عسكريون غربيون يبحثون بلبنان مناطق آمنة للسوريين

أصبحت بيروت محجا لمسؤولين عسكريين غربيين، ورشح من اجتماعاتهم مع المسؤولين اللبنانيين إلى أنهم تطرقوا إلى موضوع إنشاء منطقة آمنة تشمل جرود بلدة عرسال اللبنانية وصولا إلى مناطق على الطرف الآخر من الحدود السورية.

عسكريون غربيون يبحثون بلبنان مناطق آمنة للسوريين

في ظل كثرة الحديث عن إنشاء مناطق آمنة في سورية خاصة بعد تولي دونالد ترامب الرئاسة في الولايات المتحدة، وترجيح تقارير إعلامية ومصادر سياسية أن تلك المناطق ستكون شمالا على الحدود التركية أو جنوبا على الحدود الأردنية، يبدو أن هنالك فكرة 'خارج الصندوق' كما يقال بإعلان مثل هذه المنطقة جنوبا لكن من جهة لبنان.

وما يدعم الفكرة أن بيروت خلال الأيام القليلة الماضية، أصبحت محجا لمسؤولين عسكريين غربيين، ورشح من اجتماعاتهم مع المسؤولين اللبنانيين إلى أنهم تطرقوا إلى موضوع إنشاء منطقة آمنة تشمل جرود بلدة عرسال اللبنانية وصولا إلى مناطق على الطرف الآخر من الحدود السورية، وذلك حسبما كشف مصدر سياسي لبناني واسع الإطلاع للأناضول.

قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال جوزيف فوتيل، زار لبنان الأسبوع الماضي، سابقا بذلك زيارة وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان التي بدأت السبت الماضي ولم يُعلن عن مدتها.

كلا الجانبين أكدا في تصريحاتهما على التزامهما بدعم الجيش اللبناني، إلا أن زيارة الجنرال فوتيل لم تقتصر على ذلك بحسب المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، بل تخطتها إلى 'بحث إنشاء مناطق آمنة'.

وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، لحساسية منصبه، إن 'مطلب وجود منطقة آمنة مطروح منذ أيام رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، لكن اللبنانيين يريدون أن تكون هذه المناطق داخل الأراضي السورية، ولا تشمل بعض الأراضي اللبنانية'.

وأضاف أن 'مباحثات تتم مع المسؤولين الأميركيين حول هذا الموضوع، خصوصاً وأن هناك اعتقادا من قبلهم أن جرود عرسال مناسبة لتكون ضمن المنطقة الآمنة ومنطلقا لها'.

'مخيمات المنطقة تضم أكثر من سبعين ألف نازح سوري، وهي خاضعة كلياً للسيادة اللبنانية، بدليل أن الجيش أقام فيها أجهزة رصد قدمتها له بريطانيا، مع العلم أن ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا لم يتم بشكل دقيق في تلك المنطقة'، بحسب المصدر.

وأوضح أن 'ما سرّب من زيارة قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأمريكي أنه بحث المناطق الآمنة، لكن الأمر مازال قيد التداول، مع إصرار لبناني أن تكون تلك المناطق داخل الأراضي السورية وليس اللبنانية، مع الاشارة إلى أن هذا الموضوع قد يقتضي تنسيقاً مستقبلياً بين بيروت ودمشق'.

ويعيش في لبنان نحو 1.1 مليون لاجئ سوري مسجلين رسميا لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، بينما يشير مسؤولون حكوميون إلى أن العدد الفعلي يتجاوز 1.5 مليون لاجئ.

وحول مدى إمكانية إقامة منطقة آمنة في البلدة المتاخمة لمنطقة القلمون السورية، قال الخبير العسكري العميد المتقاعد ناجي ملاعب إن 'إقامة مناطق آمنة في جرود عرسال أمر بغاية الصعوبة خصوصاً وأن كل ما شُيّد هناك، من مستشفيات ومدارس هو مؤقت، وما من بنى تحتية أبداً إضافة إلى الطبيعة الوعرة للمنطقة'.

وبالتالي، حسب ملاعب 'من الأفضل أن تُقام المنطقة الآمنة من جهة بلدة القاع 30 كيلومتر شمال شرق عرسال اللبنانية وتمتد إلى منطقة القصير الواقعة حاليا تحت سيطرة حزب الله وقوات النظام السوري وصولا إلى باقي مناطق ريف محافظة حمص'.

وأضاف 'هذه المنطقة من القاع حتى ريف حمص متصلة بلبنان وبسورية ويمكن أن تكون آمنة تحت حماية وإشراف الأمم المتحدة أو قوات عربية مشتركة، فما المانع من مشاركة جامعة الدول العربية بالحل'.

الخبير العسكري تطرق أيضا إلى المنطقة الآمنة المحتملة جنوبي سورية، قائلا :'يبدو أن الأردن خطى خطوات بهذا الاتجاه، والجماعات المعارضة المسلحة المدعومة من قبلها تسيطر على تلك المناطق، وهناك أيضاً يمكن أن تتولى قوات عربية مشتركة حماية المنطقة'.

وحول وجود جدول زمني لتحقيق تلك المناطق قال ملاعب 'ستُفرض عندما يُتخذ القرار، وهي لا تحتاج سوى لحدود جوية آمنة'.

يشار إلى أن حدود لبنان مع سورية يبلغ طولها 375 كيلومترا، وتم ترسيمها وفق وثائق الانتداب الفرنسي (1920-1943)، ولكن الترسيم الميداني الدقيق لم يتم حتى اليوم.

جدير بالذكر أن تركيا بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان كانت من أوائل المطالبين بإقامة مناطق آمنة يطبق فيها حظر للطيران ويجري إعدادها لاستقبال النازحين السوريين.

هذا المطلب عاد الحديث عنه مجددا على لسان الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد أيام من تسلمه مقاليد الحكم في 20 كانون الثاني الماضي.

وشهد لبنان الأسبوع الماضي، زيارة لقائد المنطقة الوسطى في الجيش الأمريكي الجنرال جوزيف فوتيل، والتقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، وقائد الجيش العماد جان قهوجي.

وأعلن فوتيل أن 'بلاده ماضية في تعزيز برنامج التعاون مع الجيش اللبناني'، منوهاً بـ'القدرات القتالية والخبرات والكفاءات العسكرية اللبنانية'.

أما وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان، الذي وصل بيروت مساء السبت، في زيارة لم يُعلن عن مدتها، فقد أجرى عدة لقاءات مع مسؤولين لبنانيين بينهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة سعد الحريري، ووزير الدفاع يعقوب الصراف، إضافة إلى قائد الجيش جان قهوجي، كما تفقد كتيبة بلاده العاملة ضمن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة جنوب لبنان.

وفي بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية عقب لقاء جمع الرئيس ميشال عون والوزير لودريان، أكد الأخير التزام بلاده بدعم ومساعدة الجيش اللبناني، تنفيذا لتعهدات أطلقها الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند في  نيسان الماضي.

التعليقات