كيد مرتد" كتاب إسرائيلي يفضح فشل القيادة الاسرائيلية في الانتفاضة الثانية والمؤامرة على ياسر عرفات

-

 كيد مرتد
كشف كتاب إسرائيلي صدر، مؤخراً، تحت عنوان "كيد مرتد - فشل القيادة في الانتفاضة الثانية" حجم التواطؤ الإسرائيلي على الرئيس الشهيد الراحل ياسر عرفات، والمساعي الحثيثة للتخلص منه عنوة أو بـ"طرق إبداعية"، بعد فشل الاحتلال في قمع الانتفاضة الثانية رغم البطش والحصار.

ويفضح الكتاب الذي ألفه الصحفيان الاسرائيليان البارزان دروكر رفيف وعوفر شيلح، قيام اسرائيل بإهدار فرص التهدئة والسلام في السنوات الاربع الاخيرة، سلسلة من خبايا مخططات وحقيقة مواقف المؤسسات الامنية والسياسية الصهيونية حيال الرئيس الراحل.

وأوضح الكتاب، ان اسرائيل دأبت على "شيطنة" الرئيس عرفات من خلال التحريض على شخصه وتحميله كامل المسؤولية عن سفك الدماء في المنطقة، بهدف التهرب من استحقاقات السلام مع الفلسطينيين، انسجاماً مع نظرية قيام الزعيم الفلسطيني باشعال الانتفاضة والتحكم بها و"غياب الشريك" في الجانب الآخر.

وأضاف الكتاب، ان رئيس الوزراء الاسرائيلي اريئيل شارون، استغل التحريض على شخص الرئيس الراحل عرفات من اجل عدم مواجهة التحديات، كالمبادرة السعودية التي سوقت على انها غير ذي صلة لان عرفات سيحبطها".

ونوه المؤلفان، إلى ان انتهاج التحريض ضد الرئيس الراحل حركت دوافع الحفاظ على الوحدة الداخلية في اسرائيل، مشيرين الى ان شخصنة الصراع وتعليق كل" الشر" على شماعته اسهل بكثير من مواجهة ارادة شعب كامل.

واضاف المؤلفان أنه عندما بلغت معلومات قاطعة ان عرفات يعمل من اجل خفض مستوى ألسنة لهب الصراع كما حصل بعد عملية "نادي الدولفين" في يافا، في يونيو- حزيران 2001 التي اعقبها وقف اطلاق نار فلسطيني سرعان ما قوبل بالانكار والتحريض.

وأشار الكتاب إلى الكاريكاتور الذي نشرته صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية تعبيراً عن تحويل عرفات الى المتهم الدائم في وعي الاسرائيليين، وتظهر فيها امراة الى جانب سيارتها التي تعطلت في الشارع وهي تقول لزوجها الغاضب: هيا نتهم عرفات.

وأوضح الكتاب، ان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق عاموس مالكا ومدير وحدة الدراسات فيها عاموس غلعاد، كانا يلهثان وراء اية معلومة لتوفير الدليل بان عرفات يقود الانتفاضة، ما دفعهما الى تفسير اقواله بتفسيرات ادبية.

واشار الكتاب الى انه رغم تضييق الخناق على الرئيس الراحل وعزله داخل اجزاء من مقره المهدم في رام الله المحتلة، ظلت دوائر صناعة القرار الاسرائيلية تكرس جلسات كثيرة للبحث في" مصيره".

ولفت المؤلفان الى ان شارون منح وزرائه حرية القدح والتقريع بالرئيس عرفات، كي يبدو امام الراي العام المحلي والعالمي كرجل عاقل ومسؤول، واضافا "وهكذا تحولت جلسات الحكومة الى سباق بين الوزراء بالتعرض للرئيس الراحل، فيما لم تحظ القضايا الجوهرية بنقاش جاد".

وأشار المؤلفان، إلى انه حينما طلب الوزير شيرانسكي في العام2001 بحث ماهية وجدوى الحرب الدائرة، فإن شارون وعد ان تفعل الحكومة ذلك " قريبا" وهذا حصل في العام2003، فقط وفي المقابل زاد الحصار من قوة وهيبة الرئيس عرفات بنظر شعبه والاسرائيليين.

وأضاف الكتاب، أنه خلال هذه الجلسات بحث مرات كثيرة خيار ابعاد الرئيس عرفات من الأراضي الفلسطينية، وكان شاؤول موفاز وزير الحرب من اشد انصاره وهذا ما صدر عنه في الرابع من ابريل- نيسان 2002 يوم همس باذن شارون واتضح ان ميكروفانات الصحافة كانت مفتوحة.

واوضح الكتاب، ان عاموس جلعاد الرجل الاقوى في الاستخبارات العسكرية عارض الابعاد خوفاً من تداعياته الأمنية، مؤكداً على ضرورة ايجاد" طرق خلاقة" للتخلص من عرفات، واضاف " هو لم يسهب بذلك لكن كان واضحاً انه يتحدث عن طرق سرية."

واكد " كيد مرتد" الذي يشمل تفاصيل كثيرة وردت في 400 صفحة تستند الى وثائق سرية ايضاً ومئات اللقاءات الشخصية، ان اريئيل شارون وشاؤول موفاز حاولا عدة مرات اتخاذ قرار بابعاد عرفات إلاّ ان تحذيرات بعض الاوساط الامنية اخافتهما وردعتهما ولكن بصعوبة.

واضاف الكتاب، انه ومع مرور الأيام بدا ان شارون وموفاز يستصعبان فرملة ذاتيهما، تمهيداً لاطلاق العنان لشهوتهما بإبعاد الرئيس عرفات، ما ادى الى ازدياد الحملات العسكرية الموجهة ضده بشكل خاص مثل حملة "قريبا لديك" في مارس- اذار 2002 التي فرضت حصاراً على مقره.

وأشار الكتاب، إلى ان رئيس قسم الوحدة الخاصة التابعة لقيادة الاركان العامة قد اوضح لاريئيل شارون في سبتمبر- ايلول 2002، ان عملية اخراج عرفات من مقره عنوة ونقله بواسطة طائرة مروحية غير واقعية ومحفوفة بالمخاطر.

ونوه الكتاب الى ان الاصرار الاسرائيلي على "شيطنة" عرفات من جهة والعجز عن التخلص منه بشكل نهائي سببا حالة من الجمود واللاحول والتي خدمت سياسة شارون، لكنها عادت وسببت له احباطاً شديداً.

وأضاف الكتاب، أنه عقب عمليات جرت داخل العمق الإسرائيلي رغم كل اعمال البطش والحصار، اقترح شارون اقتراحات للتخلص من الرئيس عرفات او مضايقته منها، تثبيت محركات "ماتورات" تصدر ضجيجاً بجوار المقاطعة على مدار الساعة.

واضاف الكتاب " أطرافاً دولية اوصلت رسالة خفية بعد تجدد العمليات ضد اسرائيل، رغم عملية "الجدار الواقي" عام 2002 أنها لن تعارض طرد الرئيس الفلسطيني." ولفت الى ان شارون كان يشارك بنفسه في التخطيط لعمليات المس بعرفات والتضييق عليه سوية مع رجالات الجيش.

وأشار الكتاب، الى عملية هدم اجزاء واسعة من مقره عقب عملية استشهادية في تل أبيب في سبتمبر- ايلول 2002 والتي قال بعدها " انتهى عرفات" قبيل مداهمة المقاطعة بالجرافات ما استدعى تدخل البيت الابيض الذي خشي من نتائج العملية الاسرائيلية العنيفة على مخططاته لاحتلال العراق وقتها.

وأضاف الكتاب" في 2 ايلول- سبتمبر 2003 انسحبت قوات الاحتلال من محيط المقاطعة، تحت الضغوطات الدولية، فخرج عرفات منتصراً ليعترف قادة الجيش لاحقاً بالخطأ الكبير بقيامهم بعملية الهدم والحصار، لكن القيادة الاسرائيلية ما لبثت تكرس الجهود الكبيرة للتخلص من الرئيس الفلسطيني بعد ذلك.

ولفت الكتاب، الى اجتماع متوتر بمشاركة المستويين السياسي والعسكري قال: فيه وزير الدفاع الاسرائيلي موفاز بشكل قاطع : ينبغي تصفية عرفات طالما ان الاستخبارات تفيد انه بمثابة عائق امام تغيير و"عظمة" في حلق المنطقة فقد آن الآوان لتصفيته، والعرب سيغضبون لمدة ثلاثة ايام قبل ان ترجع المياه لمجاريها في المنطقة."

واستذكر الكتاب قول موفاز لمراسل "يديعوت احرونوت": إنه يجب قصف مقر عرفات بقنبلة بزنة طن وتصفيته بنفس طريقة اغتيال صلاح شحادة"، لكن الموقف الامريكي مع دنو الحرب على العراق، حال في نهاية المطاف دون اقدام شارون على اخراج تهديداته حيال عرفات الى حيز التنفيذ.

واشار الكتاب، الى ان الحكومة الاسرائيلية لم تأخذ بالحسبان الانعكاسات السياسية للتخلص من عرفات، ما اكد قول وزير الخارجية الامريكي الاسبق بانه لا يوجد لاسرائيل سياسة خارجية انما سياسة داخلية فقط."

ولم يتطرق الكتاب الى دور الظروف المريبة لموت الرئيس الشهيد الراحل والى علاقة اسرائيل بذلك، واكتفى بالإشارة عدة مرات الى قول عاموس غلعاد، حول ضرورة ايجاد " طرق ابداعية" للتخلص من عرفات.

التعليقات