تقرير "ادڤا" : تمييز صارخ ضد فلسطينيي الداخل وامتيازات للمستوطنات

تبيّن قراءة للتقرير الذي نشره معهد "أدفا"، المتخصص بنشر معلومات حول المساواة والعدالة الإجتماعية في المؤسسة الإسرائيلية، حقيقة صارخة، هي تذيّل البلدات العربية لجميع لوائح الدخل والصرف

 تقرير
إننا لا نجدّد لأحد أبدا إن نحن أكّدنا على أن في البلاد تمييزا صارخا ضد الأقلية العربية. إنما الجديد الذي نستعرضه هنا، هو حجم هذا التمييز، بالأرقام والنسب المئوية، الذي لا يصدّقه العقل، والذي يفنّد مقولة إن العرب في البلاد هم درجة ثانية. فالحقيقة، التي تجدونها فيما يلي، هي أن العرب في الدولة العبرية هم درجة خامسة تتذيّل درجات أربع في كافة مناحي الدعم والإستثمار الحكوميين.

تبيّن قراءة للتقرير الذي نشره معهد "أدفا"، المتخصص بنشر معلومات حول المساواة والعدالة الإجتماعية في المؤسسة الإسرائيلية، حقيقة صارخة، هي تذيّل البلدات العربية لجميع لوائح الدخل والصرف والتطوير والميزانيات وحصة الفرد، وغيرها.
يقسم التقرير البلدات الإسرائيلية إلى مجموعات أربع، هي بلدات التطوير، والضفة الغربية والجولان، والبلدات العربية، باستثناء القرى غير المعترف بها، ومجموعة الـ - 15 وهي مجموعة مكونة من خمس عشرة مدينة.

ويقارن التقرير بين هذه المجموعات حيث يكشف عمق التمييز فيما بينها في كل ما يتعلق بحجم الميزانيات المعطاة للسلطات المحلية، سواء كانت عادية أو غير عادية، حيث تخصص الحكومة الإسرائيلية ميزانيات عادية، للمصروفات الجارية من رواتب وخدمات وغيرها، وميزانيات غير عادية، للتطوير ولإقامة المباني الجماهيرية ولتعبيد الشوارع وتمويل المشتريات الكبيرة.

فقد جاء أن مجموعة الـ 15، وهي المدن الرئيسية الكبرى في الدولة العبرية، تتبوأ المرتبة الأولى من حيث حجم الدخل الذاتي، بينما تتذيل البلدات العربية القائمة بحجم دخل ذاتي يصل إلى 1276 شيكل مقارنة بمعدل الدخل الذاتي لدى الفرد اليهودي الذي يبلغ 3496 شيكل.. حيث غني عن القول إن هذا الفارق ينبع من غياب التطوير الإقتصادي ومن الأوضاع الإجتماعية البائسة والفقر.
وجاء، أيضا، أن المستوطنين في الضفة الغربية قد زاد عددهم بواقع 31% ما بين السنوات 2000 – 2006فيما بلغت الزيادة في مجموعة الـ 15 7% وفي بلدات التطوير 8% ولدى العرب 18%.

ولقد حظيت المستوطنات في المناطق المحتلة بأعلى نسبة من المنح الحكومية، حيث بلغ ما تغدقه الحكومة الإسرائيلية على هؤلاء 1105 شواقل للفرد الواحد مقارنة بـ 370 شيكل في داخل الخط الأخضر.

ألبناء في الضفة الغربية المحتلة
لقد تمّ البدء ببناء 15488 شقة سكنية في الضفة الغربية المحتلة منذ العام 2000 وحتى العام 2006، استثمر فيها 11.3 مليارد شيكل أسهمت الحكومة الاسرائيلية بتمويل 53% منها وبما نسبته 43% من مجمل الإستثمار في تكاليف البناء لغرض السكنى، وذلك مقارنة بمسؤولية الحكومة عن نحو 20% من بدايات البناء داخل الخط الأخضر ونحو 10 من مجمل الإستثمار في البناء لغرض السكنى.

ألدخل الذاتي
هو الدخل الذي تجبيه السلطة المحلية من الأفراد والمؤسسات، مثل الأرنونا ومقابل الخدمات المختلفة وأجرة التعليم ورسوم الوثائق التي تصدرها، وغيرها. حيث يتعلق حجم هذا الدخل بالوضع المالي للسلطة المحلية ، إذا كان فيها مناطق صناعية ، مثلا، وإذا كان وضع مواطنيها الإقتصادي جيدا – حيث أن نسبة الجباية ترتفع في هذه الحالة.

وقد بلغ حجم الدخل الذاتي للفرد، في الميزانية العادية، في العام 2006 على مستوى إسرائيل 3496 شيكل. وبلغ في مجموعة الـ 15 4605 شيكل، وفي بلدات التطوير 3174 شيكل، وفي المستوطنات 2130 شيكل، مقابل 1276 شيكل فقط في البلدات العربية.

غني عن القول إن التدني في مستوى
الدخل للفرد في الوسط العربي إنما ينبع من شح الموارد وشح الأملاك لدى المواطنين العرب، إضافة إلى تدني نسبة الجباية لسبب قلّة حيلة المواطن العربي عن دفع المستحقات للسلطة المحلية.

ويعزو التقرير سبب تدني المدخول للفرد في المستوطنات إلى المستوى العالي للتمو يل الحكومي الذي تتلقاه هذه المستوطنات ما يخفف من الضغط على السلطات المحلية في هذه المستوطنات لتعزيز الجباية.

وللإجمال، في هذا الباب، فإن معدل الدخل المحلي للفرد في داخل الخط الأخضر بلغ 5357 شيكل، وسجل أعلى نتيجة لدى مجموعة الـ 15 إذ بلغ 5962 شيكل فيما سجّل أدنى مستوى، كيف لا، لدى الأقلية العربية في البلاد حيث بلغ 4044شيكل فقط.

كان هذا في الميزانية العادية، أما في الميزانية غير العادية، فقد بلغ حجم الدخل المحلي للفرد الواحد في العام 2006 مبلغ 1040 شيكل في المعدل العام. وبلغ في المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي الجولان 1316 شيكل. وفي مجموعة الـ 15 1004 شيكل. وفي بلدات التطوير 1067 شيكل. بينما بلغ لدى السلطات المحلية العربية 682 شيكل فقط.

ويؤكد التقرير على أن المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة وفي الجولان العربي السوري قد حظيت ما بين العام 2000 والعام 2006 بأعلى مدخول للفرد في الميزانية غير العادية، بل إنها حظيت بالمدخول الأعلى في الميزانية العادية منذ العام 2000 وحتى العام 2003، وفقط بعد ذلك طرأ تدنّ ليقترب المدخول للفرد فيها إلى المعدل العام، علما أن المدخول للفرد بلغ لدى هذه المستوطنات في الميزانية غير العادية أوجه، وما فتئ أعلى كثيرا من المعدل العام.

الدخل الزائد والناقص
هو الفارق ما بين الدخل للفرد في مجموعة محددة من البلدات وبين المستوى العام في البلاد، حيث نضرب هذا الفارق بعدد أفراد هذه المجموعة لنحصل على جواب حول الدخل الزائد أو الناقص لهذه المجموعة، علما أن الدخل الزائد يعني إمكانية تقديم الخدمات المحلية المختلفة المتنوعة والمتعددة، فيما لا يتيح الدخل الناقص منح هذه الخدمات بالشكل اللازم.

هنا يبرز بؤس البلدات العربية وسلطاتها المحلية بشكل صارخ. حيث تحظى مدن مجموعة الـ 15 بأعلى دخل للفرد ويبلغ 605 شيكل، فيما يبلغ في بلدات التطوير 400 شيكل، وفي المستوطنات 62 شيكل، بينما يبلغ لدى السلطات المحلية العربية 1313 شيكل دخلا ناقصا!!!..
لقد حظيت المستوطنات الإحتلالية ما بين العام 2000 والعام 2006 بالتمويل الحكومي الأعلى في الميزانيات العادية، ولقد تراكم الدخل الزائد في ميزانياتها العادية حتى بلغ ما مجموعه 1229 مليارد شيكل. حيث أن الحكومة الإسرائيلية منحت هذه المستوطنات ما يسمّى استثمارا زائدا بقيمة 3143 مليارد شيكل علما أن هذه المستوطنات عانت من دخل ناقص بقيمة 2028 مليارد شيكل.

أما السلطات المحلية العربية، فإنها تعاني على مدى الأعوام من دخل ناقص، ولو أن دخلها من الميزانية العادية كان في مستوى المعدل العام، لحظيت من دخل إضافي بقيمة 8142 مليارد شيكل!.

ولقد سجلت السلطات المحلية للمستوطنات الإحتلالية رقما خياليا فيما يتعلق بالدخل الزائد في الميزانيات غير العادية، إذ بلغ 276 شيكل للفرد أو ما يساوي عشرة اضعاف الدخل الفائض لدى سلطات بلدات التطوير، فيما تسجّل دخلا ناقصا لدى السلطات المحلية العربية بواقع 358 شيكل!.

مصروفات السلطات المحلية على الفرد في العام 2006
بلغ معدل الصرف المحلي على الفرد الواحد في البلاد 5387 شيكل. وسجل أعلى معدل في مجموعة الـ 15 حيث بلغ 5916 شيكل. وبلغ في بلدات التطوير 5888 شيكل. وفي المستوطنات 5373 شيكل، وفي البلدات العربية 4176 شيكل.

يذكر أن المستوطنات الإحتلالية حظيت حتى العام 2003 بأعلى ميزانيات عادية حتى أنها كانت أعلى من ميزانيات مجموعة الـ 15 وبلدات التطوير.

مصروفات في الميزانية غير العادية

كما في المدخولات، هكذا تتبوأ المستوطنات الإحتلالية جميع المجموعات الأخرى بنسبة كبيرة، في كل ما يتعلق بالمصروفات في الميزانية غير العادية في حساب الفرد الواحد. فقد بلغت في العام 2006 1251 شيكل أو ما يساوي 1.3 المعدل داخل الخط الأخضر. وبلغت لدى بلدات التطوير 999 شيكل، ولدى مجموعة الـ 15 979 شيكل، وفي البلدات العربية 663 شيكل.

ألمصروفات الفائضة والناقصة
تربعت مجموعة الـ 15 في المرتبة الأولى فيما يتعلق بالمصروفات الزائدة، حيث سجلت في العام 2006 صرفا زائدا بواقع 529 شيكل للفرد الواحد، وسجلت بلدات التطوير في الفترة ذاتها 500 شيكل للفرد، والمستوطنات سجلت صرفا ناقصا بواقع 14 شيكل للفرد، بينما سجلت البلدات العربية صرفا ناقصا بلغ 1211 شيكل للفرد الواحد!.
أما في الميزانيات غير العادية، فقد سجلت المستوطنات الإحتلالية صرفا زائدا بقيمة 276 شيكل للفرد وهو الصرف الأعلى من بين المجموعات الأخرى، في حين سجل العرب، كما العادة، صرفا ناقصا بلغ 312 شيكل للفرد الواحد، وذلك في العام 2006.

ألبناء للسكنى في مستوطنات الإحتلال
يزعم تقرير "أدفا" أن الإنتفاضة الفلسطينية، إنتفاضة القدس والأقصى في أكتوبر العام 2000، قد تسبّبت في هبوط وتيرة البدء في البناء السكني. فقد هبطت نسبة البدء في هذا النوع من البناء بنحو 64% من 4754 إلى 1691 بداية لبناء.
ولقد تم البدء، في الأعوام 2000 – 2006، ببناء 15488 وحدة سكنية في مستوطنات الإحتلال في الضفة الغربية والجولان المحتلين، وذلك باستثمار بلغ 11.3 مليارد شيكل أخذت الدولة العبرية على عاتقها ما نسبته 53% من بدايات البناء و 43% من مجمل التكلفة، علما أن مسؤوليتها داخل الخط الأخضر بلغت نحو 20% من بدايات البناء ونحو 10% من التكلفة. يؤشّر هذا إلى أن الدولة العبرية أولت أهمية كبرى لدعم البناء في المستوطنات بل إنّ دعمها قد زاد باطراد ومثابرة خاصة في السنوات 2001 – 2003 وذلك ردّا على الإنتفاضة، كما يؤكد التقرير. ففي العام 2001 بلغ الإستثمار الحكومي في البناء الجماهيري ما نسبته 38% زاد في العام 2002 إلى 46% ليزداد مرة أخرى في العام 2003 وليبلغ 55%.

جدير بالذكر التوكيد على رخص تكلفة البناء الفردي للمستوطنين في المناطق الفلسطينية المحتلة والجولان العربي السوري المحتل، حيث أن الدولة، لأجل تشجيع المبادرات الفردية، تقوم بتمويل معظم التكلفة كما أنها تمنح تسهيلات جمّة للمبادرين الأفراد وذلك في سعر الأرض وقروض الإسكان وشروط الدفع، وغيرها.
وللتدليل على اهتمام الحكومة الإسرائيلية بالإستيطان في الضفة الغربية المحتلة، والجولان، جاء التقرير بمعطيات تقول إن بدايات البناء الجماهيري فيهما قد تراوحت ما بين 13.6% إلى 18.9% من مجمل البناء الجماهيري في البلاد علما أن نسبة البيوت فيهما تراوحت ما بين الأعوام 2000 – 2006 بين 2.44% - 2.74%من مجمل البيوت في البلاد.

تعبيد الطرق
بدئ في السنوات 2000 – 2005 بتعبيد طرق في الضفة الغربية المحتلة على طول 116.2 كيلومترات أو ما يساوي 9% من طول الشوارع التي تمّ تعبيدها في البلاد في الفترة ذاتها. ويجدر الذكر هنا أن هذا المعطى لا يشمل الطرق التي قام بتعبيدها جيش الإحتلال ووزارة "الأمن".
ويقول التقرير إن أمر تعبيد الشوارع قد شهد زيادة صارخة في العامين 2001 -2002 إبان الإنتفاضة الفلسطينية حيث باتت الحاجة ملحّة لطرق التفافية تتجنّب البلدات العربية وتخدم المستوطنين دون تعريضهم للخطر، وقد بلغت نسبة أطوال الطرقات التي تمّ تعبيدها 17.9%، ثمّ عادت وهبطت في العام 2003 بعد أن وضعت الإنتفاضة أوزارها، ولتعود إلى ارتفاع منذ العام 2004.


"فصل المقال"

التعليقات