هل يخسر السيسي أذرعه الإعلاميّة؟

يتفق خبراء مصريون، على أن مشهد "التصعيد" من جانب نقابة الصحفيين، على خلفية اقتحام الداخلية مقرها الرئيس وسطَ القاهرة، يحمل "خسارة جديدة" تضاف لخسائر النظام المصري المتتالية، في الداخل والخارج، ويحمل دلائل عديدة

هل يخسر السيسي أذرعه الإعلاميّة؟

يتفق خبراء مصريون، على أن مشهد 'التصعيد' من جانب نقابة الصحفيين، على خلفية اقتحام الداخلية مقرها الرئيس وسطَ القاهرة، يحمل 'خسارة جديدة' تضاف لخسائر النظام المصري المتتالية، في الداخل والخارج، ويحمل دلائل عديدة، بينها أن هناك 'أزمة إدارة وحريات وصراع داخل النظام' بمصر.

وكانت قوات الأمن المصرية اقتحمت مقر نقابة الصحفيين في القاهرة، مساء الأحد الماضي ، واعتقلت صحفيين اثنين من داخله، هما عمرو بدر، ومحمود السقا، اللذين تم حبسهما، 15 يومًا على ذمة التحقيق، بتهمة 'محاولة قلب نظام الحكم'، بعد أقل من 24 ساعة على الاقتحام.

وفيما واجهت نقابة الصحفيين تلك الإجراءات بالإعلان عن بدء اعتصام مفتوح لأعضائها، لحين إقالة وزير الداخلية، اللواء مجدي عبدالغفار، واجتماع طارئ، غدًا، الأربعاء، واحتجاجات؛ انتقدتها بشكل حاد كلّ من الأمم المتحدة، والاتحاد الأوربي، والاتحاد الدولي للصحفيين، بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للصحافة في العالم، الذي يحل في 3 مايو/أيار من كل عام (اليوم).

'إذا انضمنت لغضب الصحفيين نقابات مهنية وفي مقدمتها نقابات عمالية، فهنا تكون الثورة ضد النظام وانتهاكاته'، وفق تعبير الأكاديمي المصري، سعيد صادق، مستبعدًا إتمام هذا السيناريو في الوقت الحالي مع 'بقاء الغضب مؤقتًا في ضوء عدم وجود بديل قوي يحل مكان النظام الحالي'.

وأضاف صادق: 'نحن رأينا غضبًا لنقابة الأطباء، عندما تم الاعتداء الأمني على طبيبين، ورأينا أكبر حشد مهني في شارع القصر العيني (وسط العاصمة)، وفي النهاية، لم ينضم العنصر العمالي لتلك الاحتجاجات وهدأ الغضب وانتهى'.

وكان طبيبان في مستشفى المطرية التعليمي، شرقي القاهرة، قد اتهما 9 أمناء شرطة بقسم المطرية، بالاعتداء عليهما في 28 يناير/كانون الثاني الماضي، فيما قررت النيابة الإفراج عن الأمناء التسعة بعد 24 ساعة من استدعائهم لـ'استكمال للتحقيقات الجنائية' التي تباشرها للآن، وهو ما أثار غضب الأطباء ودعوا لتجمع، في فبراير/شباط الماضي بشارع القصر العيني (فيه مقر نقابتهم) تحت عنوان ' يوم الكرامة' وكان من أكبر الحشود المهنية وقتها.

ومتطرقًا إلى نتائج تلك الخطوة الأمنية على النظام المصري، أضاف صادق، ' خسر النظام المصري مجددًا داخليًا وخارجيًا، وسيجد انتقادات كبيرة في مجال الحريات، لا سيما وأن الصحفيين، رغم عددهم القليل (عدة آلاف)، إلا أن تأثيرهم خطير على الرأي العام، بخلاف أي نقابة مهنية أخرى، في ظل أزمة اقتصادية تشهدها مصر'.

وحول دلالة 'اقتحام نقابة الصحفيين'، أشار الأكاديمي المصري، إلى أن 'هذا النظام لديه أزمة إدارة وتخطيط، وليس لديه أفق لسياسة إعلامية أو بوصلة سياسية، لا سيما وتوقيت الاقتحام تم بالتزامن مع اليوم العالمي للصحافة'، لافتًا إلى 'إمكانية أن يقدم النظام على خطوة لتهدئة الصحفيين من أجل أن يربح موقفًا، وذلك عبر الاستجابة لمطلب إقالة وزير الداخلية، أو إجباره على الاعتذار'.

أما أستاذ علم الاجتماعي السياسي، سعد الدين إبراهيم، فقد قال معلقًا إن 'ما فعلته وزارة الداخلية ضد النقابة مستهجن، ولابد من اعتذار'.

وأشار إلى أن 'النظام يرتكب أخطاء شنيعة تدل على أن لا بوصلة لديه لإدارة أي حوار، وما تم مؤشرًا خطيرًا'، داعيًا العقلاء إلى أن 'تتدخل لمواجهة فقدان وزارة الداخلية للبوصلة والرؤية بجانب السعي للتهدئة'.

ويتفق في أهمية التهدئة، الأكاديمي المصري، والخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستيراتيجية (حكومي)، بشير عبد الفتاح، داعيًا لإتمام صياغة مرضية للصحفيين لتجاوز ما تم من الشرطة، في إطار يحقق المصلحة العامة.

ومعلقًا على أزمة اقتحام الأمن لمقر الصحفيين، قال عبد الفتاح إن 'هناك أزمة بين مؤسسات الدولة وصراع حقيقي بين من يسعى لتطبيق الديمقراطيّة، وبين من يريد استعادة الدولة (كمؤسسات)، ولحين ما يتم حسم الأمر، يجب أن نتجاوز سريعًا ما تم في أزمة الصحفيين الأخيرة'.

في حين يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، محمد حسين، أن هناك 'تصعيدًا' من جانب الصحفيين والداخلية، واضحًا في العناوين الرئيسية للصحف، والتغطية الإعلامية في برامج صحفيين مصريين، وفي تصريحات مسؤولين أمنيين، ومحاصرة الأمن للنقابة أو تطويقها، أو المساس بأعضائها، مطالبًا بتهدئة عاجلة.

ونقلت العناوين الرئيسية للصحف الحزبية والمستقلة وأغلبها منحاز للنظام المصري، الإثنين، عناوين حادة، بينها في الوفد (الليبرالي) 'ثورة الصحفيين... النقابة تطالب بإقالة وزير الداخلية'، وفي البوابة (يترأسها البرلماني عبد الرحيم علي): هزيمة الصحافة هزيمة للدولة؛ وفي الشروق (خاصة)، الأحد الأسود... ليه رفع فيها أبناء صاحبة الجلالة راية الغضب'، فضلا عن تعليقات من الإعلاميين لميس الحديدي وعمرو أديب، ووائل الإبراشي في برامجهم المتلفزة تنتقد الاقتحام الأمني للنقابة.

وفي حديث للأناضول، أكد حسين أن 'الغضب الصحفي سيكون مؤقتًا'، مع أي تدخل رئاسي، أو حكومي لحل الأزمة، محذرًا من أن أي تصعيد ضد نقابة الصحفيين سيكتب خسارة لوزارة الداخلية، خاصة وهي نقابة توجه الرأي العام.

وحول دلالة اقتحام نقابة الصحفيين قبيل اليوم العالمي للصحافة، تابع الأكاديمي المصري، أن هذا الموقف 'يدل على أزمة في إدارة الأزمة'، متحفظًا على أن يكون هذا الموقف معبرًا على وجود اتجاه إفشال للنظام في ظل أزمات عديدة يواجهها الوطن، أهمها الازمة الاقتصادية، بقوله 'هناك مؤشرات وليست هناك دلائل تؤكد ذلك'.

'احتقان'، بلغة الخبير بوحدة الرأي العام في مركز الأهرام للدراسات (حكومي)، يسري عزباوي، وهو يصف العناوين والتحركات الصحفية الأخيرة، المتصاعدة عقب اقتحام نقابة الصحفيين.

وقال عزباوي، إن 'الاحتقان ما زال مستمرًا لأن مسبباته مستمرة، ولأن ما تم، كسرٌ لكل القواعد'، مضيفًا 'أعتقد طالما لم تنه أي مفاوضات ما يحدث سيستمر هذا التصعيد'.

ونقابة الصحفيين، كانت مركزَ مظاهراتٍ معارضة خرجت ضد السلطات المصرية، مؤخرًا، رفضًا لقرار 'التنازل' عن جزيرتين بالبحر الأحمر للسعودية، وفي مظاهرات معارضة للقرار، يوم 25 أبريل/ نيسان الماضي، وتعرض أكثر من 40 صحفيًا للتوقيف الأمني والاعتداءات، وفق بيانات سابقة للنقابة.

اقرأ/ي أيضًا | "بتوقيت مصر" يطفئ أنواره: أسود كالأحد الأسود

التعليقات