أبطال ميدان التّحرير يروون خفايا الثّورة المصريّة وأسرارها (1)

بعد نجاح الثورة المصرية التي سقط خلالها حوالي 365 شهيدًا، وأصيب خلالها الآلاف، واعتقل المئات، تحققت أحلام شباب مصر، بانتصار ثورة 25 يناير وإعلان الرئيس السابق حسنى مبارك تنحيه عن منصبه فى 11 فبراير.

أبطال ميدان التّحرير يروون خفايا الثّورة المصريّة وأسرارها (1)

 بعد نجاح الثورة المصرية التي سقط خلالها حوالي 365 شهيدًا، وأصيب خلالها الآلاف، واعتقل المئات، تحققت أحلام شباب مصر، بانتصار ثورة 25 يناير وإعلان الرئيس السابق حسنى مبارك تنحيه عن منصبه فى 11 فبراير.

هؤلاء الشباب خاضوا بصدورهم المفتوحة معركة شرسة، كان سلاحهم الوحيد فيها هو تلاحمهم مع الشعب المصري الذي لبى النداء وانتفض مطالبا بحقه فى الحرية والعدالة.

شباب ائتلاف ثورة الغضب جمعهم حب مصر، ودفعهم لإقصاء اختلافاتهم الآيديولوجية جانبا، أملا فى تحقيق هدفهم بإسقاط النظام، الذى حققوه بالفعل، رغم كل محاولات إجهاض حلمهم باستخدام العنف الأمنى ضدهم، وبقطع وسائل الاتصال، وبإطلاق الشائعات الكاذبة ضدهم، ثم هجوم البلطجية وأرباب السجون عليهم بالأحصنة والجمال وهم مسلحون بالسيوف والكرابيج وسط ميدان التحرير.

وقد التقت صحيفة "الشّروق" عددًا من رموز هذا الائتلاف، واستمعت إلى أسرارهم وحكاياتهم عن استعدادهم لهذه الثورة، وكيف خاضوها، وما هى تصوراتهم لمستقبلها، وترجمة شعاراتها إلى واقع فعلى فى مصر.

شادي الغزالي حرب: لم نتوقع مشاركة الحشود المليونية، وثورة تونس رفعت سقف مطالبنا

 أسفل لافتة ضخمة تحمل عبارة "إحنا مش خايفين"، علقها المحتجون بشارع مجلس الشعب على بوابته الثانية منذ اليوم الأول لاعتصامهم الذى بدأ الثلاثاء الماضي، التقت "الشروق" بأحد ممثلي شباب حزب الجبهة الديمقراطية بائتلاف شباب ثورة الغضب شادى الغزالى حرب.

لم يعلم شباب الائتلاف، أثناء اجتماعهم التنسيقى قبل 25 يناير بأسبوعين، أن فيضان ثورتهم سيمتد ليحاصر قصر العروبة ومبنى الإذاعة والتليفزيون ليجبر الرئيس السابق حسنى مبارك على إعلان تنحيه عن الحكم.

ووسط هتافات عشرات الآلاف من المعتصمين بشارع المجلس، المطالبين بإسقاط الرئيس، روى حرب قصة استعدادهم لاحتجاجات 25 يناير، قائلا: "نشرت مجموعة ((كلنا خالد سعيد)) على موقع الفيس بوك، دعوات للتنديد بتجاوزات ضباط الشرطة فى عيدهم، مما دفع عددا من النشطاء للجلوس سويا للاتفاق على الفاعليات المقرر تنظيمها فى هذا اليوم."

"إلا أن نجاح أبطال تونس فى الإطاحة برئيسهم بعد 29 يوما من الاحتجاج المتواصل ألهمنا الارتفاع بسقف مطالبنا، لنطالب منذ اللحظة الأولى لانطلاق مسيراتنا بإسقاط مبارك وهو ما حدث بالفعل"، يضيف حرب.

حرب: اخترنا أماكن احتجاج جديدة ومختلفة منذ البداية ليكون التأثير أكبر

حرص حرب ورفاقه بالائتلاف على اختيار المناطق الأكثر شعبية لتنطلق منها مسيراتهم، فتجاربهم السابقة أثبتت عدم جدوى الاحتجاج فى منطقة وسط القاهرة حيث لا يتجاوز عدد المشاركين بضع مئات وهو ما لا يشكل ضغطا حقيقا، بحسب ما رأوه.

"بعدها ممكن نزحف لوسط البلد بأعداد كبيرة من المحتجين الغاضبين من تردى أوضاعهم المعيشية وساعتها النظام ممكن يسمع مطالبنا"، يضيف حرب.

"تفسيرى لما حدث أن حالة الاحتقان التى عاشها ملايين المصريين طوال 30 عاما من الحكم القمعي المستبد دفعتهم للخروج فالمصريون عرفوا طريقهم للشارع"، يوضح حرب، مضيفا: "لم تكن شعاراتنا حزبية بل عبرت عن معاناتهم ومطالبهم فى العدالة والحرية والعدالة الاجتماعية."

"رهاننا الأساسي كان على شعب مصر الذي انتفض معنا مطالبا بحقه فى الحرية والعدالة"، يقول حرب نافيا الرهان على أمريكا.

أحمد ماهـر: خطّطـنا لإقالة العادلي فأجبرنا الرّئيس على التّنحّي

 

 أسفل أحد أعمدة الإنارة بميدان التحرير وبالقرب من إحدى الخيام البلاستيكية التى احتمى بداخلها معتصمو التحرير فى ليلة شديدة البرودة، التقت «الشروق» بمنسق حركة «شباب 6 إبريل»، إحدى المجموعات المنظمة لثورة 25 يناير، أحمد ماهر، ليحكى لنا كيف فكر هؤلاء الشباب فى الثورة، وهل كانوا يخططون لها فعلا؟

يقول ماهر إن "نجاح الثوار التوانسة فى الإطاحة برئيسهم زين العابدين بن على من سدة الحكم دفع النشطاء الشباب، المنتمون لتيارات سياسية مختلفة، للتفكير جديا فى الإعداد لاحتجاجات منظمة فى 25 يناير، بدلا من الفاعليات الساخرة التى كانوا ينوون تنظيمها للتهكم من ممارسات رجال وزارة الداخلية فى عيدهم"، كما يقول ماهر.

"ثورة الياسمين دفعتنا للتفكير فى الاحتجاج ضد الفساد والفقر والبطالة بدلا من السخرية من الضباط خاصة أن الظلم تجاوز كل الحدود"، يوضح ماهر، الذى يبلغ من العمر 30 عاما.

حاول نشطاء ائتلاف شباب ثورة الغضب، التى تعتبر "6 إبريل" شريكا رئيسيا به، اختيار أماكن جديدة للتظاهر بعيدة عن مربع منطقة وسط القاهرة "المرصود أمنيا"، بحسب تعبير ماهر، الذي كشف عن تخطيطهم للخروج بمسيرات فى مناطق شعبية وفقيرة لحشد أكبر عدد ممكن من المحتجين.

ماهـر: حافظنا على سرّيّة المناطق المقرر انطلاق المظاهرات منها لنفاجئ الأمن

اضطر ماهر للتوقف قليلا عن شرح خطة تنظيمهم لـ 25 يناير، ليحصل على ثمرة برتقال يوزعها عدد من الأطفال على المعتصمين فى الميدان، ثم استأنف حديثه قائلا: "حرصنا على الحفاظ على سرية المناطق المقرر انطلاق المظاهرات منها خوفا من إجهاضها من قبل أجهزة الأمن التى فوجئت بالحشود الضخمة فأصبح من الصعب السيطرة عليها".

لم يكن رحيل الرئيس مطلبا يسعى ائتلاف شباب ثورة الغضب لتحقيقه أثناء استعدادهم ليوم 25، بحسب ماهر، الذى قال "كنا نسعى لإقالة وزير الداخلية من منصبه وتنفيذ أحكام القضاء بصرف 1200 جنيه كحد أدنى للأجور".



 

ويعتبر نشطاء الائتلاف أنفسهم الدينامو المحرك لاحتجاجات 25 يناير، "المجموعات المشاركة فى الائتلاف متجانسة إلى حد كبير، وهى التى دعت لتنظيم الاحتجاجات، فى 25 يناير وجمعة الغضب يوم 28 والمظاهرات المليونية يوم الثلاثاء وجمعة الرحيل، على موقع الفيس بوك وحركتها ميدانيا"، يوضح ماهر.

 وعلى الرغم من عدم تنسيقهم مع المجموعات الأخرى قبل 25 يناير، إلا أن ماهر شدد على ضرورة التنسيق لوضع سيناريوهات لمصر بعد تنحى مبارك عن منصبه، الجمعة الماضى.

"اقترح تشكيل وفد من الشباب وأعضاء جبهة دعم مطالب الثورة للتفاوض مع قيادات الجيش والتأكيد على ضرورة نقل السلطة للمدنيين"، يقول ماهر.

توزيع عدد من النشطاء للأغطية وبعض المواد الغذائية على عشرات الآلاف من المعتصمين الذين استعدوا لقضاء ليلتهم الـ12 فى الميدان، دفعنى للتساؤل عن مصدر تمويل الاعتصام، فقال ماهر ساخرا "أكيد مش بنوزع على المعتصمين كنتاكي". موضحا أنهم يجمعون مبالغ مالية صغيرة من بعضهم يوميا لشراء الأطعمة لبعض المعتصمين، فضلا عن التبرعات التى يقدمها رجال الأعمال الوطنيين.

ماهـر: كنا نخطط في حال عدم تنحي مبارك لاحتلال المزيد من الميادين وإعلان العصيان المدني

وعن خطة عملهم اليومية لإدارة الاعتصام، قال "هناك اجتماع يومى للجنة العشرة التى شكلها الائتلاف نبحث فيه آليات تصعيد احتجاجاتنا ونعلم المعتصمين بقراراتنا عبر إذاعة شباب الثورة ونشطائنا المنتشرين بينهم فى الميدان."

وقبل إعلان مبارك قرار تنحيه، عكف نشطاء الائتلاف على وضع خطة لتصعيد احتجاجاتهم "لاحتلال" ميادين أخرى غير التحرير للاعتصام فيها ودعوة الجماهير للعصيان المدنى والدخول فى إضراب عام.

"تواصلنا مع العديد من القطاعات العمالية، التى احتجت فى وقت سابق، لحثها على الانضمام للاعتصام فى مواقع عملها، لسنا أوصياء عليهم لكن كنا نرغب فى ممارسة المزيد من الضغط"، يقول ماهر.

ولم يكتف نشطاء الائتلاف بوضع خطط التصعيد فى حالة استمرار مبارك، بل حرصوا على وضع سيناريوهات لما بعد رحيله، بحسب ماهر الذى أوضح "نطالب بتشكيل مجلس رئاسي مؤقت يضم مدنيين وعسكريين، وحكومة إنقاذ وطنية تضم جميع التيارات لتسيير أمور البلاد خلال فترة انتقالية، وإنشاء جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد يضمن الحرية والعدالة الاجتماعية بين جميع المواطنين."

التعليقات