مصر تتحول لبوابة خروج المهاجرين إلى أوروبا بدل ليبيا

أثار مصرع أكثر من 200 مصري وأفريقيّ، الأسبوع الماضي، جراء غرق قارب كان يقلهم، قضية إمكانية انتقال مصر من دولة معبر تقليدية للمهاجرين غير الشرعيين نحو أوروبا، عبر سواحلها، إلى "باب الخروج" الرئيسي في جنوب البحر المتوسط.

مصر تتحول لبوابة خروج المهاجرين إلى أوروبا بدل ليبيا

(رويترز)

أثار مصرع أكثر من 200 مصري وأفريقيّ، الأسبوع الماضي، جراء غرق قارب كان يقلهم، قضية إمكانية انتقال مصر من دولة معبر تقليدية للمهاجرين غير الشرعيين نحو أوروبا، عبر سواحلها، إلى 'باب الخروج' الرئيسي في جنوب البحر المتوسط.

وتصاعد الحديث عن هذا التخوف في ظل توقعات بانحسار فعلي لعمليات الهروب عبر ليبيا، التي تتعرض لضغوط غربية لإلغاء تجريم الهجرة غير الشرعية، وإنشاء نظام للجوء في أسرع وقت ممكن.

وشهدت الفترة الماضية تصريحات وتقارير دولية متوالية تتحدث عن زيادة نسبة المهاجرين غير الشرعيين المغادرين عبر سواحل مصر.

وقال مدير المكتب المصري للمنظمة الدولية للهجرة، عمرو طه، 'للأسف تتزايد الأرقام في السنين الأخيرة، خصوصًا من القرن الأفريقي (أثيوبيا وإريتريا والصومال والسودان) ومن مصر، أيضًا، عبر أراضي مصر إلى أوروبا'، من دون ذكر للأرقام.

وأضاف في تصريحات متلفزة، الأربعاء الماضي، نقلتها الصفحة الرسمية للمنظمة بموقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك: تحوّل البحر المتوسط لمقبرة، لأن الأرقام كبيرة بين العامين الماضي والحالي، ووصلت لما يقارب 7 آلاف (ضحية في عامين) وأغلبهم من الأطفال للأسف'.

هذه الزيادة، التي شهدتها سواحل مصر هذا العام، يحددها المتحدث بالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، وليم سبندلر، بلغة الأرقام، موضحًا أنها تزيد بنسية 28% عن إجمالي العدد في 2015.

وذكر سبندلر، في بيان له، الجمعة الماضي، 'العام الجاري 2016 هناك أكثر من 4 آلاف و600 شخص، من جنسيات أجنبية، وهم في الأغلب سودانيون وصوماليون وإريتريون وأثيوبيون، تم توقيفهم بسبب محاولتهم الهجرة غير الشرعية عبر البحر من الساحل الشمالي لمصر'.

وأعلنت الحكومة المصرية، في بيان، السبت الماضي، أنها أحبطت خلال العام الحالي 110 محاولات للهجرة غير الشرعية، تضم 5195 شخصًا، منهم 1675 مصريًا، و3520 من جنسيات أخرى أغلبهم أفارقة.

قريبات ضحايا غرق مركب رشيد (رويترز)

المتحدث باسم المفوضية، يلفت، أيضًا، إلى أن عدد المهاجرين غير النظاميين الوافدين إلى إيطاليا، عبر البحر المتوسط، كان مستقرًا خلال النصف الأول من العام، وبلغ في الفترة من كانون ثانٍ/ يناير وحتى آب/أغسطس 2016 حوالي 115 ألفا و68 مهاجرًا مقابل 116 ألفًا و149 في العام السابق 2015 بأكمله.

ويشير المتحدث إلى أن 'نسبة المغادرين من مصر بين هؤلاء ارتفعت إلى 9% بحلول نهاية تموز/يوليو 2016، وذلك مقابل نسبة تبلغ 5% فقط خلال العام السابق'.

ويعرب سبندلر عن قلق المنظمة بسبب زيادة الهجرة المختلطة من مصر وكذلك زيادة فقدان الأرواح بسبب المهربين، مشيرا إلى أن مكتبها في مصر 'لاحظ أن العديد من المهاجرين واللاجئين باتوا يستخدمون مصر كمعبر بشكل أكبر'.

ويقول 'بحلول 31 آب الماضي كان عدد اللاجئين وطالبي اللجوء المسجلين لدى مكتب المنظمة في مصر يبلغ 187 ألفا و838 شخصا بينهم 116 ألفا و175 سوريًا ويليهم السودانيون، بما يصل إلى 31 ألفًا و200 شخص ثم حاملي: الجنسية الإثيوبية 10 آلاف و941 شخصًا، ثم الصوماليون 7254 شخصًا، إضافة إلى حوالي 7 آلاف عراقي وآخرين'.

فيما تحدد مصر عدد اللاجئين بأرضيها بنحو 5 ملايين مسجلين وغير مسجلين، وفق تصريحات سابقة للرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في أيلول المنصرم أمام الأمم المتحدة.

وأواخر تموز الماضي، قال رئيس إدارة المخابرات والأمن الداخلي الإيطالي، ماريو بارينتي، أمام برلمان بلاده، إن 'تدفق المهاجرين الذين ينطلقون من السواحل المصرية سجل زيادة حادة بنسبة 104% خلال النصف الأول من العام الجاري'، وفق وكالة أنباء آكي الإيطالية.

  هل تتراجع ليبيا وتتصدر مصر؟

لكن تقرير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا السنوي للمنظمة الدولية للهجرة 2015، الصادر 22 أيلول الماضي، يضع ليبيا في صدارة الدول 'التي كان المهاجرون واللاجئون وطالبو اللجوء يحاولون الوصول إلى أوروبا بشكل أساسي عبرها وبدرجة أقل عبر مصر وتونس'.

فيما يقول الباحث الليبي، في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، كامل عبد الله، 'كانت مصر في المرتبة الثانية بعد ليبيا في أعداد المهاجرين وأكدت إحصاءات دولية، صدرت قبل أيام، انتقال 13 ألف مهاجرٍ غير شرعي إلى شواطئ إيطاليا هذا العام من السواحل الليبية'.

ويضيف عبد الله 'ليبيا قد تشهد التوافق على الطرح الغربي والأممي الأخير لوقف الهجرة غير الشرعية بشكل كبير الفترة المقبلة، وبالتالي، سيؤثر ذلك سلبا على الجانب المصري وسواحله فينتقل مركز العبور للهجرة بشكل أكبر إلى مصر'.

بانتظار أي بارقة أمل (أ.ب)

وكان رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربن، طالب ليبيا، السبت الماضي، خلال مشاركته بقمة حول الهجرة غير النظامية بالعاصمة النمساوية، فيينا، بتدشين مدينة للاجئين بالأراضي الليبية لوقف محاولات توجههم نحو أوروبا.

وتحدث المبعوث الأممي الليبي، مارتن كوبلر، الثلاثاء الماضي، عن أهمية قيام ليبيا بإلغاء تجريم الهجرة غير النظامية وإنشاء نظام للجوء في أسرع وقت ممكن.

ويتابع الباحث في الشأن الليبي، 'في حال تشديد الإجراءات الأمنية وتقليص عمليات الهجرة غير الشرعية من العبور عبر السواحل الليبية، وفق الأحاديث الأخيرة، سيكون هناك توجه أكبر للمهاجرين لتفعيل انطلاق الهجرة غير الشرعية عبر السواحل المصرية'.

وفي السياق نفسه، يبيّن مدير مركز دراسات الهجرة واللاجئين بالجامعة الأميركيّة في القاهرة، الأكاديمي إبراهيم عوض، أن 'وقف تزايد أعداد البشر، الذين يغادرون عبر السواحل المصرية، أمر معقد، مرتبط بأسباب اقتصادية في ظل حال اقتصادي سيئ لمن يغادرون بلادهم، وحالة سياسية سيئة، أيضًا، في بعض البلاد كسورية والقرن الأفريقي (أثيوبيا وإريتريا والصومال والسودان)'.

>> ماذا فعلت مصر تجاه تحولها إلى قبلة المهاجرين؟

عقب حادث غرق القارب الأحدث، اتخذت مصر مسارات دبلوماسية وتشريعية وتنفيذية في وجه الزيادة التي تشهدها سواحلها، فدبلوماسيًا، أعربت، الثلاثاء الماضي، عن قلقها من ملف الهجرة غير الشرعية، في اجتماع وزراء العمل والعمالة بالمؤتمر الوزاري الثالث للاتحاد من أجل المتوسط (منظمة حكومية دولية تضم ثلاثا وأربعين دولة) والذي عقد في الأردن.

وأعرب وزير القوى العاملة المصري، محمد سعفان، في كلمة مصر عن تطلع بلاده 'لقيام الاتحاد من أجل المتوسط بدور أكبر في مجال التشغيل، وصولا إلى مرحلة الربط الإلكتروني بين دول الاتحاد لتسهيل وضبط تنقل الأيدي العاملة والاستفادة بفائض العمالة بين دول الاتحاد ومكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية'.

وتنفيذيًا، أصدرت الرئاسة المصرية، قبل أيام، بيانًا دعت فيه إلى 'تشكيل لجنة عمل فورية لمراجعة الموقف بالنسبة لإجراءات الإحكام على المنافذ البرية والبحرية والشواطئ، لمنع التسلل إلى الأراضي المصرية، على أن تعمل هذه اللجنة بإشراف مباشر من رئيس الوزراء'.

وتشريعيًا، أضاف بيان الرئاسة 'تكليف الحكومة بالتنسيق مع مجلس النواب (البرلمان) لإنهاء الإجراءات المتعلقة باعتماد قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية' الذي سيناقشه البرلمان في تشرين أول الجاري.

وحال صدور هذا القانون، سيكون الأول من نوعه في التشريع المصري، حيث لا يعرف التشريع جريمة الهجرة غير الشرعية ولا يتضمن قانون العقوبات الحالي أي عقوبة لأطراف الهجرة غير الشرعية، سواء المهربين أو الوسطاء، وأن من يعاقب فقط هو من يقوم بالسفر أو مغادرة البلاد بدون جواز سفر.

التعليقات