26/07/2019 - 21:54

"عصر التشويش": فائض المعلومات يقلق الاستخبارات الإسرائيليّة

رغم التطور والدقّة اللتين تحرص الأجهزة الاستخباراتيّة الإسرائيلية على بثّهما عن قدراتها، تكنولوجيًا ومعلوماتيًا وتقنيًا، إلا أنها تسعى إلى تغيير إستراتيجيّتها في التعامل مع ما يسّمى "بنك الأهداف" الذي تقدّمه للجيش الإسرائيلي، ويشمل مواقع لحركة حماس وحزب الله لقصفها.

كوخافي يتبنى سياسة أكثر عدوانية (رويترز)

رغم التطور والدقّة اللتين تحرص الأجهزة الاستخباراتيّة الإسرائيلية على بثّهما عن قدراتها، تكنولوجيًا ومعلوماتيًا وتقنيًا، إلا أنها تسعى إلى تغيير إستراتيجيّتها في التعامل مع ما يسّمى "بنك الأهداف" الذي تقدّمه للجيش الإسرائيلي، ويشمل مواقع لحركة حماس وحزب الله لقصفها، بحسب ما كتب المراسل العسكريّ لموقع "واللا"، أمير بوحبوط، اليوم، الجمعة.

وبحسب "واللا"، فرغم عدد الغارات الهائل الذي شنّه سلاح الجو الإسرائيلي على قطاع غزّة خلال عدوان صيف العام 2014، وتباهي سلاح الجوّ بقّوة الهجوم، التي فاقت الأرقام القياسيّة التي حُقّقت في عدوان تموز على لبنان عام 2006، وعدوان الرصاص المصبوب على قطاع غزّة في شتاء عامي 2008 و2009، والعدوان الإسرائيليّ على غزّة عام 2012، "إلا أن الأجهزة الاستخباراتيّة الإسرائيليّة فهمت للغاية أن هذه المطرقة الثقيلة التي أسقطت على قيادات حماس أصابت الهواء في أحيان عديدة"، في إشارة إلى فشل استخباراتي في تحديد أهداف دقيقة.

وحذّر أعضاء في المجلس الوزاري السياسي والأمني المصغّر (الكابينيت)، في السابق، بحسب "واللا" من تصريحات لضباط إسرائيليين تباهوا خلالها بأن "بنك الأهداف" في الجنوب والشمال تضاعف مرّتين وثلاث مرّات، بالقول "ليست كميّة الهجمات هي من ستهزم العدو، إنما جودة الأهداف التي تنجح الاستخبارات العسكريّة الإسرائيليّة (أمان) في التعرف إليها".

ويعمل رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، منذ إلى منصبه في كانون الثاني/ يناير الماضي، على تغيير هذه الإستراتيجيّة "صقل حواس" الأجهزة الاستخباراتيّة الإسرائيليّة، وطلب في يوم عمله الأوّل من ضبّاطه "العمل على زيادة قدرة الإضرار بالعدو".

وحدة استخباراتية في الجيش الإسرائيلي (صورة رسمية)
وحدة استخباراتية في الجيش الإسرائيلي (صورة رسمية)

وطلب كوخافي من الضباط الإسرائيليين، بحسب "واللا"، "قتل عدد كبير جدًا من المخرّبين في الحرب المقبلة، مشدّدًا على ’القوات الخاصة’" (في إشارة إلى قوات النخبة في غزّة، والرضوان في لبنان)، وطلب، كذلك، أن يكون حجم "الإضرار بالبنية التحتية للإرهاب أكبر بكثير من السابق، وأن تسجّل كميّة الهجمات أرقامًا قياسيّة جديدة".

ولفت الكاتب إلى أنّ فصائل المقاومة الفلسطينيّة نجحت في إخفاء بنى تحتية كاملة عن الاستخبارات الإسرائيليّة، ولم يكتشفها الجيش الإسرائيلي إلا أثناء مناوراته، منها من لم يبعد أكثر من ثلاثة كيلومترات عن الحدود، وخلص إلى "أن الصورة دائمًا مشوّشة وناقصة، حتى عندما تكون المخابرات قويّة".

وبحسب الموقع "ساهمت هذه الفجوات في مسار الإقناع أن ’أمان’ بحاجة إلى موارد وقوّة أكثر لإتمام الأهداف. اجتمعت الأجهزة الاستخباراتيّة بنفسها وفهمت أنه دون الجمع بين كافة أذرعها فإن الحرب المقبلة ستكون معقّدة أكثر".

ويطلق رئيس "أمان"، تمير هايمان، على هذه الفترة "عصر التشويش"، ويعلّل ذلك "ليس الحديث عن هزّة إقليميّة عينيّة أو عن صدام أيديولوجي، إنما هزّة متواصلة تزداد قوّة بسبب التطور التكنولوجي وثورة الديجيتال التي تسمح بإمكانية الوصول المتواصل لكميات ضخمة من المعلومات ولطيف آخذ بالاتساع من اللاعبين، بشكل يسمح بالتأثير على مجتمعات كاملة".

وبحسب الموقع فإن "مليارات" من التفاصيل الاستخباراتيّة تمرّ في وحدات جمع المعلومات التابعة لـ"أمان" ويتم تحويلها إلى وحدة البحث التابعة للجيش الإسرائيلي، "في مسار معقّد وحسّاس. هذه ثورة معلوماتيّة. فيها فرص عديدة ولكن فيها مخاطر، أيضًا. لكل كل ما تراه صحيحًا. ليس كل ما يقال يعكس الحقيقة. عالم من التشويش ومن الـ’فيك نيوز’".

ونقل الموقع عن "مصادر استخباراتيّة كبيرة" ادّعاءها أنه "بدرجة ما، إن لم تدقّق الوحدات المختلفة في مسار إنتاج المعلومات واستخراجها وتوزيعها على الوحدات والبحث، فإن الحروب من الممكن أن تكون ’عمياء’ وتركز على العمليات الجارية فقط".

وقررت قيادة الجيش الإسرائيلي، بحسب الموقع، إجراء حركة نقل لقيادات الوحدات المختلفة، من وحدة إلى أخرى، من أجل تطوير لغة مشتركة بين هذه الوحدات.

وشرح باحث سابق كبير في "أمان" للموقع أنه "في السابق، كنت تلاحق دبابة سورية أو مصرية. اليوم عندما تحدّد موقع هدف فأنت لا تعرف أن كان يستحقّ الاستثمار به، لأنك لا تعرف أن كان هذا الهدف سيكون هناك بعد ساعة أم لا".

وبحسب رؤية كوخافي، فإن حجم الأهداف وجودة المعلومات الاستخباراتيّة عنها في كل الجبهات، ودقّتها الشديدة التي تتيح تدميرها في الوقت المناسب سيؤدي إلى تقصير أي حرب مقبلة، وسينقل الجيش الإسرائيلي إلى المستوى الذي تحدّث عنه كافة رؤساء أركان الجيش الإسرائيلي في العقدين الأخيرين: الانتصار الواضح.

وانتهى الموقع إلى القول إن "تحدّي علاج بحر المعلومات لا زال في بدايته. عظمة الجيش الإسرائيلي لن تمتحن في المعارك وجهًا إلى وجهٍ مع العدو في قلب لبنان أو غزّة، إنما في قدرة الاستخبارات على الربط بين جزيئات المعلومات التي تقود إلى المعلومة الذهبيّة، التي ستهزّ أركان العدو. هذا هو الأساس الذي يعتمد عليه ’بنك الأهداف’ الآخذ في الاتساع في الجيش الإسرائيلي".

التعليقات