قرار خنق غزة اتخذ خلال العدوان

عرب48/ حسن عبد الحليم

قرار خنق غزة اتخذ خلال العدوان
قبل أن تتوقف آلة الحرب الإسرائيلية عن دك قطاع غزة برا وبحرا وجوا- بيومين، أي في السادس عشر من يناير/ كانون الثاني 2009، وقّعت إسرائيل مع الولايات المتحدة مذكرة تفاهم أمنية، لم يتوقف الكثيرون عندها، ولكننا بدأنا اليوم نرى نتائجها على أرض الواقع، تشديد الحصار على قطاع غزة، جهود دولية لمنع دخول السلاح إلى قطاع غزة، وضع العراقيل أمام قوافل المساعدات، وأخيرا بناء الجدار الفولاذي.

وأبرز بنود الاتفاقية (سيرد نصها في نهاية التقرير): التعاون مع دول الجوار وحكومات عربية ومنظمات عدة في مقدمتها حلف شمال الأطلنطي "الناتو" لمنع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة ؛ مراقبة صارمة لمداخل غزة البرية والبحرية، بحيث تشمل معابر الخليج العربي والبحر الأحمر والبحر المتوسط ؛ التعاون بين المخابرات الأمريكية والقواعد العسكرية الأمريكية وبين الحكومات الإقليمية لمنع تدفق الأسلحة؛ مساعدات لوجستية وتقنية لتدريب إسرائيل ومصر ودول أخرى بالمنطقة على برامج فاعلة للمراقبة.

بعد توقيع الوثيقة الإسرائيلية الأمريكية بيومين أي في الثامن عشر من يناير وهو يوم توقف العدوان، عقدت في منتجع شرم الشيخ قمة دولية أهدافها ملتبسة، ففي حين قال المصريون إنها تعقد من أجل «الدعوة لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة»، قالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إن هدف القمة وضع آلية لوقف ما أسمته «تهريب السلاح » إلى قطاع غزة عن طريق سيناء. مع العلم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود اولمرت كان قد أبلغ مبارك بنيته وقف العدوان قبل المؤتمر بيوم واحد، أي في السابع عشر من يناير/ كانون الثاني. وحسب وكالة "رويترز" للأنباء فإن أولمرت اتصل هاتفيا بالرئيس المصري حسني مبارك يوم السبت وابلغه بقرار وقف الحرب زاعما أن القرار يأتي «استجابة للدعوة التي وجهها الرئيس المصري لوقف اطلاق النار في غزة». وجاء ذلك أيضا في كلمتي باراك وأولمرت في المؤتمر الصحفي الذي عقداه بعد جلسة المجلس الوزاري المصغر الذي أقر وقف إطلاق النار في اليوم ذاته. كما أشاد باراك في كلمته بالترتيبات التي تم التوصل إليها مع مصر لوقف «تهريب السلاح» إلى قطاع غزة. ما هي هذه الترتيبات؟


وما يؤكد الرواية الإسرائيلية حول هدف المؤتمر الذي حضره ايضا رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، الذي أعرب مؤخرا عن تفهمه لقرار مصر بناء الجدار الفولاذي، هو أن قادة الدول الأوروبيين ابدوا قبل ساعات من انعقاده استعدادهم للمساهمة في الجهود لمنع دخول السلاح إلى قطاع غزة، حيث أعلن رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون أن بلاده على استعداد لإرسال قوات بحرية لمنع التهريب إلى قطاع غزة. فيما أكد وزير الخارجية الإيطالي، في حديث مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني أن بلاده على استعداد للمشاركة في الجهود الدولية لمنع تهريب السلاح إلى قطاع غزة. فيما أصدرت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركيل بيانا قالت فيه إن "أوروبا تدعم الجهود الإسرائيلية والمصرية لوقف إطلاق النار، وما يهم مصر وإسرائيل هو أن أوروبا تؤيد وقف التهريب.

ومساء 18 يناير استقبل اولمرت في تل أبيب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل ورؤساء وزراء بريطانيا جوردون براون واسبانيا خوسيه لويس رودريجيث ثاباتيرو وايطاليا سيلفيو برلسكوني بالاضافة الى رئيس وزراء التشيك ميريك توبولانيك الذي يمثل الاتحاد الاوروبي، قادمين من اجتماع عقد في شرم الشيخ بشأن قطاع غزة.

واعتبرت المحافل السياسية والإعلامية الإسرائيلية زيارة الزعماء الأوروبيين احتضانا لها، وتعبيرا عن التأييد لإسرائيل. وهدف الزيارة المعلن «تثبيت وقف إطلاق النار، ومساعدة إسرائيل في مكافحة تهريب السلاح إلى غزة، والعمل على منع حماس من تولي مسؤولية إعمار قطاع غزة».


وبعد ثلاثة أيام، أي في 21 يناير نقلت صحيفة "هآرتس" عن مصدر سياسي مصري وصفته بأنه رفيع المستوى قوله إن مصر اتخذت قرارا استراتيجيا بلعب دور أكثر فعالية في الجهود لضمان أمن الحدود. وأنه ثمة مصلحة لمصر في ضبط الحدود، وأن الأنفاق هي سلاح ذو حدين، الأول موجه باتجاه إسرائيل، والثاني موجه باتجاه مصر. وأضاف أنه لسنوات طويلة تستمد مصر قوتها ومناعتها من حقيقة أن الحكومة المصرية هي فقط من يمتلك السلاح، وأن كيانا إسلاميا مسلحا على حدود مصر سوف يزود الإخوان المسلمين بالسلاح بشكل غير مباشر. ومن هنا فإن مصر معنية بشكل خاص بضبط الحدود، والتي اعتبرها "حدود إسرائيل أيضا. وقال أيضا أن مصر قد اعترفت، قبل سنة، بأن حركة حماس هي مشكلة بالنسبة لها، إلا أنه وبسبب مكانة مصر لم يكن بالإمكان استخدام القوة ضد حركة حماس، ولذلك تم اللجوء إلى التهدئة ومحاولة إجراء مصالحة وطنية بين حركتي حماس وفتح. وأضاف أنه بعد فشل هذه المسارات، وفي أعقاب نتائج الحرب على غزة، فإن مصر تطمح الآن إلى تهدئة يؤخذ فيها بعين الاعتبار احتياجات كافة الأطراف.

لم تحقق إسرائيل أهدافها في حربها على قطاع غزة، إذ أن فصائل المقاومة بقيت صامدة والسكان صمدوا، ولكن، وكما حصل في عدوان تموز 2006، حققت مكاسب سياسية لم تتمكن من تحقيقها عسكريا، وذلك بفضل الغطاء الأوروبي والأمريكي والعربي للعدوان.

إن قرار تشديد الحصار والتضييق على قطاع غزة اتخذ خلال أيام العدوان، وينفذ أمريكيا وإسرائيليا ومصريا طبقا للاتفاق الذي وقعته وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني، ووزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس قبل يومين من وقف العدوان، وها هي ثماره- الجدار الفولاذي الذي تشيده مصر على حدودها مع قطاع غزة الذي يسد آخر منفذ وأخر متنفس لمليون ونصف فلسطيني.



نص الاتفاق الذي وقعته وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني ونظيرتها الاميركية كوندليسا رايس والذي يتناول إجراءات منع تهريب السلاح الى قطاع غزة:

ان إسرائيل والولايات المتحدة :
إذ يستذكر (الطرفان) الموقف الثابت لالتزام الولايات المتحدة الأميركية بأمن إسرائيل، ويتضمن ذلك حدودا آمنة وقابلة للدفاع عنها، وتقوية قوة الردع الإسرائيلية والحفاظ عليها، وان تستطيع الدفاع عن نفسها بنفسها ضد أي تهديد أو مزيج من التهديدات المحتملة؛
وإذ يُعيد (الطرفان) التأكيد بأن هذا الالتزام ينسحب على الأمن والتعاون العسكري والاستخباراتي بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وعلى الحوار الاستراتيجي بينهما، وعلى مستوى ونوعية المساعدة المقدمة من الولايات المتحدة لإسرائيل؛
آخذين عِلما بالجهود التي يقوم بها الرئيس المصري مبارك، وبشكل خاص الاعتراف بأن ضمان حدود غزة أمرٌ لا غنى عنه ويدركون أن ذلك يضمن إنهاء القتال في غزة بشكل قوي ودائم؛
وإذ يُدين (الطرفان) وبشكل صريح كل أعمال ووسائل وأشكال الإرهاب باعتبارها غير مبررة، حيثما ومن قبل أي كان ومهما كان الحافز، وبشكل خاص الهجمات التي جرت مؤخرا بالصواريخ والقذائف والنشاطات العِدائية الأخرى التي ارتكِبَت ضدَّ إسرائيل من غزة من قبل منظمات إرهابية؛
وإذ يعترف (الطرفان) بأن القضاء على أعمال الإرهاب الدولي، بما يشمل منع وصول كل أنواع الأسلحة والمواد ذات العلاقة إلى المنظمات الإرهابية، هو عنصر مهم للحفاظ على الأمن والسلم العالمي؛

وإذ يعترف (الطرفان) بأن حيازة واستعمال الأسلحة والمواد ذات العلاقة من قبل الإرهابيين ضد إسرائيل كانت هي الأسباب المباشرة للأعمال العدائية الأخيرة؛
وإذ يعترف (الطرفان) بأن تهديد إسرائيل بنشاطات عدوانية وإرهابية تصدر من غزة، شاملا تهريب الأسلحة وبناء القدرات الإرهابية من أسلحة وبنية تحتية؛ وإذ يعلمان بأن إسرائيل، شأنها كبقية الأمم، تتمتع بالحق الطبيعي للدفاع عن النفس، شاملا حق الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب من خلال العمل الملائم؛

وإذ يرغب (الطرفان) في تحسين العلاقات الثنائية والإقليمية والجهود المتعددة الجنسيات لمنع حيازة الأسلحة والمواد الأخرى ذات العلاقة للمنظمات الإرهابية، وبشكل خاص لتلك العاملة في قطاع غزة، مثل حماس؛
وإذ يعترف (الطرفان) بأن تحقيق وإدامة وقف الأعمال العدائية يعتمد على منع تهريب وإعادة تزويد الأسلحة في قطاع غزة لتصل إلى حماس وهي منظمة إرهابية، وإلى المجموعات الإرهابية الأخرى، وإذ يؤكدان بأن غزة يجب أن لا تستعمل كقاعدة يمكن أن تُهاجم منها إسرائيل؛
وإذ يعترف (الطرفان) أيضا بأن التصدي لأعمال تزويد الأسلحة والمتفجرات لغزة هي واجب ذو أبعاد متعددة، فالجهد الموجه والناتج عن التركيز الإقليمي بمشاركة هيئات دولية يعملون بشكل متواز، ويشكل هذا العمل أولوية لجهود كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، وتعمل كل منهما بشكل مستقل ثم بالتعاون بينهما، لضمان إنهاء الأعمال العدائية بشكل دائم ومستمر؛
كما يعترف (الطرفان) أيضا بالحاجة الماسة التي تقضي بعدم عرقلة وصول المواد الإنسانية إلى سكان قطاع غزة؛
وإذ ينوي (الطرفان) العمل مع الشركاء الدوليين لضمان تطبيق القرارات ذات العلاقة والصادرة من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمتعلقة بالتصدي للإرهاب المتعلق بالنشاط الإرهابي في غزة؛
وإذ توصل (الطرفان) إلى التفاهُمات التالية:

١ سيعمل الطرفان بتعاون مع دول الجوار، وبشكل مواز سيعملان مع الدول الأخرى في المجتمع الدولي لمنع تزويد الأسلحة والمواد ذات العلاقة للمنظمات الإرهابية التي تهدد أيا من الطرفين، وبشكل خاص التركيز على تزويد الأسلحة، والمواد ذات العلاقة والمتفجرات ومنعها من الوصول إلى غزة إلى منظمة حماس وللمنظمات الإرهابية الأخرى.

٢ ستعمل الولايات المتحدة مع الشركاء في المنطقة وفي حلف شمال الأطلسي لمعالجة مشكلة تزويد الأسلحة والمواد ذات العلاقة وتنقلات الأسلحة والشحنات البحرية إلى حماس وإلى المنظمات الإرهابية الأخرى في غزة، شاملا النقل في البحر المتوسط، وفي خليج عدن والبحر الأحمر وفي شرقي أفريقيا، من خلال تحسينات على الترتيبات الحالية أو من خلال إطلاق مبادرات جديدة لزيادة فعاليات هذه الترتيبات في ما يتعلق بمنع تهريب الأسلحة إلى غزة. ومن بين الوسائل التي سيتم استخدامها ما يلي:
أ - تعزيز تعاون الولايات المتحدة في مجالي الأمن والاستخبارات مع حكومات المنطقة على إجراءات منع انسياب حركة الأسلحة والمتفجرات إلى غزة والتي تنطلق من أو عبر مناطقهم الإقليمية؛ من خلال انخراط الجهات التابعة للحكومة الأميركية مثل القيادة المركزية للجيش الأميركي، والقيادة الأميركية في أوروبا، والقيادة الأميركية في أفريقيا، وقيادة العمليات الخاصة الأميركية.
ب - تعزيز وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع القوات البحرية المتحالفة والجهات الأخرى المتعلقة بتزويد غزة بالأسلحة؛ وتحسين آلية عقوبات المقاطعة الدولية الحالية لمنع نقل مواد الإسناد إلى حماس والمنظمات الإرهابية الأخرى، من خلال إجراء دولي ضد تلك الدول مثل إيران، والتي تـُظهر إصرارا لتشكل مصادر تزويد الأسلحة والمتفجرات إلى غزة.

٣ - ستقوم الولايات المتحدة وإسرائيل بمساعدة بعضهما البعض في هذه الجهود من خلال تكثيف تبادل المعلومات والاستخبارات التي يمكن أن تساعد في التعرف على مصادر الأسلحة وطرق نقل هذه الأسلحة التي يتم إرسالها للمنظمات الإرهابية في غزة.

٤ - سوف تسرّع الولايات المتحدة جهودها لتقديم المساعدة الفنية والمواد اللازمة لتدريب وتسليح قوّات الأمن الإقليمية لمجابهة أساليب وعمليات التهريب، والعمل على دمج برامج المساعدات المعمول بها حاليا.

٥ - ستقوم الولايات المتحدة بالاتـّصال والعمل مع شركائها في الإقليم حول توسيع برامج المساعدات الدولية للمناطق المتأثرة من أجل تقديم نظام توظيف بديل يؤمّن دخلا إلى العاملين حاليا في مجال التهريب.

٦ - ستنشئ الأطراف آلية مناسبة للتعاون حول تبادل المعلومات الاستخباراتية ولمراقبة تنفيذ الخطوات الواردة في نص مذكرة التفاهم هذه والتوصية بإجراءات إضافية أخرى لرفع مستوى أداء وأهداف مذكرة التفاهم هذه. ومن أجل تحسين أهداف هـذه المذكرة بكل ما يتطلبه التعاون العسكري فإن آلية تحسينها ستكون من الطرفين من خلال المجموعة المشتركة المضادة للإرهاب الأميركية الإسرائيلية، في الاجتماعات العسكرية السنوية للطرفين، وبمشاركة المجموعة المشتركة السياسية.

٧ - تتعلق مذكرة التفاهم هذه بالالتزامات السياسية الجارية حاليا بين الطرفين وستكون خاضعة للقوانين والتعليمات للطرفين الخاصين، بحسب ما ينطبق، شاملا تلك التي تحكم توفر الأموال وللمشاركة في المعلومات والاستخبارات.



التعليقات