الغوطة: اتفاق على إجلاء مقاتلين والوضع بمراكز الإيواء "مأساوي"

أعلنت حركة أحرار الشام المعارضة، اليوم الأربعاء، التوصل إلى اتفاق لإجلاء مقاتليها من مدينة حرستا في الغوطة الشرقية، في اتفاق هو الأول من نوعه منذ بدء قوات النظام تصعيدها العسكري على المنطقة المحاصرة.

الغوطة: اتفاق على إجلاء مقاتلين والوضع بمراكز الإيواء

(أ ب)

أعلنت حركة أحرار الشام المعارضة، اليوم الأربعاء، التوصل إلى اتفاق لإجلاء مقاتليها من مدينة حرستا في الغوطة الشرقية، في اتفاق هو الأول من نوعه منذ بدء قوات النظام تصعيدها العسكري على المنطقة المحاصرة.

ويأتي التوصل إلى هذا الاتفاق بموجب مفاوضات تمت بين الفصيل المعارض ووفد من مركز المصالحة الروسي ومقره في قاعدة حميميم العسكرية (غرب)، من دون تدخل مباشر من النظام في دمشق.

وبعد خروجهم من الغوطة الشرقية مع تقدم قوات النظام إليها، بعد سنوات من الحصار المحكم، يجد عشرات الآلاف من المدنيين أنفسهم داخل مراكز إيواء مكتظة وصفت الأمم المتحدة الوضع فيها بـ"المأساوي".

وأعلنت حركة أحرار الشام أن إجلاء مقاتليها من مدينة حرستا سيبدأ في السابعة 08:00 (بتوقيت القدس المحتلة) من صباح يوم غد، الخميس. وقال المتحدث باسم الفصيل في الغوطة الشرقية منذر فارس، إن الاتفاق "يقضي بخروج الثوار من المدينة بسلاحهم مع من يرغب من المدنيين إلى الشمال السوري بضمانات روسية".

ونقلت الوكالة الفرنسية عن وزير في حكومة الأسد، قوله إن "مركز المصالحة الروسي تولى إجراء الاتصالات مع مسلحي حركة أحرار الشام"، مؤكدًا أن "الحكومة السورية ليست منخرطة مباشرة بعملية التفاوض، لكنها جاهزة لتنفيذ" الاتفاق.

وغالبًا ما يجري مركز المصالحة الروسي، مفاوضات مع فصائل معارضة ويرصد وقف الأعمال القتالية في سورية.

وخلال سنوات النزاع، شهدت مناطق سورية عدة بينها مدن وبلدات قرب دمشق عمليات إجلاء لآلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين بموجب اتفاقات مع القوات النظامية إثر حصار وهجوم عنيف.

مفاوضات في دوما

ولا تقتصر المفاوضات التي تتولاها روسيا على حرستا، إذ أكد مصدر محلي في دوما، كبرى مدن المنطقة إن "مفاوضات تجري حاليا بين وفد من المدينة مع الجانب الروسي"، بهدف التوصل إلى اتفاق حول مستقبل المدينة من دون تفاصيل إضافية.

وتأتي هذه المفاوضات بعد حملة عسكرية عنيفة تشنها قوات النظام منذ 18 شباط/ فبراير على الغوطة الشرقية، بدأت بقصف عنيف ترافق لاحقًا مع هجوم بري تمكنت خلاله من السيطرة على أكثر من 18% من هذه المنطقة، التي شكلت منذ العام 2012 المعقل الأبرز للفصائل المعارضة قرب دمشق.

ومع تقدمها في الغوطة، تمكنت قوات النظام من تقطيع أوصالها إلى ثلاثة جيوب منفصلة هي دوما شمالًا تحت سيطرة فصيل جيش الإسلام، وبلدات جنوبية يسيطر عليها فصيل فيلق الرحمن بالإضافة إلى حرستا.

وتجري المفاوضات في وقت تواصل قوات النظام قصفها على بلدات عدة محاصرة، حيث قتل ثمانية مدنيين بينهم طفلان في قصف على بلدة عين ترما، كما قتل ثلاثة متطوعين في الدفاع المدني في قصف استهدف دوما مساء بعد هدوء خلال ساعات النهار، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وتدور حاليًا معارك بين قوات النظام وفصيل فيلق الرحمن قرب بلدة عين ترما المحاذية لدمشق. وأوردت "سانا" أن الجيش يواصل تقدمه باتجاه أطراف عين ترما.

ومنذ بدء هجومها على الغوطة الشرقية، قتل أكثر من 1530 مدنيًا بينهم 300 طفل على الأقل، وفق حصيلة للمرصد.

وعبر معبر الوافدين، الذي حددته قوات النظام وصولًا إلى مناطقها، غادرت "عشرات العائلات"، اليوم الأربعاء، مدينة دوما في "أول حركة نزوح" بحسب المرصد. وشاهد مراسل لـ"فرانس برس" مدنيين يحملون أمتعتهم ويخرجون من المدينة سيرًا على الأقدام باتجاه معبر الوافدين.

ومنذ الأسبوع الماضي، يتكرر يوميًا إجلاء حالات طبية مع أفراد من عائلاتهم من دوما بموجب اتفاق بين جيش الإسلام وروسيا.

وضع مأساوي

ودفعت المعارك أكثر من سبعين ألفًا معظمهم من النساء والأطفال والمسنين من سكان الغوطة الشرقية للنزوح منذ 15 آذار/ مارس باتجاه مناطق سيطرة قوات النظام مع تقدم الأخيرة ميدانيًا، وفق المرصد. وأعرب كثيرون منهم عن خشيتهم من تعرضهم للاعتقال أو أخذ الشبان للتجنيد الإلزامي، لكنهم لم يجدوا خيارات أخرى أمامهم مع كثافة القصف والمعارك.

ويقيم هؤلاء في مراكز إقامة مؤقتة تابعة لحكومة النظام في ريف دمشق، أبرزها مركزي عدرا والدوير بينما تطالب الأمم المتحدة بإعادتهم إلى منازلهم أو عدم إخراجهم منها.

وقال الممثل المقيم لأنشطة الأمم المتحدة في سورية، علي الزعتري، اليوم، إنه "لو كنت مواطنًا لما قبلت بأن أبقى في (مركز إيواء) عدرا لخمس دقائق بسبب الوضع المأسوي"، مضيفًا "صحيح أن الناس هربوا من قتال وخوف وعدم أمن، لكنهم ألقوا بأنفسهم في مكان لا يجدون فيه مكانًا للاستحمام".

واعتبر غداة جولته على عدد من مراكز الإيواء في ريف دمشق أنها "غير مهيأة لاستقبال المدنيين"، مشددًا على أن "الحل هو بتفريغ هذه الملاجئ من السكان بأسرع وقت ممكن وبإبقاء السكان داخل الغوطة الشرقية".

وفي إحدى المدارس التي تحولت مركزا للإيواء في منطقة عدرا، شوهد مئات الأشخاص يفترشون الأرض وينامون على بطانيات، ويقف العشرات منهم في طوابير بانتظار استخدام الحمامات.

 

التعليقات