تفجير مسجد الروضة: مشهد الإرهاب منذ البداية للنهاية

على مشارف قرية سيناوية شمال شرقي البلاد، في السادسة صباحا بتوقيت القاهرة، بدا الانتشار الأمني كثيفا، وكذلك الأنظار مشتتة بين مسجد الروضة ومدفن المزار، فكلاهما يحكي مشاهد البداية والنهاية لأكبر هجوم دموي في تاريخ مصر

تفجير مسجد الروضة: مشهد الإرهاب منذ البداية للنهاية

مسجد الروضة (أ ف ب)

على مشارف قرية سيناوية شمال شرقي البلاد، في السادسة صباحا بتوقيت القاهرة، بدا الانتشار الأمني كثيفا، وكذلك الأنظار مشتتة بين مسجد الروضة ومدفن المزار، فكلاهما يحكي مشاهد البداية والنهاية لأكبر هجوم دموي في تاريخ مصر، أسفر عن مقتل 305 أشخاص بينهم 27 طفلا وإصابة 128 آخرين.

بحسب مشاهدات وشهود عيان من قرية الروضة، بمركز بئر العبد في محافظة شمال سيناء، كانت القرية ومحالها وأهلها القليلون المتبقون من هجوم الأمس، في مظاهر حداد يعم مختلف أنحاء مصر، ومقرر لها، بحسب بيان الرئاسة المصرية، أن يمتد 3 أيام.

المحال مغلقة في هذه القرية وعيون أهلها تبدو منكسرة، يقطع صمتها في هذا الصباح المؤلم حديث أحد شهود العيان بقوله: "هذه مجزرة".

شاهد العيان الذي تحفظ على ذكر اسمه، يكشف أنه "عقب بدء صلاة الجمعة، فوجئ المصلون بمسجد الروضة بدوي انفجارات تبين أن مصدرها حرق سيارات كانت خارج المسجد، وتلاه إطلاق نار من الإرهابيين المسلحين كان يقفون على الأبواب الثلاثة للمسجد".

وبحسب روايات متطابقة من مصادر مختلفة، فإن الهجوم الإرهابي كان مزدوجا، عبر دوي انفجارات خارج المسجد وإطلاق نار عشوائي داخله، فيما كشفت النيابة المصرية تفاصيل جديدة ظهر اليوم السبت.

وقالت النيابة إن عناصر "تكفيرية" ترفع علم تنظيم "داعش" الإرهابي ويقدر عددها بين 25 إلى 30، أحرقوا 7 سيارات خارج المسجد، وفتحوا النيران على المصلين، ما أسفر "عن استشهاد 305 أشخاص من المصلين بينهم 27 طفلا كانوا برفقة ذويهم وإصابة 128 آخرين".

على بعد أمتار من حديث شاهد العيان، لم يمنع الهجوم الإرهابي مسجد الروضة من أن يصدح من داخله صوت القرآن، ويتوافد عليه أهالي القرية والقرى المجاورة لتنظيفه من الدماء المتناثرة بغزارة في جوانبه.

وقرية الروضة التي تقع على الطريق الدولي بئر العبد - العريش، يبلغ عدد سكانها نحو 800 نسمة، انضم إليهم في الأشهر الماضية نحو 400 نازح من مدينتي الشيخ زويد ورفح، عقب إجراءات حكومية عسكرية بإخلاء المنطقة في إطار مواجهة الإرهاب ضمن حملة عسكرية بدأت عام 2013.

وبخلاف مسجد الروضة، الذي تتم فيه يومي الأحد والخميس فعاليات صوفية، فالقرية أغلبها تتبع قبيلة السواركة، إحدى أكبر قبائل سيناء المنتشرة في 3 مدن هي بئر العبد، والعريش، والشيخ زويد.

وبسؤال أحد أبناء القرية عن كون المسجد يتبع الصوفيين أم لا، أجاب مندهشا: "حتى لو يتبع قلة من الصوفيين وتوجد جلسات ذكر، هل يحق لهؤلاء الإرهابيين ارتكاب هذه المجزرة؟ خاصة أن المسجد يصلي فيه أغلب أبناء القرية".

وبين الأهالي تتناثر حكايات عن الضحايا، أكثر إيلاما من مشهد الصمت المخيم على القرية وقبيلة السواركة التي لم تصدر موقفا مما حدث حتى الساعة، ومن أبرزها حكاية عن طفل القرية الذي يظن أن والده من بين المصابين، رغم أنه دفن في وقت سابق في مقابر المزار التي لا تبعد كثيرا عن القرية.

وأيضا تشير الحكايات عن الزوجة التي جاءت في طريقها لمدينة العريش من محافظة مجاورة، وتركها زوجها مع الأطفال في السيارة بمقربة من المسجد، ليدخل لأداء صلاة الجمعة، قبل أن تعثر عليه بين القتلى.

المشهد الختامي للجمعة الدامية: مقابر المزار

ليس ببعيد عن تلك المشاهد، مقابر المزار، التي شهدت منذ فجر أمس عمليات دفن بمقابر جماعية ومنفردة لضحايا الهجوم الإرهابي من أبناء القرية.

ويتحدث شهود عيان أن من بين الضحايا أطفالا تحت سن العاشرة، وطلاب جامعات، وكهولا فوق الستين، وأسرا فقدت الجد والأبناء والأحفاد.

وفي نهاية تلك الرحلة ما بين المسجد والمزار، تحدث أحد كبار شيوخ قبائل سيناء، متحفظا على ذكر اسمه، قائلا: "الروضة أهلها طيبون ليس بهم شر أو عداء لأحد ولا يشهرون سلاحا، وجل من يسكنها من قبيلة السواركة وينتهج بعض أهلها نهجا صوفيا لآل جرير".

وأضاف "ما حدث أن هؤلاء الإرهابين أحرقوا المجلس، وهو مكان كالمضافة والذكر قريب جدا من المسجد، ثم انتقلوا لينتقموا من المصلين الذين كان عددهم يزيد على 450 مصليا، قبل أن يمطروهم بطلقات النيران من الأبواب الثلاثة للمسجد".

وتابع "من الروايات المنقولة أن هناك أكثر من 20 طفلا و15 كهلا قتلوا في الهجوم"، مستنكرا أن يتم الهجوم الأكبر في تاريخ مصر وسيناء تحت ذريعة أن المسجد يتبع الصوفيين.

وأكد أن "هذا الهجوم لن يدفع القبائل للتحول إلى جيش ثان يواجه الإرهاب، مشددا على وجود جيش واحد فقط بسيناء هو الجيش المصري، وخلفه يقف كل السيناوية ضد الإرهابيين".

وكان الجيش المصري أعلن، فجر اليوم السبت، مقتل بعض منفذي الهجوم الإرهابي على مسجد في شمال سيناء شمال شرقي مصر، وتدمير سياراتهم عبر قصف جوي.

وحتى الساعة لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم الإرهابي المسلح الذي يعد الأضخم والأكثر دموية في تاريخ مصر الحديث، فيما أعلنت الرئاسة الحداد لمدة ثلاثة أيام في جميع أنحاء البلاد بدءا من أمس الجمعة..

 

التعليقات