عام آخر من انقلاب السيسي: وفاة مرسي والقمع أولًا

حلّت، الأسبوع الماضي، الذكرى السادسة لانقلاب وزير الدفاع المصري حينها، عبد الفتّاح السيسي، على أوّل رئيس مصري منتخب، محمّد مرسي، في الثالث من تمّوز/ يوليو 2013.

عام آخر من انقلاب السيسي: وفاة مرسي والقمع أولًا

السيسي (أ ب)

حلّت، الأسبوع الماضي، الذكرى السادسة لانقلاب وزير الدفاع المصري حينها، عبد الفتّاح السيسي، على أوّل رئيس مصري منتخب، محمّد مرسي، في الثالث من تمّوز/ يوليو 2013.

وتخيّم وفاة مرسي خلال إحدى جلسات المحكمة، الشهر الماضي، على ذكرى الانقلاب، والطريقة التي ووري بها جثمانه الثرى، ما يعكس خشيّة النظام المصري من أقلّ المظاهر التي قد توحّد الشارع المصري ضدّه سياسيًا وتمهّد لحراك على الشارع.

وخلال هذه السنوات الستّ، وَلغَ النظام المصري، الذي يقوده السيسي، في سفكه دماء المصريّين، فبالإضافة إلى المجازر وعمليّات الإعدام الميدانيّة والتهجير القسريّ في سيناء، والتي مهّد فيها النظام لنفسه، أبرزها في مجزرتي رابعة العدوية والنهضة، تستمرّ "هواية" النظام في زجّ الآلاف في السجون المصريّة، منهم قيادات سياسيّة وناشطون وحتّى من شارك السيسي في الانقلاب على مرسي، لمجرّد التفكير في التّرشح للانتخابات الرئاسيّة، أمام السيسي، مثل الجنرالين أحمد شفيق وسامي عنان.

ورغم أن لا منافسَ حقيقيًا للسيسي داخل مصر، مع شدّة الضربات التي أوقعها بجماعة الإخوان المسلمين، عبر قتل قياداتها وطردهم واعتقالهم وحظرها ومصادرة مقارها وأموالها، إلا أن حملة القمع ما زالت مستمرّة، وتطال متظاهرين تظاهروا بشكل منفرد في ميدان التحرير في ذكرى ثورة يناير، التي تحوّلت مثلما تردّد الأبواق الإعلامية التابعة لنظام السيسي، إلى مجرّد أحداث فوضى وسببٍ من أسباب انهيار البلاد.

غير أن العام الأخير شهد دورًا مصريًا واضحًا خارج البلاد، خصوصًا في دولتي الجوار، ليبيا والسودان، وفي قطاع فزّة تحاول عبره مصر استعادة دورها الإقليمي الضائع، لولا عدم تحرّرها من تبعيّة المحور الإماراتي – السعودي، فلا زال دورها في ليبيا محصورًا بدعم الخيارات الإماراتيّة، المتمثّلة بالجنرال خليفة حفتر، المتهم بارتكاب جرائم حرب؛ بينما تعمل في السودان على وأد الثورة الشعبيّة، ومحاولة استنساخ سيسي آخر، هو نائب رئيس المجلس العسكري، محمّد حمدان دقلو، المعروف باسم "حميدتي"، المنقلب، هو الآخر، على قيادته العسكريّة.. والأهم، على حراك الشارع المصريّ.

لكنّ هذه المساهمات المصريّة تظلّ مرهونة بالأجهزة الأمنيّة المصريّة، أكثر من الخارجيّة، التي اكتسبت بعدًا صوريًا لا أكثر، فيشهد قطاع غزّة، مثلا، زيارات أمنيّة مصرية، في إطار "الوساطة" مع الاحتلال الإسرائيليّ، تمارس مصر، عبر بوابة رفح، ضغوطًا على فصائل المقاومة الفلسطينيّة، أكثر مما تمارس على الإسرائيليّين.

وشهد العام المنقضي، أيضًا، أزمات شعبيّة حادّة، مثل أزمة البنزين وأزمة التضخّم المالي بالإضافة إلى استمرار الهجمات الإرهابيّة شرقيّ البلاد، مع استمرار عمليّات التهجير التي تمارسها السلطات هناك.

لكن، في المقابل، ما زال مشهد المعارضة المصريّة مبعثرًا، فلم تتمكّن حتى الآن من بلورة جبهة معارضة مدنيّة واسعة تنسّق للعمل ضدّ النظام، رغم اعتراض قطاعات واسعة من الشعب المصري، من شتّى المشارب والمنابت، على سياسات وممارسات النظام، فبدا أن النظام المصري استعاد نشاطه الدولي، خصوصًا مع الزيارات المتكرّرة للسيسي لألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة، وبطبيعة الحال إلى الإمارات والسعوديّة.

وإزاء حالة التشرذم التي تضرب المعارضة المصريّة، المتوزّعة على دولٍ عديدة، وسيطرة النظام على المؤسسة العسكرية واقتصادها الضخم، يبدو أن نظام السيسي قد يستمرّ في الحكم لفترة مقبلة، إن لم يحدث انفجار ما غير متوقّع، تمامًا كما حدث في يناير 2011.

التعليقات