25/03/2014 - 08:58

الخارجية الإسرائيلية تعد وجهة نظر قضائية تسمح بتبادل سكاني

وجهة النظر القضائية تدعي أن الحديث عن إجراء قانوني يتماشى مع القانون الدولي بشرط أن يتم ذلك بالاتفاق مع الفلسطينيين، وألا يبقى أي مواطن بدون مواطنة، وأن تكون هناك آلية لدفع تعويضات مماثلة لتلك التي تلقاها المستوطنون بعد فك الارتباط من قطاع غزة

الخارجية الإسرائيلية تعد وجهة نظر قضائية تسمح بتبادل سكاني

قالت صحيفة "هآرتس"، اليوم الثلاثاء، إن وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان تلقى قبل عدة أسابيع وجهة نظر قضائية تسمح بإمكانية نقل منطقة المثلث ووادي عارة إلى الدولة الفلطسينية في تسوية مستقبلية دائمة. وادعت وجهة النظر القضائية أن الحديث عن إجراء قانوني يتماشى مع القانون الدولي بشرط أن يتم ذلك بالاتفاق مع الفلسطينيين، وألا يبقى أي مواطن بدون مواطنة، وأن تكون هناك آلية لدفع تعويضات مماثلة لتلك التي تلقاها المستوطنون بعد فك الارتباط من قطاع غزة.

يذكر أن خطة إجراء تبادل أراض وتبادل سكاني طرحت قبل عدة سنوات من قبل ليبرمان، وهو يواصل الدفع بها حتى اليوم.  وكان قد صرح في خطاب أمام السفراء في وزارة الخارجية في مطلع كانون الثاني/ يناير الماضي بأن "شرط التسوية الشاملة مع الفلسطينيين يشمل تسوية موضوع عرب إسرائيل"، مدعيا أن خطته لتبادل الأراضي والتبادل السكاني ليست "ترانسفير"، وأن الهدف هو فقط نقل الخط الحدودي بحيث يكون في منطقة "شارع 6".

وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد عدة أيام من خطابه المذكور، وبعد بدء وزير الخارجية الأمريكية جون كيري العمل على اتفاق إطار للمفاوضات، طلب ليبرمان من الشعبة القضائية في وزارة الخارجية إعداد وجهة نظر بشأن ملاءمة خطة "تبادل الأراضي والتبادل السكاني" للقانون الدولي. وفي السابع عشر من شباط/ فبراير قدم المستشار القضائي لوزارة الخارجية إيهود كينان وثيقة لليبرمان مؤلفة من 18 صفحة تحت عنوان "تبادل أراض – نقل السيادة على مناطق مأهولة في إطار الحل الدائم مع الفلسطينيين – جوانب قانونية".

وقال المستشار القضائي لوزارة الخارجية، في الوثيقة التي وصلت إلى صحيفة "هآرتس"، إن نقل مناطق مأهولة من سيادة دولة إلى سيادة دولة أخرى في إطار الحل الدائم، حتى بدون موافقة صريحة من السكان ذوي الصلة وبدون استفتاء عام، ليس مرفوضا بحسب القانون الدولي طالما يوفر للسكان مواطنة واضحة بعد الانتقال".

وتضمنت وجهة النظر القضائية سلسلة سوابق من حالات أخرى في العالم في القرن الأخير، مثل الاتفاق الذي وقع بين اليونان وبلغاريا في العام 1919، والاتفاق بين مصر وإسرائيل في شباط/ فبراير 1950 حيث جرى تعديل اتفاقية الهدنة وتضمن ذلك تبادل مناطق بحيث انتقلت عبسان في قطاع غزة إلى السيادة المصرية، وحصلت إسرائيل على مساحة مماثلة شمال القطاع، والاتفاق بين فرنسا والجزائر عام 1962 والذي أنهى الاحتلال الفرنسي للجزائر بعد ضم الأخيرة لفرنسا، وحصل المستوطنون الفرنسيون على فترة انتقالية امتدت لثلاث سنوات حملوا خلالها المواطنتين الفرنسية والجزائرية، وبعد ذلك طلب منهم اختيار واحدة منها.

كما يشير كينان إلى نقل السيادة عن هونغ كونغ من بريطانيا للصين عام 1997، الذي تضمن نقل مناطق مأهولة إلى سيادة الصين.

وادعت وجهة النظر القضائية أنها تستند إلى قرار المحكمة الدولية في هاغ بشأن الصراع الحدودي بين هندوراس والسيلفادور في العام 1992، حيث سمح القانون الدولي بنقل مناطق مأهولة من دولة لأخرى، ولكنه شدد على ضرورة تطبيق ذلك بصورة إنسانية ومنظمة، وبناء على تعهد الطرفين في إيجاد حلول ملائمة للمجموعة السكانية.

وكتبت "هآرتس" أنه في الشهور الثلاثة الأخيرة نشرت عدة استطلاعات بشأن إمكانية تبادل أراضي وتبادل سكاني. وقال استطلاع أجري في كانون الثاني/ يناير، من قبل معهد "ديالوغ" أن هناك ارتفاعا في نسبة العرب الذين يحملون المواطنة الإسرائيلية والمعنيون بانتقال بلداتهم إلى السيادة الفلسطينية. ويدعي ليبرمان في هذا السياق أن اليهود يدعمون فكرة التبادل السكاني بنسبة أكبر بكثير.

في المقابل، بينت وجهة النظر القضائية أنه بدون موافقة فلسطينية فإنه لن يكون بالإمكان تطبيق الخطة، وتصبح غير قانونية.

وأشارت الصحيفة أيضا إلى أن ليبرمان طرح موضوع تبادل الأراضي والتبادل السطاني في كل لقاء أجراه في الشهرين الأخيرين مع وزراء خارجية أجانب. وأنه معني الآن بإعادة الفكرة إلى الخطاب الدولي بكل ما يتصل بحل الدولتين.

وقال المستشار القضائي لوزارة الخارجية في الوثيقة التي سلمها لليبرمان إن نقل السيادة على منطقة مأهولة بين دول أمر مقبول ومشروع في القانون الدولي، بينما يعتبر نقل السيادة بالقوة يعتبر غير شرعي وغير قانوني، وينظر إليه كجريمة دولية.

وكتب أيضا أنه بالنسبة للمجتمع الدولي فإن مدى شرعية نقل السيادة على المثلث ووادي عارة للسلطة الفلسطينية سيكون متأثرا بـ"الدافع والهدف" من مثل هذه العملية. وساق كينان على سبيل المثال البانتستونات في نظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا، حيث نظر إليه المجتمع الدولي على أنه جزء من محاولة نزع مواطنة سكان جنوب أفريقيا السود من أجل ضمان غالبية بيضاء، وبالتالي اعتبره غير شرعي ولم يعترف به.

وبناء على ذلك، يقترح المستشار القضائي كينان سلسلة من الشروط التي يجب أن تتوفر لكي تصبح عملية نقل مناطق مأهولة قانونية وتتماشى مع القانون الدولي، وبضمنها الموافقة الصريحة من الحكومة الفلسطينية المستقبلية لمنح المواطنة لسكان تلك المناطق، وذلك نظرا لكون إسرائيل موقعة على الميثاق الدولي بشأن تقليص حالات عدم وجود مواطنة من العام 1961. وينص الميثاق على أن أي اتفاق يشتمل على نقل سيادة بين الدول يبج أن يضمن ألا يبقى أي مواطن في المناطق المنقولة السيادة بدون مواطنة، وإلا ستعتبر عملية النقل على أنها غير شرعية.

وكتب كينان أنه بحسب المتبع، بموجب القانون الدولي، فإنه بعد توقيع الاتفاق بين الدولتين على نقل السيادة على منطقة مأهولة، فإن السكان في تلك المنطقة يحصلون على المواطنة من الدولة التي ينتقلون إليها، بالتوازي مع نزل المواطنة من الدولة السابقة.

وأشار أيضا إلى أن غالبية السوابق القانونية في أنحاء العالم اشتملت على منح حق الاختيار للسكان بشأن مواطنتهم، وأن الإمكانية الأساسية للحفاظ على المواطنة الإسرائيلية هي إعطاؤهم "خيارا معينا" يتمثل في ترك بيوتهم والانتقال إلى مكان آخر في إسرائيل، أو "خيارا موسعا" بموجبه ينتقلون إلى الدولة الثانية، فلسطين في هذه الحالة، وفي الوقت نفسه المحافظة على المواطنة في الدولة الأولى، أي إسرائيل.

وأضاف كينان في وجهة نظره أنه بالرغم من أن حق الخيار المشار إليه تحول إلى عملي مقبول، فإن الحديث ليس عن واجب قانوني بحسب القانون الدولي، وأنه يمكن تحديده بموجب اتفاق بين الدولتين. كما أشار إلى أن الفترة الزمنية المقبولة لتحقيق حق اليخار بشأن المواطنة يمتد من بضعة شهور وحتى 3 سنوات، ويمكن اشتراط ذلك بوجود رابط عرقي أو ديني أو لغوي بين سكان المنطقة وبين الدولة التي يجري الحديث عنها.

كما تضمنت وجهة النظر حالة اختيار سكان المنطقة المقترحة للتبادل بالاحتفاط بمواطنة مزدوجة إسرائيلية – فلسطينية. علما أن القانون الإسرائيلي لا يمنع الاحتفاظ بمواطنة مزدوجة إلا في حالات خاصة. وكتب كينان أنه يمكن منع حيازة مواطنة إسرائيلية فلسطينية، ولكن ذلك يقتضي تغيير قانون المواطنة الإسرائيلي. وبحسبه فإنه يمكن الدفاع عن مثل هذا القرار أمام المحكمة العليا وشرعنته استنادا إلى تعقيدات التسويات السياسية مع السلطة الفلسطينية. وكتب أيضا أن "الفلسطيني الذي يرغب بالحفاظ على المواطنة الإسرائيلية بينما يسكن في مناطق السلطة الفلسطينية سعتبر مواطنا إسرائيليا يعيش خارج دولة إسرائيل، وبالتالي لن يكون قادرا على التصويت، ويمنع منه توريث المواطنة لأكثر من جيل واحد".

وتضمن الوثيقة أيضا شرطا مركزيا لشرعنة خطة تبادل الأراضي والسكان، وهو آلية "الإخلاء والتعويض" لسكان المثلث ووادي عارة، بشكل مماثل للمستوطنين الذين تم إخلاؤهم من قطاع غزة في إطار خطة "فك الارتباط" ومن شمال الضفة الغربية.

وكتب كينان أن "نقل منطقة مأهولة للسيادة الفلسطينية سوف يمس بقدرة السكان على مواصلة علاقاتهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والشعبية التي كانت قائمة من قبل، وأنهم قد يجدون أنفسهم في دولة مختلفة عن إسرائيل من الجوانب الاقتصادية وظروف الحياة والحقوق الشخصية، وقد يتضرروا من جهة العمل وحرية الحركة والحق في التعليم والتأمين الصحي والضمان الاجتماعي وحق الانتخاب والترشح.. وهذه الدولة، فلسطين، قد تصنف على أنها دولة غير مستقرة من الناحية السياسية والاقتصادية، وبدون خدمات رفاه كافية وغير ديمقراطية بشكل كاف".

ويخلص كينان إلى أنه سيكون على الدولة، إسرائيل، أن تدفع تعويضا مناسبا للسكان الذين سيتم نقلهم لقاء الأضرار التي ستحلق بهم نتيجة انخفاض قيمة ممتلكاتهم بعد نقل السيادة، ولقاء تأهيلهم، وتعويضهم عن وقف العمل أو فرض قيود على عملهم في إسرائيل، ومساعدتهم في امتلاك سكن بديل أو في نقل المصالح التي فقدوها.

وكتب أنه "كجزء من التسوية، ملقى على عاتق إسرائيل واجب الحفاظ قدر الإمكان على نسيج حياة سكان المناطق المنقولة، وكلما كانت التسوية مفصلة أكثر بشأن نسيج الحياة وتتضمن تحقيق الظروف السائدة قبل النقل بأكبر درجة ممكنة، فإن احتمال أن تصمد التسوية أمام الانتقادات الشعبية والقضائية سوف يكون أكبر".

وفي تلخيصه، كتب المستشار القضائي لوزارة الخارجية، أن أي عملية تبادل مناطق مأهولة يجب أن تمر في استفتاء عام، ومتضمنة في التشريع كقانون ساري المفعول ويناسب إسرائيل. وادعى في تلخيصه أيضا أنه "من أجل منع حصول تمييز سيكون هناك حاجة لمقارنة الحقوق والشروط التي ستمنح للمستوطنين الذين سيتم إخلاؤهم من الضفة الغربية مع سكان المناطق المنقولة السيادة".

كما كتب كينان أن "العملية لن تثير أسئلة قضائية فقط، وإنما أيضا في المجال السياسي والبوليتي والاقتصادي، وفي المجال الاجتماعي المتصل بعلاقات الهيود والعرب في إسرائيل، اضافة إلى أسئلة على مستوى صورة إسرائيل في الإعلام في العالم".

 

التعليقات