سورية: تجزئة التهدئة وقصف مدنيين وإدانة دولية

أعلنت سورية عن هدنة محليّة قصيرة الأجل قرب دمشق وفي محافظة اللاذقيّة، الجمعة، لكنّها تجاهلت وقف القتال في ساحة المعارك الرّئيسيّة في حلب، بعد تصاعد وتيرة الاشتباكات التي قالت الأمم المتّحدة إنّها تعكس "استخفافًا شنيعًا" بحياة المدنيّين.

سورية: تجزئة التهدئة وقصف مدنيين وإدانة دولية

أعلنت سورية عن هدنة محليّة قصيرة الأجل قرب دمشق وفي محافظة اللاذقيّة، الجمعة، لكنّها تجاهلت وقف القتال في ساحة المعارك الرّئيسيّة في حلب، بعد تصاعد وتيرة الاشتباكات التي قالت الأمم المتّحدة إنّها تعكس 'استخفافًا شنيعًا' بحياة المدنيّين.

وقال الجيش السّوريّ في بيان إنّ 'نظام التّهدئة' سيطبّق في أجزاء من اللاذقيّة ودمشق اعتبارًا من السّاعة الواحدة صباح يوم 30 نيسان/أبريل بتوقيت دمشق.

وأوضح الجيش في بيانه إنّ 'نظام التّهدئة يشمل مناطق الغوطة الشّرقيّة ودمشق لمدة 24 ساعة ومناطق ريف اللاذقيّة الشّماليّ مدّة 72 ساعة.'

لكن باستثناء حلب، التي تشهد أسوأ أعمال عنف في الفترة الأخيرة، فإنّ من المستبعد أن تحيي التّهدئة المحدودة وقف إطلاق النّار ومحادثات التّسوية السّياسيّة التي انهارت قبل أيّام.

وفي أسوأ الهجمات دمّرت غارة جويّة مستشفى في منطقة يسيطر عليها المعارضون في حلب ليل الخميس. وقالت منظّمة 'أطبّاء بلا حدود' التي تدعم المستشفى إنّ عدد القتلى ارتفع اليوم الجمعة إلى 50 على الأقلّ بينهم ستة مسعفين.

وقال مصدر عسكريّ سوريّ 'نظام التّهدئة لا يشمل حلب، لأنّ في حلب هناك إرهابيّون لم يتوقّفوا عن ضرب المدينة والسّكّان.'

ونقلت وكالة إنترفاكس الرّوسيّة للأنباء، عن الضّابط المسؤول عن مركز المراقبة الرّوسيّ لوقف إطلاق النّار قوله إنّ التّهدئة الجديدة تعني توقّف كلّ الأنشطة العسكريّة في المناطق المشمولة بها.

وقالت دمشق إنّ التّهدئة محاولة لإنقاذ اتّفاق 'وقف الأعمال القتاليّة'. والاتّفاق قائم منذ شباط/فبراير للسماح بعقد محادثات التّسوية السّياسيّة، لكنّه انهار في الأيّام الأخيرة وكذلك مفاوضات جنيف.

وقال مفوّض الأمم المتّحدة السّامي لحقوق الإنسان، زيد بن رعد الحسين 'يعود العنف إلى المستويات التي شهدناها قبل وقف الأعمال القتاليّة. هناك تقارير مزعجة للغاية عن حشود عسكريّة، ممّا يشير إلى استعدادات لتصعيد فتّاك'، وأضاف أنّ كلّ الأطراف أبدت 'استخفافًا شنيعًا' بحياة المدنيّين.

'أخشى الرعب'

ودعت الأمم المتّحدة موسكو وواشنطن إلى المساعدة في إعادة تطبيق وقف إطلاق النّار تفاديًا لانهيار محادثات السّلام التي توقّفت قبل أيّام في جنيف، دون إحراز تقدّم يذكر بعد انسحاب المعارضة.

وحثّ زيد بن رعد الحسين كلّ الأطراف على عدم العودة إلى الحرب الشّاملة وقال 'كان وقف الأعمال القتاليّة ومحادثات السّلام أفضل سبيل وإذا تمّ التّخلّي عنهما الآن فأخشى مجرّد التّفكير في مدى الرّعب الذي سنشهده في سورية.'

ومنذ سنوات، انقسمت حلب التي كانت أكبر مدن سورية قبل الحرب، إلى مناطق خاضعة للمعارضة وأخرى للقوّات الحكوميّة. وستكون السّيطرة الكاملة عليها أكبر مكسب للرئيس السّوريّ بشّار الأسد الذي يسعى للسيطرة على البلاد منذ اندلاع الحرب قبل خمسة أعوام، التي قال الوسيط الدّوليّ ستيفان دي ميستورا، إنّها أودت بحياة ما يصل إلى 400 ألف شخص.

ومنذ انضمام روسيا إلى الحرب العام الماضي، بضربات جويّة ضدّ جماعات المعارضة، تحوّلت دفّة القتال لصالح الرّئيس السّوريّ.

ولا يزال مئات الآلاف من النّاس يعيشون في مناطق خاضعة للمعارضة في حلب وريفها إلى الشّمال، ويشمل ذلك القطاع الوحيد من الحدود السّوريّة التّركيّة الواقع تحت سيطرة جماعات عربيّة سنيّة معارضة للأسد.

وتتّهم المعارضة قوّات الحكومة بتعمّد استهداف المدنيّين ولذلك فإنّهم سيهجرون المنطقة.

وقال رئيس وفد المعارضة بمفاوضات التّسوية السّياسيّة، أسعد الزّعبي، في مقابلة مع قناة الجزيرة 'الهدف ممّا يحدث في حلب الآن هو الضّغط علينا للقبول بأدنى الطلبات، بالقبول بأدني الشّروط التي يطرحها بشّار الأسد.'

وأضاف قائلًا 'الهدنة التي يتحدّثون بها اليوم من أجل أن يجهّز النّظام قوّاته مرّة أخرى خاصّة أنّه فشل في السّيطرة على حلب.'

وكتب المنسّق العامّ للهيئة العليا للمفاوضات، رياض حجاب إلى الأمين العامّ للأمم المتّحدة، بان كي مون، يتّهم الحكومة بارتكاب مذابح وحصار وتجويع للمدن والبلدات والقرى.

واستهدفت المعارضة مناطق حكوميّة بقصف عنيف وتقول دمشق إنّ هذا دليل على تلقّيها أسلحة من الخارج.

ضربات جويّة وقصف

وفي تعليقه على الغارة الجويّة على مستشفى بحلب قال المتحدّث باسم اللجنة الدّوليّة للصليب الأحمر، إيوان واتسون 'هذا غير مقبول... لكن تحديد ما إذا كانت جريمة حرب أم لا يحتاج إلى محقّق ومحكمة.'

وقال المرصد السّوريّ لحقوق الإنسان إنّ الغارات الجويّة وقصف الحكومة لمناطق خاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة في حلب أسفرت عن مقتل 142 مدنيًّا بينهم 21 طفلًا خلال الأيّام الثّمانية الأخيرة.

وأضاف أنّ 84 مدنيًّا بينهم 14 طفلًا قتلوا في قصف شنّه مقاتلو المعارضة على مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة خلال نفس الفترة.

وقال المرصد إنّ 11 مدنيًّا على الأقلّ قتلوا الجمعة في مناطق خاضعة للمعارضة بينما لقي 13 حتفهم بمناطق خاضعة لسيطرة الحكومة. وفي المناطق الخاضعة للمعارضة، حوصر كثيرون تحت أنقاض مبان منهارة في قصف لطائرات هليكوبتر.

وقال المسؤول في الدّفاع المدنيّ، بيبرس ميشال بمناطق خاضعة للمعارضة في حلب، إنّ المدينة شهدت عددًا من الهجمات الجويّة صباح الجمعة، وقع كثير منها قرب مساجد وإنّ إحداها أصابت مستوصفًا في حيّ المرجة.

اقرأ أيضا: حلب: أكثر من 20 قتيلًا بتجدد القصف ورتق الهدنة
وقال التّلفزيون السّوريّ الرّسميّ إنّ عددًا من الأشخاص قتلوا وأصيبوا واشتعلت النّيران في مبنى نتيجة قصف لأحياء خاضعة للحكومة في حلب، اليوم الجمعة، وشملت ضرب مسجد خلال خروج المصلّين من صلاة الجمعة.

التعليقات