أجرى الجانبان المصري والإسرائيلي محادثات "هادئة" حول تبادل إطلاق النار على الشريط الحدودي في منطقة رفح، والذي أسفر عن استشهاد جندي مصري بنيران إسرائيلية، الإثنين، وقررا "ترك القضية تموت بهدوء" بعيدا عن وسائل الإعلام، بحسب ما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت".
تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"
في المقابل، تواصل تبادل الاتهامات على المستوى غير رسمي بشأن الجانب الذي شرع بإطلاق النار، في ظل عدم التطرق لهذا الشأن في البيانين الرسميين المقتضبين اللذين صدرا عن المتحدث العسكري المصري والجيش الإسرائيلي.
الرواية الإسرائيلية
وكشفت هيئة البث الإسرائيلية ("كان 11") أن التحقيق الأولي أظهر أن تبادل إطلاق النار حصل في الساعة 11:30 صباحا، "عندما كانت قوة من سلاح الهندسة التابعة للجيش الإسرائيلي تمارس نشاطا عملياتيا لتحييد نفق على الحدود المصرية".
وأضافت أن الحادثة حصلت في محور فيلادلفيا، قرب مواقع انتشار جنود مصريين في الجانب المصري، وزعمت أنه "خلال النشاط العملياتي للجيش، أطلق جندي مصري النار على شاحنة تابعة للقوة من مسافة قصيرة نسبيا".
وتابعت أن عناصر الاحتلال "الذين قاموا بتأمين القوة، والذين كانوا داخل ناقلة جنود مدرعة تابعة لسلاح الهندسة، بإطلاق النار من منظومة ‘كاتلاني‘ على الجندي المصري الذي أطلق النار ما أدى إلى مقتله وإصابة آخرين كانوا بالقرب منه".
ومنظومة "كاتلاني" (كلمة بالعبرية تعني قاتل) هي عبارة عن مدفع رشاش مثبت على ناقلة الجنود المدرعة.
الرواية المصرية
في المقابل، كشف مصدر أمني تحدث لصحيفة "العربي الجديد"، أن الجندي المصري استشهد "برصاص قناص إسرائيلي"، مضيفا أن القوات المصرية "لم تبدأ بإطلاق النار"، بخلاف الرواية الإسرائيلية.
وبحسب المنشورات المصرية على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن الجندي المصري الذي استشهد في الحادثة يدعى عبد الله رمضان، وهو من قرية العجمين بمحافظة الفيوم جنوب غرب مصر؛ في حين لم يعرف عدد المصابين في صفوف الجيش المصري.
عبدالله رمضان عشري قطب حجي
— Ahmed Abdeen (@aabdeen24) May 27, 2024
شهيد #مصر
آخر من أطلق الرصاص المصري في الاتجاه الصحيح pic.twitter.com/QRPmXu3EkE
وذكر "مسؤول أمني مطلع" تحدث لقناة "القاهرة الإخبارية" أن "التحقيقات الأولية لحادث إطلاق النيران واستشهاد جندي على الحدود تشير إلى وقوع إطلاق نيران بين عناصر من قوات الاحتلال الإسرائيلي وعناصر من المقاومة الفلسطينية".
وقال إن ذلك "أدى إلى إطلاق النيران في عدة اتجاهات، وقيام عنصر التأمين المصري (الذي استشهد في الحادث) باتخاذ إجراءات الحماية والتعامل مع مصدر النيران".
وأضاف المسؤول الأمني "هذا ما حذرنا منه منذ شهور... والهجوم الإسرائيلي على محور فيلادلفيا يخلق أوضاعا ميدانية ونفسية يصعب السيطرة عليها ومرشحة للتصعيد".
وفي روايته الرسمية، قال المتحدث العسكري المصري إن "القوات المسلحة المصرية تجري تحقيقًا بواسطة الجهات المختصة حيال حادث إطلاق النيران بمنطقة الشريط الحدودي في رفح، ما أدى لاستشهاد أحد العناصر المكلفين بالتأمين".
وقبل البيان المصري، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يجري تحقيقا في حادثة "إطلاق نار وقعت على الحدود المصرية"، مؤكدا وجود اتصالات مع مصر بهذا الشأن.
قرار مشترك بـ"قتل الحادثة بصمت"
وكشف الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" (واينت)، عن "حوار بين كبار المسؤولين في إسرائيل ومصر" يجري في الخفاء في محاولة لـ"جعل الحادثة تموت بهدوء" بعيدا عن الضجة الإعلامية.
وأشارت إلى "محادثات جرت بين ضابط إسرائيلي ومسؤول مصري"، تقرر خلالها حل الموضوع بعيدا عن وسائل الإعلام، منعا لـ"إثارة الغضب" في الشارع المصري، بهدف "كبح أزمة سياسية غير مرغوب فيها لكلا الجانبين".
ونقلت الصحيفة عن مصدر مصري قوله إن "الجانبين قررا ترك قضية مقتل الجندي المصري تموت بهدوء"؛ فيما قال مصدر أمني مصري آخر إنه طُلب من المراسلين العسكريين المصريين "الابتعاد عن (تغطية) هذه القضية".
وأشار إلى أنه على الجانب الإسرائيلي قاموا أيضا باللجوء للرقابة العسكرية، من أجل "منع التقارير التي من شأنها إثارة الغضب على الجانب الآخر (المصري)". وكانت "كان 11" قد كشفت أن الجيش الإسرائيلي امتنع عقب الحادثة عن الإدلاء بمعلومات.
تشكيل لجان تحقيق... مشتركة؟
ونقلت قناة "القاهرة الإخبارية" المقربة من المخابرات المصرية عن المصدر الأمني المطلع ذاته (لم تسمه)، أنه "تم تشكيل لجان تحقيق للوقوف على تفاصيل الحادث لتحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكراره مستقبلا".
ولم يوضح المصدر ما إذا كان لجان التحقيق هذه مصرية خالصة أم مشتركة مع الجانب الإسرائيلي، لكن حديثه يأتي بعد إعلان إذاعة الجيش الإسرائيلي بدء تحقيق مشترك مع الجانب المصري في هذا الحادث.
في المقابل، أشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن "مصر وإسرائيل تجريان تحقيقا منفصلا في ملابسات الحادث"، في حين تحدثت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن "تحقيق إسرائيلي مصري مشترك".
وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن مسؤولين في الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك) أجروا محادثات مع نظرائهم في القاهرة في الساعات الماضية، بعد حادثة تبادل إطلاق النار على الحدود المصرية.
#المتحدث_العسكرى : القوات المسلحة المصرية تجرى تحقيق بواسطة الجهات المختصة حيال حادث إطلاق النيران بمنطقة الشريط الحدودى برفح مما أدى إلى إستشهاد أحد العناصر المكلفة بالتأمين .
— المتحدث العسكري (@EgyArmySpox) May 27, 2024
إنستجرام :https://t.co/gCrygjzhkH
ثريدز :https://t.co/nQnX4C54Wb pic.twitter.com/gsfwWX2sPJ
وأشارت إذاعة الجيش إلى "تحقيق إسرائيلي مصري مشترك، في محاولة للتوصل إلى تفاهم بشأن الحادثة ومنع تدهور العلاقات" التي تشهد توترا منذ بدء هجوم الاحتلال على منطقة رفح.
وطالب المصدر الأمني المصري، "المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته إزاء خطورة تفجر الأوضاع على الحدود المصرية مع غزة ومحور فيلادلفيا".
وقال إن خطورة تفجر الأوضاع لا تتعلق بـ"الجانب الأمني" فقط، ولكن أيضا بـ"مسارات تدفق المساعدات". وأشار إلى أن "مصر (سبق أن) حذرت من تداعيات العمليات العسكرية الإسرائيلية بمحور فيلادلفيا".
ومحور فيلادلفيا أو محور صلاح الدين، هو شريط حدودي بين مصر وقطاع غزة يمتد داخل القطاع بعرض مئات الأمتار وطول 14.5 كيلومترا من معبر كرم أبو سالم وحتى البحر المتوسط.
في السياق ذاته، نقلت قناة "القاهرة الإخبارية" أيضًا عن "مصدر مصري رفيع المستوى"، لم تسمه، أن "مصر تحذر من المساس بأمن وسلامة عناصر التأمين المصرية المنتشرة على الحدود".
ويأتي ذلك في ظل توتر تشهده العلاقات بين القاهرة وتل أبيب في الفترة الأخيرة على خلفية قيام الجيش الإسرائيلي ببدء عملية عسكرية في مدينة رفح في 6 أيار/ مايو الجاري، والسيطرة على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.
وكانت مصر قد قالت إنها رفضت التنسيق مع الجانب الإسرائيلي في المعبر، مؤكدة أنها "لن تقبل" بسياسة "فرض الأمر الواقع" التي تتبعها إسرائيل، متهمة تل أبيب بالمسؤولية عن توقف عمل المعبر، وتصاعد الأزمة الإنسانية في غزة.
وعبرت مصر في أكثر من مناسبة خلال الفترة الأخيرة، عن خشيتها من استغلال إسرائيل الحرب على غزة لمعالجة ما تعتبره "معضلة سكانية فلسطينية" عبر تمرير خطط لتهجير الفلسطينيين إلى مصر، وهو ما رفضته القاهرة باعتباره "خطا أحمر".
كما يأتي حادث إطلاق النار بعد ساعات من استشهاد 45 فلسطينيا وإصابة عشرات أغلبهم أطفال ونساء، في قصف استهدف خيام نازحين بمنطقة تل السلطان شمال غرب رفح ومناطق مجاورة.
التعليقات