25/07/2022 - 21:51

كيف تآمرت النخبة القضائية في إسرائيل لإغلاق ملف استشهاد أبو القيعان؟

كشف مسؤول سابق في الجهاز القضائي الإسرائيلي، عن تورط النخبة المسؤولة في أجهزة إنفاذ القانون في إسرائيل في عملية ضغط مارسوها على "ماحاش" لإغلاق ملف التحقيق في استشهاد المربي الشهيد يعقوب أبو القيعان، برصاص الشرطة، في كانون الثاني/ يناير 2017.

كيف تآمرت النخبة القضائية في إسرائيل لإغلاق ملف استشهاد أبو القيعان؟

سيارة أبو القيعان بعد إطلاق النار عليه، من موقع استشهاده في أم الحيران (أرشيفية)

كشف مسؤول سابق في الجهاز القضائي الإسرائيلي، عن تورط كل من المفتش العام السابق للشرطة الإسرائيلية، روني ألشيخ، والمستشار القضائي السابق في الحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، والمدعي العام السابق، شاي نيتسان، في عملية ضغط مارسوها على "ماحاش" لإغلاق ملف التحقيق في استشهاد المربي الشهيد يعقوب أبو القيعان، برصاص الشرطة، في كانون الثاني/ يناير 2017.

جاء ذلك تصريحات أدلى بها النائب السابق لرئيس قسم التحقيق مع عناصر الشرطة ("ماحاش")، موشيه سعدة، في مقابلة أجراها مع القناة 12 الإسرائيلية، وتعرضها القناة في سلسلة حلقات بثت أولها خلال نشرتها المسائية، الإثنين، وكشفت أن النخبة المسؤولة عن أجهزة إنفاذ القانون في إسرائيل، عملت على تشويش التحقيقات وضغطت لإغلاق ملف الشهيد أبو القيعان.

وكشف سعدة، الذي أقيل مؤخرا من منصبه، عن خصومة شديدة تصاعدت بين الشرطة وماحاش، وتجلت في تعامل نيتسان وألشيخ مع ملف الشهيد أبو القيعان الذي قتل برصاص الشرطة، وأشار إلى أن نيتسان ومندلبليت حاولا دعم موقف ألشيخ الذي دافع عن قتلة أبو القيعان، منعا من "تأثير سلبي محتمل" لقضية الشهيد أبو القيعان على مجريات التحقيق في ملفات فساد رئيس الحكومة السابق، بنيامين نتنياهو.

المربي الشهيد الراحل، يعقوب أبو القيعان

وكشف المسؤول الإسرائيلي السابق عن سلسلة من الخطوات والإجراءات التي اتخذها ألشيخ عندما علم أن ماحاش كان سيعلن أن الشهيد أبو القيعان، "لم يكن إرهابيًا، بل مدنيًا أطلقت عليه الشرطة النار دون ارتكاب أي مخالفة أو جريمة".

وأفاد سعدة بأن "الفحص الروتيني" لملابسات جريمة قتل الشهيد أبو القيعان، أظهر أن "الحدث ليس كما هو موصوف لنا"، وأن الشهيد أبو القيعان "كان يقود سيارته ومن ثم يتم إطلاق النار عليه، وعندها فقط يقوم بدهس" عناصر الشرطة الذين تواجدوا حينها في قريته، أم الحيران، لتنفيذ أوامر هدم منازل القرية.

وأضاف سعدة أنه "في مرحلة ما شعرنا أن التحقيق يسير بشكل خاطئ بالنسبة لنا، وأن هناك من يشوش ويعرقل مجريات التحقيق"، ولفت إلى أن عناصر الشرطة الضالعين في قتل أبو القيعان جلسوا في الوحدة المركزية للشرطة في غرفة واحدة، وشاهدوا مقطع الفيديو الذي يدينهم ونسقوا رواياتهم بمساعدة ألشيخ (أن الدهس كان عملية هجومية) الذي تبناها بالكامل وسارع للترويج لها وبثها في وسائل الإعلام.

وعن حديث ألشيخ لوسائل الإعلام حينها حول ملف التحقيق في قضية الشهيد أبو القيعان، قال سعدة "إنه احتيال. يذهب إلى وسائل الإعلام ويقدم رواية الشرطة حتى يعرفها جميع العناصر قبل التحقيق معهم"، وشدد على تعرضه لـ"ضغوط لعدم التحقيق في القضية".

وقال إن كل الفحوصات والتحقيقات التي أجريت في ماحاش أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن الحديث ليس عن هجوم، إلا أن الضغوطات تواصلت، وقال إن الضغوطات تمثلت بداية بالإشارة إلى عدم الحاجة لفتح ملف تحقيق في الجريمة، ووصلت إلى حد اتهامه بـ"عدم الوطنية"، إذ قيل له "هل تعرف كيف ستؤذي دولة إسرائيل وتؤثر على صورتها أمام العالم".

ألشيخ (أرشيفية - أ.ف.ب.)

وشدد سعدة على أن عناصر الشرطة المتورطين في جريمة قتل الشهيد المربي أبو القيعان "كذبوا ولوثوا التحقيقات وعملوا على تشويشها، في المقابل، لم يكتف ألشيخ بذلك، بل توجه إلى أوري (كرمل، رئيس "ماحاش" حينها) وهددها بتفكيك الجهاز".

ولفت سعدة إلى اجتماع دعا إليه مندلبليت في مكتبه بمشاركة سعدة نفسه وكرمل وألشيخ ونائب الأخير، وأفاد بأن الاجتماع ساده التوتر وتعالت خلاله نبرات الصوت، وطالب ألشيخ خلاله بإجراء "تغيير بنيوي في ماحاش وفصله عن النيابة العامة". ووصف مساعد ألشيخ محققي "ماحاش" بأنهم كاذبون. واعتبر أن ألشيخ ونائبه انفلتا ضد المسؤولين في "ماحاش".

وقال سعدة إن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية ارتعد من ألشيخ وحاول تهدئته وقال إنه "كان خائفا منه". ونقل سعدة عن المدعي العام السابق، نيتسان، قوله خلال اجتماع مع المسؤولين في ماحاش في "الغرف المغلقة"، "'كما تعلمون، لا يوجد هنا عملية هجومية، ولكن إذا كان هناك عملية هجوم، فهي ما فعله ألشيخ بمكتب المدعي العام".

ووفقا للمسؤول القضائي السابق، فإن "نيتسان رفض الإقرار بما أكده كل الطاقم المهني: أن مواطنا إسرائيليا بريئا (الشهيد أبو القيعان) قتل رميا بالرصاص"، وفسر سعدة تصرف نيتسان ومندلبليت بأن الاعتبارات التي حركتهما هي عدم الإضرار بملفات التحقيق بفساد نتنياهو.

وشدد سعدة على أن المدعي العام السابق، نيتسان، سعى إلى إخفاء العلاقات المتعكرة بين "ماحاش" والشرطة، بادعاء عدم المس بالتعاون بين النيابة والشرطة خلال فترة التحقيقات ضد نتنياهو، التي وصفها سعدة بأنها تحولت إلى "أهم شيء، الجهاز (القضائي) بأكمله موجه نحو ملفات نتنياهو".

التعليقات