مطالب دولية بإدخال مساعدات لمناطق خارج سيطرة النظام السوري

ألمانيا تدعو روسيا للضغط على النظام من أجل إدخال مساعدات لضحايا الزلزال بسرعة ودون أي عقبات إضافية. وقلق حيال أيصال المساعدات إلى إدلب حيث 2.8 مليوني مهجّر، فيما تركيا منشغلة بتوفير المعونة لمواطنيها

مطالب دولية بإدخال مساعدات لمناطق خارج سيطرة النظام السوري

ناجون من الزلزال (Getty Images)

وضع الزلزال الذي ضرب تركيا قبيل فجر أمس، الإثنين، وكانت له تبعات مدمّرة في سورية المجاورة، العديد من المنظمات الإنسانية والدول الغربية تحت الضغط لتوفير المساعدة للشعب السوري المنتشر بين مناطق يسيطر عليها النظام وأخرى تسيطر عليها المعارضة المسلحة.

وفي هذا السياق، دعت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، اليوم الثلاثاء، روسيا إلى المساعدة في الضغط على سورية للسماح بدخول المساعدات الإنسانية لضحايا الزلزال بسرعة ودون أي عقبات إضافية.

وفي مؤتمر صحافي في برلين مع وزير الخارجية الأرميني، أرارات ميرزويان، قالت بيربوك إنه "لا بد أن يمارس كل اللاعبين الدوليين، ومن بينهم روسيا، الضغط على النظام السوري لضمان وصول المساعدات الإنسانية للضحايا".

وأضافت أنه "من المهم تنحية الأسلحة جانبا الآن، وتركيز كل الجهود في المنطقة على المساعدات الإنسانية وعلى انتشال الضحايا وحمايتهم" موضحة أن كل دقيقة تحدث فارقا.

إخراج جثة ضحية من تحت أنقاض مبنى في حلب، اليوم (أ.ب.)

ومع ارتفاع العدد المؤكد للقتلى في سوريا إلى أكثر من 1600 وإصابة 3648 شخصا، رجحت فرق إنقاذ على الخطوط الأمامية للحرب الأهلية، المستمرة منذ 12 عاما في البلاد، أن المئات ما زالوا تحت الأنقاض.

وقالت كبيرة مسؤولي الطوارئ في منظمة الصحة العالمية، أديلهيد مارشانج، إن سورية بحاجة إلى مساعدات إنسانية ضخمة بعد الزلزال الذي تسبب في "أزمة على رأس أزمات متعددة".

وتُرسل المساعدات إلى سورية، التي لا تربطها بألمانيا علاقات رسمية، عبر المنظمات الدولية غير الحكومية.

وارتفع عدد ضحايا الزلزال إلى أكثر من 5200 قتيل في تركيا وسورية، في وقت يواصل فيه عناصر الإنقاذ عمليات انتشال الجثث والبحث عن ناجين تحت الأنقاض.

مبان في حلب دمرها الزلزال (أ.ب.)

وبدأ المجتمع الدولي، منذ أمس، إرسال مساعدات وفرق إغاثة بشكل عاجل إلى تركيا. ووعدت دول غربية عدة، منها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا، بتوفير مساعدة لسورية من دون أن تقدم حتى الآن على خطوات عملية بهذا الشأن.

وقال مسؤول برنامج سورية في منظمة أطباء بلا حدود، مارك شاكال، إن البلاد "لا تزال منطقة غير واضحة من وجهة نظر قانونية ودبلوماسية"، مشددا على الحاجة إلى إرسال المساعدات "في أسرع وقت".

وأبدى شاكال خشيته من أن تكون تبعات الزلزال أكبر من قدرة المنظمات الإنسانية المحلية والدولية الحاضرة في سورية.

ورأى رافايل بيتي، من منظمة "مهاد" الفرنسية غير الحكومية، أن إرسال المساعدة إلى سورية هو أكثر إلحاحا "لأن وضع السكان كان مأسويا" حتى قبل الزلزال. وأبدى قلقه على وجه الخصوص بشأن محافظة إدلب في شمال غرب سورية، آخر المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، مقدّرا عدد المقيمين فيها بزهاء 4.8 ملايين نسمة.

إدلب بعد أن ضربها الزلزال، أمس (Getty Images)

ووفق الآلية المعتمدة بقرار من مجلس الأمن الدولي، تدخل الغالبية العظمى من المساعدات الإنسانية المخصصة للمناطق الخارجة عن سيطرة النظام، من تركيا عبر معبر باب الهوى الحدودي في إدلب. وسمح المجلس، في العام 2014، بعبور المساعدات عبر أربع نقاط حدودية، لكنه ما لبث أن قلّصها إلى واحدة بضغوط من موسكو وبكين، حليفتي دمشق.

ويبدي معنيّون بالعمل الاغاثي قلقهم من ازدحام معبر باب الهوى في حال كان المنفذ الوحيد، لكنهم يشككون في الوقت نفسه في إمكانية إعادة تفعيل المعابر الحدودية الأخرى.

وناشدت وزارة الخارجية والمغتربين السورية، أمس، "الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة والأمانة العامة للمنظمة ووكالاتها وصناديقها المختصة واللجنة الدولية للصليب الأحمر وغيرها من شركاء العمل الإنساني من منظمات دولية حكومية وغير حكومية لمدّ يد العون ودعم الجهود التي تبذلها الحكومة السورية في مواجهة كارثة الزلزال المدمر".

وقال السفير السوري لدى الأمم المتحدة، بسام صباغ، بعد لقائه الأمين العام للأمم المتحدة، أنتونيو غوتيريش، استعداد بلاده "للتنسيق لتقديم المساعدات الإنسانية لكل السوريين في كافة أرجاء البلاد" وللعمل "مع كل من يرغب بتقديم المساعدة للسوريين في جميع أرجاء سورية".

عمليات الإنقاظ في إدلب، أمس (Getty Images)

وردا على سؤال بشأن فتح نقاط عبور جديدة لمواجهة تداعيات الزلزال، قال صباغ إن "الوصول من داخل سورية متاح، لذا فإن من يرغب بمساعدة سورية بإمكانه التنسيق مع الحكومة ونحن سنكون على استعداد للقيام بذلك".

وتعمل الأطراف الحكومية في باريس وبرلين على إيجاد وسائل لإيصال المساعدات. وقال مصدر حكومي ألماني إن "الأمر يتعلّق بتوفير المساعدة للمنكوبين بعد هذا الزلزال، ويجب على هذه المساعدات أن تصل بالطبع الى الناس بكل الوسائل الممكنة"، مشيرا الى أن ألمانيا ستعتمد على "القنوات المعتمدة" للمنظمات غير الحكومية.

من جهته، رأى رئيس معهد Prospective et Securite، إيمانويل دوبوي، أن فرنسا قد تكون أقل حضورا "مما كانت عليه في أزمات أخرى" نظرا لأنها ستكون محرجة بالتعامل مع نظام لا تعترف بشرعيته.

الا أن رافايل بيتي رجح أن يتم إيصال المساعدات كذلك الى المناطق التي يسيطر عليها النظام "كما كان يحصل دائما منذ عشرة أعوام"، لكنه أبدى قلقه حيال أيصال المساعدات الى إدلب "التي تضم 2.8 مليوني مهجّر"، خصوصا وأن السلطات التركية منشغلة حاليا بتوفير المعونة لمواطنيها المنكوبين.

التعليقات