الهدنة السورية: "كنا نموت قصفا والآن نموت جوعا"

بعد أكثر من يومين من الهدوء على معظم الجبهات السورية، مددت واشنطن وموسكو الهدنة المعمول بها في البلاد لمدة 48 ساعة إضافية، إلا أن المساعدات الإنسانية الموعودة إلى المناطق المحاصرة لم تصل حتى الآن.

الهدنة السورية:

بعد أكثر من يومين من الهدوء على معظم الجبهات السورية، مددت واشنطن وموسكو الهدنة المعمول بها في البلاد لمدة 48 ساعة إضافية، إلا أن المساعدات الإنسانية الموعودة إلى المناطق المحاصرة لم تصل حتى الآن.

في مدينة حلب خصوصًا، التي ذكرها بالتحديد الاتفاق الأميركي الروسي حول الهدنة المعمول به منذ الإثنين، يعبر السكان عن الإحباط. ولم يحصل سكان الأحياء الشرقية في حلب، الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة، والمحاصرة من قوات النظام، والتي يبلغ عدد سكانها 250 الفًا، على إمدادات منذ بدء الحصار بشكل متقطع قبل شهرين.

ويتساءل أبو إبراهيم (53 عاما)، من سكان حي أقيول في شرق حلب، "ما الفائدة من تجديد الهدنة ونحن لا نزال محاصرين؟".

ويضيف "كنا نموت قصفا والآن نحن متروكون للموت جوعا، لا طعام لا شراب ولا حتى سجائر".

وحث موفد الأمم المتحدة إلى سورية، ستافان دي ميستورا، الحكومة السورية، على السماح بإدخال المساعدات "فورا" إلى المناطق المحاصرة.

وينص اتفاق الهدنة على إيصال المساعدات الإنسانية إلى مئات آلاف المدنيين، في حوالي عشرين مدينة وبلدة محاصرة، غالبيتها من قوات النظام.

ومدينة حلب مقسمة منذ العام 2012، بين أحياء شرقية، تسيطر عليها الفصائل المعارضة، وأحياء غربية تسيطر عليها قوات النظام.

وبعد انتهاء سريان المرحلة الأولى من الهدنة، مساء الأربعاء، أعلن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، ونظيره الروسي، سيرغي لافروف، تمديدها لمدة 48 ساعة إضافية، تنتهي عند الساعة السابعة مساء الجمعة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، مارك تونر، لصحافيين، إن كيري ولافروف بحثا في مكالمة هاتفية، الأربعاء، الهدنة السارية في سورية، و"اتفقا على تمديد وقف العمليات العدائية لمدة 48 ساعة إضافية".

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، "لم يسقط أي ضحايا بين المدنيين والمقاتلين في المناطق المعنية بالهدنة منذ دخولها حيز التنفيذ، يوم الإثنين".

>> نريد محروقات

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الأربعاء، واشنطن وموسكو، إلى المساعدة على إزالة العوائق أمام إيصال المساعدات.

وجدد دي ميستورا، الخميس، دعوة الأمم المتحدة، متوجها بشكل خاص إلى الحكومة السورية.

وقال خلال مؤتمر صحافي في جنيف "نحن بحاجة إلى إذن نهائي، وأنه لأمر مؤسف، أننا نضيع الوقت، روسيا موافقة معنا على هذه النقطة".

وأوضح الناطق باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في مدينة غازي عنتاب التركية، دايفيد سوانسون، "لدينا 40 شاحنة على الحدود محملة بالغذاء لـ80 ألف شخص وهي جاهزة لعبور الحدود" باتجاه حلب.

وأوضح أن "الخطة حاليا هي إرسال 20 شاحنة فور حصولنا على الضوء الأخضر، لتلحق بها 20 شاحنة أخرى في اليوم التالي، وهذا يتعلق بالوضع الأمني على الأرض".

وأضاف "من الممكن القول إنه بالنظر إلى الوضع الحالي على الأرض، من المستبعد جدا أن تتحرك الشاحنات اليوم".

ومن المقرر أن تدخل المساعدات الإنسانية إلى حلب عبر طريق الكاستيلو، شمال مدينة حلب، التي يفترض أن تتحول إلى منطقة خالية من السلاح، بموجب الاتفاق، وتشكل الطريق خط الإمداد الرئيسي إلى الأحياء الشرقية، وتسيطر عليها قوات النظام منذ أسابيع، ما أتاح لها فرض الحصار على المناطق المعارضة.

وأعلنت موسكو، الأربعاء، أن جيش النظام السوري سينسحب من طريق الكاستيلو الساعة التاسعة من صباح الخميس، لكن ذلك لم يحصل.

وكانت موسكو، حليفة دمشق، حذرت من أنه قد يعاد النظر في انسحاب جيش النظام السوري في حال تعرضت الطريق لقصف بالقذائف، وأقامت القوات الروسية على الطريق مركزا لمراقبة تطبيق الاتفاق.

واعتبر وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك إيرولت، الأربعاء، أن "المحك هو وصول المساعدات الإنسانية، هذا أمر حاسم، وخصوصا في حلب (...) وإذا لم يتحقق، فإن الإعلان عن هدنة لن يكون ذا مصداقية".

وفي حي الزبدية، في الجزء الشرقي من حلب، قال مصطفى مرجان (30 عاما) "أنا لا أريد فقط أن يتوقف القصف بتجديد هذه الهدنة، وإنما أريد أن يسمحوا بدخول الخضار والمحروقات".

وأضاف "كيف سنطبخ ونطعم أطفالنا ولا يوجد أي نوع من المحروقات في السوق؟".

ومنذ دخول اتفاق وقف الأعمال القتالية حيز التنفيذ، مساء الإثنين، توقفت المعارك بشكل كامل تقريبا بين قوات النظام ومسلحي المعارضة على مختلف الجبهات، باستثناء بعض النيران المتقطعة بحسب ناشطين والمرصد السوري لحقوق الإنسان والأمم المتحدة.

ويستثني الاتفاق الجماعات الجهادية من تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وجبهة فتح الشام "جبهة النصرة سابقا، قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة"، اللذين يسيطران على مناطق واسعة في البلاد، على غرار الاتفاق السابق الذي تم التوصل إليه في شباط/ فبراير الماضي، واستمر لأسابيع.

وإذا صمد اتفاق وقف الأعمال القتالية لمدة أسبوع، يفترض أن يؤدي إلى تعاون غير مسبوق بين موسكو وواشنطن لمواجهة التنظيمين الجهاديين.

لكن موسكو اتهمت اليوم، واشنطن بعد الإيفاء بالتزاماتها في الاتفاق، حيث قال الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية، أيغور كوناشنيكوف، في بيان، إن واشنطن "لا تفي بالتزاماتها، وفي المقام الأول فصل مسلحي المعارضة المعتدلة عن الإرهابيين".

وبموجب الاتفاق، يمتنع النظام السوري عن القيام بأي أعمال قتالية في المناطق التي تتواجد فيها "المعارضة المعتدلة" والتي سيتم تحديدها بدقة وفصلها عن المناطق التي تتواجد فيها جبهة فتح الشام، بحسب ما قال وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري، لدى الإعلان عن الاتفاق.

اقرأ/ي أيضًا | تعاون روسي أميركي "لم يسبق له مثيل" في سورية

وتتحالف فصائل المعارضة في مناطق عدة أبرزها محافظة إدلب مع جبهة فتح الشام.

التعليقات