تصعيد الهجوم على درعا والنظام يسعى لعزل مناطق سيطرة المعارضة

ركزت قوات النظام السوري وحليفته روسيا في الساعات الأخيرة قصفها على مدينة درعا، ما أرغم عشرات العائلات على الفرار، في تصعيد عسكري مستمر ضد الفصائل المعارضة في المحافظة الجنوبية.

تصعيد الهجوم على درعا والنظام يسعى لعزل مناطق سيطرة المعارضة

توضيحية (أ ب)

ركزت قوات النظام السوري وحليفته روسيا في الساعات الأخيرة قصفها على مدينة درعا، ما أرغم عشرات العائلات على الفرار، في تصعيد عسكري مستمر ضد الفصائل المعارضة في المحافظة الجنوبية.

وتسعى قوات النظام إلى عزل مناطق سيطرة المعارضة في جيوب عدة ما يسهل عليها عملياتها العسكرية لاستعادة السيطرة على المناطق الجنوبية للبلاد.

وتشكل محافظة درعا منذ أسبوع هدفًا لقصف عنيف تشنه قوات النظام وانضمت إليه روسيا قبل يومين، استهدف بشكل خاص ريفها الشرقي، وتسبب بمقتل 28 مدنيًا على الأقل ونزوح أكثر من عشرين ألف شخص، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وتكتسب المنطقة الجنوبية خصوصيتها من أهمية موقعها الجغرافي الحدودي مع الأردن والمناطق التي تحتلها إسرائيل من الجولان السوري، عدا عن قربها من دمشق. وتسيطر الفصائل المعارضة على 70% من محافظتي درعا والقنيطرة الحدودية، ويقتصر وجودها في محافظة السويداء على أطرافها الغربية.

وقال مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، في حديث أجراه لـ"فرانس برس"، اليوم الإثنين، "استهدفت قوات النظام بعد منتصف الليل أحياء سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة درعا بأكثر من 55 صاروخا من نوع أرض-أرض قصيرة المدى"، قبل أن يتدخل الطيران الحربي والمروحي.

وألقت مروحيات تابعة للنظام، وفق قوله، صباح اليوم، "أربعة براميل متفجرة على الأقل على غرب المدينة، للمرة الأولى منذ أكثر من عام".

وفي وقت لاحق، نفذت روسيا أيضًا غارات على أحياء في المدينة وقاعدة عسكرية تحت سيطرة الفصائل المعارضة في جنوب غربها.

ودفعت هذه الغارات مدنيين إلى الفرار ليلًا من منازلهم.

وتوجهت عشرات العائلات من أحياء طالها القصف إلى حقول الزيتون المحيطة بالمدينة سيرًا على الأقدام أو على دراجات نارية، ولجأت إلى خيم أو غرف صغيرة مبنية في تلك الحقول.

وأشارت المصادر إلى حالة من الخوف والهلع جراء التصعيد الأخير.

"فصل" مناطق الفصائل

يأتي تكثيف القصف على مدينة درعا بعد أسبوع من القصف المتواصل على الريف الشرقي للمحافظة. وتشارك فيه الطائرات الروسية منذ السبت الماضي، برغم كون موسكو إحدى الدول الضامنة لوقف إطلاق النار في المنطقة الجنوبية إلى جانب الأردن المجاور والولايات المتحدة، والمعمول به منذ عام.

وتحاول قوات النظام، وفق المرصد، التقدم على محورين في درعا "لفصل مناطق سيطرة الفصائل المعارضة إلى ثلاثة جيوب تمهيدًا لتسهيل السيطرة عليها"، وهي الإستراتيجية العسكرية التي لطالما اتبعتها دمشق لإضعاف الفصائل وتشتيت جهودها قبل السيطرة على مناطقها.

وتقسم مناطق سيطرة قوات النظام المحافظة تقريبًا إلى جزأين تسيطر عليهما الفصائل المعارضة، وتربطهما حاليًا قاعدة عسكرية خسرتها القوات الحكومية في العام 2014، وتقع جنوب غرب مدينة درعا.

وأوضح عبد الرحمن "تسعى قوات النظام بدعم جوي روسي إلى السيطرة على هذه القاعدة القريبة من الأردن، لتفصل مناطق سيطرة المعارضة بالكامل إلى جزأين شرقي وغربي".

وتحاول قوات النظام كذلك التقدم على محور ثان في ريف درعا الشرقي عبر السيطرة على بلدة بصر الحرير التي تتعرض لغارات روسية وسورية وتدور فيها الاثنين معارك عنيفة. وفي حال سيطرت على هذه البلدة، يصبح بإمكان قوات النظام أن تقسم الجزء الشرقي حيث الفصائل إلى جيبين.

وتعرضت بصر الحرير لقصف سوري بأكثر من 20 برميلًا متفجرًا خلال الساعات الأخيرة، تزامنًا مع قصف مدفعي وصاروخي على منطقة اللجاة المحاذية ما أدى إلى خروج مركز للدفاع المدني من الخدمة.

وأعلن الدفاع المدني في محافظة درعا أن كوادره "لم تتمكن من الوصول إلى المناطق المستهدفة من شدة وتيرة القصف".

مفاوضات او هجوم أوسع

ونزح أكثر من عشرين ألف مدني داخل مناطق سيطرة الفصائل، بحسب المرصد، منذ الثلاثاء الماضي، غالبيتهم من ريف درعا الشرقي. وأوضح أن عددًا منهم يقترب من الحدود مع الأردن بحثًا عن الأمان.

وحذرت الأمم المتحدة من تداعيات التصعيد على نحو 750 ألف شخص في مناطق سيطرة الفصائل في الجنوب في وقت أعلن الأردن عدم قدرته على استيعاب موجة لجوء جديدة.

وقال المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في سورية، علي الزعتري، في تغريدة على موقع "تويتر"، أمس، الأحد، "يجب تفادي أي أزمة إنسانية في جنوب سورية، عبر تجنيب المدنيين آلام القتال أولًا والاستجابة لها بسرعة من داخل سورية وخارجها ثانيًا".

وتشكل المنطقة الجنوبية محور محادثات تتولاها روسيا مع الأميركيين والإسرائيليين والأردنيين.

وتشير التحليلات إلى أن قوات النظام تهدف من خلال قصفها إلى "الضغط من أجل مفاوضات دولية أو محلية، كما التمهيد لهجوم أوسع في حال لم تحرز المفاوضات تقدمًا"، وأن "الأميركيين لم ينخرطوا بشكل جدي في مفاوضات بشأن الجنوب، ومن غير المتوقع أن يتدخلوا عسكريًا"، مضيفًا "تدعم واشنطن جهودًا أردنية، لكنها لم تضع وزنها السياسي أو العسكري في حل للجنوب".

وتلقت الفصائل العاملة في الجنوب السوري رسالة من واشنطن، أبلغتها فيها أنها لا تنوي التدخل عسكريًا إلى جانبها في الجنوب، وفق ما قال قيادي في أحد الفصائل، أمس، من دون أن يصدر أي تعليق بشأنها من واشنطن.

 

التعليقات