مصر: تصريحات الجبير تنسف أنباء عن وساطة بين النظام والإخوان

ربمّا غطّت الاستثمارات الاقتصاديّة الضخمة التي رافقت زيارة الملك سلمان إلى مصر، البالغة أكثر من 45 مليار دولار، على الجانب السياسيّ منها، فبالتأكيد، ليست الزيارة اقتصاديّة فحسب.

مصر: تصريحات الجبير تنسف أنباء عن وساطة بين النظام والإخوان

الملك سلمان في البرلمان المصري (أ.ف.ب)

ربمّا غطّت الاستثمارات الاقتصاديّة الضخمة التي رافقت زيارة الملك سلمان إلى مصر، البالغة أكثر من 45 مليار دولار، على الجانب السياسيّ منها، فبالتأكيد، ليست الزيارة اقتصاديّة فحسب.

فحفاوة الاستقبال وحرارة الترحيب تثبت أن العلاقة السعوديّة بنظام السيسي ما زالت متينة، رغم موقف الأخير من التحالف العربيّ في اليمن، وعدم تدخّله في الحرب بشكل مباشر إلى جانب السعوديّة كما كانت تود، وهو ما يعد تراجعًا عن تصريحات سابقة له، عن استعداد الجيش المصري للدفاع عن أمن الخليج، قائلًا بالفم الملآن 'مسافة السكّة'.

وتأكيدًا على الصلات المتينة بين السعودية ونظام السيسي، زار سلمان من بقي في الحكم ممّن شاركوا في انقلاب 3 تموز/يوليو على الرئيس المصري المعزول، محمد مرسي؛ فقد زار سلمان بابا الإسكندريّة وشيخ الأزهر في مقر إقامتهما، كل على حدته، بالإضافة إلى زيارته مقر البرلمان المصري، وهي سابقة لم يسبق لملك سعوديّ أن فعلها من قبلُ.

أما النقطة الأهم، فقد جاءت من خلال تأكيد وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، في وقت متأخر من مساء، أمس، الأحد، على موقف السعوديّة من جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها 'جماعة إرهابيّة'، رغم ما روّجت له وسائل إعلام عربيّة من انفتاح سعودي على الجماعة، توّج باستقبال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، في الرّياض، العام الماضي، بيد أن تصريح الجبير، قد يفسّر سبب تراجع الزهار عن إعلانه أن وفدًا من حماس سيزور الرياض نهاية الشهر الماضي بعد أقل من ساعة على تصريحه بذلك، فكيف ستتوسط السعودية بين نظام حليف وجماعة تعتبرها إرهابية.

وما زاد 'الزخم الإعلامي' لانفتاح السعوديّة على الإخوان، هو زخم اللقاءات عالية المستوى بين السعودية وتركيا، التي لا يخفي رئيسها وحزبه الحاكم، تأثرهم الفكري بحركة الإخوان المسلمين في مصر، حتّى أن مرسي ومشعل شاركا في مؤتمر حزب العدالة والتنمية عام 2013 في أنقرة من أجل دعم إردوغان في معركته الانتخابيّة، والأنباء التي راجت عن تحالف تركي-سعودي محتمل، لمواجهة انحسار النفوذ الأميركي في المنطقة، والدعم الكبير الذي تقدّمه إيران لحلفائها، بل إن وسائل إعلام عربيّة تحدّثت عن تدخل تركي-سعودي برّي مشترك، من أجل محاربة النظام السوري وتنظيم الدولة الإسلامية – داعش، محدّدين له مواقيت وضاربين له مواعيد.

تصريحات الجبير، في الأمس، تنبئ أن لا وساطةَ سعوديّة بين تركيا ومصر، وفقًا لمراقبين، اللتين جمعتهما السعوديّة في تحالفها الإسلامي، الذي يضم أكثر من ثلاثين دولةً عربيّة وإسلاميّة، اجتمعت جيوشهم، قبل أقل من شهر، في منطقة حفر الباطن السعودية.

كما أن تصريحات الجبير تدلل على أن لا وساطةَ سعوديّةً بين النظام والإخوان في مصر، ولا ضغوط على نظام السيسي، من أجل القبول بحل وسط، أو إعادة الإخوان المسلمين إلى المشهد السياسيّ، من أجل إعادة الهدوء الداخلي إلى مصر، بقصد التفرّغ للمواجهة الخارجيّة.

إذًا، لا تغيّر كبيرًا في السياسة الخارجية السعوديّة تجاه مصر، رغم ضبابيّة موقف السيسي تجاه حرب اليمن ونظام الأسد، ولا تغيير اقتصاديًا، أيضًا، فالدعم السعودي لا زال يتدفّق إلى مصر، وبل إن قيمته ازدادت عن المرّات السابقة، ناهيك عن الإعلان التاريخي عن الجسر البرّي الواصل بين السعوديّة ومصر.

اقرأ/ي أيضًا | مصر تتنازل عن جزيرتي صنافير وتيران للسعوديّة

يصر الملك سلمان على حفظ العلاقة مع مصر وجيشها الأكبر في المنطقة، فهل ستضحيّ السعودية بجيش مصر مقابل جماعة مأزومة؟

التعليقات