القذافي يطلق سيلا من الشتائم في كلمة مسجلة، ومعارك عنيفة في مختلف المناطق الليبية

ستة انفجارات ضخمة تهز طرابلس * إيطاليا والمجلس الوطني الانتقالي ينفيان حصول مفاوضات بين الثوار ونظام القذافي * روسيا وتونس تتفقان على التوسط بين نظام القذافي والمجلس الوطني * تبادل إطلاق النار في الزليطن والدفنية ومصراتة

القذافي يطلق سيلا من الشتائم في كلمة مسجلة، ومعارك عنيفة في مختلف المناطق الليبية

 

دعا العقيد معمر القذافي، مساء الجمعة، الليبيين، إلى الاستعداد للزحف لتحرير بلادهم "شبرا شبرا"، واصفا الثوار بـ"العملاء والخونة الذين يرفعون علم الرجعية، ويقاتلون إخوانهم تحت الصليب"، مطالبا سكان مدينة بنغازي بـ"بالانتفاض"، فيما أعلن مصدر عسكري ليبي عن مقتل أربعة، وسقوط إصابات، نتيجة لقصف قوات حلف شمال الأطلسي لعدد من ضواحي طرابلس.

وقال القذافي في كلمة صوتية وجهها إلى الآلاف من الليبيين الذين احتشدوا في وسط العاصمة طرابلس، مساء الجمعة: "نريد لبنغازي أن تنتفض وتنفجر مثلما انفجرت طرابلس"، وتساءل: "أين أنتم يا سكان بنغازي، أين الرجولة.. تخافون من حفنة لديها رشاشات وبنادق".

وقال: "إن تلك الحفنة تعمل على إخافة أهل بنغازي، وأخذ أرضهم، وكرامتهم، ووضعهم في معسكرات اللاجئين والناجين، والأكل من قمامة حمير قطر، وحمير الخليج"، داعيا إياهم إلى "الموت بالواجب".

وأضاف: "نحن لا يهمنا الموت ولا الحياة.. الآن طز في الحياة، وسنقوم بواجبنا صامدين مقاتلون".

وبصق القذافي، في كلمته التي أذيعت عن طريق مبكرات الصوت في الساحة الخضراء في طرابلس، ونقلت عبر التلفزيون، على "كل خائن وقبيلته"، معتبرا أن من أطلق عليهم "الخونة" بأنهم "ليسوا رجالاً"، واصفا إياهم بـ"المخنثين الذين يقاتلون تحت الصليب والأعلام الاميركية، والفرنسية، والبريطانية".

وأكد أن "الليبيين سيهزمون أولئك، وسيولي الخونة الأدبار"، مشيرا إلى أن الدول التي تقصف بلاده تواجه للمرة الأولى "شعباً مسلحاً قادرا على دخول المعركة برجاله ونسائه".

وقال: "أول مرة يتورطون هذه الورطة لأنهم قاتلوا فقط حركة طالبان في أفغانستان، وحركة التحرير الجزائرية في الجزائر، وحزب الله في لبنان، وحركة حماس في فلسطين".

وأضاف: "لكن هنا في ليبيا يواجهون شعبا مسلحا للمرة الأولى"، مشيرا إلى أنه في الماضي كان "الرجال يدافعون على النساء، ولكن في ليبيا النساء يتقدمن الرجال دفاعا عن الوطن".

وتابع: "إذا نزلوا على الأرض، نريد هذا اللقاء بيننا وبينهم فوق الأرض.. هؤلاء الجبناء لا يستطيعون النزول على الأرض، ستأكلهم الأسماك وبنادقنا".

وتحدى القذافي من أطلق عليهم "قادة الصليب والخونة" متابعة إذاعة بلاده، "ليروا الجماهير وهي تلتف حول قيادتها التاريخية، وصوتها عالٍ ورأسها مرفوع"، غير أنه أكد أن "أعصابهم لا تتحمل صوت الجماهير".

وقال: "يا أولاد الكلب، يا جبناء، يا صليبيون، افتحوا على الإذاعة الليبية.. أنتم يا خونة يا أذناب الاستعمار، وانظروا التحدي".

ستة انفجارات ضخمة تهز طرابلس

واستأنفت طائرات الحلف قصف طرابلس الجمعة، وسمع دوي ستة انفجارات في جنوب المدينة، وأطلقت الغارات الجوية النهارية التي استهدفت العاصمة قبل الظهر أعمدة من الدخان الكثيف في السماء.

وتجمع عدة مئات من الأشخاص في الساحة الخضراء، ملوحين بالأعلام الخضراء، ومرددين هتافات مؤيدة للقذافي.

وقال مايك براكين، المتحدث باسم حلف شمال الأطلسي، إن تكثيف حلف شمال الأطلسي لغاراته الجوية على طرابلس، وخاصة على مجمع باب العزيزية، الذي يقيم فيه القذافي، أسفر عن تدمير مراكز قيادة، وسيطرة حيوية، ومعدات عسكرية، من بينها ذخيرة.

من ناحية أخرى، أعلن مصدر عسكري ليبي، أن سلسلة الانفجارات التي هزت عددا من ضواحي طرابلس الجمعة، أدت إلى وفاة أربعة أشخاص، وإصابة عدد آخر بإصابات بالغة في منطقة خلة الفرجان، وذلك خلال قصف لحلف "الناتو" لهذه المنطقة.

وأكد المصدر أن القصف الحق أضرارًا بالمواقع الخدمية، من مخابز، ومحلات تجارية، وأدى إلى تخريب طريق رئيسي يربط بين المدينة ومنطقة قصر بن غشير، التي يوجد بها مطار طرابلس العالمي.

وأشار المصدر نفسه إلى أن الحلف، قصف كذلك اليوم، المكتبة العلمية والمباني الإدارية، وعدداً من مدرجات أقسام جامعة الفاتح في مدينة طرابلس، والذي أدى بدوره إلى انهيار المباني وإتلاف محتويات هذه المباني الجامعية .

إيطاليا والمجلس الوطني الانتقالي ينفيان حصول مفاوضات بين الثوار ونظام القذافي

من جهة أخرى، نفى وزير الخارجية الايطالي، فرانكو فراتيني، ومسؤول العلاقات الخارجية في المجلس الانتقالي الليبي المعارض، محمود جبريل، ما ورد عن حصول مفاوضات بين الثوار الليبيين ونظام معمّر القذافي، في العاصمة الفرنسية باريس.

ونقلت وكالة أنباء "آكي" الإيطالية عن جبريل قوله خلال مؤتمر صحافي مع فراتيني في إيطاليا: "لم تجرِ مفاوضات بين النظام (الليبي) والمجلس الوطني الانتقالي"، مضيفًا أن المجلس يرفض أي إمكانية للتفاوض حول بقاء القذافي في السلطة.

وأضاف: "سوف نسعى بالوسائل السياسية والعسكرية لتحرير بلادنا، وضمان أعلى مستوى من الحكومة الديمقراطية، ودستور يقوم على حقوق متساوية.. وسنرحّب فقط بمفاوضات يتفق فيها الطرفان على ضرورة بناء ليبيا جديدة".

"المفاوضات مزعومة"

وكان مبعوث الرئيس الروسي للشؤون الافريقية، ميخائيل مارغيلوف، قد كشف في أعقاب زيارته لطرابلس وبنغازي الليبيتين، أمس، عن اتصالات جرت بين مندوبين عن النظام الليبي بقيادة القذافي، والثورة المسلحة، في عدة عواصم أوروبية، منها فرنسا، والنرويج، وألمانيا.

بدوره، قال وزير الخارجية الايطالي: "قرأت عن المفاوضات المزعومة في باريس، لكنني رأيت أيضا الإعلان الفوري من جانب الحكومة الفرنسية نفيها العلم بأي شيء عن ذلك."

في سياق آخر، أكد جبريل ما ورد عن حالات اغتصاب ارتكبها رجال القذافي في ليبيا، وأدانتها في وقت سابق وزيرة الخارجية الاميركية، هيلاري كلينتون، وقال: "هناك 235 حالة عنف جنسي مسجلة في المنطقة الشرقية، ووفق مصادر أخرى، فإن الحالات ربما تصل إلى 270، لأن الكثير منها لم يتم الإبلاغ عنه".

روسيا وتونس تتفقان على التوسط بين نظام القذافي والمجلس الوطني

وعلى صعيد آخر، قال مبعوث الرئيس الروسي للشؤون الافريقية، ميخائيل مارغيلوف، إن بلاده اتفقت مع تونس للعمل من أجل التوسط بين نظام القذافي والثورة في ليبيا، لإنهاء الأزمة القائمة.

وأوضح ميخائيل مارغيلوف في تصريحات للصحافيين، في أعقاب اجتماعه، أمس الجمعة، مع رئيس الحكومة التونسية المؤقتة، الباجي قائد السبسي، أنه "اتفق مع السبسي على العمل سويا لإطلاق مفاوضات سياسية بين أطراف الأزمة الليبية".

وأضاف المبعوث الروسي الذي بدأ اليوم زيارة إلى تونس، تندرج في سياق جولة في المنطقة، زار خلالها طرابلس وبنغازي الليبيتين، أن الاتفاق جعله "يقرر تأجيل مغادرته تونس".

وبحث المبعوث الروسي خلال اجتماعه مع رئيس الحكومة التونسية المؤقتة، تطورات الأوضاع في ليبيا، والسبل الكفيلة بإيجاد حل للنزاع المسلح بين النظام الليبي والثورة المسلحة.

كما تم خلال هذا الاجتماع أيضا، بحث إمكانيات التعاون بين المؤسسات الروسية والاتحاد الافريقي، من أجل إيجاد مخرج سياسي للصراع بين النظام الليبي والثورة المسلحة، وإرساء الاستقرار السياسي في الدول الإفريقية.

واعتبر المبعوث الروسي أن بلاده "تؤمن بوجود فرص لتحقيق هذا الهدف"، ولكنه استدرك قائلا إن "تحقيق الاستقرار السياسي في ليبيا يبدو صعبا في الوقت الراهن، باعتبار التعقيدات التي أفرزتها التطورات الماضية على الساحة".

وكان مبعوث الرئيس الروسي قد اجتمع قبل ذلك مع وزير الخارجية التونسي، المولدي الكافي، واستعرض معه العلاقات الثنائية وسبل تطويرها، إلى جانب استعراض القضايا الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

ودعا في أعقاب هذا الاجتماع تونس، إلى التوسط بين طرفي النزاع في ليبيا، قائلا: " نعتقد أن تونس لها دور كبير في الوساطة الدولية، وتجربة هامة في المفاوضات الفلسطينية-الاسرائيلية في بداية التسعينات".

وأضاف أنه من هذا المنطلق، "بإمكان تونس أن تلعب دورا هاما في تقريب وجهات النظر بين أطراف الصراع في ليبيا، وإيجاد حلول ترضي الجميع"،على حد قوله.

مصطفى عبد الجليل في تونس السبت

يشار إلى أن تصريحات المبعوث الروسي حول وساطة تونسية-روسية بين النظام الليبي والثورة المسلحة، تأتي قبل يوم فقط من وصول مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي إلى تونس، في زيارة له، هي الأولى منذ اندلاع الثورة الليبية في السابع عشر من فبراير/شباط الماضي.

ويُنتظر أن يسعى مصطفى عبد الجليل خلال هذه الزيارة، إلى إقناع السلطات التونسية بالاعتراف بالمجلس المذكور، ممثلاً شرعيًّا للشعب الليبي، علما أن تونس كانت قد مهدت لهذا الاعتراف المقترب، بالإعلان عن فتح ممثلية تجارية لها في مدينة بنغازي.

تبادل إطلاق النار في الزليطن والدفنية ومصراتة

وفيما يتعلق بالتطورات العسكرية على الأرض في ليبيا، تبادلت قوات الثورة وقوات معمر القذافي نيران المدفعية الثقيلة قرب مدينة زليطن الجمعة، فيما حاول معارضون ليبيون التقدم في المناطق التي تسيطر عليها القوات الحكومية شرقي العاصمة الليبية.

وفي الدفنية، الواقعة على مشارف مصراتة، معقل الثورة في غرب البلاد، أطلق الثوار نيران المدفعية وقاذفات صواريخ يصل مداها إلى حوالي 20 كيلومترا.. وقال معارضون إنهم يستهدفون دبابات وذخيرة في نعيمة بالقرب من زليطن.

وقال قائد وحدة تابعة للثورة، يدعى محمد علي: "كان لدينا استراتيجية للانتهاء من كل شيء اليوم، ولكن بعض المقاتلين يعتبرونها لعبة"، ومضى يقول بعدما اتخذ مقاتلو الثورة ساترا من وابل كثيف من قذائف المورتر، عند الجبهة الرئيسية في الدفنية: "أطلقوا النار حيث كان من المفترض ألا يطلقونها ودمروها".. وأمكن أيضا سماع صوت الطائرات الحربية تحلق، رغم أنه لم يكن واضحا ما إذا كانت هناك غارات جوية.

وتبعد زليطن 160 كيلومترا فقط عن طرابلس، وهي البلدة الرئيسية التالية باتجاه العاصمة على الطريق الساحلي على البحر المتوسط، بعد مصراتة.. ومن شأن سيطرة الثورة عليها أن يمثل انتصارا كبيرا.

وفي مصراتة، قال أحمد حسن، المتحدث باسم الثورة، إن عشرة مدنيين قتلوا، وأصيب 40 آخرون، عندما قصفت القوات الموالية للقذافي المدينة.. ولم يتسن التحقق من هذه الأنباء على الفور.. وكان إطلاق النار الأشد كثافة في المنطقة منذ الأسبوع الماضيـ عندما قتل 31 شخصا.

وفي المستشفى الميداني في الدفنية، وصلت سيارات إسعاف تحمل خمسة على الأقل من مقاتلي الثورة، مصابين بجروج خطيرة.

وقالت الثورة إنها لن تهاجم زليطن، بسبب الحساسيات القبلية، لكنها تجند مقاتلين من البلدة، وتنتظر أن ينتفض سكانها ضد القذافي.

وقال مايك براكين، المتحدث باسم حلف شمال الأطلسي، في إفادة صحفية، إن هناك في غرب مصراتة "بعض العلامات الايجابية، على أن المدنيين يتوحدون ضد نظام القذافي.. هنا الموقف مشحون بشدة، لكن القوات الموالية للقذافي في الوقت الحالي، تبدو غير قادرة على التصدي للتقدم الإضافي للقوات المناوئة للقذافي نحو طرابلس."

قوات القذافي تحتشد في الغريان، واستمرار المعارك في نالوت

وقال جمعة إبراهيم، المتحدث باسم الثورة في بلدة الزنتان بالجبل الغربي، إن القوات الموالية للقذافي تحتشد في الغريان، التي تبعد حوالي 120 كيلومترا جنوب غربي طرابلس.

ومضى يقول إن المعارك استمرت يوم الجمعة في منطقة قريبة من نالوت، بين القوات الموالية للقذافي، التي استخدمت صواريخ جراد، والدبابات، لقصف مواقع الثورة، وبين مقاتلي الثورة.. وأضاف أن الضربات التي وجهها حلف الأطلسي في الثماني والأربعين ساعة الماضية كانت مفيدة للغاية.

قوات القذافي تحاصر مدينة غدامس التاريخية على الحدود مع تونس والجزائر، وتقصف آثارها

وقال إبراهيم إن القوات الموالية للقذافي تحاصر مدينة غدامس التاريخية، المدرجة على قائمة التراث العالمي، وتقع على الحدود مع تونس والجزائر، وتبعد عن العاصمة نحو 600 كيلومتر إلى ناحية الجنوب الغربي.

وقال إن قوات القذافي دمرت بعض الآثار الاسلامية التاريخية في المدينة، وإن هناك قصورا وحصونا في الحي القديم بالمدينة.. ولم يتسن التحقق بشكل مستقل من الأنباء الواردة عن غدامس، بسبب ضيق إمكانية وصول الصحفيين إلى هناك.

وقال المعارضون إن هجوما على موقعهم قرب بلدة أجدابيا، في ساعة متأخرة يوم الخميس، أصاب ما لا يقل عن 16 مقاتلا بجراح، فيما قد يكون حادث نيران صديقة، سببه غارة جوية لحلف شمال الأطلسي.. وقال الحلف إنه يحقق في الحادث.

وفي بنغازي، تجمع الآلاف لأداء صلاة الجمعة، أمام مقر المحكمة التي تتخذها الثورة مقرا رئيسيا لقيادتها، ويمثل قلبا رمزيا للثورة.

ورفرفت أعلام الثورة، وأعلام دول حلف شمال الأطلسي، بينما أقام المصلون الصلاة.. وقال سعد فرجاني، مهندس صيانة الطائرات: "الناس هنا متحدون ويلهمهم التغيير. ومقاتلونا الآن أكثر استعدادا وتدريبا."

وقال سيف الإسلام، نجل القذافي، لصحيفة إيطالية، يوم الخميس، إن الانتخابات يمكن أن تجرى خلال ثلاثة أشهر، وإن والده مستعد للتنحي إذا خسرها، لكن زعماء الثورة والولايات المتحدة، سارعوا الى رفض العرض.

 

وألقى رئيس الوزراء البغدادي، علي المحمودي، بالشك فيما يبدو، على التنازل المحتمل الذي عرضه سيف الإسلام، قائلا للصحفيين ان الزعيم الليبي ليس معنيا بأي استفتاءات.

التعليقات