28/05/2020 - 13:11

"الهجوم على منشآت المياه الإسرائيلية نقطة تحول في الحروب السيبرانية الحديثة"

كشف رئيس هيئة السايبر الوطنية الإسرائيلية، يغال أونا، عن مدى خطورة الهجوم الإلكتروني الذي نسب لإيران، واستهدف في نيسان/ أبريل الماضي منشآت مياه وصرف صحي إسرائيلية، وكاد أن يؤدي إلى مواجهة سيبرانية عنيفة بين إسرائيل وإيراني تتورط فيها الولايات المتحدة

من محطة تحلية مياه إسرائيلية (أ ب)

كشف رئيس هيئة السايبر الوطنية الإسرائيلية، يغال أونا، عن مدى خطورة الهجوم الإلكتروني الذي نسب لإيران، واستهدف في نيسان/ أبريل الماضي منشآت مياه وصرف صحي إسرائيلية، وكاد أن يؤدي إلى مواجهة سيبرانية عنيفة بين إسرائيل وإيراني تتورط فيها الولايات المتحدة الأميركية، حيث أعقبه هجوم إلكتروني نسب لإسرائيل، استهدف أجهزة كمبيوتر في ميناء "الشهيد رجائي"، في مدينة بندر عباس الإيرانية، ما تسبب في ارتباك الحركة عبر الممرات المائية والطرق المؤدية إلى الميناء.

وأوضح رئيس هيئة السايبر الوطنية الإسرائيلية، وقال أونا في مؤتمر CyberTech Digital الذ عقد في وقت سابق صباح اليوم، الخميس، عبر الإنترنت، أنه "منذ حوالي شهر شهدنا هجومًا على أنظمة المياه في إسرائيل. ومنذ ذلك الحين، لم تعد كلمة سرعة كافية لوصف الوتيرة المحمومة التي تحدث بها الأشياء في الفضاء السيبراني".

وأضاف "سنذكر الشهر الماضي على أنه نقطة تحول في تاريخ الحروب السيبرانية الحديثة. محاولة الهجوم على إسرائيل كان منظمة ومنسقة بهدف إلحاق الضرر بمنشآت المياه المدنية الإسرائيلية، الحديث لا يدور حول بنى تحتية فائقة الأهمية لدولة إسرائيل وقد تمكنا بالفعل من صد الهجوم وإحباطه".

واستدرك أونا قائلا: "لو نجح الهجوم كان سيتعين علينا التعامل - في خضم أزمة كورونا - مع الأضرار التي كانت ستلحق السكان المدنيين والتي تتضمن نقصا مؤقتًا بالمياه، أو خلط مياه الشرب بجرعات خاطئة من الكلور أو المواد الكيميائية الأخرى بجرعة، ما كان ستسبب لضرر كوارثي".

وتجنب أونا ذكر إيران بالاسم، وقال: "نحن لا ننسب أو نؤكد أي شيء حول هوية المهاجم، ولكن يمكننا فقط أن نقول إن هذه ليست مجموعة جرائم إلكترونية هاوية وأن الهجوم لم يتم بهدف السرق. كان يهدف على وجه التحديد إلى إلحاق الضرر بالحياة المدنية من خلال أنظمة المراقبة والتحكم. هذه هي المرة الأولى التي نشهد فيها شيئًا كهذا، موجها لإلحقا الضرر في فضائنا اليومي، مقارنةً بالهجمات التي استهدفت بيانات ومعلومات".

وأضاف رئيس هيئة السايبر الوطنية الإسرائيلية مخاطبا المجتمع الدولي "الشتاء السيبراني أتى أسرع مما كنا نعتقد(...) لقد تم إحباط الهجوم، لكننا بحاجة إلى أن نكون يقظين وأن ندرك أنه يمكن أن يتكرر ويجب أن نعمل معا ضد الهجوم التالي حيث قد يرتفع مستوى الهجمات والمهاجمين، ويصبح أكثر تعقيدا وفتكًا".

وتابع "يبدو أن هناك قواعد لعب جديدة في الحرب السيبرانية - يمكن أن تكون مواجهة سيبرانية سيبرانية، أو حركية ضد أهداف سيبرانية - وسيتطور كل شيء نحو حرب تستهدف المدنيين. نحن بحاجة إلى النظر في ما يعتبر بنية تحتية حرجة أو بالغة الأهمية ونحدد أيا من بين كل تلك الأحجار هي الماس في تاج الفضاء السيبراني في كل بلد، وإدارة المخاطر التي تهدد النظم التي لا تعتبر حرجة أو بالغة الأهمية".

ورجح أونا تعرض إسرائيل لهجمات مماثلة خلال الفترة المقبلة، مشددا على أنه "إذا توقفنا مكاننا ولم نتقدم ونحسن قدراتنا باستمرار، فإن الهجوم المقبل، سيتسبب بأضرار كبيرة"، وأضاف "أخشى أن هذه مجرد علامة على حقبة جديدة تستهدف فيها الهجمات السيبرانية المرافق الإنسانية والمدنية".

وكشف أونا أن أجهزة الأمن الإسرائيلية قامت بتوسيع نطاق الحماية السيبرانية قبل أربعة سنوات لتشمل عددا أكبر من المرافق والمنشآت الـ30 التي حددها القانون الإسرائيلي على أنها ذات أهمية قصوى، ليشمل نظام الحماية مع مئات الأنظمة الإلكترونية لمئات المنشآت والمرافق، ونصح برسم خريطة تشمل جميع أنظمة التحكم لتسهيل عملية إدارة المخاطر. وقال "سيذهب المهاجمون إلى المستويات الأقل حماية من الفضاء الإلكتروني"، وشدد على أهمية "تبادل المعلومات بين دول لتعزيز الدفاع السيبراني".

وامتنعت الحكومة الإسرائيلية عن التعليق رسميا، على تقرير صحيفة "واشنطن بوست"، قالت فيه إن إسرائيل هي على الأرجح من يقف خلف هجوم إلكتروني نُفذ في التاسع من أيار/ مايو الجاري، وألحق أضرارا كبيرة في عمل ميناء "الشهيد رجائي" في بندر عباس بإيران.

ونقلت الصحيفة عن مصادر في الإدارة الأميركية ودول أخرى، قولها إن الهجوم الإلكتروني تسبب بتشويشات خطيرة على الحركة في منطقة الميناء الإيراني، حيث انهارت أنظمة الحاسوب التي تُنظم حركة السفن والشاحنات ونقل البضائع.

لكن مسؤولا أمنيا إسرائيليا سابقا، ألمح إلى أن إسرائيل قد تكون نفذت الهجوم الإلكتروني، ردا على هجوم إلكتروني إيراني على بنى تحتية مائية إسرائيلية.

وكشفت تقارير صحافية إسرائيلية، الأسبوع الماضي، أنه تم استخدام خوادم حواسيب أميركية في الهجوم المنسوب لإيراني على منشآت مياه إسرائيلية، في نيسان/ أبريل الماضي، وهو ما دفع الولايات المتحدة الأميركية للمشاركة في الهجوم الإلكتروني الإسرائيلي الذي استهدف في التاسع من أيار/ مايو الجاري، ميناء "الشهيد رجائي" في بندر عباس بإيران.

ولفت محلّل الشؤون العسكريّة في موقع "واينت"، رون بن يشاي، إلى أن وحدات السايبر الإسرائيلية كانت بحاجة إلى مساعدة الإدارة الأميركية لتحديد مصدر الهجوم الذي استهدف منشآتها المائية ومنشآت الصرف الصحي، وذلك بعد العمل على إحباط الهجوم والتخفيف من أثره.

وذكر بن يشاي أن الهجوم الإيراني كان من الممكن أن يؤدي إلى تعطيل إمدادات المياه الزراعية وتفاقم مشاكل الصرف الصحي في بعض مناطق إسرائيل، في ذروة أزمة كورونا، من خلال شل أنظمة الصرف الصحي. واعتبر أن الخسائر والأضرار المحتملة التي قد تلحق بإسرائيل من هجوم سيبراني، أكبر بمراحل من الضرر الذي قد تسببت به بعض الصواريخ أو القذائق الإيرانية من لبنان أو سورية.

وأشار إلى أن الرسالة التي حاولت إسرائيل والولايات المتحدة تمريرها إلى إيران من خلال الشلل الجزئي والضرر الاقتصادي الناجم عن تعطيل حركة البضائع في ميناء "الشهيد رجائي" الإستراتيجي، هي أنه لا فرق في الرد على هجوم سيبراني إلكتروني، أو هجوم بالأسلحة الحية.

من جانبه، أطلق رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، مساء الثلاثاء، تهديدات مبطنة حول إمكانية شن هجوم سيبراني على مرافق ومنشآت عسكرية في إيران، فيما في ذلك استهداف قواعد صاروخية داخل القرى والمدن الإيرانية، إلكترونيًا.

وقال كوخافي خلال مراسم تسليم قيادة الجبهة الداخلية التابعة للجيش الإسرائيلي: "سنواصل العمل بواسطة الوسائل العسكرية المتنوعة وطرق القتال الخاصة لاستهداف العدو. المناطق المأهولة التي تمركز فيها العدو لن تكون عائقًا أمامنا لمهاجمته".

وتابع: "لقد اختار العدو نشر الصواريخ والقذائف الصاروخية داخل القرى، وبذلك قد حولها لأهداف عسكرية. وهكذا، في حال نشوب الحرب سيكتشف العدو أنه حوّل بأيديه المناطق المدنية لجبهة قتال، ونحن سنضربها بقوة".

هذا وأوعز مسؤولون في جهاز الأمن الإسرائيلي، لمنشآت حساسة وبنى تحتية قومية برفع مستوى التأهب والحذر تحسبا من هجوم سايبر إيراني أو من جهات موالية لإيران، انتقاما لهجوم السيبراني ضد الميناء الإيراني.

وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن وحدات دفاعية مضادة لهجمات سايبر في الجيش الإسرائيلي وهيئة السايبر القومية رفعوا مستوى التأهب والجاهزية لاحتمال التعرض لهجمات سيبرانية، بحيث أن التخوف في إسرائيل هو من مهاجمة مواقع إلكترونية رسمية واستهداف خوادم وخدمات مختلفة وزرع برامج إلكترونية ضارة.

وطولبت جهات مختلفة تعمل في مجال الدفاع السيبراني في إسرائيل بإصدار تعليمات للعاملين في المجالات المحوسبة بعد فتح بيانات أو إنزال ملفات مرسلة من جهات ليست معروفة أو أن مصداقيتهم محل شك. وتم التشديد بشكل خاص على عدم التعامل مع بيانات ورسائل إلكترونية متعلقة بموضوع فيروس كورونا، خشية استخدامها ذريعة لهجوم إلكتروني. كما طولب العاملون بعدم الإفصاح عن معلومات شخصية، كلمات سر أو تفاصيل حسابات لمصادر ليست مخولة أو غير معروفة، وإنزال تطبيقات من حوانيت معروفة.

التعليقات