وقائع من عملية الأسر (الوعد الصادق).. أحد الجنديين قتيل..

"بحسب مصادر واسعة الاطلاع ــ يمكن التأكّد من حقيقة أن أحد الجنديين قتل أثناء الهجوم الصاعق، فيما لم يكن لهذه المصادر القدرة على تشخيص حالة الجندي الآخر"..

وقائع من عملية الأسر (الوعد الصادق).. أحد الجنديين قتيل..
ها قد مر عامان وثلاثة أيام على عملية أسر الجنديين الإسرائليين، ولم يكن بمقدور أحد من خارج الدائرة القيادية الضيقة في حزب الله معرفة التفاصيل، الى جانب المجموعات التي شاركت في تنفيذ الهجوم الخاطف قرب عيتا الشعب. وحتى التاسعة من قبل ظهر غد، يفترض ألا يكون أحد إضافي قد اطلع على مصير الجنديين، وخصوصاً الجانب الإسرائيلي والوسيط الدولي والجهات التي ستشارك في تنظيم عملية التبادل.

وفي عودة الى الوقائع التي حصلت عشية وصباح تنفيذ الهجوم، يمكن ــ بحسب مصادر واسعة الاطلاع ــ التأكّد من حقيقة أن أحد الجنديين قتل أثناء الهجوم الصاعق، فيما لم يكن لهذه المصادر القدرة على تشخيص حالة الجندي الآخر، علماً بأن إسرائيل تتصرف على أساس أنها تلقت ما يكفيها من معلومات ذات طابع استخباري تؤكد أن الجنديين قتلا. وهي حصلت على قسم من هذه المعلومات من أرض المعركة.

في مسرح العملية، التقط مصورون من الجانب الإسرائيلي لقطات لسيارة هامر إسرائيلية محترقة. ومن يومها يكتب أسفل الصورة المستعادة أنها السيارة التي احترقت بفعل العملية، ما يوحي بأن الأسلحة التي استخدمها المقاومون خلال الهجوم، أدّت الى حرقها وتدميرها بالكامل.

لكن المصادر المطلعة نفسها تحدثت عن أن فريق الهجوم تألف من عدة مجموعات، بينها مجموعة تولت الهجوم المباشر بالقذائف الصاروخية، وتولت أخرى توفير الغطاء الناري بالرشاشات الخفيفة والمتوسطة، بينما تولت ثالثة قصف النقاط العسكرية ذات الحساسية المباشرة بالعملية، وكانت مهمة الرابعة تجاوز الحدود والاستعانة بحمالات خاصة نُقل بواسطتها الأسيران الى سيارة مدنية تولت نقلهما الى مكان ليس ببعيد حيث جرى تبديل السيارات وكان واضحاً أن أحد الجنديين قد فارق الحياة.
في العملية تحركت سيارتان مصفحتان تقلان ستة جنود. قصفت السيارة الخلفية بقسوة أدّت الى قتل وجرح من بداخلها. أما السيارة الأولى، فكانت هي أيضاً في مرمى النيران. لكن الإصابات أخذت شكلاً مختلفاً. كان المقاومون قد تدربوا على كيفية إصابة سيارة مصفحة دون إحراقها بالكامل، وكيفية توجيه الصليات الغزيرة من النيران باتجاه جنود مدجّجين بالسلاح دون إصابتهم إصابة قاتلة، باعتبار أن الهدف الرئيسي كان الهامر الأمامي، وكان المطلوب أسر الجنود من داخله. وقد جهز المقاومون حتى بأدوات لفتح أبواب السيارة المصفحة إذا أغلقت من الداخل.

أطلق المقاومون ثلاث قذائف صاروخية من طراز «آر بي جي» باتجاه الهامر، فانفجرت في الجانب الذي يجلس فيه غولدفاسر وريغيف، وأدّت إلى إصابتهما ولم يكن لمن في السيارة أي فرصة للتحرك. خرج جنديان باتجاه حرج قريب. بينما اقترب المقاومون وسحبوا منها الجنديين، غولدفاسر وريغيف.

وبينما كانت المجموعة المكلفة نقل الجنديين في طريقها الى المنطقة «الآمنة» بحسب قاموس المقاومين، كانت «مجموعة التنظيف» تتولى سكب كميات من البنزين على سيارتي الهامر وإحراقهما بالكامل، وأخذ كل ما يمكن أن يتحوّل الى دليل يساعد العدو في كشف حقيقة ما حصل، أو الحصول على ما يشير الى مصير الجنديين.

العملية صوّرت بالكامل، وثمة شريط تقول المصادر المطلعة «إنه يتضمّن عرضاً مذهلاً لكيفية نجاح المقاومين في تحقيق إنجازهم في وقت قياسي ومن دون أي إصابات»، علماً بأن قيادة المقاومة تدرس أفكاراً عدة في ما خصّ عرض هذا الفيلم، الذي لم تصبه آلة الحرب الإسرائيلية في عدوان تموز، علماً بأن تحقيقات ظلت خارج التداول، كشفت عن أن إسرائيل كانت قد تردّدت في قصف أحد المباني التي تعد من مقارّ الحزب خشية أن يكون الأسيران محتجزين فيه.

■ من أطلق اسم «الوعد الصادق»؟

عشية العملية، كان القائد العسكري في حزب الله الشهيد عماد مغنية في ضيافة إحدى الشخصيات المعنية بعمل المقاومة، تركه في وقت مبكر بخلاف عادته. سأله مضيفه أن يبقى، لكن الحاج رضوان أبلغه بأن لديه عملاً شاقاً ينتظره، وطلب إليه الدعاء. وعندما نفذت العملية، تواصلت هذه الشخصية مع الحاج رضوان، قدّمت له التهئنة على الإنجاز الكبير. وتشاور الرجلان في أي اسم يطلق على العملية. أطلع رضوان صديقه على مجموعة من الأفكار، قبل أن تقترح الشخصية الصديقة، اسم «الوعد الصادق» موضحة أن في ذلك «إعطاء السيد حسن نصر الله حقه وهو الذي يفي بما يطلقه من وعود». لم تسأل هذه الشخصية الحاج رضوان عن مصير الجنديين، وسرعان ما اندلعت الحرب. ومن يومها حاول الوسيط الدولي وحده استدراج مفاوضيه في حزب الله الى كشف المصير، ولكن دون جدوى. وما هي إلا ساعات قليلة ويُكشف عن مصير الجندي الآخر.

وبحسب ما أعلن في إسرائيل وفي بيروت ومن الصليب الأحمر الدولي، فإن عملية التبادل سوف تنطلق عند التاسعة من صباح الأربعاء عند نقطة الناقورة. في الجانب الاسرائيلي أغلقت المنطقة عسكرياً. ونصبت خيمة خاصة بالصحافيين مع فريق يتولى تقديم ما يحتاجون إليه من خدمات، أما عائلتا الجنديين فقد طلب إليهما التوجه الى معسكر «شراغا» بالقرب من نهاريا. وسوف يكون في المعبر فريق من الأجهزة الأمنية والجيش وفريق طبي يتولى فحص الجنديين إذا كانا في عداد الاموات، بحسب ما أفادت القناة العاشرة في التلفزيون الاسرائيلي، قبل نقلهما الى المعسكر حيث يكون الأهالي، فيما تتولى شاحنات تابعة للصليب الأحمر الدولي نقل رفات نحو 200 شهيد الى لبنان.

في هذه الأثناء، جُمع الاسير سمير القنطار والاسرى الاربعة في سجن هداريم، وأخضعوا لفحوص طبية قبل نقلهم صباحاً الى الناقورة حيث يتسلمهم الصليب الاحمر ويدقق في هوياتهم قبل أن تطابق الخطوات مع تسلم الصليب الأحمر الجنديين من حزب الله ومن ثم تنتقل وحدات الصليب الاحمر في الاتجاهين، وعند وصول الاسرى المحررين الى الاراضي اللبنانية، ينقلون الى غرفة جانبية، حيث من المفترض تبديل ملابسهم المدنية بثياب عسكرية وربما يُزوَّدون بأسلحة قتالية تذكر بأنهم مقاتلون عادوا من جديد الى جبهة العمل المقاوم.

وبحسب ما هو مقرر فإن المروحية الرئاسية التي أهداها أمير قطر الى رئيس الجمهورية، سوف تتولى وطوافات أخرى من الأمم المتحدة والجيش نقل الأسرى المحررين الى مطار بيروت الدولي، حيث سيتولى فريق من المراسم في القصر الجمهوري ووحدات من الحرس الجمهوري تنظيم استقبال رسمي يحضره حشد رئاسي ووزاري ونيابي بحسب الدعوات التي سيوجهها الرئيس ميشال سليمان، وسط توقعات بمشاركة كبيرة من فريقي المعارضة والموالاة. ولم يتأكد حضور السيد حسن نصر الله برغم ترجيحات حزب الله عدم حصول ذلك. وبعد استكمال عملية التبادل ووصول قوافل الشهداء الى بيروت، يكون الجمهور قد اصطف على جانبي طريق المطار قبل بدء الاحتفال الكبير في ملعب الراية في الضاحية الجنوبية، الذي يتوقع أن يكون قرابة التاسعة ليلاً.

■ الاستعدادات على الطريق الساحلي جنوباً

في صيدا، تلقت فعاليات المدينة بشيء من الخيبة المعلومات عن عدم مرور الأسرى المحررين في المدينة ونقلهم فوراً الى المطار. وفيما تابع عمال البلدية رفع الأعلام واللافتات كان شبان قي ساحة النجمة يظهرون عتبهم على عدم مرور الأسير القنطار ورفاقه في المدينة.

وفي الناقورة أنجز العمل في منصة استقبال الأسرى المحررين عند مدخل البلدة وبجوار الميناء حيث ستقفل مداخلها الثلاثة أمام الناس صباح غد الأربعاء كما تقفل أمام عوائل 199 شهيداً لم تنشر بعد لائحة بأسمائهم. وعلى الطريق الى بيروت نصبت أقواس النصر وصور الأسرى، ومن المفترض أن يخرج أبناء مخيمي الرشيدية والبص لملاقاة قافلة الشهداء ويقيموا لهم استقبالاً قبل أن تكمل القافلة مسيرتها باتجاه صيدا فبيروت.

وفي بيروت أعلن مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، أمام وفد من نقابة المحررين: «سنشارك بوفد من دار الفتوى في استقبال الأسرى العائدين من السجون الإسرائيلية، الذين يجسّدون رمز النضال وسيادة لبنان، وإننا نعطي هذه المناسبة الرمز الكبير لثبات الشعب ومقاومته المحتل». من جهته طلب المسؤول السياسي للجماعة الاسلامية في الجنوب بسام حمود من محافظ الجنوب العميد مالك عبد الخالق أن يوجه دعوة رسمية باسمه كممثل لرئيس الجمهورية، الى فعاليات المدينة «بحيث نخرج من بازار الاستثمار السياسي لهذه القضية الوطنية الجامعة».

وفي بلدة كفرمتى، عقد اللقاء التشاوري اجتماعاً استثنائياً برئاسة الشيخ نصر الدين الغريب، الذي توجه باسم مشيخة عقل الطائفة الدرزية واللقاء التشاوري، إلى «بني معروف، شيوخاً وشباباً ومسؤولين، للمشاركة في الاستقبال الجماهيري للأسرى المجاهدين وعلى رأسهم سمير القنطار، ولجثامين الشهداء الذين قضوا في الدفاع عن لبنان وفلسطين».

التعليقات