17/10/2018 - 15:55

غزة: تصعيد في انتظار التهدئة

جيش الاحتلال الإسرائيلي يحمل حركتي حماس والجهاد الإسلامي المسؤولية عن إطلاق القذيفتين، بداعي أنهما التنظيمان الوحيدان اللذان يملكان مثل هذه القذائف، من حيث المدى والدقة، وأن امتناعهما عن تحمل المسوؤلية يأتي بهدف تحييد رد إسرائيلي عنيف محتمل

غزة: تصعيد في انتظار التهدئة

السياج الأمني شرقي قطاع غزة (أب)

قبل إعلان الوفد الأمني المصري عن وقف التصعيد بعد إجراء اتصالات مكثفة مع كبار المسؤولين الفلسطينيين في قطاع غزة وفي إسرائيل، تصاعدت التصريحات الإسرائيلية، المكررة في الأيام الأخيرة، الداعية إلى توجيه ضربات عسكرية قاسية لحركة حماس بوجه خاص.

وهدد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بعد ظهر اليوم، الأربعاء، بتوجيه ضربات شديدة لقطاع غزة في حال لم يتوقف إطلاق الصواريخ. وصرح نتنياهو للصحافيين، خلال زيارة إلى مقر فرقة غزة العسكرية في أعقاب سقوط صاروخ أطلق من قطاع غزة في مدينة بئر السبع، أنه "قلت في بداية اجتماع الحكومة هذا الأسبوع إنه إذا لم تتوقف هذه الهجمات، فإننا سنوقفها. وأريد أن أقول لكم اليوم إن إسرائيل ستعمل بقوة بالغة".

وحمل جيش الاحتلال الإسرائيلي حركتي حماس والجهاد الإسلامي المسؤولية عن إطلاق القذيفتين اليوم، بداعي أنهما التنظيمان الوحيدان اللذان يملكان مثل هذه القذائف، لجهة المدى والدقة، وأن امتناعهما عن تحمل المسوؤلية يأتي بهدف تحييد رد إسرائيلي عنيف محتمل.

وعزت تحليلات أمنية وعسكرية إلى أن الهدف من التصعيد كان تشكيل ورقة ضغط على مفاوضات التسوية التي وصلت إلى طريق مسدود.

شطاينتس: ضربة قاسية لحماس وتجنب حرب شاملة

قال وزير الطاقة وعضو المجلس الوزاري المصغر الإسرائيلي، يوفال شطاينتس، اليوم الثلاثاء، إنه يجب على إسرائيل أن ترد على سقوط قذيفة في بئر السبع بهجوم عنيف، مضيفا أن الهدف هو "جباية الثمن بحيث يكون من الواضح أنه تم تجاوز خط أحمر"، ولكن دون الدخول في حرب شاملة. وأضاف إنه "يمكن تحقيق الهدوء من خلال إنزال ضربة مؤلمة لحركة حماس".

وبحسبه، فإن إعادة "الهدوء إلى الجنوب" يتم إما عن طريق توجيه ضربة قاسية ومحدودة، ثم محاولة التوصل إلى تهدئة، أو القيام بحملة عسكرية أو شن حرب شاملة على قطاع غزة.

وفي مقابلة مع موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اتهم شطاينتس الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بأنه يتحمل المسؤولية عن المبادرة لشن الهجوم. وبحسبه، فإن عباس يخنق قطاع غزة، ويتسبب بأزمة إنسانية".

وأضاف أن الأحداث في الجنوب سوف تتطور، وأنه يأمل أن يتم توجيه ضربة شديدة، قد يتلوها ردود من الطرف الثاني لعدة أيام، دون الدخول في حرب شاملة ضد قطاع غزة.

وقال أيضا إنه يمكن الوصول إلى النتائج النهائية و"إعادة الهدوء" من خلال توجيه ضربات هجومية، ولكن دون خوض حرب شاملة لأن الحرب لها ثمن، والهدف هو إعادة الهدوء، وإذا لم يحصل، سيتم التوجه إلى حرب شاملة رغم أنها ليست الخيار الوحيد.

وتابع أنه لا يرى حلولا بعيدة المدى، سواء لقطاع غزة أم للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. وقال إنه لا يمكن الانسحاب من الضفة الغربية والسماح بإقامة دولة فلسطينية، بادعاء أن "ما حصل في غزة سوف يحصل في نابلس ورام الله"، ليخلص إلى نتيجة أنه "لا يوجد شريك يمكن الاعتماد عليه لفترة طويلة.. هذه لعبة ضربات، وبعدها يأتي وقف إطلاق النار".

وأضاف أن توحيد قطاع غزة مع الضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية غير ممكن الآن، كما أنه ليس واثقا من أن ذلك يجب أن يكون هدف إسرائيل. وقال "ليست وظيفتنا أن نعيد أبو مازن إلى قطاع غزة رغم أنه معني بأن نقوم بتوجيه ضربة لحركة حماس، وربما نعيده إلى غزة برماح الجيش الإسرائيلي. ولكن يجب ألا نذهب في هذا الاتجاه". على حد تعبيره.

من جهته قال رئيس حزب "العمل"، آفي غباي، لموقع الصحيفة ذاتها، إنه يجب على إسرائيل أن تعيد السيطرة على قطاع غزة إلى رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس. وادعى أن الحكومة الإسرائيلية تفضل الحوار مع حركة حماس، وأن ما تفعله يعزز من قوة الحركة كي لا تضطر لإجراء مفاوضات أخرى.

وأضاف غباي أنه يجب على إسرائيل أن تساعد عباس في نقل قواته الأمنية من أجل السيطرة على قطاع غزة، ثم عرض خطة دولية على الفلسطينيين في غزة. وبحسبه "بعد أن يسيطر عباس على غزة سيكون هناك معابر ودعم واستثمارات.. عالم آخر.. وما هو موجود في الضفة الغربية سيكون في قطاع غزة". على حد قوله.

وتابع أن ذلك لا يعني التنازل عن محاولات التوصل إلى تسوية، ولكن يجب إدراك المدى البعيد بحيث لا تكون حركة حماس مسيطرة على قطاع غزة.

من جهته دعا وزير الأمن الداخلي، غلعاد إردان، إلى التصعيد بداعي الرد، ففي حديثه مع إذاعة الجيش الإسرائيلي قال إن "محاولات التوصل إلى تهدئة قد انتهت، ويجب الانتقال إلى مرحلة أكثر عسكرية".

نتنياهو يعقد جلسة تقييم وآيزنكوت يقطع زيارته للولايات المتحدة

ويعقد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، جلسة تقييم أمنية للوضع. ويتوقع أن يشارك في الجلسة وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، ونائب رئيس أركان الجيش، ورئيس المجلس للأمن القومي، ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، وكبار المسسؤولين في الأجهزة الأمنية.

ونقل عن مكتب رئيس الحكومة قوله إن نتنياهو يجري مشاورات أمنية في الساعات الأخيرة.

وعلم أن ليبرمان أعلن إغلاق معبر قطاع غزة، معبر بيت حانون ومعبر كرم أبو سالم، كما تم تلقيص منطقة الصيد قبالة شواطئ غزة إلى ثلاثة كيلومترات، في حين ألغيت جلسة المجلس الوزاري السياسي – الأمني التي كانت مخططة لصباح اليوم.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن رئيس أركان الجيش، غادي آيزنكوت، قد قطع زيارته للولايات المتحدة، وهو في طريقه إلى إسرائيل من نيويورك.

تساحي هنغبي: وزراء في "الكابينت"، يرفضون تنفيذ عملية عسكرية واسعة في غزة

من جانبه، قال وزير التعاون الإقليمي في الحكومة الإسرائيلية تساحي هنغبي، في مقابلة أجراها مع هيئة البث العام الإسرائيلي (كان- ريشيت بيت): "ليس لدينا ما نكتسبه من مواجهة في غزة، لأن ذلك سيعيدنا إلى النقطة ذاتها".

وأوضح أن العديد من الوزراء في الوزاري المصغر "الكابينت"، يرفضون تنفيذ عملية عسكرية واسعة في غزة.

واعتبر هنغبي أن "مسارعة تنظيمات فلسطينية في قطاع غزة إلى نفي مسؤوليتها عن إطلاق صاروخ على بئر السبع، أمر غير مسبوق". وأضاف "اطلعنا على أدلة تدعم مصداقية هذا الإعلان (نفي الفصائل). رئيس الحكومة وضع حدودا؛ وسيكون يوم الجمعة القادم اختبارا لاستفزازات حماس".

وتابع في إشارة واضحة إلى رفض حرب جديدة على غزة: "ليس لنا ما نكسبه من المواجهة لأننا سنعود إلى ذات النقطة"، فيما استدرك قائلًا: "يوم الجمعة القادم سيكون اختبارا لاستفزازات حركة حماس".

واعتبر هنغبي "لا يوجد صلة بين عملية في غزة والانتخابات، معظم وزراء الحكومة يؤيدون الرأي القائل إنه ليس لدينا مصلحة في الدخول بمعركة".

الجيش الإسرائيلي يتهم حماس والجهاد ويعلن استهداف عدة مواقع بينها نفق هجومي

قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن الجيش يوجه إصبع الاتهام لحركتي حماس والجهاد الإسلامي رغم أنهما ينفيان مسؤوليتهما عن إطلاق القذيفة الصاروخية باتجاه بئر السبع.

وقال إن القذيفتين من إنتاج ذاتي، وهي متوسطة المدى، ومثل هذه القذائف الصاروخية موجودة في قطاع غزة لدى حركتي حماس والجهاد الإسلامي فقط. وإنه في كل الحالات فإن حماس تتحمل المسؤولية، على حد قوله.

وردا على سؤال بشأن الإصابة المباشرة، رغم وجود منظومة "القبة الحديدية"، أجاب أن قدرات المنظومة ليست مطلقة.

إلى ذلك، قال الجيش الإسرائيلي إن الطائرات الحربية قصفت أكثر من 20 هدفا تابعة لحركة حماس في أنحاء قطاع غزة، وبضمنها نفقا هجوميا في منطقة خان يونس تجاوز الحدود باتجاه إسرائيل.

غزة، صباح اليوم (أ ب)

وأضاف الجيش أنه تم استهداف مواقع لحفر الأنفاق الهجومية في حي الزيتون وخان يونس، إضافة إلى فتحة نفق بحري قرب خان يونس، ومصنع لإنتاج ألواح إسمنتية لبناء الأنفاق، ومصنع لإنتاج وسائل قتالية جوية في رفح وتل الهوى، وموقعا عسكريا تابعا للقوة البحرية في خان يونس، إضافة إلى أهداف عسكرية أخرى، بينها موقع لإنتاج وسائل قتالية وصاروخية.

وأضاف المتحدث باسم الجيش أنه تم قصف أنواع مختلفة من الأهداف في قطاع غزة: "بنى تحتية تحت الأرض ونفق هجومي، وورشات حفر في مناطق أخرى في القطاع، وقواعد عسكرية لحماس وبنى تحتية عسكرية، ومواقع لإنتاج الصواريخ، وفتحة نفق بحري".

واتهم حركة حماس بالمسؤولية عن إطلاق القذيفتين، باعتبار أنها مسؤولة عن كل ما يجري في قطاع غزة.

"إطلاق القذائف بتنسيق بين حماس والجهاد"

ادعى المحلل العسكري لموقع صحيفة "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، أن إطلاق القذيفتين باتجاه بئر السبع ومركز البلاد كان نتيجة تنسيق بين حركتي حماس والجهاد الإسلامي.

وكتب أن إطلاق القذيفتين كان إشارة للضغط على المفاوضات مع مصر بشأن التسوية بعد الوصول إلى طريق مسدود، يوم أمس، وأنه لهذا السبب امتنعت الحركتان عن تحمل المسؤولية عن إطلاق القذائف الصاروخية، ونشرتا بيان تحفظ وصفه بـ"الكاذب"، بادعاء أنهما تسعيان لتجديد المفاوضات، ولكن تحت تهديد واضح بشأن ما يمكن أن يحصل إذا أخفقت المفاوضات.

وادعى أن ما يشير إلى ذلك هو أنه من المعروف أن قذائف صاروخية من إنتاج ذاتي تصل لمدى بعيد كهذا، وبهذا الرأس المتفجر، موجودة لدى حماس أو الجهاد الإسلامي فقط. وأنه ليس واضحا من هو التنظيم الذي أطلق القذيفتين، وربما يكون تنظيم آخر حصل على القذائف من إحدى الحركتين، ولذلك لتجنب دفع إسرائيل إلى الرد بهجوم عنيف.

وأضاف أن دقة الإصابة في بئر السبع، وعدم إصابة الهدف "المتعمدة" في منطقة المركز وسقوط القذيفة في البحر يشير إلى مستوى دقة عال في التنفيذ والتخطيط، الذي يميز حركتي حماس والجهاد، إضافة إلى أن عدم إظهار هوية مطلقي القذيفتين يشير إلى أن ذلك بمبادرة من حماس أو الجهاد. بحسبه.

ولفت بن يشاي إلى تصريحات رئيس حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، والتي جاء فيها أن "الحصار سينتهي في أواسط تشرين الأول/ أكتوبر بطريقة أو بأخرى".

ويخلص إلى أنه "في كل الحالات يجب على إسرائيل أن ترد على الهجوم الصاروخي، بحيث توضح لحماس والجهاد، ومصر أيضا، أنها ليست على استعداد لإجراء مفاوضات بشأن التسوية بينما يحاول الطرف الآخر الرهان على حياة مواطنين إسرائيل للدفع بمواقفه".

وقف التصعيد بجهود مصرية

قالت عدة مصادر، اليوم الأربعاء، لوكالة "صفا"، إن الوفد الأمني المصري تمكن خلال الساعات الأخيرة من تكثيف الاتصالات بجميع الأطرف لوقف التصعيد في قطاع غزة.

وقالت المصادر إن الوفد المصري، برئاسة وكيل المخابرات العامة المصرية، برئاسة أيمن بديع، ويضمن مسؤول الملف الفلسطيني أحمد عبد الخالق، وآخرين، بذل جهودا لوقف التصعيد.

وعلم أنه جرت اتصالات مع قيادة حركتي حماس والجهاد والفصائل الأخرى، إضافة إلى اتصالات مع المسؤولين الإسرائيليين، السياسيين والأمنيين.

وعلى صلة، نقلت الوكالة عن مصادر وصفتها بالمطلعة قولها إن ترتيبات زيارة وزير المخابرات المصرية، اللواء عباس كامل، لقطاع غزة المقررة الخميس متواصلة ولا تغير عليها.

وكان قد وصل، اليوم، إلى قطاع غزة، عن طريق حاجز بيت حانون، فريق أمني في إطار التحضير للزيارة المرتقبة. وكان مسؤول الملف الفلسطيني في المخابرات العامة المصرية، أحمد عبد الخالق، وصل ظهر الثلاثاء، قطاع غزة عبر الحاجز نفسه.

 

التعليقات