03/06/2016 - 22:20

"النبرة المخففة للبيان الختامي لاجتماع باريس ثمرة جهد دبلوماسي إسرائيلي"

قالت مصادر إسرائيليّة إنّ البيان الختاميّ "المخفّف"، الصّادر عن اجتماع باريس الدّوليّ، الجمعة، حول النّزاع في الشّرق الأوسط، صدر بهذه النّبرة الليّنة، و"المرضية لإسرائيل"، نتيجة مساع دبلوماسيّة إسرائيليّة مكثّفة، أجرتها وزارة الخارجيّة

"النبرة المخففة للبيان الختامي لاجتماع باريس ثمرة جهد دبلوماسي إسرائيلي"

رئيس الحكومة الإسرائيليّة، بنيامين نتنياهو ووزير الخارجيّة الفرنسيّ، جان مارك إيرولت

قالت مصادر إسرائيليّة إنّ البيان الختاميّ 'المخفّف'، الصّادر عن اجتماع باريس الدّوليّ، الجمعة، حول النّزاع في الشّرق الأوسط، صدر بهذه النّبرة الليّنة، و'المرضية لإسرائيل'، نتيجة عمل ومساع دبلوماسيّة إسرائيليّة مكثّفة، أجرتها القنوات الإسرائيليّة الدّبلوماسيّة والسّياسيّة مع قيادات غربيّة أوروبيّة وأميركيّة في الأسابيع الأخيرة، من أجل عدم إصدار قرارات من شأنها 'أن تمسّ بإسرائيل'، أو تدينها أو تملي عليها قرارات، خلافًا لرغبة حكومة اليمين الحاليّة.

وفسّر محلّلون إسرائيليّون البيان الختاميّ الذي صدر عن الاجتماع في باريس، عصر الجمعة، على أنّه 'فوز إسرائيليّ' أثمرته الضّغوطات الإسرائيليّة التي مورست مؤخّرًا على المستوى الدّوليّ، للتخفيف من حدّة قرارات الاجتماع في باريس.

أجرى رئيس الحكومة الإسرائيليّة، بنيامين نتنياهو، الجمعة، محادثة هاتفيّة مع وزير الخارجيّة الفرنسيّ، جان مارك إيرولت، سعت إلى محاولة إقناع إسرائيليّة أخرى، للمجتمع الدّوليّ، وعلى رأسهم فرنسا، بالعدول عن فكرة المؤتمر الدّولي لإحياء عمليّة المفاوضات المتعثّرة بين الإسرائيليّين والفلسطينيّين، تخوّفًا من إملاءات دوليّة تفرض على إسرائيل.

وعبّر نتنياهو لوزير الخارجيّة الفرنسيّ عن رفضه إقامة فرق وطواقم عمل للتباحث في 'المصالح الحيويّة لإسرائيل، ضمنها الأمن'.

وصرّح نتنياهو لوزير الخارجيّة الفرنسيّ، في المحادثة التي تزامنت مع انعقاد جلسة تحضيريّة حضرها مندبو قرابة 23 دولة، دون حضور الفلسطينيّين والإسرائيليّين، إلى أنه 'كان من المفضّل لو قامت فرنسا وشريكاتها بتشجيع 'أبو مازن' على الاستجابة للدعوة للتفاوض المباشر، فورًا'.

وأفاد المصدر الإسرائيليّ لموقع 'والا' إلى أنّ نتنياهو عاود التّأكيد على مطالبه ومواقفه التي يصرّ التّمسّك بها، وهي العودة للتفاوض دون شروط مسبقة، وإلّا فإنّ خلاف ذلك 'سوف يبعد عمليّة السّلام'، على حدّ تعبيره.

وأضاف نتنياهو لوزير الخارجيّة الفرنسيّ، أنّ 'مبادرة السّلام من شأنها أن تمسّ بالمساعي الإقليميّة التي تحظى باحتمالات جيّدة، بإحلال السّلام بين الشّعوب'.

إضافةً لحديثه مع وزير الخارجيّة الفرنسيّ، قام نتنياهو، أمس الخميس، بإجراء محادثة أخرى مع وزير الخارجيّة الأميركيّ، جون كيري، طالبًا منه المساعدة في 'تخفيف نبرة البيان الختاميّ (للقاء الجمعة)'.

وأرضى القيادة الإسرائيليّة كون البيان الختاميّ للاجتماع في باريس لم يتطرّق إلى جدول زمنيّ للمفاوضات بين الجانبين، إضافة لكونه لم يتطرّق إلى حدود 1967 كشرط أساسيّ للمفاوضات.

وصرّح المصدر الإسرائيليّ في هذا السّياق أنّ 'الضّغط السّياسيّ الذي مارسته إسرائيل في الأسابيع الأخيرة، أثمر، ليأتي البيان الختاميّ طريًّا ومخفّفًا'.

وعبّرت مصادر سياسيّة عن رضاها من تغيّب وزراء خارجيّة كلّ من روسيا، بريطانيا وألمانيا، والتي عزتها إلى 'عمل دبلوماسيّ شامل وملمّ قام به رئيس الحكومة ووزارة الخارجيّة، خلال الأسابيع الأخيرة'.

أمّا النّاطق بلسان وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة، عمانوئيل نحشون، فقد قال إنّ الاجتماع في باريس عبارة عن تفويت فرصة'، موضحًا أنّ الاجتماع سيزيد من حدّة مواقف الفلسطينيّين وإبعاد السّلام، على حدّ تعبيره.

المجتمع الدّوليّ يجدّد دعمه 'حلّ الدّولتين'

جدّد المجتمع الدّوليّ، الجمعة، تأكيده دعم حلّ الدّولتين، إسرائيليّة وفلسطينيّة، وتعهّد السّعي إلى إقناع الطّرفين باستئناف المفاوضات رغم رفض إسرائيل العلنيّ لأيّ تدخّل غير أميركيّ في هذا الملفّ.

ففي ختام اجتماع دوليّ في باريس حول النّزاع في الشّرق الأوسط، حذّر وزير الخارجيّة الفرنسيّ، جان مارك إيرولت من 'خطر جديّ' يهدّد الحلّ القائم على مبدأ الدّولتين لافتًا إلى أنّ الوضع يقترب من 'نقطة اللا-عودة'.

وأضاف إيرولت 'يجب التّحرّك بشكل عاجل للحفاظ على حلّ الدّولتين وإحيائه قبل فوات الأوان'، مكرّرًا عزم فرنسا على تنظيم مؤتمر بمشاركة الإسرائيليّين والفلسطينيّين قبل نهاية العام.

وسارعت منظّمة التّحرير الفلسطينيّة بلسان أمين سرّها، صائب عريقات، إلى التّرحيب بالاجتماع معتبرة أنّه 'مرحلة بالغة الأهميّة'.

وقال عريقات في بيان 'الرّسالة منه واضحة: إذا سمح لإسرائيل بمواصلة سياسات الاستيطان والتّمييز العنصريّ في فلسطين المحتلّة، فإنّ المستقبل سيكون أكثر تطرّفًا وإهراقًا للدماء بدلًا من التّعايش والسّلام'.

وشارك وزراء ومندوبون عن نحو 30 دولة والأمم المتّحدة والاتّحاد الأوروبيّ في اجتماع باريس الذي لم يدع إليه طرفا النّزاع، فيما المفاوضات المباشرة بينهما ما زالت منقطعة منذ 2014.

في ختام اللقاء أصدر المجتمعون بيانًا يؤكّد أنّ 'الوضع القائم حاليًّا' لا يمكن أن يستمرّ، معربين عن 'القلق' حيال الوضع الميدانيّ وسط 'استمرار أعمال العنف والنّشاطات الاستيطانيّة'.

كما أشار إلى النّصوص المرجعيّة الدّوليّة خصوصًا قرارات الأمم المتّحدة كأساس للمفاوضات.

وفي هذا السّياق، اعتبر وزير الخارجيّة السّعوديّ، عادل الجبير، في ختام الاجتماع أنّ المبادرة العربيّة عام 2002، التي تنصّ على تطبيع الدّول العربيّة علاقاتها مع إسرائيل مقابل انسحابها من الأراضي التي احتلّتها في 1967، أفضل أساس للتوصّل إلى السّلام في الشّرق الأوسط.

مصاعب مرتقبة في جهود الإقناع

لكن وزير الخارجيّة الفلسطينيّ، رياض المالكي، اتّهم الجمعة، عقب المؤتمر 'لاعبين كبار' دون أن يسمّيهم، بخفض مستوى التّوقّعات في البيان الختاميّ.

وأوضح المالكي 'يبدو أنّنا ندفع ثمن حضور اللاعبين الكبار، بحيث عملوا على تخفيض مستوى البيان وما تضمّنه، بحيث غاب عنه كثير من النّقاط الأساسيّة التي كنا نفترض' أنّه يتضمّنها.

وقال 'كنّا نتوقّع بيانًا أفضل، كنّا نتوقّع مضمون بيان أفضل، لكن نحن الآن في انتظار أن نسمع من الخارجيّة الفرنسيّة والعرب الذين شاركوا في هذا الاجتماع'.

فقد صدرت عن الاجتماع إعلانات محدودة جدًا، مع اقتراح إيرولت 'إطلاق أعمال' حول الحوافز الممكنة على مستويات الاقتصاد والتّعاون والأمن الإقليميّين لإقناع الطّرفين بالعودة إلى طاولة المفاوضات.

على المستوى الاقتصاديّ، أشارت وزيرة خارجيّة الاتّحاد الأوروبيّ، فيديريكا موغيريني، إلى 'الدّور الخاصّ' لأوروبا 'الشّريك التّجاريّ الأوّل لإسرائيل والمانح الأوّل للسلطة الفلسطينيّة'.

ووعد وزير الخارجيّة الفرنسيّ بأن تبدأ فرق العمل 'قبل نهاية الشّهر' مضيفًا أنّه سيسعى 'بسرعة كبيرة' للتحادث مع رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو والرّئيس الفلسطينيّ، محمود عبّاس لاقتراح 'العمل الوثيق معهما'.

لكن مساعي الإقناع قد تكون شاقّة. فقد أعلنت اسرائيل رفض اجتماع باريس قبل انعقاده، وأكّد مدير مكتب الخارجيّة الإسرائيليّة، دوري غولد، الخميس، أنّه 'سيفشل'.

أمّا هولاند، فسعى إلى الطّمأنة، الجمعة، مع افتتاح الاجتماع مؤكّدًا 'لا يمكننا أن نحلّ محلّ طرفي النّزاع' فيما شدّد على ضرورة تحرّك المجتمع الدّوليّ لأنّه 'في السّياق الإقليميّ للشرق الأدنى والشّرق الأوسط، سيشغل المتطرّفون الفراغ بدون شكّ وسيستفيد الإرهابيّون من ذلك'.

كما أنّ هناك تساؤلات حول رغبة واشنطن اللاعب الحتميّ في الملفّ، في الانخراط في المبادرة الفرنسيّة، علمًا أنّ وزير الخارجيّة الأميركيّ، جون كيري، الوسيط في المفاوضات الإسرائيليّة الفلسطينيّة في 2013-2014، شارك في اجتماع باريس.

اقرأ أيضا: إغلاق متحف اللوفر في باريس بسبب السيول
وردًّا على سؤال قبل بدء الاجتماع بشأن الموقف الأميركيّ من الدّعوة إلى مؤتمر دوليّ لإعادة عمليّة التّفاوض، في نهاية العام الجاري، قال كيري 'سنرى، علينا متابعة المنحى الذي سيتّخذه كلّ هذا، وما سيحدث'.

التعليقات