملية السياسية'.

وشدد على 'أننا نبدي قدرا أعلى من المسؤولية والتحلي بالصبر لأننا نحاور نظاما لا يحترم التزاماته، ولا القانون الدولي أو رغبة شعبه بالانتقال السياسي'، لافتا إلى أن الوفد الحكومي 'يحاول إثارة المعارضة للحصول على رد فعل منها'.

في المقابل، يرفض الوفد الحكومي البحث في الانتقال السياسي رغم الضغوط التي يمارسها دي ميستورا في هذا السياق. واعتبر رئيس الوفد المفاوض الحكومي في جنيف ومندوب سورية لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، الاثنين أن 'ما يتم الحديث عنه من قبل وفد السعودية، (في إشارة إلى وفد المعارضة).. حول مقام الرئاسة كلام لا يستحق الرد'، مضيفا أن 'الموضوع ليس موضع نقاش، ولم يرد في أي وثيقة مستندية لهذا الحوار' في إشارة إلى مفاوضات جنيف.

وأوضح مروة أن 'النظام يريد الانتقال السياسي كما يراه، أي مع بقاء الأسد، وهذا أمر مرفوض بالمطلق بالنسبة إلينا' مؤكدا أن 'الانتقال السياسي يعني تشكيل سلطة جديدة تتولى كافة الصلاحيات بما فيها صلاحيات الرئاسة'.

ويشكل مستقبل الأسد نقطة خلاف جوهرية في مفاوضات جنيف، إذ تطالب الهيئة العليا للمفاوضات برحيله مع بدء المرحلة الانتقالية، فيما يصر الوفد الحكومي على أن مستقبل الأسد يتقرر فقط عبر صناديق الاقتراع.

وقالت المحللة المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط، أغنيس لوفالوا، لفرانس برس إن 'النظام لا يريد التنازل عن أي شيء لأنه يدرك أنه في حال الدخول في مفاوضات جديدة فستكون بداية النهاية له'.

وأضافت 'سيستخدم كل الأساليب لإضاعة الوقت، لأن هذه الطريقة هي خشبة الخلاص له على أمل أن يعيل صبر دي ميستورا ويستقيل كما فعل سلفاه'، كوفي أنان عام 2012 والأخضر الابراهيمي عام 2014.

وبحسب المحللة فإن لدى الروس الوسائل 'لليّ ذراع' النظام السوري. وستكون زيارة وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، لموسكو الأربعاء مناسبة لزيادة الضغوط على النظام السوري.

وقال دي ميستورا بهذا الصدد 'ننتظر الكثير من محادثات موسكو، ونأمل أن تكون بناءة لتساعدنا على المضي في المحادثات بشكل معمق أكثر'.

من جهته قال رئيس الوفد السوري المعارض المنبثق عن الهيئة العليا للمفاوضات، أسعد الزعبي، بعد لقاء دي ميستورا بعد ظهر الثلاثاء 'في هذه الجولة نلمس جدية واضحة من الأمم المتحدة في تناولها للعملية السياسية، لكننا نعول على المهمة الأساسية لمجموعة العمل لدعم سورية، وخصوصا الروس، حلفاء النظام، من أجل الضغط على النظام من أجل الانخراط في الانتقال السياسي، وهذا ما يرفضه النظام إلى الآن'.

وشدد الزعبي على مطالب الشعب السوري 'المتمثلة في هيئة الحكم الانتقالي التي لا يمكن إطلاقا الخروج عنها، ولا يمكن أن يكون لبشار الأسد أو لرموز حكمه في هذه الهيئة أي مكان منذ بداية المرحلة الانتقالية التي ستتولى قيادة الدفة في سورية وصولا إلى الانتخابات، سواء البرلمانية أم الرئاسية'.

واعتبر أن 'كل ما يقوم به النظام الآن هو خارج الشرعية' لناحية رفضه البحث في الانتقال السياسي.

وتحدث الزعبي عن تقديم أربع أوراق إلى دي ميستورا تتعلق الأولى 'بالقضايا الإجرائية' والثانية ب'إطلاق سراح المعتقلين' والثالثة ب'الحصار الجديد' داعيا النظام بهذا الصدد إلى 'الالتزام بما انبثق عن قرارات مجلس الأمن في ما يتعلق بالأمور الإنسانية'. أما الورقة الرابعة فهي 'مركزية، تتعلق بالمبادئ الأساسية للعملية السياسية'.

واعتبر الزعبي أخيرا أن 'من البديهي ألا نجد أي نقاط التقاء' بين الورقة التي قدمها النظام، الاثنين الماضي، وتلك التي سلمتها الهيئة العليا للمفاوضات لدي ميستورا، مضيفا 'نحن نتحدث بالشرعية الدولية والنظام يهرب منها، ويضرب بعرض الحائط كل قرارات الشرعية الدولية' التي تتحدث عن الانتقال السياسي.

التعليقات