ليبيا: بوادر لتعزيز الانقسام مع تكليف رئيس جديد للوزراء

اختار مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق في أقصى شرقيّ البلاد، اليوم، الخميس، وزير الداخلية السابق، فتحي باشاغا، رئيسًا جديدا للحكومة خلفًا لعبد الحميد الدبيبة.

ليبيا: بوادر لتعزيز الانقسام مع تكليف رئيس جديد للوزراء

باشاغا (أ ب)

اختار مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق في أقصى شرقيّ البلاد، اليوم، الخميس، وزير الداخلية السابق، فتحي باشاغا، رئيسًا جديدا للحكومة خلفًا لعبد الحميد الدبيبة.

ويعتبر مجلس النواب حكومة الدبيبة "منتهية الولاية" بسبب إرجاء الانتخابات، في خطوة يتوقع أن تفتح مجددًا باب الانقسام والفوضى، في بلد تعوّد طيلة السنوات الماضية على سلطة تنفيذية برأسين.

وقال المتحدث باسم المجلس، عبد الله بليحق، في تصريح صحافي، إن مجلس النواب "صوّت بالإجماع على منح الثقة للسيد فتحي باشاغا، رئيسًا للحكومة".

وكان الدبيبة قال إنه لن يسمح بقيام مرحلة انتقالية جديدة، وإنه لن يقبل بقيام سلطة "موازية".

وكان مجلس النواب استبقى مرشحين من أصل سبعة هما باشاغا (59 عاما) وخالد البيباص (51 عاما)، وهو موظف كبير سابق في وزارة الداخلية.

وقبل التصويت، قال رئيس مجلس النواب وحليف اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يقود شرقي البلاد، عقيلة صالح، إن البيباص انسحب تاركا باشاغا مرشحا وحيدا.

ولم يبث مجلس النواب عملية التصويت عبر الهواء مباشرة كما كان مقرّرًا. لكن سبق التصويت على اختيار باشاغا بث الجلسة لأقل من ساعة.

وتناقلت وسائل إعلام محلية، على نطاق واسع، مقطع فيديو قصيرًا مدته ثلاثون ثانية، يُظهر رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، طالبًا من النواب رفع الأيدي في حال قبولهم اختيار باشاغا رئيسًا للحكومة.

وسبق التصويت على اختيار باشاغا بث الجلسة لأقل من ساعة، والإعلان عن تعديل الإعلان الدستوري الثاني عشر بالأغلبية المطلقة، حيث صوت بنعم للتعديل 127 نائبًا من أصل 147 العدد الكلي للحضور في الجلسة.

وهو التعديل الدستوري المنظم لإجراء الاستفتاء على الدستور والانتخابات العامة في غضون 14 شهرًا كحد أقصى، وفقًا لخارطة الطريق التي اعتمدت الأسبوع الماضي.

واعتبر أستاذ العلاقات الدولية في ليبيا، خالد المنتصر، أنّ اختيار رئيس الحكومة بهذه الطريقة "المعيبة"، "لن يمر بطريقة سلسلة"، ويتوقع أن يواجه الرئيس الجديد عراقيل في عملية تسلمه السلطة من الدبيبة.

وأضاف المنتصر "الجلسة بثت على الهواء في بدايتها، وكان ينتظر أن تبدأ عملية التصويت أمام العالم أجمع، وفجأة يقطع الصوت في الجلسة، وعقب دقائق قطع البث المباشر للجلسة، ليفاجئ الجميع بإعلان المتحدث باسم البرلمان بأن النواب اختاروا بالإجماع باشاغا رئيس للحكومة".

وعقب عام من انتهاء الانقسام الذي كان سائدا في ليبيا، بوجود حكومتين في الشرق والغرب استمرتا لمدة تجاوزت 6 أعوام، يبدو أن العودة للحكومتين المتنافستين "غير بعيد"، وهو الأمر الذي يهدّد الاستقرار السياسي "الهشّ" الذي نجح المجتمع الدولي في فرضه في ليبيا، التي يصعب تحقيق التوافق بين أفرقائها السياسيين.

ورأى المحلل السياسي الليبي، عماد جلول، أن مجلس النواب باختيار رئيس جديد بطريقة "مشوهة"، جعل اتهامه بالتزوير والفساد في اتخاذ القرارات النيابية الهامة، ربما تكون اتهامات صائبة.

وقال جلول لفرانس برس "كلما يتخذ مجلس النواب قرارات أو يصدر قوانين مهمة، يتم استخدام أسلوب فرض الأمر الواقع، أو قطع البث عن الجلسات أو عدم تحقيق نصاب قانوني للمصوتين من النواب".

وأشار إلى أن أطرافا سياسية قد تطعن في قرار النواب الأخير، وهو الأمر الذي سيفسح المجال "أمام الطعن في شرعية باشاغا واختياره للحكومة الجديدة".

وهاجم الدبيبة في كلمة متلفزة، الثلاثاء، مجلس النواب وقرارته، مؤكدا أن كثيرا منها اتخذ بـ"المخالفة والتزوير".

وقال "يصدرون القرارات في البرلمان بدون نصاب ولا لوائح، بعدما قامت قلة من النواب بسحب الثقة من الحكومة بالتزوير، أتحداهم عرض التصويت في تلك الجلسة على الهواء للناس"، في إشارة إلى جلسة مجلس النواب في أيلول/سبتمبر الماضي، التي تقرّر فيها سحب الثقة من حكومته، وهي الجلسة التي أثارت أيضًا جدلًا حول قانونيتها.

وأسقط الليبيون في شباط/فبراير 2011، بدعم من حلف شمال الأطلسي، نظام معمر القذافي بعد انتفاضة دامية استغرقت بضعة أشهر، وبعد أن حكم "قائد الجماهيرية" البلد منذ 1969. وشهدت ليبيا بعد ذلك فوضى ناتجة عن انقسامات ونزاعات على السلطة وتصاعد نفوذ الميليشيات وتدخلات الخارجية.

وفي آذار/مارس، شكّلت حكومة انتقالية بعد حوار بين الأطراف الليبيين رعته الأمم المتحدة. وحدّدت مهمّة الحكومة بتولي المرحلة الانتقالية حتى اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية كانت مقرّرة في 24 كانون الأول/ديسمبر الماضي، لكن تعذّر إجراؤها بسبب عقبات أمنية وقضائية وسياسية.

التعليقات