لا تترك الحركة الصهيونية والجماعات اليهودية ومؤسساتها من مكان او زاوية بالبرازيل الا وتنشط من خلالها، مرسخة ما لديها من امكانيات لتضليل الراي العام البرازيلي، من خلال تصوير اسرائيل بانها دولة الحضارة والتقدم في منطقة يعم بها الجهل والتخلف والعنف والارهاب، مستفيدة من حالة التراجع التي تمر بها القضية الفلسطينية والجالية الفلسطينية، والناتجه بالاساس عن الخلافات وحالة الانقسام التي يعيشها شعبنا الفلسطيني بكافة اماكن تواجده.
عندما سئل رئيس نقابة الاطباء بولاية ساوبولو عام 2002، عن السبب لجمع الادوية لضحايا العنف بالشرق الاوسط ولماذا لم تكن هذه الادوية الى الفلسطينين الذين هم ضحايا الارهاب الصهيوني والاسرائيلي، اجاب: الادوية بالاساس هي للفلسطينين ولكن هناك 400 طبيب يهودي بالنقابة هددوا بالخروج منها اذا تم تحديد الطرف الفلسطيني، ومن طرفنا وتجنبا لاي اشكاليات داخل النقابة قررنا ان يكون شعار الحملة "الى ضحايا العنف بالشرق الاوسط"، هذه المثال ياتي الى الدور الذي يمكن ان يلعبه الاطباء اليهود بالدفاع عن الكيان الصهيوني وجرائمه ووصف المقاومة الفلسطينية "بالعنف" او "بالارهاب" وان الاسرائيلين ايضا هم ضحايا كغيرهم من شعوب المنطقة، طبعا ليست اسرائيل بحاجة الى عدة مئات من الكيلوغرامات من الادوية، وانما هو تشويه الموقف التضامني البرازيلي مع نضال الشعب الفلسطيني، والدور الذي يمكن ان تمارسه هذه المجموعة او العينة من اليهود لتشويه النضال الفلسطيني، والمكان الذي تنشط به.
اقرار برلمان ولاية ساوبولو مشروع تقدم به النائب Campos Machado عن حزب العمال البرازيلي باعتبار يوم 29 نوفمبر يوما "لذكرى المحرقة"، فان اقراره بهذا اليوم الذي هو نفس اليوم الذي يعتبره برلمان الولاية يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، معركة برلمانية ستخوضها الجالية الفلسطينية مع انصارها والتجمعات اليهودية وانصارهم بالبرلمان، وفي ظل حالة التراجع بالعمل والاداء الفلسطيني بالبرازيل، لا بد من ان تقوم الجالية الفلسطينية من خطوات للمحافظة على الانجازات الفلسطينية الخاصة باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني التي تحتفل به العديد من المؤسسات التشريعية البرازيلية سنويا تضامنا وتعاطفا مع الشعب الفلسطيني وحقوقه، حيث التجمعات اليهودية وبالتاكيد بتوجيهات من الحركة الصهيونية استطاعت ببعض المدن بولاية ساوبولو من اقرار مشاريع اخرى بنفس التاريخ.
تنشط العناصر اليهودية من خلال انتمائها الى الاحزاب البرازيلية، ومن هذه الاحزاب ما هو محسوب على اليسار البرازيلي، كحزب العمال البرازيلي، الحزب الديمقراطي الاشتراكي، وحزب الشعب الاشتراكي وغيرها، وتضم بين صفوفها وعلى مستوى قياداته المناطقية العديد من نشطاء اليهود الذين لا يخفون اطلاقا دفاعهم عن الصهيونية والكيان الصهيوني بكل جرائمهم، وتنشط هذه العناصر اليهودية من خلال احزابها البرازيلية التي تنتمي اليها، لاتخاذ قرارات ومواقف اقل من الحد الادنى المطلوب اتجاه القضية الفلسطينية، مستغلة تراجع الموقف السياسي الرسمي للقيادة الفلسطينية والعجز الذي تمر به الجالية الفلسطينية بالبرازيل، للانقضاض على كافة الانجازات التي حققتها الجالية الفلسطينية من خلال علاقاتها النضالية والتحالفية مع هذه الاحزاب على مدار عشرات السنين بمواجهة قوى الظلم والقهر والعدوان وما تشكله الحركة الصهيونية وعلاقاتها وارتباطاتها بالنظام الراسمالي والامبريالي، فتعمل الحركة الصهيوينة من خلال العناصر اليهودية والمؤسسات اليهودية على استقطاب العديد من القيادات والشخصيات والرموز الحزبية البرازيلية، التي كانت تنشط باتجاه مناصرة الحقوق الفلسطينية ونشيطة باتجاه ادانة الجرائم الاسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني.
عام 2003 قام الرئيس البرازيلي لويس اناسيو لولا دا سيلفا بزيارة العديد من الدول العربية، ولم يلتقي الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بذلك الحين، وانما التقى الوزير نبيل شعث بمصر كمبعوث الرئيس الفلسطيني، وكان سبب الامتناع عن زيارته بمقر المقاطعه، حتى لا يلتقي مع شارون رئيس وزراء الكيان الصهيوني بتلك الفترة، حيث الاخير كان يضع شروطا على زعماء العالم التي كانت ترغب بلقاء الرئيس الفلسطيني بالمرور من خلال شارون، ولكن اليوم ونتيجة ضعف الاداء الفلسطيني وتراجع حالة التضامن والناتجه بالاساس عن الموقف السياسي المتبع من القيادة الفلسطينية والوضع الفلسطيني العام الناتج عن حالة الانقسام، سيقوم الرئيس البرازيلي بزيارة الى فلسطين والكيان الصهيوني وهو يحمل بجعبته مبادرة مقدمة للطرفين حول الصراع بالشرق الاوسط لم يكشف عن مضمونها حتى الان، بهذا الجانب لا بد من ملاحظة النشاط الصهيوني باتجاه حزب العمال الذي ينتمي اليه الرئيس البرازيلي الحالي، التي نلمس بلا شك تراجع الموقف الرسمي الفعلي للحزب اتجاه الصراع بالشرق الاوسط والذي انتقل من موقف المؤيد والمناصر والمتضامن مع نضال الشعب الفلسطيني وادانة جرائم الكيان الصهيوني، وانسحاب اسرائيل من الاراضي المحتلة وتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني الى الموقف العلني الداعي الى السلام بالشرق الاوسط بين الاطراف المتنازعة بالمنطقة.
ان المراهنة الفلسطينية على تطور بالموقف البرازيلي الرسمي والذي تمثله الحكومة البرازيلية قد يكون الى الافضل، فاعتقد ان هذه المراهنة ليست بمكانها بسبب تراجع الاداء والدور الفلسطيني العام سواء الرسمي او الجماهيري الممثل بدور الجالية، فالجماعات اليهودية ومن خلال مؤسساتها تلعب دورا بارزا بالتاثير على موقف الحكومة البرازيلية، والتي تاتي من خلال الزيارات المستمرة واللقاءات مع رئيس الحكومة البرازيلية ببعض المناسبات الدينية التي لها علاقة بالكيان الصهيوني والديانة اليهودية، كما وتنشط هذه الجماعات من خلال تعزيز العلاقات بين البرازيل والكيان الصهيوني، حيث ساهمت هذه العلاقات الى تطوير وتعزيز التعاون مع الكيان الصهيوني بالعديد من المجالات.
خلال عقد الستينات احد اكبر ملاكي الاراضي بالبرازيل اوراسيو كلابين، والذي يملك من الاراضي ما يفوق مساحة فلسطين، يقول ان هذه الاراضي تعتبر احتياطا لاستيعاب يهود اسرائيل في حال حدوث اي طاريء عليهم، وهذا ما يؤكد على العلاقة التي تربط بين كبار ملاكي اليهود واصحاب رؤوس الاموال مع هذا الكيان.
نكتفي بهذه العينات من الامثلة بهذا الجزء من النشاط الصهيوني، والذي يشجع للقيام بدراسة اكثر معمقة وتفصيلية لتاريخ الحركة الصهيونية بالبرازيل ونفوذها، فالنفوذ والنشاط الصهيوني بهذا البلد يعتبر جزءا من نفوذ ونشاط الحركة الصهيونية العالمية، فمن هنا تاتي اهمية تقديم دراسة اكثر تفصيلا حول النشاط الصهيوني بالبرازيل ونفوذ الحركة الصهيونية ودوره للتاثير على العديد من اصحاب مركز القرار، بخصوص العديد من القضايا العالمية وعلى راسها القضايا العربية، وعلى وجه التحديد القضية الفلسطينية، الذي يصب باتجاه اضعاف حملة التضامن والتاييد مع نضال الشعب الفلسطيني وحقوقه، والاساءة الى القضايا العربية، فلا يمكن ان تحقق الجالية الفلسطينية والعربية من التقدم بخطوات باتجاه الدفاع عن القضايا العربية دون فهم اعمق للحركة الصهيونية.
التعليقات