تركيا تسرع إجراءات المصادقة على إرسال قواتها إلى ليبيا

أعلنت مصادر في حزب العدالة والتنمية التركي، اليوم السبت، أن مذكرة طلب تفويض لإرسال قوات إلى ليبيا، قد تتم مناقشتها في البرلمان الخميس المقبل

تركيا تسرع إجراءات المصادقة على إرسال قواتها إلى ليبيا

مظاهرة ضد حفتر في طرابلس (أ.ب.)

أعلنت مصادر في حزب العدالة والتنمية التركي، اليوم السبت، أن مذكرة طلب تفويض لإرسال قوات إلى ليبيا، قد تتم مناقشتها في البرلمان، الخميس المقبل، وذلك بهدف تسريع إجراءات المصادقة على إرسال القوات إلى ليبيا، فيما استمرت قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، اليوم السبت، باستهداف جوي لطرابلس، حيث قصفت معهدًا علميًا.

ونقلت وكالة "الأناضول" التركية عن مصادر في حزب العدالة والتنمية، أن الجمعية العامة للبرلمان، قد تلتئم بعد أيام، في الثاني من كانون الثاني/ يناير المقبل، لمناقشة مذكرة التفويض.

ويأتي ذلك في أعقاب طلب الحكومة الليبية في طرابلس الدعم العسكري التركي رسميا، والتطورات في المنطقة.

وأوضحت المصادر أن المذكرة قد تقدم إلى رئاسة البرلمان، في 30 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، ومن المحتمل مناقشتها في الجمعية العامة، الخميس المقبل، وجرى إبلاغ النواب بذلك.

وبينت المصادر أن الجدول الزمني النهائي بخصوص النظر في المذكرة والتصويت عليها، سيتأكد الإثنين المقبل.

وكان البرلمان التركي دخل في عطلة لغاية 7 كانون الثاني/ يناير، عقب مداولات الموازنة، إلا أنه صدّق، يوم السبت الماضي، على اتفاق للتعاون العسكري والأمني وقعته أنقرة مع حكومة الوفاق الليبية، مما يتيح لتركيا تعزيز حضورها في ليبيا. ودخل هذا الاتفاق حيز التنفيذ الخميس الماضي، بعد نشره في الجريدة الرسمية.

وقال السفير الليبي في تركيا، عبد الرزاق مختار عبد القادر، إن بلاده بحاجة إلى دعم عسكري في الدفاع الجوي والتدريب الخاص.

وأشار عبد القادر في حديث لوكالة "الأناضول" التركية، إلى أن العلاقات التركية  - الليبية تمتد مئات السنين، وأن أنقرة وقفت إلى جانب الشعب الليبي دائما. وأضاف: "ليبيا بحاجة إلى الدفاع الجوي، والتدريب الخاص، والخبرة لدعم المقاتلين في الميدان، لدينا عدد كاف من المقاتلين".

واعتبر السفير أن "الدعم العسكري لا يعني الإضرار بالشعب الليبي، بل سيساعد على الأمن والاستقرار. والبلدان شقيقان وليسا صديقين فقط". وتابع أن "ليبيا دعمت تركيا بشأن قضية قبرص، والآن تستجيب لنا عندما نحتاج نحن".

والخميس الماضي، أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أن أول عمل ستقوم به حكومته بعد استئناف البرلمان لأعماله، هو تقديم مذكرة تفويض بشأن إرسال جنود إلى ليبيا.

وقال إردوغان في خطاب له بالعاصمة أنقرة، إنه "سنقدم المذكرة لإرسال جنود إلى ليبيا فور استئناف أعمال البرلمان"، يوم 7 كانون الثاني/ يناير المقبل، "وإن شاء الله سنتمكن من إقرارها يوم 8 أو 9 كانون الثاني/ يناير، وعلى تلبية دعوة الحكومة الليبية الشرعية".

وأضاف: "سندعم بكل الوسائل حكومة طرابلس التي تقاوم جنرالا انقلابيا تدعمه دول عربية وأوروبية"، في إشارة إلى اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

تدخل يؤدي إلى انفراجة؟

قال محللون إن من شأن التدخل التركي في ليبيا أن يعجل مسار التسوية في البلاد، خصوصًا إذا ما توصلت أنقرة إلى تفاهمات مع موسكو بشأن الملف الليبي، خصوصًا أن حفتر يعتبر حليفا لخصوم روسيا في المنطقة، أي السعودية والإمارات، لكن رغم ذلك يستعين حفتر بقوات مرتزقة روسية. 

وقال الباحث الليبي في العلاقات الدولية، مصطفى البرق، لصحيفة "العربي الجديد" إن تصريحات قادة روسيا تبدي حماسة تجاه الملف الليبي، لكنها في ذات الوقت لا تعبّر عن موقف واضح. وأضاف أن روسيا هي الدولة التي سيكون إعلان موقفها هو الأكثر تأثيرا في تحديد ملامح المرحلة المقبلة، خصوصا إذا نجحت تركيا في إحداث مقاربة معها، وإقناعها بوقف دعمها لحفتر، فيما يرى محللون أن بمقدور تركيا تقديم إغراءات لروسيا من خلال عقود ضخمة في ليبيا، وتحديدًا في مجال إعادة الإعمار.

في موازاة ذلك، أجرى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، اتصالات مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الأسبوع الجاري، وأبدى قلقه ورفضه للتدخل التركي. لكن يبدو أن الموقف الأميركي ليس حاسمًا بالملف الليبي، في ظل محاولات دولية لعقد مؤتمر دولي في العاصمة الألمانية، برلين، لبحث الملف الليبي والتطورات الأخيرة، التي قد تحول الساحة الليبية إلى ساحة حرب دولية وإقليمية.

كما تبدي الدول الأوروبية تخوفًا من التدخل التركي في ليبيا، بعد الاتفاق الثنائي على ترسيم الحدود البحرية بين ليبيا وتركيا مؤخرًا، وهو ما يثير قلق الدول الأوروبية، بما فيها قبرص واليونان، بالإضافة إلى مصر وإسرائيل، خصوصًا وأنه قد يؤثر على مشاريع مد أنابيب نقل الغاز إلى أوروبا.

مرتزقة من السودان

كشفت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية، الأسبوع الجاري، عن التحاق مئات "المرتزقة السوادنيين" للقتال في صفوف قوات حفتر ضد حكومة الوفاق الوطني الليبية، المعترف بها دوليًا.

وذكرت الصحيفة، الثلاثاء الماضي، أن موجة جديدة من المرتزقة القادمين من السودان يقاتلون في ليبيا، ما يعمق المخاوف من أن الصراع في الدولة الواقعة شمالي إفريقيا تحول إلى حرب دولية مستعصية، قد تزعزع استقرار المنطقة أكثر.

وقال قادة لمجموعتين منفصلتين من المقاتلين السودانيين في ليبيا للصحيفة البريطانية، إنهم استقبلوا مئات المرتزقة الجدد في الأشهر الأخيرة.

ووفق الصحيفة، فإن كلا المجموعتين كانتا تقاتلان في صفوف القوات التي يقودها حفتر ضد الحكومة المعترف بها دوليًا، في طرابلس.

وقال أحد أولئك القادة، وهو متمركز في جنوبي ليبيا (لم تسمه): "العديد من الشبان (يأتون)... حتى أننا لا نملك القدرة على استيعاب هذه الأعداد الكبيرة".

وحول عدد السودانيين الذي يقاتلون في ليبيا، قال القادة للصحيفة نفسها، إن "هناك الآن 3 آلاف مرتزق سوداني على الأقل في ليبيا، وهذا العدد أكبر بكثير من تقديرات سابقة".

وقال قادة المرتزقة السودانيين إن موجة المقاتلين الجدد تضمنت العديد ممّن قاتل ضد نظام الرئيس المعزول عمر البشير. كما كان بعض أكبر المجموعات السودانية في ليبيا قاتل ذات مرة في دارفور، المنطقة المضطربة غربي السودان، في سلسلة أعمال تمرد ضد الميليشيات والقوات التي أرسلها النظام القمعي في الخرطوم، بحسب "ذي غارديان".

ووفق الصحيفة، فإن جميع القادة الذين أجرت المقابلة معهم أعربوا عن أملهم في العودة إلى السودان للقتال ضد الحكومة الانتقالية الحالية، التي جاءت بعد سقوط البشير.

وقال أحدهم: "أعرف أننا مرتزقة ولا نقاتل بشرف وكرامة... لكن هذا أمر مؤقت، سنعود لوطننا بعد انتهاء مهمتنا هنا".

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قالت الأمم المتحدة إن تدخل مقاتلين من السودان في ليبيا يمثل تهديدًا مباشرًا لأمن البلاد. وصرحت لجنة أممية من الخبراء في تقرير من 376 صفحة لمجلس الأمن، بأن وجود السودانيين أصبح ملاحظًا أكثر في 2019، وقد يؤدي إلى عدم الاستقرار.

ومنذ 4 نيسان/ أبريل الماضي، تشهد طرابلس، مقر حكومة الوفاق، وكذلك محيطها، معارك مسلحة بعد أن شنت قوات حفتر هجوما للسيطرة عليها وسط استنفار لقوات "الوفاق"، وسط تنديد دولي واسع، وفشل متكرر لحفتر، ومخاوف من تبدد آمال التوصل إلى أي حل سياسي للأزمة.

التعليقات