النفط الليبي: سلطة غائبة ومساع قبلية للتهدئة وأفق ضبابي

وتضمّ منطقة الهلال النّفطيّ عدّة مدن بين بنغازي وسرت، كما أنها تتوسّط المسافة بين بنغازي وطرابلس، وتحوي المخزون الأكبر من النّفط، إضافة إلى مرافئ "السّدرة" و"رأس لانوف" و"البريقة".

النفط الليبي: سلطة غائبة ومساع قبلية للتهدئة وأفق ضبابي

منشآت راس لانوف النّفطيّة

رغم قرب انقضاء يوم عصيب في ليبيا، إثر معارك مسلّحة ضارية، في منطقة الهلال النّفطيّ، شمال شرقيّ البلاد، وتطوّر الأحداث ودخولها لمرحلة القصف الجويّ في ظلّ مساع قبليّة للتهدئة، إلّا أنّ السّلطات الرّسميّة التّنفيذيّة والتّشريعيّة لم تحدّد موقفها حتّى المساء من تلك الأحداث، وسط قلق أمميّ على وحدة البلاد.

وفجر اليوم اندلعت معارك مسلّحة بين القوّات التّابعة لمجلس النوّاب المنعقد في طبرق، شرقيّ البلاد، وحرّاس النّفط الموالون لحكومة الوفاق الوطنيّ في منطقة الهلال النّفطيّ التي تحوي أهمّ و أكبر موانئ وحقول النّفط في ليبيا، التي تعتمد بشكل أساسيّ على تصدير الذّهب الأسود.

وتضمّ منطقة الهلال النّفطيّ عدّة مدن بين بنغازي وسرت، كما أنها تتوسّط المسافة بين بنغازي وطرابلس، وتحوي المخزون الأكبر من النّفط، إضافة إلى مرافئ 'السّدرة' و'رأس لانوف' و'البريقة'.

قرابة 12 ساعة مضت منذ انطلاق المعارك في السّاحة السّادسة من فجر اليوم بالتّوقيت المحليّ، ولم يصدر خلالها أيّ تعليق من حكومة الوفاق الوطنيّ أو الحكومة المنبثقة عن 'مجلس النّوّاب' أو المجلس نفسه.

ولا يزال تضارب الأنباء مستمرًّا بشأن مجريات الأحداث في منطقة الهلال النّفطيّ عقب إعلان القوّات التّابعة للمجلس (برلمان طبرق) والحكومة المنبثقة عنه سيطرتها عل موانئ النّفط في مدينة البيضاء (مقرّ الحكومة)، وسط نفي حرّاس النّفط الموالين لحكومة الوفاق الجديدة لذلك.

وفي بيان مقتضب نشرته وكالة 'الأناضول' في وقت سابق، قالت قيادة القوّات المنبثقة عن المجلس 'نبشّر الليبيّين بأنّ أبناءهم من القوّات المسلّحة الليبيّة، تمكّنوا من السّيطرة الكاملة على الموانئ النّفطيّة في منطقة الهلال النّفطيّ وهي رأس لانوف والسّدرة والبريقة دون أن تفقد جريحًا واحدًا'.

وبحسب البيان فإنّ تلك القوّات تمكّنت أيضًا من السّيطرة على جميع مخارج ومداخل مدينة 'أجدابيا'، التي كانت تتمركز فيها قوّات حرس المنشآت النّفطيّة والقاطع الحدوديّ، المواليان لحكومة الوفاق.

من جانبه، نفى علي الحاسي، المتحدّث باسم جهاز حرس المنشآت النّفطيّة بالمنطقة الوسطى، في تصريحات للأناضول، في وقت سابق، سيطرة قوّات مناهضة لهم على موانئ النّفط في المنطقة'، مشيرًا إلى أنّ 'حرّاس النّفط دحروا قوّات جيش البرلمان من منطقة الزّويتينة بالكامل، فيما لا تزال المعارك مستمرّة في رأس لانوف والسّدرة'.

ونشب منذ أكثر من شهرين توتّر كبير بين قوّات الجيش المنبثقة عن 'مجلس النّوّاب' بقيادة خليفة حفتر، وبين قوّات حرس المنشآت النفطيّة بقيادة إبراهيم الجضران المغربيّ، التي كانت تتبع المجلس، وانشقّت عنه لصالح حكومة الوفاق.

وعن الوضع حتّى مساء اليوم الأحد، أعلنت رئاسة أركان سلاح الجوّ في القوّات المنبثقة عن المجلس 'دخول طائراتها الحربيّة على خطّ المعركة بشنّ هجمات جويّة على مواقع تمركز القوّات المناهضة لها في منطقة الهلال النّفطيّ ومدينة أجدابيا'.

وفي بيان لها، قالت إنّه 'تمّ تكثيف الطّلعات الجويّة، اليوم الأحد والتي نفّذها تشكيل السّرب العموديّ (الهليكوبتر) ومقاتلات سلاح الجوّ في سماء مدينة أجدابيا والزّويتينة'.

وأضاف البيان أنّ 'المقاتلات شنّت غارات جويّة على مدينة أجدابيا، استهدفت من خلالها معسكر الشّام بالمدينة، وتجمّع آليّات وأفراد في زويتينة'، مشيرة إلى استمرار الطّلعات الجويّة لفترة لم تحدّدها.

ولم يعلن الطّرفان حتّى مساء اليوم، عن وجود خسائر في صفوف أيّ منهما.

إلى ذلك كشف، الشّيخ الباشا صالح الأطيوش، كبير قبيلة المغاربة، أكبر قبائل مدينة أجدابيا، و التي ينتمي إليها معظم أفراد حرّاس النّفط عن ' تشكيل لجنة من آباء وأهالي شباب حرس المنشآت النّفطيّة، فرع الوسطي (المنطقة الوسطى) وشيوخ قبيلة المغاربة، للتواصل معهم وإنهاء الأمر بشكل سلميّ والتّسليم إلى الجيش الليبيّ الموجود في أجدابيا'.

وفي مداخلة هاتفيّة له عبر قناة ليبيا (خاصّة)، ناشد الأطيوش، الذي يسكن منطقة الهلال النّفطيّ، عناصر حرس المنشآت 'تسليم أسلحتهم وذخائرهم للجيش (القوّات التّابعة لمجلس النّوّاب) وانضمامهم لقوّاته'، بحسب التّصريح.

وقبل أكثر من شهر، أعلن قائد جهاز حرس المنشآت النّفطيّة بالمنطقة الوسطى، إبراهيم الجضران المغربيّ، التّوصّل لاتّفاق مع حكومة الوفاق، يقضي بفتح الموانئ النّفطيّة لإعادة تصدير النّفط، وذلك خلال مؤتمر صحافيّ عقد في رأس لانوف (370 غرب بنغازي) بحضور نائب رئيس المجلس الرّئاسيّ للحكومة، موسى الكوني ومسؤولين بالحكومة.

ولاقى الإعلان حينها رفضًا من الحكومة المنبثقة عن 'مجلس النّوّاب'، فيما حظي بترحيب دوليّ واسع.

من جانبه، أبدى المبعوث الخاصّ للأمين العامّ للأمم المتّحدة إلى ليبيا، مارتن كوبلر، قلقه البالغ بشأن اشتباكات منطقة الهلال النّفطيّ، مؤكّدًا في تغريده كتبها على صفحته الشّخصيّة بموقع 'تويتر' أنّ 'هذا الأمر سيؤدّي إلى مزيد من الانقسام وإلى الحدّ من تصدير النّفط'.

وتابع المبعوث الأمميّ 'الخلاف يمكن أن يحلّ فقط عبر الحوار وليس القتال'، مطالبًا جميع الأطراف بالجلوس معًا.

ولدى ليبيا أكبر مخزون للنفط في أفريقيا، وتعتمد على إيراداته في تمويل أكثر من 95% من خزانة الدولة، وتموّل منها بشكل رئيسيّ رواتب الموظّفين الحكوميّين، ونفقات دعم السّلع الأساسيّة والوقود، وكذلك عدد من الخدمات الرّئيسيّة مثل العلاج المجانيّ في المستشفيات.

وعقب سقوط نظام معمّر القذّافي عام 2011، إثر ثورة شعبيّة، دخلت ليبيا في مرحلة من الانقسام السّياسيّ تمخّض عنها وجود حكومتين وبرلمانيين وجيشين متنافسين في طرابلس غربًا، ومدينتي طبرق والبيضاء شرقًا.

ورغم مساعٍ أمميّة لإنهاء هذا الانقسام عبر حوار ليبيّ جرى في مدينة الصّخيرات المغربيّة وتمخّض عنه توقيع اتفاق في 17 كانون الأّول/ديسمبر لعام 2015، انبثقت عنه حكومة وحدة وطنيّة باشرت مهامّها من العاصمة طرابلس أواخر آذار/مارس الماضي، إلّا أنّها لا تزال تواجه رفضًا من الحكومة والبرلمان اللذين يعملان شرقيّ البلاد.

اقرأ/ي أيضًا | ليبيا: قوات موالية لحفتر تسيطر على ميناءين نفطيين

وإلى جانب الصراع على الحكم، تشهد ليبيا منذ الإطاحة بنظام القذّافي، فوضى أمنيّة بسبب احتفاظ الجماعات المسلّحة التي قاتلت النّظام السّابق بأسلحتها.

التعليقات