سورية: مجلس الأمن يمدّد آلية إيصال المساعدات عبر الحدود

تبنى مجلس الأمن الدولي، بالإجماع، مساء أمس، الجمعة، قرارا لتمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية إلى سورية عبر الحدود، ومن دون موافقة دمشق، لستة أشهر، أي حتى العاشر من كانون الثاني/ يناير 2022، قابلة للتجديد لستة أشهر بشكل فوري

سورية: مجلس الأمن يمدّد آلية إيصال المساعدات عبر الحدود

نازحون في إدلب (الأناضول)

تبنى مجلس الأمن الدولي، بالإجماع، مساء أمس، الجمعة، قرارا لتمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية إلى سورية عبر الحدود، ومن دون موافقة دمشق، لستة أشهر، أي حتى العاشر من كانون الثاني/ يناير 2022، قابلة للتجديد لستة أشهر بشكل فوري، بعد تقرير يقدمه الأمين العام للأمم المتحدة حول الموضوع؛ في خطوة رأت الولايات المتحدة وروسيا أنّها بمثابة انطلاقة جديدة للعلاقات بينهما.

وكانت مهلة الآلية تنتهي السبت؛ ورحّب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بقرار مجلس الأمن الدولي، بتمديد آلية الأمم المتحدة إلى سورية عبر معبر باب الهوى على الحدود التركية.

وجاءت مدّة التمديد محط تأويلين متباينين، إذ تقول الولايات المتحدة إنّها لعام واحد، فيما تؤكد روسيا أنّها لستة أشهر قابلة للتجديد في ضوء تقرير مرتقب لأمين عام الأمم المتحدة في نهاية العام.

ومن الناحية العملية، فإن التمديد هو لسنة، حيث لن تحتاج الستة أشهر التالية لتصويت، ولكن ستعتمد على توصيات الأمين العام للأمم المتحدة وتقريره، وهذا ما أكده كل من ممثلي الولايات المتحدة والنرويج وأيرلندا، الدول التي صاغت المسودة الأخيرة التي جرى التصويت عليها.

وأكد دبلوماسيون عدم وجوب التصويت مجددا على نص بعد ستة أشهر، بينما رأى دبلوماسيون آخرون أن لا مفر من هذا التصويت.

(أ ف ب)

وجاء القرار في صيغة توافقية جرى التوصل إليها بين الولايات المتحدة وروسيا بعد سحب مشروعَي قرار آخرين وُضعا للتصويت باللون الأزرق، ليل الخميس. الأول كان مشروعًا نرويجيًا - أيرلنديًا يجدد الآلية لسنة. وكانت روسيا قد قدمت مشروع قرار خاصًا بها يمدد لتقديم تلك المساعدات، ولكن لستة أشهر فقط، ويطالب بتغييرات في عمل الآلية ومراقبة أوسع عليها.

وكان واضحاً أن روسيا والصين ستستخدمان مجددًا حق النقض ضد المشروع النرويجي الأيرلندي بصيغته هذه، وتوقع عدم حصول المشروع الروسي على الأغلبية المطلوبة.

وتمكن المجلس من تبني القرار الجديد بتأييد جميع الدول الأعضاء، وهذه هي المرة الأولى منذ ثلاث سنوات التي تصوت فيها روسيا والصين لمصلحة قرارات تمديد الآلية العابرة للحدود، حيث امتنعتا عن التصويت في القرارات التي جرى تبنيها حول الموضوع.

وأجرى الرئيس الأميركي، جو بايدن، الجمعة، اتصالا هاتفيا مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، "أشادا" خلاله باتفاق فِرقهما الذي أدى إلى "التجديد بالإجماع" لآلية إيصال المساعدات الإنسانية، حسب بيان للبيت الأبيض.

كما رحبت أنقرة بتمديد مجلس الأمن الدولي آلية إيصال المساعدات الإنسانية "الضرورية". وقالت الخارجية التركية "تُعد مساعدات الأمم المتحدة المرسلة عبر معبرنا الحدودي ضرورية لاستمرار الاستجابة الفعالة للأزمة الإنسانية في سورية ومن أجل الاستقرار والأمن الإقليميين".

مفوض الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات، الثاني من اليمين، مع عمال الإغاثة في معبر باب الهوى (أ ب)

وينحصر التفويض بمعبر باب الهوى عند الحدود الشمالية الغربية بين سورية وتركيا "مع تمديد لمدة إضافية من ستة أشهر، أي إلى العاشر من تموز/ يوليو 2022، شريطة نشر تقرير أساسي لأمين عام" المنظمة الدولية.

وأوضح القرار أنّ التقرير سيركّز "بشكل خاص على شفافية العمليات والتقدّم المحرز في مسألة إمرار (المساعدات) عبر الجبهات والاستجابة للحاجات الإنسانية".

وأشار السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نبينزيا، إلى أنّ الاتفاق الذي يأتي في أعقاب القمة بين بوتين وبايدن، "تاريخي". وقال: "للمرة الأولى، لا تكتفي روسيا والولايات المتحدة بالاتفاق، ولكنهما تقدمتا أيضًا بنص مشترك يؤيده كافة الزملاء في المجلس". وأضاف "نتمنى أن يشكل هذا السيناريو نقطة تحول لا تستفيد منها سورية فحسب، وإنّما أيضا كافة منطقة الشرق الأوسط والعالم بأسره".

سفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نبينزيا (أ ب)

وكانت روسيا، الحليفة الرئيسة للنظام السوري، سعت طويلاً من أجل إنهاء هذه الآلية لصالح أخرى تقرّ إمرار المساعدات عبر الجبهات انطلاقا من دمشق بغية الاعتراف بسيادتها الكاملة على كافة الأراضي السورية.

ورحبت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد، بهذا التعاون الذي نادرا ما يسجّل مع روسيا. وقالت عقب التصويت: "من المهم أنّ الولايات المتحدة وروسيا تمكنتا من التشارك في مبادرة إنسانية تخدم مصالح الشعب السوري".

وشددت على أنّها "لحظة مهمة للأمم المتحدة ومجلس الأمن اللذين أظهرا اليوم قدرتنا على القيام بما هو أكثر من مجرد الكلام. بمقدورنا العمل سويا من أجل إيجاد حلول" وتنفيذ مبادرات.

وكان مجلس الأمن الدولي قد أتاح عام 2014 عبور المساعدات إلى سورية عبر أربع نقاط حدودية. لكنه قلّصها مطلع العام الماضي بضغوط من روسيا والصين، لتقتصر على معبر باب الهوى الذي صار يدخل عبره شهريًا حوالي عشرة آلاف شاحنة لمساعدة أكثر من ثلاثة ملايين شخص في محافظة إدلب، آخر معاقل الفصائل المعارضة.

ورغم الاجماع الغربي والروسي على أنّ الوضع الإنساني في سورية أسوأ حاليا من أي وقت مضى، فإنّ موسكو تعزو الأسباب إلى العقوبات الغربية، ما تنفيه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

بدوره، رحّب أمين عام الامم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بالقرار ولكن من دون أن يتناول مسألة المدّة الزمنية للتمديد.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، في مؤتمر صحافي عقده بمقر المنظمة الدولية في نيويورك: "تظل المساعدة الإنسانية عبر الحدود شريان حياة لملايين الأشخاص في المنطقة وخارجها، والأمين العام يرحب بقرار المجلس الذي يضمن إعادة التفويض باستمرار المساعدة الإنسانية لأكثر من 3.4 مليون شخص محتاج بما في ذلك مليون طفل".

وأضاف: "يجدد الأمين العام دعوته لجميع أطراف النزاع لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع الأشخاص المحتاجين وفقًا للقانون الإنساني الدولي".

من جانبها، نددت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في بيان، بالإبقاء على معبر حدودي واحد، فيما أعربت منظمة "أوكسفام" عن الخشية من "مستقبل غامض" مع التمديد "لستة أشهر" فقط.

التعليقات