05/02/2010 - 15:35

مؤتمر هرتسليا: أهم العناوين وعن مشاركة العرب

مؤتمر هرتسليا:  أهم العناوين وعن مشاركة العرب
أختتم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤتمر هرتسليا العاشر، الأربعاء الماضي، بخطاب كشف فيه حقيقة توجهات حكومته السياسية – الأمنية، إذ طغت النقاشات الأمنية على أعمال المؤتمر.
وقال نتنياهو إن هدف سياسته الأساسي والمركزي هو تحقيق النمو الإقتصادي كضمانة لإستمرار التسلح وتطوير الجيش، موضحاً أن لا أمن من دون إقتصاد متين. وبناء على تصريحات نتنياهو فإن تحقيق النمو الإقتصادي يحتاج إلى عملية سياسية تفاوضية مع الفلسطينيين، ليس بالضرورة أن تتنهي عند تسوية. أي مفاوضات من أجل النمو الإقتصادي لضمان أمن إسرائيل وإستمرار تسلحها تمهيداً لحرب أو مواجهات وشيكة.
في المؤتمر ذاته، الذي أختتمه نتنياهو، برزت هذا العام مشاركة رئيس الوزراء الفلسطيني، سلام فياض، ليس بسبب فحوى خطابه أو الكشف عن مواقف، بل لمشاركة شخصية سياسية فلسطينية رفيعة في مؤتمر يبحث في استراتيجيات اسرائيل الأمنية ومن ثم السياسية. وجاءت مشاركة فياض إلى جانب مشاركة شخصية سورية وصفت بالمعارضة للنظام السوري وغيرها من الشخصيات العربية.
أجرى موقع عرب 48 حوارين مع متتبعين للمؤتمر وسألهم عن رأيهما عما تمخض عن المؤتمر هذا العام وعن مشاركة عربية ممثلة بسلام فياض وأحمد الطيبي في مؤتمر حول ميزان المناعة والأمن القومي الإسرائيلي:



يقول الصحافي والباحث في الشؤون الإسرائيلية، أنطوان شلحت، إن المؤتمر العاشر لميزان المناعة والأمن القومي الإسرائيلي اشتمل على بضعة عناوين مهمة تبين اتجاهات إسرائيل السياسية والإستراتيجية، في الوقت الحالي. ومهما تكن هذه العناوين فإن عنوانين منها لهما برأيه الوقع الأكبر:

العنوان الأول- إصرار إسرائيل على التمسك بسياستها الحربية العدوانية، كما انعكست في الحرب الإجرامية على غزة، وذلك بحجة أنها وسيلتها الوحيدة لحماية "شرعيتها"، ولمواجهة ما يسمى بـ "الخطر الإيراني"، أو كقول رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إنه لا بديل من القوة العسكرية في الشرق الأوسط، وقول وزير الشؤون الإستراتيجية، موشيه يعالون، إن إسرائيل لا يمكنها إلا الاعتماد على نفسها من أجل مواجهة إيران.

وأردف شلحت: لقد اقترن ذلك بتصعيد الهجوم على تقرير لجنة غولدستون حول فظائع الحرب الإسرائيلية على غزة، والذي اعتبره رئيس "هيئة أركان الأمن القومي" في مكتب رئيس الحكومة، عوزي أراد، وهو مؤسس مؤتمر هرتسليا، تقريرًا آثمًا، بينما قال نائب رئيس هيئة الأركان العامة، الجنرال بيني غانتس، إنه بمثابة "حصان طروادة الذي يهدّد بمس إسرائيل".

وأضاف: وفقًا لوقائع المؤتمـر، فإن ما يقف في رأس المخاطر الإستراتيجية، التي تتهدّد الأمن القومي الإسرائيلي حاليًا، هو ما يلي: أولاً، مشروع إيران النووي وتعاظم تسلح سورية وحزب الله و"حماس"؛ ثانيًا، تفاقم حملة النقد الدولية لسياسة إسرائيل العدوانية.

أمّا العنوان الثاني الصادر عن المؤتمر، بحسب شلحت، فهو إجماع القوى السياسية الإسرائيلية كافة، سواء التي في السلطة أو التي في المعارضة، على أن سياسة الإدارة الأميركية الحالية، برئاسة باراك أوباما، إزاء إسرائيل وقضايا الشرق الأوسط، لا تختلف، في الجوهـر، عن سياسة الإدارات الأميركية السابقة، بل وحتى عن سياسة إدارة جورج بوش. وبالتالي فمن غير المتوقع حدوث صدام حقيقي بين الجانبين. وقال: إن هذا الإجماع يفرغ الهواء من عجلات الادعاء القائل بأن هناك تغييرًا كبيرًا في مواقف إدارة أوباما، إزاء الصراع العربي- الإسرائيلي. من ناحية أخرى فإن السفير الأميركي في إسرائيل، جيمس كنينغهام، الذي ألقى كلمة في المؤتمر، أكد أن الولايات المتحدة تقوم بإجراءات مضادة في مواجهة ما أسماه "حملة نزع الشرعية عن إسرائيل" (وهو التعبير المتعارف عليه لتوصيف حملة الانتقاد الشديد لسياساتها الحربية) موضحًا (السفير) أن "من المهم أن يعترف العالم العربي بإسرائيل دولة يهودية وديمقراطيـة".


يقول مدير "إتجاه"، إتحاد الجمعيات العربية الأهلية، أمير مخول، إن مشاركة سلام فياض تعكس بؤس ما يمثله من موقع وموقف. فهو وان كان يستخدم مفردات فيها تحد سياسي، إلا انه مندمج إلى أقصى حد في ما يسمى "السلام الاقتصادي" الذي يروج له نتنياهو والذي لا يعدو كونه تجميلا للاستعمار الإسرائيلي وهدر للحق الفلسطيني.
ويضيف مخول: يجب أن نذكر انه وفي حين تجري في العالم وتضامنا معنا كشعب، حملات مقاطعة إسرائيل بمؤسساتها الأمنية والاقتصادية والأكاديمية وحملات عربية لرفض تطبيعها ومساع لمحاكمة حكامها كمجرمي حرب، فان أي مشاركة عربية تسدد ضربة لأصدقاء شعبنا ولعدالة قضيته وإنقاذا لسمعة إسرائيل او بشكل أدق سيجري استخدامها لتبرير "ديمقراطية" إسرائيل. وللأسف ان التقطيع الفعلي لحركات المقاطعة كان دائما فلسطينيا بدلا عن تعزيزها.

ويؤكد شلحت ما قال مخول حول مشاركة شخصيات فلسطينية في مؤتمر حول الأمن القومي الإسرائيلي: لا يمكن أن نقبل الادعاء القائل إن هذه المشاركات لا تقدّم ولا تؤخر، ذلك بأنها تؤخر لكونها تضمر تهافتًا على التطبيع مع السياسة الإسرائيلية، في وقت يُفترض فيه محاصرة هذه السياسة، في موازاة محاصرتها عربيًا ودوليًا. فضلاً عن ذلك فإن حصيلتها العامة هي إثارة بؤر توتر جديدة داخل الصف الوطني، وإضعاف وحدة الصف إزاء القضايا الجوهرية التي تواجه العرب في مناطق 1948، كما أنها لا تؤثر في أصحاب القرار ولا في أوساط الرأي العام اليهودي، وتراهن على مجرّد أوهام. وأعتقد أننا مطالبون الآن بأن نحدّد (من الحدّة) الفارق الكبير بين التهافت على مخاطبة "الشارع" الإسرائيلي، وبين ترشيد هذه المخاطبة، كي لا يصبح السلوك الأول قيدًا ثقيلاً على السلوك الثاني.



أما حول مشاركة شخصيات سياسية من عرب الداخل في المؤتمر، يقول مخول بإنها من دون مرجعية سياسية بل تقع في شرك اللعبة الإسرائيلية وقاعدتها "فرق تسد".

ويوضح مخول: في قراءة العلاقة بين الفلسطينيين في الداخل ودولة إسرائيل فان جوهر هذه العلاقة هو إدارة صراع. وفي إدارة الصراع. ولا توجد مساحة فيها لسوء تفاهم أو مجال للإقناع بالرأي والمحاججة. والمؤسسة الإسرائيلية تعمل بشكل عقلاني ومخطط والى حد كبير تعرف موقف الجماهير العربية دون الجلوس مع قرر أن يتحدث باسمهم أمام مؤتمر المناعة القومية. ومن حيث المبدأ هناك مجال لإيصال رسائل وهناك إمكانية لمواجهات سياسية كجزء من إدارة الصراع وليس المصير المشترك أو الإطار المشترك. ولا تقل أهمية أيضا ان تحافظ جماهير شعبنا على استراتيجيات عملها دون ان تطرحها أمام المؤسسة الحاكمة أو ان تشركها بها. فنحن والدولة لسنا في قارب واحد بل في موقعين متناقضين جوهريا.

ورداً على سؤال ما هي مرجعية المشاركين في هذا المؤتمر، قال مخول: ما هي مرجعية من يدعى للمشاركة ويقرر التجاوب، هل الجماهير العربية أم حزبه أو جمعيته أحيانا؟ وهذه نقطة ضعف يجري التعامل فيها مع المرجعيات كحالة مشاع سياسي.

ويؤكد: هناك حالات لا يحق لا لحزب ولا لمؤسسة فردية ان تقرر مصير جماهير أو تتحدث باسمها او نيابة عنها في موضوع خلافي جوهريا. وليس مهم بتاتا ماذا سيصرح به وأية مواقف سيطرح. حتى ولو كانت تهديدا بانتفاضة وتمرد. فالمر الأساسي هو الإطار والسياق وقواعد اللعبة. لان الرسالة الى جماهير شعبنا هي اننا لاعبين في هذه المناعة القومية. مصلحتنا وواجبنا كجماهير في الداخل وكشعب أن ننال من المناعة القومية الإسرائيلية ليس إلا.

ولخص مخول إلى القول: هناك نهج يطرح في مثل هذه المناسبات وهو ما يسمى أن نعمل "بذكاء وحكمة" وعندما يكون ثمن الذكاء والحنكة ان نقبل بقواعد اللعبة الإسرائيلية يزول أي معنى للموقف الذي نطرحه مهما كان متحديا بمفرداته. لان المطب والمصيدة هي الإطار والسياق لا في الإنشاء اللغوي السياسي. قد يكون حاجة في ظرف معين ان نوصل رسائلنا الى إسرائيل ومؤسساتها وأجهزتها وهذا أيضا له مرجعية تمثيلية وليس حزبية او فردية، أي لجنة المتابعة العليا في حالتنا ومستوى تنظيمنا الجماعي الحالي. وعندما تفكر اسرائيل جماعيا وتخطط استراتيجيا فمن باب المسؤولية ان نعمل منسقين ونعود الى مرجعياتنا.


وأشار مخول إلى أن رئيس لجنة المتابعة العليا حذر في مذكرة إلى رئاسة الدولة والحكومة من حالة الصدام التي تفرضها الدولة في قضايا الأرض وهدم البيوت والملاحقات السياسية، وذلك بناء على سلسلة مشاورات على مستوى لجنة المتابعة ومؤسسات تخصصية لتدعيم المطلب السياسي، وهي طريقة تخاطب نديّة في إدارة الصراع تتعامل مع الجماهير العربية في الداخل ككيان بحد ذاته وجزء من القضية الفلسطينية وليست شأنا إسرائيليا داخليا وتحدد قواعد لعبتها هي ولا تتبنى قواعد اللعبة القسرية الإسرائيلية. في حين ان أيا كان قياديا عربيا سيذهب إلى مؤتمر هرتسليا للمناعة القومية الإسرائيلية سيجري التعامل معه على انه على هامش المؤتمر والسياق الإسرائيلي، وان المؤتمرين هم أصحاب الشأن في حين أن الفلسطيني في وطنه سيكون ضيفا عليهم. فمؤتمر هرتسليا هو ساحتهم وليس ساحتنا.

التعليقات