حريق كنيسة امبابة... "كيف مات كلّ هؤلاء؟"

يعيش المصريون حالة من الغضب والحزن، بعد ورود شهادات تفيد بتأخر طواقم الإسعاف والإطفاء أكثر من ساعة، قبل الوصول إلى كنيسة حي امبابة التي شهدت حريقا كبيرا، أمس الأحد، أودى بحياة 41 شخصا.

حريق كنيسة امبابة...

خلال تشييع أحد ضحايا الحريق (Getty Images)

يعيش المصريون حالة من الغضب والحزن، بعد ورود شهادات تفيد بتأخُّر طواقم الإسعاف والإطفاء أكثر من ساعة، قبل الوصول إلى كنيسة حي امبابة التي شهدت حريقا كبيرا، أمس الأحد، أودى بحياة 41 شخصا، بينهم 18 طفلا.

وخيّم الحزن على المصريين وخصوصا بين الأقباط الذين يشكّلون بين 10 و15% من 103 ملايين مصري.

وانتشرت الآراء الغاضبة اليوم الإثنين، عبر منصات التواصل الاجتماعي، واتهم مستخدم عبر موقع "تويتر" السلطات، بالتأخر في الاستجابة على استغاثات الضحايا وكتب "ليس مجرد إهمال، إنه تواطؤ".

خلال تشييع أحد ضحايا الحريق (Getty Images)

وانتشر بث حيّ لأحد المستخدمين المصريين المؤثرين عبر منصات التواصل الاجتماعي ويعرف باسم "موحا الحراق"، وقد قام بتصوير شريط فيديو من داخل مستشفى نقل إليها ضحايا الحريق وهو يقول "أولاد ابن عمي ماتوا".

وأضاف: "أنا من المنطقة (مطار امبابة) والإسعاف على بعد ثلاث دقائق... ولكن استغرق الأمر ساعة ونصف الساعة... هل يُترَك بيت الله ليشتعل هكذا؟!".

(Getty Images)

وذكر أنه "لابد من محاسبة هيئة الإطفاء وهيئة الدفاع (المدني) والإسعاف".

وكان الناطق باسم وزارة الصحة المصرية، حسام عبد الغفار، قد ذكر أمس الأحد في بيان، أن "أول سيارة إسعاف من أقرب تمركز بمنطقة مطار إمبابة وصلت لموقع الحادث في تمام الساعة الـ8:59 دقيقة"، أي بعد دقيقتين من الإبلاغ عن اندلاع الحريق، وهو ما نفاه الأهالي.

"إهمال أدّى إلى ذلك"؛ "كيف مات كلّ هؤلاء؟"

ونقلت وكالة "فرانس برس" للأنباء عن مينا مصري وهو من سكان الحي، قوله: "وصلت سيّارات الإسعاف بعد أكثر من ساعة ونقلنا الضحايا إليها على بعد 150 مترًا تقريبًا من الكنيسة، كما وصلت سيّارات الإطفاء بعد أقلّ من ساعة تقريبًا رغم أنّ مقرّها يبعد 5 دقائق".

وأضاف مصري الذي أوضح أنّه حمل اثنين أو ثلاثة من القتلى: "كلّ الوفيات حدثت نتيجة الاختناق... إهمال أدّى إلى ذلك"، متسائلا وهو غير مصدّق: "كيف مات كلّ هؤلاء؟".

(Getty Images)

وأكد بيان صادر عن مكتب النائب العام المصري، حمادة الصاوي أن الحادث أسفر عن "وفاة 41 شخصًا"، وإصابة 16 آخرين، مشيرا إلى انتهاء النيابة العامة "من مناظرة كافة الجثامين ولم تلحظْ فيها إصاباتٍ ظاهرةً دالة على أمور أخرى، بخلاف الاختناق".

من جهته، قال توفيق سعيد، أحد أهالي المنطقة لـ"فرانس برس"، إن "بعض الناس ألقوا بأنفسهم من النوافذ هربًا من الحريق".

وكان أهالي المنطقة قد حاولوا إغاثة الأطفال الذين تواجدوا داخل مبنى كنيسة الشهيد ابن سيفين.

(Getty Images)

وقال رضا أحمد، أحد سكّان المبنى المجاور للكنيسة، إنّه بمجرد نشوب الحريق، "هرع الأهالي لمساعدة وإنقاذ الأطفال".

وأضاف الرجل السبعيني أنّ بعض الذين كانوا يساعدون في عمليّة الإنقاذ لم يتمكّنوا من العودة إلى الكنيسة مرّة ثانية بسبب تمدّد الحريق، قبل أن تتم السيطرة عليه.

وشب حريق الكنيسة بالتزامن مع قداس الأحد الصباحي، إذ توافدت العائلات على الكنيسة وأبقت أطفالها في الحضانة التابعة للكنيسة داخل المبنى نفسه، ما رفع من عدد الضحايا الأطفال إثر الحادث.

(Getty Images)

كما نشرت وسائل إعلام محلية قائمة لبعض قتلى حريق الكنيسة بمستشفى امبابة، العام وتضمنت أسماء 10 ضحايا تتراوح أعمارهم بين 3 و16 عاما.

شهامة شاب

وبرزت وسط الحادث المفجع شهامة الشاب الثلاثيني المصري محمد يحيى ورفاقه، حيث سارع لإنقاذ ضحايا الحريق فأصيب بكسر في قدميه، وقوبلت نجدته بإشادة واسعة في الرأي العام.

وفي إحدى المستشفيات غربي القاهرة، تنقل عدسات المحطات المتلفزة أول صور لملامح الشاب محمد يحيي، وهو على سرير التعافي وجواره قساوسة يزورنه ويشيدون بدوره في الحادث.

وفي تصريحات عديدة، يسترجع محمد يحيى هذا الدور إذ كان بيته قرب الكنيسة وهاله ما رأى من دخان كثيف، وهزه صراخ سيدة مسيحية كانت تردد: "الحقونا (أنقذونا)".

(Getty Images)

ونزل يحيى سريعا من منزله تجاه الكنيسة غير عابئ بالاختناق وسط الدخان، فباغته سقوط عامل الكنيسة من أحد الطوابق المشتعلة ميتا.

ولم يتراجع وصمّم برفقة شبان آخرين من أبناء المنطقة المحيطة بالكنيسة على فتح بابها المغلق. ونجح يحيى في انتشال 5 جثث لأطفال بإحدى طوابق الكنيسة، وفق ما أوردت وكالة "الأناضول" للأنباء.

وفي الأثناء لمح جارا له كبيرا في السن يُدعى "عم جورج" فسارع لإنقاذه بحمله على كتفه بصعوبة بالغة، قبل أن تزل إحدى قدميه ويسقط مغمى عليه.

ووجد يحيى نفسه بمستشفى إمبابة مصابا بكسر في قدميه قد يستغرق أكثر من شهر لعلاجه.

الشاب محمد يحيى

وأشادت قناة "مي سات" إحدى أبرز وسائل الإعلام التي تتابع الشأن المسيحي بمصر، بشهامة محمد يحيى، وزيارة القساوسة له للاطمئنان على صحته.

وداع الأطفال وعائلاتهم

وفي وقائع الموت التي خلفها حريق الكنيسة 18 طفلا، انتشرت صور بعضهم في منصات التواصل وحرّكت مشاعر المتابعين وأثارت حزنهم في لحظات وداع مؤثرة وصعبة على ذويهم، وفق "الأناضول".

وحملت إحدى الصور المنتشرة في نعي وتضامن مصريين بمنصات التواصل، ابتسامات طفلتين وطفل يرتدون قمصانا بيضاء ويحتضنون بعضهم البعض، قبل أن تؤكد وسائل إعلام محلية رحيل الأطفال الثلاثة مهرائيل ويوسف وفلوبتير أمير ذوي الخمسة أعوام.

(Getty Images)

وضمّت قوائم الراحلين التي نقلها إعلام محلي إثر حادث الحريق 3 أطفال من أسرة واحدة هم ريم وبارثينيا وجيه (5 سنوات)، وإبرام وجيه (3 سنوات)، كانوا ضمن أسرة كاملة فقدت 6 أشخاص.

وكتب حساب باسم ‏شاهيناز شوقي، عبْر فيسبوك: "لي نصيب أكبر من الألم (في الحادث) بفقد 6 أفراد من أسرة والدي، ماجدة نبيه حبيب (61 عاما/ جدة)، وايريني عاطف (43 عاما/ أم) وأولادها الثلاثة إبرام وبارثينيا وميريام تامر وجيه وميرنا عاطف (25 عاما/ خالة)".

اقرأ/ي أيضًا | مصر: 41 قتيلا في حريق كبير بكنيسة بسبب "خلل كهربائي"

التعليقات