23/09/2022 - 15:06

خطاب لبيد: تبييض لصورة إسرائيل وغطاء لعملية عسكرية محتملة في الضفة

ركزت التحليلات الواردة في وسائل الإعلام الإسرائيلية على أن طرح لبيد لتبينه "حل الدولتين" جاء كنوع من الرؤية لحل مستقبلي وليس كمشروع يمكن الدفع به في الظروف الحالية ولن يؤدي إلى إطلاق عملية سياسية في المدى المنظور ولا استئناف المفاوضات

خطاب لبيد: تبييض لصورة إسرائيل وغطاء لعملية عسكرية محتملة في الضفة

لبيد أمام الجمعية العام للأمم المتحدة (Getty Images)

أفادت تحليلات إسرائيلية نُشرت اليوم، الجمعة، أن التصريحات الصادرة عن رئيس الحكومة الإسرائيلية، يائير لبيد، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حول تبنيه لـ"حل الدولتين"، لن تحمل أي جديد في ما يخص الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وتأتي في سياق سياسي إسرائيلي داخلي مع اقتراب انتخابات الكنيست المقررة في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، وقد تشكل غطاء لجيش الاحتلال الإسرائيلي الذي قد يقدم على تنفيذ عمليات عسكرية واسعة في الضفة الغربية خلال الفترة المقبلة.

وركزت التحليلات الواردة في وسائل الإعلام الإسرائيلية على أن طرح لبيد لتبينه "حل الدولتين" جاء كنوع من الرؤية لحل مستقبلي وليس كمشروع يمكن الدفع به في الظروف الحالية ولن يؤدي إلى إطلاق عملية سياسية في المدى المنظور ولا استئناف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، وأشاروا إلى أنه موجه للمجتمع الدولي لرفع الحرج عن إسرائيل وإظهارها كدولة "صانعة للسلام"، وقد يعود بالنفع على السياسة الخارجية الإسرائيلية ويرضي إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن.

من جانبه، شدد المحلل السياسي في صحيفة "معاريف"، بن كسبيت، على أن تصريح لبيد بشأن "حل الدولتين" مهم للغاية على صعيد المصلحة القومية الإسرائيلية، معتبرا أنه يمنح إسرائيل "خط ائتمان" قد يوفر لها غطاء لأي عملية عسكرية واسعة قد يشنها الاحتلال على مدن في الضفة خلال الفترة المقبلة، وقال إنها تبرز إسرائيل أمام الرأي العام الغربي على أنها "صانعة سلام، تضطر للعمل عسكريا مجبرة للدفاع عن أمنها" في مواجهة الفلسطينيين.

ولفت كسبيت إلى أنه عمليا، لا مناص لإسرائيل من تبني "حل الدولتين" تماشيا مع مصالح أمنها القومي، في ظل المخاطر التي تكتنف الحديث عن دولة واحدة ثنائية القومية، موضحا في الوقت نفسه أن ذلك لن يتمخض عن استئناف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني أو إخلاء للمستوطنات أو حتى عن تجميد للاستيطان في الضفة المحتلة.

وقال إن الخطاب قد يقع على مسامع الغرب على نحو يبيض صورة إسرائيل إذا ما "اضطرت"، على حد تعبيره، لـ"زيادة الضغط على الضفة الغربية، وأقدمت على اجتياح مدن فلسطينية، أو حتى فرص إغلاق على بعضها" للعمل على ما وصفه بـ"تنظيفها، وليس مجرد ملاحقة مطلوبين"، وأضاف أنه "في نهاية اليوم (تصريح حول تنبي رؤية حل الدولتين) يثبت أننا صانعو سلام، ويمنح لبيد خط ائتمان دولي جديد" للعمل في مواجهة الفلسطينيين.

وشدد بن كسبيت على أن تصريح لبيد بشأن تبني "حل الدولتين"، "لن يكلف إسرائيل أي شيء، هو مجرد تصريح غير مرتبط بخطة عمل"، واستطرد قائلا: "متى قد يتحقق ذلك؟ عندما يتوفر شريك في الجانب الفلسطيني يمكنه أن يعترف بأنه لن يكون هناك حق للعودة وأن الجيش إسرائيل سيواصل سيطرته الأمنية على الأردن لعقدين مقبلين من الزمن على أقل تقدير والمستوطنات ستظل تحت السيطرة الإسرائيلية، وعدة أمور أخرى".

بدروها، اعتبرت صحيفة "هآرتس" أن جل ما التزم به لبيد هو "اتفاق مع الفلسطينيين يضمن أمن إسرائيل وازهارها الاقتصادي"، مشددة على أنه "لم يحمل أي أخبار سارة" ولم ينطوي على شيء جديد، إذ أنه صادر "عن رئيس حكومة انتقالية في دولة يمينية"، لافتة إلى أن خطاب لبيد لم يكن الأول الذي يعبر فيها رئيس حكومة إسرائيلية عن التزام تل أبيب بـ"حل الدولتين" إذ كان نتنياهو قد سبقه إلى ذلك "رغم أنه لم يحرك ساكنا لصالح هذا الحل".

وقال المحلل السياسي للصحيفة، يوسي فيرتر، إن تصريحات لبيد في حد ذاتها "تخلو من المعنى العملي وليس لها أي جدوى، في ظل عدم وجود شريك" فلسطيني، معتبرا أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، "يقترب من النهاية، والسلطة تنهار بين يديه"، على حد تعبيره. ورأى أن خطاب لبيد كان ناجحا، معتبرا أنه "ليس أقل مهارة من نتنياهو، مع اختلاف واحد: أن لبيد يحظى بمصداقية أمام قادة العالم الذين لا يرونه كاذبًا، إذ لم يغشهم أو يخذلهم، كما عانى دونالد ترامب من صديقه العزيز، نتنياهو".

وأشار فيرتر إلى السياق الانتخابي لتصريحات لبيد، وقال إن الأخير "أدرك أنه لا طائل من التظاهر بالتوجهات اليمينية"، مشيرا إلى أنه يعتزم زيادة كتلة حزبه على حساب معسكر يسار الوسط، وفي الوقت نفسه شدد على أنه "حتى لو نجح لبيد في تشكيل حكومة بعد الانتخابات، فلا بد أن تضم أعضاء يعارضون قيام دولة فلسطينية". ورأت "هآرتس" أن خطاب لبيد جاء "في خضم حملة انتخابية خامسة على خلفية أزمة سياسية عميقة"، مشيرة إلى أن التصريح حول "حل الدولتين" يأتي "في ظل ظروف تفتقر إلى القدرة على مرافقة الكلمات مع دعوة لإجراء مفاوضات سياسية".

وفيما وجّه اليمين الإسرائيلي انتقادات إلى لبيد بعد أن أعلن في الجمعية العامة للأمم المتحدة عن دعمه لفكرة "حل الدولتين" ضمن شروط، ودون أن يحدد حدود الدولة الفلسطينية التي يتحدث عنها، أبدت أحزاب يسار الوسط دعمها للخطاب.

واعتبر بن كسبيت أن الادعاءات حول إمكانية أن ينقل خطاب لبيد حالة من الخوف للناخب اليميني الذي يأس من معسكر نتنياهو، الأمر الذي قد يدفعه إلى المشاركة في الانتخابات، ورفع نسب التصويت في أوساط معسكر اليمين، غير واقعية، إذ أن تصريحات لبيد صدرت عن نتنياهو مرارا وتكرارا من قبل، ومن الجلي والواضح للناخب الإسرائيلي أنها غير معززة بأي خطة عمل أو إجراءات على الأرض تشمل استئناف المفاوضات أو العملية السياسية مع الفلسطينيين.

ورفض نتنياهو خطاب لبيد بشدة، رغم أنه كان قد أعلن سابقا دعمه لحل الدولتين في خطاب مماثل أمام الأمم المتحدة، وقال نتنياهو في تغريدة على تويتر، في ساعة متأخرة من مساء الخميس: "لن نسمح للبيد بإقامة دولة فلسطينية وإعادتنا إلى كارثة أوسلو".

ووصف نتنياهو الخطاب بأنه "مليء بالضعف والهزيمة وانحناء الرأس". أما وزيرة الداخلية، أييليت شاكيد، فقالت في تغريدة على تويتر: "لبيد يتحدث نيابة عن نفسه فقط عندما يؤيد قيام دولة فلسطينية؛ هذه مجرد حيلة انتخابية؛ لن نسمح أبدًا بإقامة دولة إرهاب فلسطينية في قلب أرض إسرائيل؛ مثل هذه الدولة ستكون بؤرة للتطرف والإرهاب وعدم الاستقرار الإقليمي".

التعليقات