24/05/2019 - 17:17

نفاق ألماني تجاه المقاطعة: إسقاط عُقد التاريخ على الحاضر

على مدار سنوات عمرها، حاولت إسرائيل الخلط بين العداء للصهيونية وبين العداء لليهود، وحشر كل مقاومي ومناهضي جرائم الاحتلال والاستيطان التي ترتكبها ضد الشعب الفلسطيني تحت خانة اللاسامية، مستغلة الحساسية التاريخية لهذا المصطلح في العالم الغربي وأوروبا تحديدًا.

نفاق ألماني تجاه المقاطعة: إسقاط عُقد التاريخ على الحاضر

ميركل في "ياد فاشيم" (أ ب)

على مدار سنوات عمرها، حاولت إسرائيل الخلط بين العداء للصهيونية وبين العداء لليهود، وحشر كل مقاومي ومناهضي جرائم الاحتلال والاستيطان التي ترتكبها ضد الشعب الفلسطيني تحت خانة اللاسامية، مستغلة الحساسية التاريخية لهذا المصطلح في العالم الغربي وأوروبا تحديدًا.

ومنذ نشوء حركة المقاطعة العالمية (بي. دي إس)، والنجاحات التي حققتها على الساحة الدولية، أشهرت الدوائر الصهيونية في وجهها سلاح اللاسامية في محاولة لدمغها بالعنصرية والعداء لليهود، وبالتالي تأليب العالم الذي تسعى لتجنيده إلى جانبها لمقاطعة إسرائيل، احتجاجًا على جرائمها ضدها هي.

وقد نجحت تلك الدوائر، مؤخرًا، في توظيف "العقدة التاريخية" التي تعانيها ألمانيا تجاه اليهود، لصالح انتزاع قرار من البرلمان الألماني، أي بوندستاغ، يعتبر حركة المقاطعة حركةً لاسامية، وهو ما أثار موجة من الاستنكار الفلسطيني والعالمي، واعتبره حتى الكثير من الإسرائيليين اليهود محاولة لدمغ كل المعارضين لسياسات الاحتلال الإسرائيلي من اليهود، أيضًا، باللاسامية.

في هذا السياق، خاطبت الكاتبة إيلانة هيمرمان في مقال نشرته "هآرتس"، مؤخرًا، ألمانيا  قائلة "كونك قد قمت بقتل عائلة أمي وملايين آخرين من أبناء شعبي لا يعطيك الحق في تعريف اللاسامية، وهو الحق الذي أخذتيه لنفسك في القرار المنافق الصادر عن البوندستاغ بتاريخ 17 أيّار 2019، والذي يساوي بين اللاسامية وبين انتقاد سياسات دولة إسرائيل".

هيمرمان: لا مقارنة بين مقاطعة إسرائيل ومقاطعة متاجر اليهود عام 1934 (أ ب)
هيمرمان: لا مقارنة بين مقاطعة إسرائيل ومقاطعة متاجر اليهود عام 1934 (أ ب)

وأشارت الكاتبة إلى أنّه حسب قرار البوندستاغ، فإنّ النضال الراديكالي ضد السياسة الإسرائيلية، الذي يشارك فيه يهود متنورون في إسرائيل والعالم كله، هو بمثابة مصادرة الحق من دولة إسرائيل بالعيش كدولة يهودية ديمقراطية.

وواصلت الكاتبة تقول "أنتم لا تمتلكون الحق في وصفي باللاسامية لأني أرى أن مقاطعة إسرائيل في الظروف الحالية هي الأداة غير العنيفة الناجعة الوحيدة الباقية لإجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي المحتلة والسيطرة على سكانها، ولا مجال للمقارنة بين هذه المقاطعة وبين المقاطعة العنصرية الفظة التي فرضها النازيون في بلادكم على المتاجر اليهودية في نيسان 1934"، وترى الكاتبة أنّ تشويه مصطلح اللاسامية "بمثابة خطر جديد".

وتحت عنوان "اخجلي ألمانيا"، كتب الصحافي غدعون ليفي أن ألمانيا قررت تجريم العدالة وأن خليطًا من الشعور بالذنب مؤبّد بابتزاز إسرائيلي كيدي هو ما دفع البرلمان الألماني لاتخاذ أحد القرارات الأكثر غرابة واستفزازا منذ الحرب العالمية الثانية، بنعته حركة المقاطعة العالمية باللاسامية.

وأضاف ليفي "من الآن فصاعدًا سيصبح كل مؤيد لحركة ’بي. دي. إس’ معاديًا لليهود وكل من يقول احتلال إسرائيلي كمن يهتف لهتلر، ومن الآن فصاعدًا، لن تستطيع ألمانيا التفاخر بحرية التعبير، بعد أن تحولت إلى وكيل للكولونيالية الإسرائيلية"، وأشار إلى أنّ غالبية من يدعون إلى مقاطعة إسرائيل هم أصحاب ضمائر ممن يعتقدون أن دولة تنشئ نظام أبرتهايد يجب أن تُقاطع.

وتابع ليفي قائلا "هل بنظر ميركل التي دعمت القرار يُعتبر دانييل برنباويم، مدير الفرقة الموسيقية الرسمية لبرلين والشخصية النموذجية للفنان الملتزم بالضمير والأخلاق، اليهودي الفخور والإسرائيلي الخجل، مؤسس فرقة الديوان الموسيقية، والـ’وطني الإسرائيلي’ القلق على مستقبل دولة شبابه لا ساميًا؟".

برنباوم، وإن لم يكن مؤيدًا واضحًا لحركة المقاطعة، إلا أنّه مقاطع بصمت لقاعات الكونشيرتات الإسرائيلية، منذ سنوات، لأنه لا يستطيع تشنيف آذان الإسرائيليين بموسيقاه، في وقت يقع فيه، على بعد ساعة من هذه القاعات، شعب آخر تحت احتلالهم.

"ثم ماذا مع فرض العقوبات على روسيا بسبب احتلالها شبه جزيرة القرم؟"، كما يقول ليفي، "ولماذا ما يصح هنا لا يصح هناك وماذا كان موقف ألمانيا من العقوبات التي فرضت على نظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا؟".

التعليقات