مجزرة حيّ التضامن بدمشق: ليست الأولى بالمنطقة والنظام سيسعى لتصفية المتورّطين

أفاد مصدر سوريّ، بأنّ المجزرة التي كشفت عنها صحيفة "ذي غارديان"، أمس الأربعاء، عبر مقطع فيديو يُظهر ضابط مخابرات بصفوف قوات النظام السوري، وهو يُقدم على إعدام ما لا يقل عن 41 شخصا في حي التضامن بالعاصمة دمشق في 16

مجزرة حيّ التضامن بدمشق: ليست الأولى بالمنطقة والنظام سيسعى لتصفية المتورّطين

أثناء إعدام أحد الأشخاص (تصوير شاشة)

أفاد مصدر سوريّ، بأنّ المجزرة التي كشفت عنها صحيفة "ذي غارديان"، أمس الأربعاء، عبر مقطع فيديو يُظهر ضابط مخابرات بصفوف قوات النظام السوري، وهو يُقدم على إعدام ما لا يقل عن 41 شخصا في حي التضامن بالعاصمة دمشق في 16 إبريل/ نيسان 2013؛ "ليست الأولى التي ارتكبت في حي نسرين وحي التضامن، فهناك العديد من المجازر التي ارتُكبت في المنطقة نفسها"، بحسب ما أوردت صحيفة "العربي الجديد"، عبر موقعها الإلكترونيّ، اليوم الخميس.

وجاء المقطع "الصادم" الذي حذّرت صحيفة "ذي غارديان" من احتوائه على مشاهد قد تكون مؤلمة، مرفقا بتحقيق مطّول أجراه مراسل الصحيفة، مارتن شولوف حول ما جرى، والذي نقلت عنه "العربي الجديد"، القول إن "أهمية الفيديو والتحقيق الاستقصائي الذي أجراه تأتي من ربط المخابرات السورية بجريمة حرب موثّقة"، مضيفا أن "هذا إلى جانب المحاكمات التي بدأت في ألمانيا ضد مجرمي الحرب، سيساهم في الوصول إلى العدالة ومحاكمة بشار الأسد على ما ارتكبه هو وأجهزته وحلفاؤه".

وبحسب الصحيفة، وقع الفيديو بين يدي أحد المجنّدين، مصادفة، إذ سلّمته إحدى المليشيات التي تقاتل مع نظام بشار الأسد حاسوبا عندما تمّ تعيينه في إحدى الجبهات المشتعلة في ريف دمشق، ليكتشف المجند أثناء تفحصه للحاسوب ومحتوياته، المشاهد التي وصفها بأنها "أصابته بالغثيان فشعر بضرورة تحريرها من جهاز الحاسوب ونشرها في الفضاء العام".

ونقلت "العربي الجديد" عن المدير السابق للمجلس المحلي في حي التضامن بريف دمشق، عادل قطف، القول، إن "حي التضامن الواقع جنوب دمشق هو جزء من العاصمة، كونه ملاصقا للزهراء الجديدة"، موضحا أن "جزءا من حي التضامن يُعتبر ريفيا وليس مدينة، وهو تحديدا منطقة السليخة وشارع دعبول، حيث وقعت المجزرة في الـ16 من نيسان/ إبريل عام 2013".

وأضاف قطف أن "مكان المجزرة تم تحديده بشكلٍ دقيق، وهو خلف صالة الحسناء في شارع دعبول مقابل مسجد عثمان ضمن مربع سكني غير مجهز".

وأشار إلى أن "المعتقلين الذين تم إعدامهم ميدانيا، وبشكل وحشي، من قبل عصابات النظام ليسوا فقط الأشخاص الذين خرجوا من حاجز اليرموك، فهناك أشخاص ممن أُعدموا كانوا يقيمون في الأحياء الملاصقة لمسجد عثمان، وهذه العائلات لم يخرج أفرادها إطلاقا من المنطقة التي كان يسيطر عليها النظام السوري".

وذكر أنه "تم اعتقال عدد من الأشخاص وفق معلومات خاصة وصلت إلى المجلس المدني في حي التضامن في الفترة ذاتها التي وقعت فيها المجزرة، بل في اليوم نفسه، وقد جرى إبلاغنا من قبل شخص يعمل لصالح النظام السوري بأنه تم ارتكاب مجزرة خلف صالة الحسناء، وأنه حُفرت حفرة كبيرة ثم أعدم عدد من الأشخاص بطريقة ميدانية، ولكن لم يحدد العدد في تلك الفترة، وقمنا بتوثيق تلك المجزرة في حينه، ولكن حتى الآن لم نستطع التعرف إلى الضحايا".

وأضاف قطف: "كان هناك أشخاص من الذين تم إعدامهم وجوههم مألوفة لسكان التضامن، ولكن ليس كل من تم إعدامهم من أهله، بل يوجد من بينهم من يقطنون أحياء مجاورة"، مضيفا أن "الفيديو الذي نشرته صحيفة "ذي غارديان" لا يظهر وجوه كافة الضحايا".

قاتل معروف ومجازر عدّة

وقال إن "مرتكب المجزرة أمجد يوسف معروف، وكان مسؤولا عن حي التضامن، وارتكب العديد من الانتهاكات فيه خلال تلك الفترة، وكان اسمه دائما يتردد مع بعض العناصر التابعين لمليشيا الدفاع الوطني، كون شارع نسرين هو جزء من حي التضامن الدمشقي الذي كان يتحدر منه بعض عناصر تلك المليشيا التي كان يقودها فادي صقر، المشارك في المجزرة".

وشدّد قطف على أن "هذه المجزرة ليست الأولى التي ارتكبت في حي نسرين وحي التضامن، جنوب العاصمة دمشق، فهناك العديد من المجازر التي ارتُكبت في المنطقة نفسها، وفي إحداها تم إلقاء خمس جثث متفسخة بالقرب من صالة الحسناء".

وقال: "وقعت أيضا مجزرة ميدانية راح ضحيتها 15 شخصا خلف صالة الحسناء، وأخرى بالقرب من جامع الزبير في حي التضامن، بالإضافة إلى مجزرة تم اكتشافها لاحقا في عام 2014 داخل قبو كانت تُسيطر عليه قوات النظام في تلك الأثناء".

وأشار قطف إلى أن "جثث الـ41 شخصا الذين تم إعدامهم بشكلٍ ميداني، لا تزال موجودة ضمن الحي، كون قوات النظام دمرت المنطقة بشكلٍ كامل، منها حي السليخة".

المشاركون بالمجزرة "سوف تتم تصفيتهم من قبل أجهزة النظام"

وذكر قطف أن "كافة الضباط والعناصر الذين شاركوا في المجزرة سوف تتم تصفيتهم من قبل أجهزة النظام الأمنية حتى لا يدلوا بتصريحات عن أشخاص آخرين أو ضباط وقادة مسؤولين عن تلك المجزرة، ومجازر أخرى".

ويرى قطف أنه "بعد نشر التحقيق حول المجزرة، سوف يعمل النظام على طمس معالم هذه المجزرة"، وبخاصة أن الفيديو "يوثّق اعترافات المجرم أمجد اليوسف".

ولفت إلى أن "هناك العشرات من المجازر التي ارتكبت في تلك المناطق، ولكن من النادر أن تجد فيديو مُسربا يوثق لها وللمجرمين الذين قاموا بارتكابها".

متورّطون بالمجزرة

وذكر الناشط الحقوقي عبد الناصر حوشان، وهو عضو في "هيئة القانونيين السوريين"، في حديث لـ"العربي الجديد" كذلك، أن "المجرمين الذين ارتكبوا المجزرة هم المساعد أول في جيش النظام أمجد يوسف (36 عاما)، ويتحدر من قرية نبع الطيب في منطقة الغاب بريف حماة الغربي، ونجيب الحلبي (38 عاما)، من ميليشيا الدفاع الوطني، ويتحدر من مدينة السويداء، وهو من سكان حي التضامن، وفادي صقر قائد مليشيا الدفاع الوطني في حي التضامن، وصالح الرأس المعروف باسم أبو منتجب، وجمال الخطي، وحكمت إبراهيم المعروف باسم أبو علي حكمت".

وعَدّ حوشان أن "هذه الجريمة النكراء ليست استثناء من سلسلة الجرائم التي ارتكبتها وما زالت ترتكبها عصابات الأسد".

وأضافت أنها "في الحقيقة تنفيذٌ لسياسة ممنهجة تهدف إلى تطهير دمشق من سكانها من السنة، وخاصة في الأحياء التي تتكون من خليط طائفي، وهي أحياء تشرين، والقابون، ومخيم اليرموك، وفلسطين، والحجر الأسود، وحي التضامن، والزاهرة، التي تحيط بعدد من فروع الأمن والوحدات العسكرية"، على حدّ قوله.

وذكر حوشان أن "مجزرة حي التضامن التي تم الكشف عنها أخيرا على الرغم من أنها ارتكبت منذ ثماني سنوات تقريبا، هي جريمة حرب فظيعة يتحمّل مسؤوليتها رأس النظام السوري بشار الأسد، كونه القائد العام للجيش والقوات المسلحة".

وشدد على أنّ النظام "مسؤول عن تصرفات مرؤوسيه، كما يتحمل مسؤوليتها معه رؤساء الأجهزة الأمنية".

وأوضحت "ذي غارديان"، أمس، كيف سُرّب الفيديو بداية إلى ناشط معارض في فرنسا، ومنه إلى الباحثيْن أنصار شحّود وأوغور أوميت أونجور، العاملين في "مركز الهولوكوست والإبادة الجماعية" في جامعة أمستردام، مما شكّل مصدر خوف عظيم بالنسبة للمجنّد الذي ينتمي إلى عائلة بارزة موالية للأسد وكان ما يزال في الداخل السوري حينها.

ويوضح التحقيق الطويل الذي كتبه مارتن شولوف قصة "هروب" الفيديو من سورية إلى أوروبا، في رحلة محفوفة بالمخاطر، إلى جانب تفاصيل دقيقة عن كيفية التحقيق الذي خاضه الباحثان للوصول إلى هوية مرتكب "المجزرة المريعة".

وكانت أنصار حشود قد عارضت النظام منذ بداية الثورة، وانتقلت للعيش في بيروت عام 2013 ومنها إلى أمستردام عام 2016 حيث التقت أوميت أونجور. وعلى مدى عامين، انتحلت حشود شخصية مزيّفة في صفحة "فيسبوك"، وحاولت الإيقاع بالكثير من المتورّطين بالدم السوري.

وبحسب الصحيفة، فإنه "في آذار/ مارس 2021، وصلت أخيرا أنصار حشود بهويّتها المستعارة إلى معرفة هوية الرجل الذي يرتدي قبعة صيد في الفيديو، ويقوم بتنفيذ عملية الإعدام تلك. فأصبح الصياد هو الفريسة". "تحدثت الشخصية المستعارة إلى ما يصل إلى 200 مسؤول في النظام، بعضهم متورّط بشكل مباشر في جرائم قتل، وآخرون مارسوا التحريض ودافعوا عن محاولات الأسد الوحشية المتزايدة للتشبث بالسلطة". ثم عثرت عن طريق البحث في صور "الأصدقاء" على الشاب "الصيّاد" واسمه في "فيسبوك" أمجد يوسف.

وبعد حوارات مطوّلة اعترف أمجد بارتكابه عمليات قتل في مرات كثيرة، متذرّعا برغبته بالانتقام لمقتل أخيه في الحرب السورية.

التعليقات