30/06/2019 - 19:36

"قضايا إسرائيليّة داخلية تأثيراتها ليست كذلك"

يبدو أن الجدل بين التيارات الدينيّة والعلمانيّة الإسرائيليّة وتأثيراته المحتملة لن يقتصر على الساحة السياسيّة الداخليّة، إنما سيؤثّر على علاقات إسرائيل مع دول عربيّة، وسط خشية من تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينيّة إن استمرت سياسات الاحتلال الحاليّة أو زادت.

نتنياهو خلال جلسة الحكومة الإسرائيلية الأحد (أ ب)

يبدو أن الجدل بين التيارات الدينيّة والعلمانيّة الإسرائيليّة وتأثيراته المحتملة لن يقتصر على الساحة السياسيّة الداخليّة، إنما سيؤثّر على علاقات إسرائيل مع دول عربيّة، بحسب ما نقل موقع "هآرتس"، اليوم، الأحد، عن مسؤولين أمنيّين إسرائيليّين، أبرزوا، في المقابل، خشيتهم من تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينيّة إن استمرت سياسات الاحتلال الحاليّة أو زادت في حدّتها.

ويثار جدل إسرائيلي داخلي حول الطابع الديني اليهودي لإسرائيل، وسط سعي من اليمين الإسرائيلي إلى كبح دور المحكمة العليا، وإصرار "اتحاد أحزاب اليمين" المتطرف ضمّ مستوطنات الضفة الغربية، وحتى قضايا تطرح ضمن "السجال الداخلي الإسرائيلي"، إلا أن تحذيرات الأجهزة الأمنية الإسرائيليّة تشير إلى أن أبعادها لن تكون محصورة داخل إسرائيل.

تقديرات أمنية إسرائيلية: يهوديّة أكثر... علاقات أقلّ مع دول عربيّة

وبحسب الموقع، فإنّ مسؤولين أمنيين إسرائيليين قالوا إن "الخطط التي تدفع بها الحكومة الإسرائيليّة مؤخرًا (في الضفة الغربيّة المحتلة) إلى جانب كسر التوازن بين المركبات اليهوديّة وبين المركبات الديمقراطيّة فيها، من المحتمل أن تضرّ بحكم السلطة الفلسطينيّة، وبعلاقات إسرائيل مع دول عربيّة".

والخطط المشار إليها مشروع قانون ضمّ المستوطنات، وقرار اقتطاع رواتب الأسرى والشهداء من أموال المقاصّة الفلسطينيّة، بحسب "هآرتس"، وهي خطط حذّر المسؤولون الإسرائيليّون من أن تؤدّي إلى "اندلاع احتجاجات مدنيّة ستؤدي إلى مواجهات عنيفة، تقودها حماس وجهات معارضة أخرى"، وقدّر المسؤولون أن تبدأ السلطة الفلسطينيّة بفقدان قدرتها على ضبط الضفّة الغربيّة، بداية العام المقبل، إن لم يتوقف اقتطاع أموال المقاصّة.

أمّا عن تشريع قوانين جديدة لصالح دولة أكثر دينيّة ويهوديّة، فحذّر مسؤولون رفيعون، سياسيون وأمنيّون، من أن يؤدّي إلى الإضرار بمكانة إسرائيل أمام "الدول العربية المعتدلة".

وقدّر مختصّون إسرائيليّون أن "التوازن بين مركبيّ الدين والديمقراطيّة في إسرائيل، ينحاز مع الزمن لصالح المركّب الديني اليهودي"، بحسب ما نقل "هآرتس"، وزعموا أن "إسرائيل تكتسب اليوم مكانة لاعب مركزي في الشرق الأوسط، خصوصًا بعد التهديدات الإيرانيّة لدول عربيّة. سياسات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تجاه إيران، مقارنةً بسياسات أوروبا المنشغلة بقضاياها الداخليّة، زدت من مكانة إسرائيل".

وقال مسؤول أمني إسرائيلي للموقع "إنّ إسرائيل تستغلّ هذا الوضع لخلق تحالفات إستراتيجيّة مع دول عربية، لا تؤدي بالضرورة إلى تطبيع العلاقات معها"، وزعم أن التحسن في مكانة إسرائيل سببه "اعتبارها دولةً ديمقراطيّة، علمانيّة، مستقرّة من الناحية الاقتصاديّة ولديها نظام قضائي مستقلّ يتّبع القانون الدولي"، وادّعى أن "هذه الصورة عن إسرائيل، مضافةً إلى خشية هذه الدول من إيران، همّشت القضيّة الوطنيّة الفلسطينيّة من رأس أولويّاتها"، ورغم ذلك، بحسب ما ورد في التقديرات التي رفعت للمستوى السياسي الإسرائيليّ، "فإن الإضرار بمكانة إسرائيل، في أعقاب مساع في اليمين المتطرّف أو سن قوانين تضرّ بالاقتصاد الفلسطيني أو قضايا وطنيّة أخرى، ستجبر دولا عربيّة إلى اشتراط ’علاج’ القضايا الفلسطينيّة لاستمرار التعاون معها".

حيرة إسرائيليّة: لا مفرّ عودة الفلسطينيين للاهتمام من قضاياهم الوطنيّة

وتجمع الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة، بحسب "هآرتس"، أنّ "الصعوبات الاقتصاديّة هي الشاغل الأبرز للفلسطينيّين، ولذلك، فإن العالم العربي غير مهتمّ بالقضايا الوطنيّة الفلسطينيّة"، وأضاف الموقع "إن لم تتحقّق توقعات السكان لحل أزمتهم الاقتصاديّة (عبر ورشة المنامة مثلا)، فإن إحباطهم من السلطة الفلسطينيّة وإسرائيل من الممكن أن يخلق توترات أمنيّة".

ورغم ذلك، لا يعني أن تحسين أوضاع الفلسطينيين سيساهم في استمرار انشغالهم عن قضاياهم الوطنيّة، فتشير التقديرات الإسرائيليّة، أيضًا، إلى أن "الاهتمام بالقضايا الوطنيّة سيعود إلى مكانته المركزيّة بعد تحسين الأوضاع الأمنيّة والاقتصاديّة في الضفة الغربية وقطاع غزة".

أما عن مساعي نقل صلاحيات "الإدارة المدنيّة" للاحتلال في الضفة الغربيّة للحكومة الإسرائيليّة ووزاراتها، فتشير تقديرات الاستخبارات الإسرائيليّة إلى أن مسارًا كهذا يعني "ضمّ الضفّة، بسبب البنى التحتيّة المشتركة بين سكانها وبين المستوطنات.. وخطوة من هذا النوع سيتم اعتبارها كإجراء أحادي الجانب لضمّ المنطقة". ونقل الموقع عن مسؤول اطّلع على المحادثات مع ممثلي السلطة الفلسطينيّة حول الموضوع أن "الفلسطينيين قلقون من رغبة إسرائيل بإضعاف الإدارة المدنيّة".

وقدّر الموقع أنه "إن بدأت السلطة الفلسطينيّة بالانهيار العام المقبل، في أعقاب إجراءات إسرائيليّة، مثل اقتطاع رواتب الأسرى وعوائل الشهداء، فإن رئيسها، محمود عباس، سيجد نفسه في صراع على تبديل حكمه، وهو صراع من المحتمل أن ينعكس على شكل عمليات إرهابيّة ضد إسرائيل. حتى الآن، فالاحتمال كبير أن ينقل عباس الحكم لواحد من المقرّبين منه. في إسرائيل يقدّرون أن عباس غير مهتمّ بأي مسارات سياسيّة أميركيّة طالما أن ترامب رئيس، غير أنهم يقدّرون أنه لن يتوجّه للإرهاب، حتى لو أن مكانته الدولية في الحضيض"، ونقل الموقع ترجيحات إسرائيليّة، رفعت للمستوى السياسي، أن "مشكلة عبّاس الأساسيّة هي في تعامله مع سكان الضفّة الغربيّة حول الأزمة الماليّة".

ونقل الموقع عن المسؤولين الإسرائيليين تقديراتهم أن استمرار التراجع الاقتصادي بالإضافة إلى الشعور بالإهانة الوطنية في وسط الفلسطينيين، بعد تسريبات صفقة القرن، قد يؤديا إلى احتجاجات تسفر عن بديل شبابي للسلطة الفلسطينيّة، حتى لو كان ذلك بثمن داخلي عنيف، غير أن أجهزة الاحتلال الأمنيّة ما زالت غير قادرة على تحديد من هي الشخصيّات القادرة على أن تكون قيادة بديلة للسلطة الفلسطينية.

 

التعليقات