هل تتخوف إيران على مستقبل علاقتها مع نظام الأسد؟

أكدت السلطات الإيرانية، اليوم الإثنين، أن علاقتها مع نظام الأسد "قوية وإستراتيجية"، مرحبة بـ"عودة العلاقات بين دول عربية" ودمشق، وذلك في ظل التساؤلات التي تطرح حول مستقبل علاقات طهران بدمشق.

هل تتخوف إيران على مستقبل علاقتها مع نظام الأسد؟

الأسد وبن زايد ("سانا")

أكدت السلطات الإيرانية، اليوم الإثنين، أن علاقتها مع نظام الأسد "قوية وإستراتيجية"، مرحبة بـ"عودة العلاقات بين دول عربية" ودمشق، وذلك في ظل التساؤلات التي تطرح حول مستقبل علاقات طهران بدمشق، بالتوازي مع التقدّم الميداني الذي حققه النظام السوري بمساندة روسية، والذي كان آخره إنهاء ملف الجنوب السوري والسيطرة شبه المطلقة على محافظتي درعا والقنيطرة، وتحوّل بعض الأنظمة العربية نحو التطبيع معه.

واعتبرت إيران، أبرز الحلفاء الإقليميين لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، أن عودة العلاقات بين دول عربية والنظام دمشق تصب في صالح "كل دول المنطقة"، وذلك في أعقاب زيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى العاصمة السورية، الأسبوع الماضي.

ورحبت إيران، الخميس الماضي، بزيارة عبد الله بن زايد آل نهيان إلى سورية، في التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر ولقائه الأسد، في أول خطوة من نوعها لمسؤول إماراتي رفيع إلى دمشق منذ قطع دول خليجية عدة علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق إثر اندلاع الثورة في 2011.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة: "مما يبعث على الرضا أن الدول (...) تطبّع علاقاتها بشكل علني مع سورية"، معتبرا أن هذه الخطوة "تصبّ في صالح كل دول المنطقة".

خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي، قال المتحدث الإيراني إن طهران "لا ترحّب فقط بهذا المسار، بل تقوم أيضا بما في وسعها من أجل تسريع وتيرة استعادة الدول العربية وسورية، علاقاتها الطبيعية"؛ مشددا على أن "العلاقات الإيرانية - السورية قوية للغاية، وتتم متابعتها على مستويات إستراتيجية".

وكان وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، نقل إلى نظيره الإماراتي، ترحيب طهران بزيارته إلى دمشق واعتبارها "خطوة ايجابية"، وذلك خلال اتصال هاتفي بينهما، الخميس الماضي، وفق وزارة الخارجية الإيرانية.

وفي اليوم ذاته، تواصل أمير عبد اللهيان هاتفيا مع نظيره الجزائري، رمطان لعمامرة، الذي يتوقع أن تستضيف بلاده الدورة المقبلة للقمة العربية. وأفادت الخارجية الإيرانية أن أمير عبد اللهيان نوّه بـ"موقف الجزائر العقلاني من عودة سورية إلى الجامعة العربية"، مبديا أمله في أن يثمر الاجتماع المقبل لجامعة الدول العربية عن "فوائد مهمة للأمة الإسلامية".

وكانت جامعة الدول العربية قد اتخذت قرارًا في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، بتعليق عضوية النظام في الجامعة. وطلب القرار سحب السفراء مع إبقاء الطلب "قرارًا سياديًا لكل دولة". وصدر القرار بموافقة 18 دولة واعتراض 3 دول هي سورية ولبنان واليمن وامتناع العراق عن التصويت.

وشهدت الفترة الماضية خطوات وإشارات من قبل بعض الأنظمة العربية للتقارب مع النظام السوري، خصوصًا الأنظمة العربية التي أبقت على علاقاتها معه، على الرغم من قرار تجميد عضويته في الجامعة العربية، مثل العراق، والجزائر، ولبنان، وسلطنة عمان، بالإضافة إلى الدول التي بدأت بالتطبيع معه، بعد أن مكّنته روسيا من السيطرة على محيط دمشق وريف حمص في 2018، مثل الإمارات، والبحرين، والأردن.

وتعتبر بعض الأنظمة العربية أن الحد من النفوذ الإيراني في سورية يمر عبر إعادة هذا النظام إلى المحيط العربي؛ ويتم النظر إلى زيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى دمشق، في سياق محاولة لإبعاد النظام عن طهران مقابل تقديم حوافز تتعلق في ملف إعادة الإعمار في سورية.

وتعد إيران أبرز الحلفاء الإقليميين للأسد، وقدمت دعما سياسيا واقتصاديا وعسكريا لنظام الأسد على مدى الأعوام الماضية. ورأى خطيب زادة أن سورية هي "من الأطراف الأساسيين في العالم العربي، والذين عملوا على إقصاء سورية أضعفوا العالم العربي والمنطقة".

يأتي ذلك وسط تساؤلات تطرح حول مستقبل العلاقات الإيرانية مع النظام في سورية، ومساع محتملة للأسد إلى فك ارتباطه تدريجيًا بإيران؛ في ظل التقرير الذي أوردته قناة "الحدث - العربية" السعودية وتداولته وسائل الإعلام الإسرائيلية، حول إقصاء الأسد لقائد فيلق القدس في سورية، مصطفى جواد غفاري.

وأشار تقرير لصحيفة "العربي الجديد" إلى أن إيران "تحاول تعزيز حضورها في دمشق من بوابة الاقتصاد وسط محاولة تفعيل الاتفاقات التي وجدت لأسباب سياسية خلال الفترة السابقة، وبمقدمتها مشروعات الطاقة والمصرف الإسلامي ومشروع إنتاج الجرارات والسيارات عبر معمل ‘سيامكو‘ والشركتين الإيرانيتين المرخصتين في سورية".

وفي هذا السياق، أعلنت غرفة التجارة الإيرانية، اليوم، أن حكومة النظام في سورية ألغت ترخيص استيراد السيارات الإيرانية، وذلك بعد أن قامت شركة "إيران- خودرو" ببناء مصنع في سورية في السنوات الأخيرة.

وأوضح رئيس لجنة الأعمال في غرفة إيران التجارية، محمد رضا نجفي مانيش، أن النظام السوري كان قد أصدر رخصة استيراد سيارات من إيران إلى جانب دول أخرى، مشيرا إلى أن "نقص العملة والمخاوف من تقلبات أسعار الصرف كان من الأسباب الرئيسية لإلغاء قرار الترخيص".

ويرى مراقبون من طهران أنه كلما "تراجعت حدة الأزمة في سورية كلما مالت دمشق إلى موازنة علاقاتها بين إيران والعرب"، وفي ظل التغلغل الإيراني في جميع المجالات في سورية ونفوذ طهران الذي امتد وتوسع وتشعّب، يستبعد أن يؤثر دخول دول الخليج بعد فتح خط العلاقة مع الأسد بشكل مباشر على النفوذ الإيراني في سورية، والذي تعدى العسكرة لينسحب إلى الحوكمة والاقتصاد والنفوذ السياسي، إلى جانب الحلفاء المحليين في مجلس الشعب، وغير ذلك.

التعليقات