الأمم المتحدة: نزوح 689 ألف سوري منذ كانون الثاني

بلغ عدد النازحين جرّاء الهجوم العنيف لقوات النظام السوري المدعومة روسيًا، الذي بدأ مع مطلع كانون الأول/ ديسمبر الماضي، في محافظة إدلب شمالي غربي سورية، 689 ألف شخص، هربوا من منازلهم خوفا من أن يقضوا مثل أبناء قراهم ومدنهم...

الأمم المتحدة: نزوح 689 ألف سوري منذ كانون الثاني

(أ ب)

بلغ عدد النازحين جرّاء الهجوم العنيف لقوات النظام السوري المدعومة روسيًا، الذي بدأ مع مطلع كانون الأول/ ديسمبر الماضي، في محافظة إدلب شمالي غربي سورية، 689 ألف شخص، هربوا من منازلهم خوفا من أن يقضوا مثل أبناء قراهم ومدنهم تحت القصف الشديد.

وبدأ النظام وحليفته روسيا، قبل أكثر من شهرين، حملة عسكرية واسعة للسيطرة على مناطق في إدلب وجوارها تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وفصائل معارضة أخرى أقل نفوذا، وتؤوي ثلاثة ملايين شخص، نحو نصفهم من النازحين من مناطق سورية أخرى.

وقال المتحدث الإقليمي باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة ديفيد سوانسون: "يزداد عدد النازحين اليوم بشكل يخرج عن السيطرة"، مشيرا إلى أن 689 ألف شخص نزحوا من محافظتي إدلب وحلب المحاذيتين منذ بداية كانون الأول/ديسمبر.

وأضاف أن "بلدات عدة باتت فارغة مع ارتفاع عدد الفارين باتجاه مناطق تُعد أكثر أمناً شمالاً"، إلا أن تلك المناطق أيضاً "تتقلص تدريجيا مع التقدم الميداني المستمر في مواجهة القوات المعارضة".

وتعدّ موجة النزوح الأخيرة من بين الأكبر منذ اندلاع النزاع العام 2011. وهي وفق سوانسون "تفاقم الوضع الإنساني السيء أساسا" منذ نزوح أكثر من 400 ألف شخص منذ نهاية نيسان/أبريل حتى نهاية آب/أغسطس جراء حملة عسكرية مماثلة للنظام بدعم من موسكو في تلك الفترة.

وحذرت منظمات إنسانية دولية من "كارثة إنسانية" جراء موجة النزوح الضخمة.

وبات مصير النازحين من التصعيد مجهولا، وتزداد معاناتهم في فصل الشتاء مع انخفاض حاد في درجات الحرارة.

ولجأ الجزء الأكبر من النازحين إلى مناطق مكتظة أساسا بالمخيمات العشوائية قرب الحدود التركية في شمال إدلب، لم يجد كثر خيم تؤويهم أو حتى منازل للإيجار، واضطروا إلى البقاء في العراء في حقول الزيتون أو في سياراتهم أو حتى في أبنية مهجورة قيد الإنشاء.

وأسفر الهجوم أيضا منذ كانون الأول/ ديسمبر عن مقتل أكثر من 350 مدنيا، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

وقتل تسعة مدنيين، بينهم ستة أطفال، ليل الأحد الإثنين في غارات قال المرصد إن طائرات روسية شنتها مستهدفة قريبة أبين سمعان "المكتظة بالنازحين" في ريف حلب الغربي المحاذي لإدلب.

وجرى أحد المتطوعين حاملا جثة طفلة لفها ببطانية شتوية في حضنه قبل أن يقاطعه أحد أقاربها راجيا إياه أن يأخذها بنفسه.

وتأتي الغارات غداة مقتل 14 مدنيا في قصف جوي روسي في قرية كفرنوران في جنوب غرب حلب، كما قتل تسعة آخرين في قصف جوي ومدفعي شنته قوات النظام في محافظتي إدلب وحلب.

منذ كانون الأول/ديسمبر، تركز هجوم قوات النظام على ريف إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي ثم على ريف حلب الغربي والجنوبي الغربي المجاور، حيث يمر الطريق الدولي "إم 5" الذي يصل مدينة حلب بالعاصمة دمشق، ويعبر مدنا رئيسية عدة من حماة وحمص وصولا إلى الحدود الجنوبية مع الأردن.

وسيطرت قوات النظام على عشرات القرى والبلدات، أبرزها مدينتي معرة النعمان ثم سراقب في ريف إدلب الجنوبي الشرقي.

وفي نهاية الشهر الماضي، قال مصدر عسكري سوري لصحافيين على هامش جولة نظمتها وزارة الإعلام في معرة النعمان، "يسعى الجيش السوري لتأمين كامل الطريق الدولي".

واستعادت قوات النظام الأسبوع الماضي كامل الجزء من الطريق الذي يمر من محافظة إدلب، وتركز منذ ذلك الحين عملياتها على ريف حلب الجنوبي الغربي، وبات كيلومتران فقط يفصلانها عن السيطرة على الطريق بالكامل.

وباتت هيئة تحرير الشام والفصائل تسيطر على 52 في المئة فقط من محافظة إدلب وأجزاء من المحافظات الثلاث المحاذية لها، حلب وحماة واللاذقية، بحسب المرصد.

ومنذ سيطرة الفصائل الجهادية والمقاتلة على كامل إدلب في العام 2015، تصعّد قوات النظام بدعم روسي قصفها للمحافظة أو تشنّ هجمات برية قضمت خلالها مناطق عدة على مراحل.

ومحافظة إدلب والأجزاء المحاذية لها مشمولة باتفاق روسي تركي يعود إلى العام 2018 نص على إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين مواقع سيطرة قوات النظام والفصائل، وعلى فتح طريقين دوليين، بينهما طريق حلب-دمشق.

إلا أن الاتفاق لم يُنفذ لأنه لم يحصل أي انسحابات لمقاتلي هيئة تحرير الشام، فيما استأنفت دمشق هجماتها.

وبموجب الاتفاق، تنشر تركيا 12 نقطة مراقبة في المنطقة، باتت ثلاثة منها على الأقل محاصرة من قبل قوات النظام.

وأرسلت تركيا مؤخرا تعزيزات عسكرية ضخمة إلى المنطقة تتألف من مئات الآليات العسكرية، دخل القسم الأكبر منها بعد تبادل لإطلاق النار قبل أسبوع بين القوات التركية والسورية خلف أكثر من 20 قتيلا من الطرفين.

وحذر وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في مقابلة نشرت الأحد قوات النظام. وقال "إذا تواصل خرق الاتفاق، لدينا خطة ثانية، وخطة ثالثة"، مضيفاً "نقول في كل مناسبة +لا تضغطوا علينا".

ولم يعط الوزير تفاصيل حول الخطتين، لكنه أشار إلى العمليات العسكرية التي نفذتها أنقرة في سورية منذ العام 2016، مستهدفة بشكل أساسي المقاتلين الأكراد.

وفي الخامس من شباط/ فبراير، أمهل الرئيس رجب طيب اردوغان دمشق حتى نهاية الشهر لسحب قواتها من محيط نقاط المراقبة التركية.

إلا أن قوات النظام واصلت عملياتها. وأكد الجيش السوري في بيان الأحد أن "محاولات الدول الداعمة للإرهاب لن تفلح في الحد من الانهيار المتزايد في صفوف تلك التنظيمات الإرهابية".

التعليقات