معارك في العاصمة الليبية: مقتل 23 شخصا وعشرات المصابين

قتل وجرح العشرات من المدنيين خلال اشتباكات عنيفة اندلعت بين مجموعتين مسلحتين ليلًا واستمرت حتى اليوم، السبت، وتتجددت لاحقا بعد أن هدأت لساعات، وذلك في العاصمة الليبية طرابلس، التي تشهد أزمة سياسية

معارك في العاصمة الليبية: مقتل 23 شخصا وعشرات المصابين

اشتباكات في أحياء طرابلس، السبت (Getty Images)

قتل وجرح العشرات من المدنيين خلال اشتباكات عنيفة اندلعت بين مجموعتين مسلحتين ليلًا واستمرت حتى اليوم، السبت، وتتجددت لاحقا بعد أن هدأت لساعات، وذلك في العاصمة الليبية طرابلس، التي تشهد أزمة سياسية خطيرة تثير مخاوف من اندلاع نزاع جديد.

وأعلنت وزارة الصحة الليبية اليوم، السبت، أنّ المعارك التي اندلعت ليل الجمعة - السبت في طرابلس أدت إلى مقتل 23 شخصا على الأقل وإصابة 140 آخرين.


وتأثرت ستة مستشفيات في طرابلس من جراء هذه المعارك التي تثير مخاوف من اندلاع حرب جديدة في ليبيا، التي تعيش بالفعل حالة من الفوضى في ظل وجود حكومتين متنافستين.

واندلع القتال بأسلحة ثقيلة وخفيفة ليل الجمعة السبت في عدد من أحياء المدينة الواقعة في غرب ليبيا على خلفية فوضى سياسية مع حكومتين متنافستين، وبعد تجدد الاشتباكات توسعت لتشمل أحياء جديدة محاذية للأحياء المتوترة في باب بن غشير وشارع الجمهورية.

وأفادت قناة "الجزيرة"، بأن المواجهات أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل وجرح العشرات بعضهم في حالة حرجة، فيما ذكرت أن "اللواء 444 يستعد لدخول مناطق الاشتباكات وسط طرابلس لإخراج العائلات العالقة".

وسُمعت رشقات نارية ودوي انفجارات في طرابلس، فيما قال الناطق باسم جهاز الإسعاف والطوارئ، أسامة علي، لقناة "ليبيا الأحرار" في وقت سابق، صباح اليوم، إن المعارك مستمرة، لذلك "نواجه صعوبة في التحرك في أكثر من منطقة" على حد تعبيره.

وأضاف أن "هناك إصابات في صفوف المدنيين من جراء الاشتباكات" من دون أن يذكر عددا. وتحدثت وسائل الإعلام المحلية عن مقتل مدنيين أيضا لكن لم تنشر أي حصيلة رسمية على الفور.

وخلفت الاشتباكات أضرارا جسيمة في قلب العاصمة، كما أظهرت صور عديدة نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، لسيارات متفحمة ومبان تحمل آثار الرصاص. وذكرت وسائل إعلام محلية أن الاشتباكات جرت بين مجموعتين مسلحتين نافذتين من دون إضافة اي تفاصيل.

واندلعت الاشتباكات باستخدام الأسلحة المتوسطة والخفيفة قبيل فجر اليوم، بين قوة جهاز دعم الاستقرار والكتيبة 77 التابعين لوزارة داخلية حكومة الوحدة الوطنية، بعد اقتحام القوة الأولى لمقر تابع للثانية في حي باب بن غشير.

وأعقب ذلك، قيام الكتيبة 77 باقتحام مقر تابع لقوة دعم الاستقرار في شارع الجمهورية، وأدت الاشتباكات إلى أضرار كبيرة في ممتلكات المدنيين، من شقق وسيارات، قبل أن يعمّ الهدوء لساعات.

لكن الاشتباكات عادت مجددا لتشمل أحياء مجاورة للحيين، وهي طريق السور وبومشماشة والمسيرة الواقعة في وسط العاصمة، وتعد أكثر الأحياء اكتظاظا بالسكان.

من جراء الاشتباكات، اليوم (Getty Images)

ووفقا للناطق الرسمي باسم جهاز الإسعاف والطوارئ، أسامة علي، فإن عشرات العائلات العالقة في هذه الأحياء وجهت نداء استغاثة من أجل إجلائها، لكن فرق الجهاز لم تتمكن من دخول هذه الأحياء بسبب الاشتباكات.

وتدعم مجموعات مسلحة في غرب البلاد، رئيس الحكومة الوطنية المتمركزة في طرابلس، عبد الحميد دبيبة، بينما تساند مجموعات أخرى رئيس الحكومة المنافسة، فتحي باشاغا، الموجود في سرت ويعتبر السلطة التنفيذية في العاصمة "غير شرعية".

وتصاعد التوتر بين الفصائل المسلحة الموالية للقادة المتنافسين في الأشهر الأخيرة في طرابلس. وفي 22 تموز/ يوليو الماضي، أودت المعارك بحياة 16 شخصا وتسببت في جرح نحو خمسين آخرين.

ما سبب الاشتباكات؟

وعن سبب الاشتباكات، قال مصدر تحدث لصحيفة "العربي الجديد" (لم تسمه)، مساء اليوم، أن "الاشتباكات تدور على خلفية مخاوف من جانب حكومة الوحدة الوطنية أن تكون الكتيبة 77 على ولاء وتبعية للحكومة المكلفة من مجلس النواب (حكومة باشاغا)، خصوصا وأنها تتمركز في معسكرات ومواقع إستراتيجية وسط العاصمة، وأهمها معسكر 77 في باب بن غشير".

وتعد قوة جهاز دعم الاستقرار من أقوى الفصائل المسلحة الموالية لرئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، وسبق وأن داهم مقرات لواء النواصي أثناء تسهيله دخول رئيس الحكومة الليبية المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا لطرابلس، منتصف مايو/ أيار الماضي، واضطر لواء النواصي لإخراج باشاغا إلى خارج طرابلس، كما سيطر على العديد من مقراته.

حكومة الدبيبة تدين

وفي بيان صدر عنها، أدانت حكومة الوحدة الوطنية ما تشهده أحياء العاصمة طرابلس من اشتباكات وترويع للأهالي، خصوصا في الأحياء المكتظة بالسكان.

وأوضحت الحكومة أن الاشتباكات نجمت "عن قيام مجموعة عسكرية بالرماية العشوائية على رتل مارّ بمنطقة شارع الزاوية، في الوقت الذي تتحشد فيه مجموعات مسلحة في بوابة الـ27 غرب طرابلس وبوابة الجبس جنوب طرابلس؛ تنفيذا لمًا أعلنه المدعو فتحي باشاغا من تهديدات باستخدام القوة للعدوان على المدنية".

وأضافت أنه "تزامنا مع ذلك وردت معلومات أخرى عن تحشيدات عسكرية ستعبر من الطريق الساحلي إلى شرق طرابلس لزعزعة الأمن والاستقرار في المدينة، في محاولة بائسة لتوسيع دائرة العدوان على المدينة".

وتابعت أنه "في سياق موازٍ، تستهجن حكومة الوحدة الوطنية ما حدث من غدر وخيانة بعد أن كانت تخوض مفاوضات لتجنيب العاصمة الدماء، بمبادرة ذاتية تلزم جميع الأطراف الذهاب للانتخابات في نهاية العام كحل للأزمة السياسية، إلا أن الطرف الممثل للمدعو فتحي باشاغا قد تهرّب في آخر لحظة، بعد أن كانت هناك مؤشرات إيجابية نحو الحل السلمي بدلا من العنف والفوضى".

وذكرت أن "هذا التفاوض الذي أبدت فيه الحكومة مرونة عالية مدت أيديها فيه للسلم، كان بمشاركة أطراف عسكرية وسياسية ممثلة للطرف الآخر الذي أبدت بعض العناصر استجابة وطنية للسلام، كان من المفترض أن يعقد جلسته الثالثة يوم الجمعة في مدينة مصراتة لمناقشة تفاصيل الاتفاق، إلا أنها قد أُلغيت وبشكل مفاجئ في آخر لحظة، بالتزامن مع التصعيدات العسكرية التي شهدتها طرابلس ومحيطها".

وأكدت الحكومة أنها "تدين" ما وصفته بـ"العدوان والخيانة" من جانب الحكومة المكلفة من مجلس النواب، مشددة على "وقوفها مع الشعب الليبي عامة وسكان طرابلس على وجه الخصوص للخروج من هذه الأزمة نحو الاستقرار والأمان".

وختمت الحكومة بيانها بأنها "لن تتراجع عن تحمّلها مسؤولياتها تجاه وطنها وشعبها، وحفظ أمنه واستقراره وقطع يد كل من أثار الفوضى والفتنة داخل المدينة".

البعثة الأممية قلقة

وأعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عن قلقها العميق إزاء الاشتباكات المسلحة المستمرة بمناطق مدنية في العاصمة طرابلس، داعيةً إلى وقفها.

وقالت البعثة عبر "فيسبوك" إن "الاشتباكات المسلحة تسببت في وقوع إصابات في صفوف المدنيين، وإلحاق أضرار بالمرافق المدنية بما في ذلك المستشفيات".

ودعت إلى "الوقف الفوري للأعمال العدائية، وتذكر جميع الأطراف بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي لحماية المدنيين والمنشآت المدنية".

وشددت على ضرورة "امتناع كافة الأطراف عن استخدام أي شكل من أشكال خطاب الكراهية والتحريض على العنف".

وفي وقت سابق السبت، أدانت حكومة الوحدة الوطنية الليبية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، في بيان، الاشتباكات المسلحة في طرابلس، معتبرةً إياها "غدر وخيانة".

التعليقات