مواصلة التهجير بالغوطة وقمة تركية روسية إيرانية في إسطنبول

على وقع اقتراب موعد القمة الروسية ـ التركية في أنقرة، يوم الثلاثاء المقبل، تواصلت عملية التهجير من غوطة دمشق الشرقية، أمس السبت. وخرجت دفعة ثامنة أمس ضمّت مقاتلين تابعين لفصائل المعارضة السورية، ومدنيين اختاروا النزوح خشية عمليات انتقامية

مواصلة التهجير بالغوطة وقمة تركية روسية إيرانية في إسطنبول

(أ ب)

تواصلت عملية التهجير من غوطة دمشق الشرقية، أمس السبت. وخرجت دفعة ثامنة أمس ضمّت مقاتلين تابعين لفصائل المعارضة السورية، ومدنيين اختاروا النزوح خشية من عمليات قوات النظام الانتقامية. وذكرت وسائل إعلام النظام أن "الدفعة الجديدة تضم مهجرين من حي جوبر الدمشقي، ومدن زملكا وعين ترما وعربين في الغوطة الشرقية"، من المقرر نقلهم بالحافلات إلى منطقة قلعة المضيق في ريف حماة، قبيل نقلهم إلى مراكز إيواء في ريف إدلب وريف حلب الغربي. في غضون ذلك، يستمرّ القلق حول مصير دوما.

وأعلن قوات النظام السوري، السبت، إثر انتهاء عمليات الإجلاء من جنوب الغوطة الشرقية، مواصلتها القتال لاستعادة مدينة دوما، الجيب الأخير تحت سيطرة الفصائل المعارضة، والتي ما زال مصيرها معلقًا بانتظار نتائج مفاوضات مع روسيا.

ويأتي ذلك على وقع اقتراب موعد القمة الروسية ـ التركية في أنقرة، يوم الثلاثاء المقبل، والتي تتحول إلى قمة ثلاثية لقادة الدول الضامنة لاتفاق أستانة (تركيا وروسيا وإيران)، يوم الأربعاء المقبل في إسطنبول.

وأمس السبت، وصلت نحو 70 حافلة من الدفعة السابعة للمهجرين من الغوطة الشرقية بدمشق، لمنطقة قلعة المضيق بريف حماة الشمال الغربي، وهي الجزء الأكبر من هذه الدفعة التي تتالت حافلاتها، إلى شمال غربي سورية.

وبلغ عدد الواصلين لقلعة المضيق، وفقًا لما تداولته وسائل إعلام نقلا عن مصادر محلية، أكثر "من 3300 شخص، وصلوا على متن 70 حافلة انطلقت ليل الجمعة - السبت من بلدة عربين بالقطاع الأوسط في غوطة دمشق الشرقية". وكان مصدر من منسقي الاستجابة في شمال سورية، قد أكد أن "الدفعة السابعة تتألف من نحو مائة حافلة، تحركت على مرحلتين من ريف دمشق".

ومع وصول الدفعة الجديدة لريف حماة اليوم، تجاوز عدد الذين تم نقلهم من الغوطة الشرقية لدمشق، إلى مناطق شمال غربي سورية خلال أسبوع، 35 ألف شخص، مضافًا إليهم قرابة خمسة آلافٍ آخرين، كانوا قد نقلوا من مدينة حرستا قبل ذلك، إلى محافظة إدلب. وذكرت مصادر محلية في ريف إدلب أن "المخيمات لم تستوعب عدد المهجرين الكبير، وبعض المهجرين اضطروا للإقامة في مساجد، وأبنية مدارس في بعض مدن ريف إدلب وبلداتها".

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس، أن "نحو 150 ألف مدني غادروا الغوطة الشرقية منذ 28 شباط/ فبراير الماضي"، مشيرة إلى أن "المدنيين لا يزالون مستمرين في مغادرة المنطقة ومن بينهم سكان من مدينة دوما، يواصلون خروجهم عبر ممر في مخيم الوافدين شمال غوطة دمشق الشرقية". وكشفت أنه "غادر 607 أشخاص من سكان مدينة دوما"، موضحة أنه "غادر منذ 28 شباط/ فبراير الماضي، 29102 شخص من منطقة دوما". وادّعت الوزارة أنه "تستمر عودة المدنيين إلى سقبا، وكفر بطنا، وعين ترما، وزملكا، وحرستا، وغيرها من المناطق، في ظل توزيع المساعدات الإنسانية والأدوية عليهم".

إلى ذلك، ذكرت وزارة الدفاع الروسية أنه "جرى تمديد الهدنة الإنسانية لإتمام عملية إجلاء من تبقى من مقاتلي فصيل فيلق الرحمن (التابع للمعارضة السورية) من عربين في الغوطة الشرقية إلى إدلب شمال غربي البلاد"، لافتة إلى أن "عملية خروج مقاتلي فصيل فيلق الرحمن، وعائلاتهم من الغوطة الشرقية وصلت إلى مرحلتها النهائية". من جانبها، نقلت وكالة "سانا" التابعة للنظام، عن مصدر في قوات النظام تأكيده "خروج أكثر من 38 ألف مقاتل تابع للمعارضة مع عائلاتهم من جوبر وزملكا وعربين وعين ترما بالغوطة الشرقية، عبر ممر عربين إلى إدلب حتى الجمعة".

من جهته، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنه "ارتفع إلى 191400 شخص عدد الخارجين من غوطة دمشق الشرقية، نحو الشمال السوري، ومناطق النظام في محيط دمشق"، مشيرًا إلى أن "هناك من بقي في المناطق التي سيطرت عليها قوات النظام ضمن الغوطة الشرقية". وأشار إلى أنه "خرج نحو 43400 شخص نحو الشمال السوري وهم نحو 38400 شخص خرجوا من زملكا وعربين وجوبر التي يسيطر عليها فيلق الرحمن إلى الشمال السوري، إضافة لـ 5 آلاف شخص خرجوا نحو الشمال السوري من مدينة حرستا التي كانت تسيطر عليها حركة أحرار الشام الإسلامية".

بموازاة ذلك، لا تزال الأنظار تتجه إلى مآل التفاوض المستمر منذ أيام عدة بين "جيش الإسلام"، أبرز فصائل المعارضة السورية، وبين الجانب الروسي حول مدينة دوما كبرى مدن غوطة دمشق الشرقية. ولا يزال الفصيل يقاوم ضغوطًا روسية عليه للخروج من الغوطة، ويؤكد قادته أن موقفهم "واضح وثابت" وينهض على "رفض التهجير القسري، والتغيير الديمغرافي لما تبقى من الغوطة الشرقية".

فيما يبدو تعزيزًا متصاعدًا للعلاقات التركية الروسية، على الصعيد السياسي، يزور الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يوم الثلاثاء المقبل، العاصمة التركية أنقرة، لمدة يومين، لترؤس اجتماعات المجلس الأعلى التركي الروسي للتعاون، وكذلك لوضع حجر الأساس لمفاعل أك كويو النووي التركي، وكذلك للمشاركة في قمة إسطنبول للضامنين الثلاثة (روسيا وإيران تركيا) المقررة يوم الأربعاء المقبل، لمناقشة الخطوات المقبلة الخاصة بالشأن السوري.

وتأتي هذه الزيارة بعد التخلي الروسي عن قوات حزب "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني)، ما سمح للقوات التركية بالسيطرة على منطقة عفرين التابعة لمحافظة حلب السورية، وطرد الكردستاني منها. ومن المنتظر أن تتناول المحادثات بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وبوتين، الخطوات المقبلة في سورية وكذلك منطقة تل رفعت، التي كانت تحت سيطرة "الاتحاد الديمقراطي" قبل أن تتسلمها قوات الدفاع الوطني التابعة للنظام. وما زالت المحادثات مستمرة بين الجانبين مع إصرار تركيا على السيطرة عليها، في الوقت الذي ما زالت فيه المفاوضات مستمرة.

وبحسب المركز الصحافي التابع للرئاسة التركية: "سيقوم الرئيسان بوضع حجر الأساس لمفاعل أك كويو النووي الذي تشرف تركيا على إقامته في ولاية مرسين التركية على البحر المتوسط، بعد أن أنهى عدد من الأتراك التدريبات اللازمة لتشغيل المفاعل في روسيا".

وسيشارك الرئيس الروسي، يوم الأربعاء المقبل، باجتماع رؤساء دول الضامنين الثلاثة لاتفاقات استانة، ومن المنتظر أن يتناول الاجتماع الذي سيحضره الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أيضًا، مناقشة وإعادة تقييم كل الخطوات التي تمّ تطبيقها في سورية في إطار اتفاقات خفض التصعيد، والتي أدت حتى الآن، إلى إنهاء سيطرة المعارضة السورية على منطقة خفض التصعيد في الغوطة الشرقية، وكذلك سيطرة النظام والروس والإيرانيين على مساحات واسعة من ريف حماة، وسيطرة الأتراك على منطقة عفرين، ونشرهم لثماني نقاط مراقبة في محافظة إدلب.

وتأتي هذه القمة الثلاثية، في الوقت الذي أعلن فيه، الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في وقت سابق، عن نيته سحب قوات بلاده من سورية، وتلاه تخفيض 200 مليون دولار من الدعم المقدم لإعادة الإعمار في مناطق سيطرة القوات الأميركية شرق الفرات، وكذلك في ظل تصاعد كبير للتوتر بين تركيا وفرنسا، إثر محاولات باريس دعم "قوات سورية الديمقراطية"، وكذلك في الوقت الذي تتصاعد فيه الضغوط لإنهاء الاتفاق النووي الإيراني، بينما يبحث الأوروبيون فرض المزيد من العقوبات على إيران في ما يخص برنامجها الصاروخي.

التعليقات