النظام المصري يواصل محاولة تهجير الوراق ومصادرة الأراضي

تشير هالة جمال بأسى إلى أنقاض وحطام أثاث في إحدى نواحي جزيرة الوراق غرب القاهرة، وهي كل ما تبقى من منزل حضنها مع عائلتها، وأزيل في إطار حملة تنفذها السلطات المصرية تستهدف تهجير السكان والسيطرة على الأرض لمنحها لمستثمرين إماراتيين،

النظام المصري يواصل محاولة تهجير الوراق ومصادرة الأراضي

مصرية على أنقاض منزلها في جزيرة الوراق (أ.ف.ب)

تشير هالة جمال بأسى إلى أنقاض وحطام أثاث في إحدى نواحي جزيرة الوراق غرب القاهرة، وهي كل ما تبقى من منزل حضنها مع عائلتها، وأزيل في إطار حملة تنفذها السلطات المصرية تستهدف تهجير السكان والسيطرة على الأرض لمنحها لمستثمرين إماراتيين، تحت ذريعة "التعدي على أراضي الدولة".

وتقول هالة (31 عاما) التي باتت بلا مأوى "هذا كان بيتي الذي كنت أسكنه مع زوجي وأمه وأربعة صغار".

وتضيف هالة أنها ذهبت صباح 16 تموز/ يوليو لشراء طعام الإفطار من البر الغربي لجزيرة الوراق، تاركة أطفالها في المنزل، وعندما عادت وجدت بيتها حطاما، بعد أن أخرج جيرانها الأطفال منه.

وأطلق الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، حملة لاسترداد ما أسماه أراضي الدولة المتعدى عليها، في أيار/ مايو الماضي، وكشفت وثائق أن مخططًا قدمه مستثمرون إماراتيون يهدف للسيطرة على الجزيرة وتحويلها لما يشبه جزيرة مانهاتن الأميركية.

ووقعت مواجهات بين قوات الأمن وأهالي جزيرة الوراق التي تقع بمحافظة الجيزة ويسكنها زهاء تسعين ألف شخص، في إطار حملات إزالة التعديات، ما أدى إلى مقتل شخص ووقوع إصابات من الجانبين، حسب وزارتي الداخلية والصحة.

وزعم تقرير رسمي لمجلس الوزراء المصري في 24 تموز/ يوليو أن الجزيرة التي تبلغ مساحتها ألف فدان وكانت أرضا زراعية، "تم التعدي عليها منذ أكثر من 15 سنة وتحويلها لمنطقة سكنية عشوائية".

وأحصى التقرير حوالي 700 حالة تعدي في الجزيرة "بالإضافة إلى حالات تعديات أخرى لم يتم حصرها بعد".

وليست الوراق ظاهرة فريدة بين جزر نهر النيل، إذ قامت السلطات بحملات مماثلة آخرها نهاية عام 2012 عندما طالب الجيش المصري أهالي جزيرة القرصاية بإخلائها باعتبارها منطقة عسكرية، الأمر الذي رفضه السكان بشدة ما أدى إلى اندلاع مواجهات.

قرارات إزالة

وقال التقرير الحكومي "من يمتلك عقودا وأوراقا رسمية تثبت ملكية الأرض لن يتم التعرض له".

وتقول هالة "لدي جميع الأوراق والأختام الحكومية التي تؤكد ملكية زوجي للمنزل، فما الداعي إذًا لهذا العدوان الذي شنته الحكومة على بسطاء مثلنا؟"

ويقول ناصر أحمد (47 عاما)، وهو مالك عبارات بين الجزيرة وحي الوراق غربا، إن قرارات الإزالة "موقعة بتاريخ 15 تموز/ يوليو. هرعوا لتنفيذها في اليوم التالي مباشرة دون إرسال إخطار واحد، وقاموا بإزالة منزلين مأهولين".

ويتابع أحمد الذي شهد ما حدث من مواجهات "شهدت الجزيرة عمليات إزالة مبان مخالفة من قبل ولم يعترضها أحد، ولكن هذه المرة مع وجود القوات، كان المشهد مرعبا".

وعن مواجهات 16 تموز/ يوليو، قالت السلطات إن المعترضين أطلقوا "أعيرة الخرطوش" على قوات الأمن، بينما قال شهود إنهم استخدموا الحجارة، وأطلق عليهم الرصاص.

محمية طبيعية

ويقول يحيى المغربي (73 عاما)، وهو من سكان الجزيرة "تعهدت الحكومة بعدم التعرض للمنازل الآهلة بالسكان ولكن ما حدث كان العكس".

ويوضح أن بعض قرارات الإزالة الحكومية يرجع تاريخها إلى عام 2007، متسائلا "هل نسيت الدولة أملاكها طوال عشر سنوات مضت؟".

ووفقا للمغربي الذي شغل منصب رئيس المجلس المحلي للجزيرة منذ عام 1995 ولمدة 16 عاما، فإن مساحة أملاك الدولة تصل إلى 60 فدانا منها 55 فدانا من الأراضي الزراعية التابعة لهيئة الأوقاف أو هيئة التنمية الزراعية ووضع من عليها من فلاحين قانوني، لأنهم يدفعون إيجاراتها بانتظام.

وما تبقى من المساحة، يقول المغربي، "مقام عليها مساكن يقطنها 2500 شخص منذ أكثر من 60 عاما ويدفعون قيمة حق انتفاع لهيئة التنمية الزراعية"، وفي عام 1998، أصدرت الحكومة المصرية القرار رقم 1969 باعتبار الجزيرة محمية طبيعية، ولكن ذلك يخالف الواقع، حسب المغربي.

وتساءل "هل يعقل أن يكون هناك محمية طبيعية مقام عليها مدارس ومستشفى ومركز شباب ونقطة شرطة ووحدة محلية؟".

مشاريع استثمارية

ويقول أبو رواش محمد (31 عاما) أحد أهالي الوراق إن هناك مشروعا قوميا جاري إنشاؤه حاليا ضمن شبكة الطرق والنقل ويمر في منتصف الجزيرة أجبر بعض الأهالي على ترك منازلهم وأراضيهم منذ عام ونصف تقريبا "دون أن يعترض أحد".

ويضيف أبو رواش أن أحد الأهالي كان لا يملك إلا البيت الذي طالبته الحكومة بإخلائه من أجل إقامة المشروع، وقال "تم تعويضه بمبلغ 200 ألف جنيه ولم يعترض مثل أي شخص من المتضررين باعتبارها مصلحة الدولة".

وتداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي صورا لتصميمات هندسية لتطوير جزيرة الوراق لأغراض استثمارية وتجارية يعود تاريخها إلى عام 2013 ونفذت بواسطة الشركة الهندسية الإماراتية-السنغافورية "آر إس بي" ولكن لم تعد هذه الصور متاحة على الموقع الإلكتروني بعد أيام من انتشارها كما لم تفصح الشركة عن بيانات العميل الذي تعاقد معها على هذه التصميمات.

إلا أن الحكومة نفت في تقريرها نيتها تهجير أهالي الجزيرة لصالح القيام بمشروع استثماري.

 

التعليقات