سفيرا إسرائيل السابقان في مصر يفصحان عما يعتمل في سريرتهما تجاه مصر/ كتب: هاشم حمدان...

" لم يسجل أي إنجاز للقاهرة في أي مجال خلال ربع قرن ولم تعد مصر ذات نفوذ في المنطقة مقابل تصاعد دور السعودية.. الجامعة العربية ليست ذات صلة، أصبحت جثة لكنها لم تدفن بعد.."

سفيرا إسرائيل السابقان في مصر يفصحان عما يعتمل في سريرتهما تجاه مصر/ كتب: هاشم حمدان...
نشر موقع "يديعوت أحرونوت" على الشبكة، تقريراً ناقش الأوضاع الإقتصادية والسياسية في مصر ودور النظام المصري، بعد مرور 25 عاماً على مقتل الرئيس أنور السادات، وذلك من خلال مقابلة مع إثنين من السفراء الإسرائيليين في مصر؛ إيلي شاكيد وتسفي مزال.

ورغم أنهما لا يقولان صراحة حقيقة ما يضمرانه تجاه مصر والشعب العربي المصري، إلا أنه يمكن أن نستشف ذلك من التقرير. ونحن على ثقة بأنهما في الواقع يفصحان بتصريحاتهما عما يعتمل في نفسيهما، وهي بالتأكيد تصريحات تختلف عما كانت عليه قبل سنوات معدودة أثناء إشغالهما لمنصبيهما في مصر، بعد أن تحررا من قيود المنصب التي كانت تقتضي تصنع مشاعر واتخاذ مواقف مغايرة لما في سريرتهما..

وبحسب التقرير فإن مصر فقدت مكانتها كدولة رائدة في العالم العربي، وحتى في أفريقيا، الأوضاع الإقتصادية فيها سيئة جداً، والعلاقات مع إسرائيل في مكانها، في حين أن العلاقات مع واشنطن متأزمة، إنحلال في الجهاز السياسي، والإسلام الراديكالي في تصاعد، وخلال ربع قرن لم يسجل للقاهرة أي إنجاز في أي مجال.

يقول سفير إسرائيل الأخير في القاهرة، إيلي شاكيد:" لقد فقدت مصر مكانتها كدولة رائدة في العالم العربي، وكدولة مؤثرة على دول العالم الثالث، ودول عدم الإنحياز، وحتى دول القارة الأفريقية. فقدت وزنها الثقيل الذي كان في زمن الرئيس المصري جمال عبد الناصر. ولم تعد مصر دولة مؤثرة، وبالتأكيد ليس في القارة السوداء أيضاً".

ويتابع أن دول أفريقيا قد تقدمت إلى الأمام، في حين راوحت مصر مكانها، أو بالأحرى تراجعت إلى الخلف. من الناحية السياسية والبوليتية وحتى الإقتصادية. ويكفي لإثبات ذلك مقارنة مكانة مصر مع مكانة جنوب أفريقيا التي تحررت من الأبرتهايد فقط في مطلع التسعينيات، وكذلك مع مكانة نيجيريا".

ويسوق مثالاً على ذلك، المنافسة التي خاضتها مصر لاستضافة مونديال العام 2010 الذي سيجري في أفريقيا. حيث صرفت مصر أموالاً طائلة، وجندت السكرتير العام السابق للأمم المتحدة، بطرس غالي، وحصلت على وعود كثيرة. إلا أنه لدى التصويت فقد منيت بهزيمة ساحقة، حيث حصلت جنوب أفريقيا على 15 صوتاً، وحصلت المغرب على 10 أصوات، في حين لم تحصل مصر على أي صوت مطلقاً.

ويتابع شاكيد:" بعد إعلان النتائج قامت مصر بتعيين لجنة تحقيق برلمانية، ولكن ذلك لم يكن جدياً، فالنظام لن يحقق مع نفسه. كان التصويت على استضافة المونديال سياسياً، تصفية حسابات أفريقية مع مصر، فدول أفريقيا لم تشعر بالرضا من الاستخفاف المصري تجاهها". ويضيف أنه كان بإمكانه تشخيص ذلك أثناء إشغاله لمهام منصبه، والآن يترجم ذلك على أرض ألواقع. وإذا كانت مصر "تعتقد أنه في إطار إعادة بناء مجلس الأمن، الذي يجري الحديث عنه، فإنها ستمثل أفريقيا كدولة دائمة العضوية، فإنها تخطئ بذلك، إذا لا يوجد أي أمل لها".

أما بالنسبة لمن يتحمل مسؤولية ذلك، فهو الرئيس المصري حسنى مبارك، بحسب شاكيد. ويقول:" مبارك هو من يتخذ القرارات الإستراتيجية، بحيث أن وزارة الخارجية والوزارة لشؤون المخابرات تتخذ دور المساعد أساساً. وزارة الخارجية المصرية جهاز كبير ومنفوخ، إلا أن قدرته على تحريك الأمور محدودة جداً".

أما وزارة شؤون المخابرات، برئاسة عمر سليمان، فهي "منشغلة أساساً بالشأن الفلسطيني، وحتى نجاحها هنا محدود. وقد وضعت مصر أمام الفلسطينيين عدة مرات تهديدات وشروطاً واضحة، إلا أن الفلسطينيين، الإشارة هنا إلى حماس وعرفات وغيرهم، أدركوا أنه لن يحدث شيء إذا رفضوا الشروط. لم تعد مصر ذات نفوذ في المنطقة، في حين يتصاعد دور دول أخرى مثل السعودية. أما الجامعة العربية، طفل مصر، فقد أصبحت ليست ذات صلة، وباتت جثة لم تدفن بعد"..

ورداً على سؤال ماذا كان سيحصل بدون السادات؟ يعتقد شاكيد أنه لو ورث الرئيس مبارك الرئيس جمال عبد الناصر، فإن مصر لم تكن لتراوح مكانها بسبب طبيعة الرئيس الحالي. وقال:" لو ورث مبارك الرئيس عبد الناصر في العام 1970، فما كانت لتندلع حرب 1973، وما كان بإمكانه أن يزور القدس، أو يوقع على اتفاق سلام مع إسرائيل". وبرأيه فإن الرئيس حسنى مبارك قد أثبت خلال ربع قرن أنه عمل على الحفاظ على الوضع القائم، الركض الموضعي أو التحرك إلى الخلف في الوقت الذي يسير فيه العالم، وبضمنه دول أفريقيا، إلى الأمام".

ويقول:" لقد جرى الحديث كثيراً عن الضائقة الإقتصادية التي تهدد مصر، وطوال سنوات تم التحذير من انهيار اقتصادي في ظل التزايد السكاني المتسارع، إلا أن مصر ليس جاهزة لاستيعاب مليون ونصف المليون طفل يولدون سنوياً. الإنتاج القومي الإجمالي المصري يعتبر هامشياً بالمقارنة مع الإنتاج القومي الإجمالي في إسرائيل، ولذلك يحسدوننا على الإنجازات الإقتصادية والتكنولوجية. ولا شك أنه لو بقي السادات على قيد الحياة، لكانت الأمور تبدو مختلفة، وخاصة بما يتصل بالسلام والعلاقات مع إسرائيل. ومنذ أن أعلن السادات عن الإنفتاح الإقتصادي في العام 1973، تجمد الوضع بكل مركباته. ومن جهته فإن مبارك لم يساهم في تطوير التعددية، ودخلت السياسة المحلية في سبات عميق، في حين أن العلاقات مع واشنطن متأزمة".

أما بشأن المبادرة إلى بناء مفاعلات نووية، فقال إنها "إنجرار غير حكيم وراء الأحداث. إلا أن الطريق لا تزال طويلة بين التصريحات وبين بناء المفاعلات".

ويحذر شاكيد، بحسب التقرير من صعود الإخوان المسلمين في ظل التراجع البطيء لمصر. ويقول:" لا شك أنه سيحصل انقلاب في اللحظة التي يستشعرون فيها ضعف السلطة، وهذا هو أساس مخاوف القاهرة الكبيرة والملموسة. ويتابع أن "جل جهود مبارك تتركز في الصراع معهم. والإشارة هنا إلى ملايين المؤيدين المحبطين في ظل نجاحات الإسلام الراديكالي في الشرق الأوسط، وهم ينتظرون الفرصة. مصر الآن في حالة تدهور سياسي، وأنا استطيع أن أؤكد أنه لا يوجد للقاهرة ما تفخر به.. لا يوجد أي إنجاز في أي مجال، ومبارك له دور كبير في ذلك".

وفي السياق ذاته، يقول سفير إسرائيلي آخر سابق في مصر، تسفي مزال، إن مصر تقع في مشاكل ليست بسيطة، فسنوات مبارك هي" سنوات مشكلية لمصر، وفي المقابل فإن السادات صنع سلاماً مع إسرائيل وأراد معالجة المسألة الإقتصادية والإبتعاد عن الكتلة السوفييتية باتجاه الغرب، إلا أن النتيجة أن مصر لم تتطور اقتصادياً"..

ويتابع مزال، مبارك لم ينجح بتطوير مصر وإخراجها من الفقر، ولم ينجح في بناء صناعات جدية، ولم يساهم بتطوير الجهاز السياسي. والنتيجة انحلال الأحزاب ونمو الإسلام الراديكالي. ويضيف:" نحن بالتأكيد سنصل إلى وضع من عدم الإستقرار يستفيد منه الإسلام الراديكالي".

وبرأيه فإن مصر في هذه المرحلة لا تستطيع الإستجابة لاحتياجات السكان المتزايدة، وهناك سباق بين "مخاطر صعود القوى المتطرفة، وبين احتمالات أن تتجاوز مصر ذلك وتنتعش مرة أخرى".

ويضيف:" في هذه المرحلة، لا أرى محاولات انقلاب في الأفق، فالجيش وأجهزة الأمن موالون للنظام العلماني، ولكن إذا لم يتحسن الوضع الإقتصادي، فإن مصر سوف تغرق في وضع أسوأ".


التعليقات