ليبيا ساحة صراع إقليمي: دخول تركيا يخلط الأوراق

حيال تصاعد النفوذ التركي الذي دخل كلاعب حديث على الساحة الليبية، تبدو روسيا متريثة في التعبير عن موقفها، وسط قلق مصري فرنسي من تعاظم سطوة تركيا ودورها الإقليمي على ضوء الاتفاقات الموقعة مع حكومة الوفاق

ليبيا ساحة صراع إقليمي: دخول تركيا يخلط الأوراق

إردوغان والسراج (أ ب)

تتصاعد الأحداث في ليبيا سريعا على الصعيدين العسكري والسياسي، وذلك بالتزامن مع إطلاق اللواء المتقاعد خليفة حفتر ما أسماه "المعركة الحاسمة" للسيطرة على طرابلس معقل حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، ويترأسها فايز السراج، في ظل توقع الأخير على اتفاقين يرسّم الأول الحدود البحرية المثيرة للجدل، ويتيح الآخر لتركيا تقديم مساعدات عسكرية لطرابلس.

وفيما دانت دول عدة الاتفاق البحري الموقع بين أنقرة وحكومة الوفاق، بينها اليونان وقبرص ومصر وإسرائيل، بادعاء أنه يعطي أنقرة سيادة على مناطق شاسعة في شرق البحر المتوسط الغني بالموارد النفطية، أكدت الحكومة التركية أنها ستمنع أي عملية استكشاف للنفط لا تحظى بموافقتها، ونشرت أمس، الإثنين، أول طائرة مسيرة مسلحة في شمال قبرص، حيث ستتمركز في أجواء من التوتر الشديد بين حول استغلال ثروات النفط والغاز في هذه المنطقة.

وحيال تصاعد النفوذ التركي الذي دخل كلاعب حديث على الساحة الليبية، تبدو روسيا متريثة في التعبير عن موقفها، وسط قلق مصري فرنسي من تعاظم سطوة تركيا ودورها الإقليمي على ضوء الاتفاقات الموقعة مع حكومة الوفاق، فيما تؤكد التقارير بأن هذه الدول (روسيا، مصر وفرنسا) تقدم دعما عسكريا ولوجيستيا لقوات حفتر في عمليته العسكرية التي أطلقها في نيسان/ أبريل الماضي للسيطرة على طرابلس، خلافا لموقف الأمم المتحدة.

وفي حين تتداخل عدة دول في الملف الليبي، ليس على الصعيد السياسي فقط، بل على الصعيد الميداني كذلك، يبرز الموقف الروسي الذي لا يبدو أنه يطمح إلى أكثر من المصالح الاقتصادية، والدور الإيطالي الذي يدعم حكومة الوفاق وخيارات الحل السياسي، وسط مساعي إلى الاقتراب من حفتر، لا سيما بعد سيطرته على منطقة الهلال النفطي الأهم في ليبيا، بينما يشكل ملف الهجرة غير الشرعية نقطة الاهتمام الإيطالي الرئيسية بالملف الليبي.

وفي مؤشر على محاولة تركية للتفاهم مع روسيا في هذا الصدد، قال الكرملين اليوم، الثلاثاء، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، سيبحث مع نظيره التركي، رجب طيب إردوغان، خطة تركية لتقديم دعم عسكري للحكومة الليبية المعترف بها دوليا، وذلك خلال محادثات في تركيا الشهر المقبل.

وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، "روسيا تدعم أي جهود وأي دول (تعمل) بمفردها فيما يتعلق بإيجاد حلول للأزمة (الليبية)"، فيما قالت الرئاسة التركية في بيان، إن إردوغان وبوتين أجريا اتصالا هاتفيا في وقت لاحق اليوم، ناقشا خلاله التطورات في ليبيا وسورية والعلاقات الثنائية بين بلديهما والقضايا الإقليمية الأخرى. ولم ترد تفاصيل أخرى.

ويوم السبت أحالت تركيا إلى برلمانها اتفاقا ثنائيا مع حكومة طرابلس للتصديق عليه في خطوة تقرب احتمال إرسال مساعدات عسكرية للحكومة التي يرأسها فائز السراج. وقالت تركيا إنها قد تقدم دعما عسكريا لحكومة السراج إذا طلبت منها ذلك، لكن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قال يوم السبت الماضي، إن تركيا لم تتلق مثل هذا الطلب حتى الآن.

في المقابل، صرّح الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بأن بلاده لن تسمح لأحد بالسيطرة على ليبيا بعد أيام من تلويح إردوغان بإرسال قوات تركية إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق الوطني في طرابلس؛ وقال السيسي في تصريحات للصحف المصرية الحكومية والخاصة نشرت اليوم، "لن نسمح لأحد أن يعتقد أنه يستطيع السيطرة علي ليبيا والسودان ولن نسمح لأحد بالسيطرة عليهما".

وأضاف في التصريحات التي نشرتها أكثر من صحيفة من بينها "الأهرام" الحكومية، أنه "أمر في صميم الأمن القومي المصري"، مشيرا إلى أن السودان وليبيا "دول جوار" مباشر لمصر؛ وشدد الرئيس المصري بلهجة قاطعة، بحسب صحيفة "الشروق" الخاصة، على أن بلاده "لن تتخلى عن الجيش الوطني الليبي" الذي يقوده حفتر، وتابع السيسي "لا يمكن أن نرضى بإقامة دولة في ليبيا للمليشيات والجماعات المسلحة والإرهابية والمتطرفة".

وجاءت تصريحات الرئيس المصري غداة لقاء في إسطنبول بين الرئيس التركي والسراج، هو الثاني بين الرجلين في غضون ثلاثة أسابيع. كما جاءت بعد أيام من تلويح إردوغان بإرسال قوات تركية إلى ليبيا لدعمه.

وفي مؤشر آخر الى التقارب بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية، أعلنت أنقرة أنها ستسمح لليبيين ممن هم دون 16 عاما وفوق الخامسة والخمسين بدخول أراضيها من دون تأشيرات.

وليبيا منقسمة سياسيا وعسكريا منذ عام 2014 إلى معسكرين أحدهما في العاصمة طرابلس والآخر في شرق البلاد. وتساند تركيا حكومة طرابلس التي يعترف بها المجتمع الدولي، بينما تتلقى قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة حفتر، دعما من روسيا والإمارات ومصر وفرنسا.

التعليقات