فينوغراد: الحرب بمبادرة إسرائيل؛ فقرات مختارة من التقرير..

-

فينوغراد: الحرب بمبادرة إسرائيل؛ فقرات مختارة من التقرير..
تقر لجنة فينوغراد في تقريرها غير النهائي الذي نشر يوم أمس، الاثنين، أن الحرب شنت بمبادرة إسرائيل، وليس كما زعم البعض بأنها حرب مفروضة. ويقول التقرير أنه «كان لدى إسرائيل خيارات أخرى، من بينها عدم شن حرب شاملة، ولكن هذا الإمكانية أسقطت في ليلة 12 تموز وكل تدحرج الأحداث والقرارات التي جاءت بعد ذلك كانت مرهونة بسير وتطورات الحرب.

وقد نشرت اللجنة تقريرها غير النهائي بعد أن قدمت نسخة منه لرئيس الوزراء، إيهود أولمرت ووزير الأمن، عمير بيرتس، ويتناول أحد فصول التقرير الفترة الومنية ما بين عام 2000وعام 2006 وفصى آخر يتناول الفترة الزمنية القصيرة الممتدة ما بين 12 تموز، يوم شن العدوان إلى يوم 17 تموز، وهو اليوم الذي ألقى فيه خطاب الحرب.
إن فحص أداء كافة المستويات في تلك الفترة أظهر إخفاقات خطيرة وجلية. وساهم أصحاب مناصب ومسؤولون خلال سنوات طويلة في تراكم القصورات والإخفافات التي ظهرت في عملية اتخاذ قرار شن الحرب وفي القرار ذاته.

للفشل شركاء كثيرون، في فترة الحرب وما قبلها ولكن يتم التركيز على الثلاثة الكبار. وترى اللجنة أن الطريقة التي خرجت فيها إسرائيل للحرب غير مقبولة ويحظر أن تعود على نفسها وأنه ينبغي السعي للإصلاح بأقرب فرصة. وتعتبر أن المسؤولية الرئيسية عن تلك القصورات والإخفاقات تقع على عاتق رئيس الوزراء إيهود أولمرت، وزير الأمن عمير بيرتس، ورئيس الأركان دان حالوتس.

نرى أن رئيس الوزراء إيهود أولمرت ووزير الأمن عمير بيرتس ورئيس الأركان السابق دان حالوتس كانت لهم دورا شخصيا حاسما في قرار شن الحرب وفي طريقة اتخاذ القرار، لهذا هم مسؤولون عن الإخفاقات والقصورات .
* في أعقاب عملية الاختطاف خرجت الحكومة فورا في عملية عسكرية واسعة وبمبادرتها وتطورت إلى حرب. ولم تستند العملية إلى خطة جاهزة مسبقا، ولم تتضمن تعريف أهداف قابلة للتحقيق، وسبل تحقيقها وآليات للسيطرة على حجم العمليات تعتمد على معرفة عميقة للميدان والقوات العاملة فيه.

* اتخذ القرار دون فحص جاهزية الجيش ودون الأخذ بالحسبان سيناريوهات محتملة لتطور المعارك. ولم يتطرق القرار إلى طريقة إنهاء العمليات العسكرية أو حدد جدولا زمنيا للحرب ومراحلها. وأعلن عن أهداف كان قسم منها غير قابل للتحقيق وتبلور انطباع أن الحرب ستستمر حتى تحقيقها.

* رغم التوقعات أن إحدى النتائج المتوقعة للعملية هي قصف كثيف ومتواصل من قبل حزب الله على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، لم يتم الفحص بعمق ما الذي تداعيات قصف من هذا النوع على مسار العمليات ومدتها واحتمالات نجاحها.
* لم تجر في المستوى السياسي وفي المستوى العسكري وفي ما بينهما في أي مرحلة من مراحل الحرب مداولات معمقة وشاملة حول سير العمليات وأهدافها وسبل تحقيقها.

* تعتبر هذه المداولات هامة على وجه الخصوص حينما لا يكون لصناع القرار في المستوى السياسي معرفة أو خبرة في تفعيل القوة العسكرية وفي قرارات سياسية وأمنية حاسمة وإدارة معارك معقدة ومتداخلة وبالذات في هذا الميدان الاستثنائي المذكور.(لبنان)

* كان يجب أن تضمن تلك المداولات اتخاذ القرارات المفصلة بشكل جماعي، بحيث تستند على معرفة مناسبة وتحليل بدائل وسيناريوهات. إن غياب تلك المداولات سبب في عدم اتخاذ قرارات على اسس متينة وكما يجب، ولم تتضمن تلك القرارات ردودا كافية للاحتياجات التي ظهرت والتي كانت متوقعة حسب خطط وتقديرات مسبقة.
يتحمل رئيس الوزراء المسؤولية الأولى عن الحرب وكل ما يتعلق بها، بسبب تركز صلاحيات شخصية واسعة بيده وكذلك معظم الصلاحيات المتعلقة في إدارة الحكومة وتحديد جدول أعمالها. وهو من قاد وأدار قرارات متعلقة بالخروج للحرب ومداولات متعلقة بذلك، ونشاطات دولية.

نجد أن رئيس الوزراء مسؤولا بحكم منصبه وبشكل شخصي عن الخلل في القرارات التي اتخذت والخلل في عملية اتخاذها. وقد بلور رئيس الوزراء موقفه دون أن تعرض عليه خطة مفصلة ودون أن يطلب عرض مثل تلك الخطة. علاوة على ذلك لم يطلب بدائل لتقييماته ولم يبد أي تشكك بشأن مواقف الجيش. وبذلك أخفق.

رئيس الوزراء فشل أيضا بتبني الحكومة برئاسته لتلك القرارات، وبذلك ساهم هو في هذه النتيجة بشكل مباشر ورئيسي، لأنه لم يتصرف بطريقة يمكنها المساهمة في صياغة القرارات بما يتناسب مع الظروف، ولأنه نفسه أعلن عن أهداف غير قابلة للتحقيق، وأن الحرب ستستمر حتى تحقيقها. وبذلك لم يتصرف رئيس الوزراء بالطريقة المثلى الضرورية للمبادرة لشن حرب، بتعقل ومسؤولية ومن منطلق رؤية استراتيجية.
يلعب وزير الأمن دورا هاما في القيادة السياسية. ويفترض به أن يكون مسؤولا عن الجيش، والوزير المسؤول عن بلورة الخطط العسكرية وعرضها أمام المستوى السياسي. تتم بلورة تقييمات الجيش- قبل المباحثات مع رئيس الوزراء- في مباحثات مع وزير الأمن، الذي يفترض أن يعرف الجيش وخططه وجاهزيته وقدراته عن كثب.

الوزير أيضا مسؤول عن أنظمة الطوارئ، وهو شريك رفيع في بلورة سياسات في قضايا سياسية وأمنية. ولكن وزير الأمن، عمير بيرتس، أُلقيَ إلى داخل أتون المعركة بعد شهرين من توليه منصبه دون خبرة سياسية- أمنية أو إدارية. قلة خبرته وتجربته تسببت في إخفاقه في أداء كافة مهامه. لم يطلب وزير الأمن ولم يفحص، في الفترة التي فحصت، خطط الجيش، ولم يتأكد من جاهزية الجيش واستعداده، ولم يفحص بنظرة شاملة الفجوة بين سبل العمل المقترحة والمصادق عليها وبين الأهداف التي حددت. ولم يجر أي تقييم مستقل حول الأسئلة الواسعة للحرب.

لم يعمل وزير الأمن بشكل كاف لكي يتمم النقص في المعرفة والخبرة لديه، ولم يعمل ضمن رؤية استراتيجية شاملة للأنظمة التي هو مسؤول عنها. ولايته وأداؤه كوزير أمن في فترة الحرب أضعفت الحكومة في التعامل مع تحديات الحرب.

كان رئيس الأركان دان حالوتس قائد الجيش مسؤولا حسب الهرم القيادي عن جاهزية الجيش وأدائه. في هذا القسم تركزنا في مساهمته ومساهمة الجيش بتوجيهاته- في اتخاذ القرار لشن الحرب. وسنتحدث في القرير النهائي عن مسؤوليته أثناء الحرب وفي أحداث حدثت في فترة الفحص. رئيس الأركان هو الضلع الثالث في القيادة السياسية- العسكرية في إسرائيل، والشخص الموكل على الجاهزية، وعلى هيئة الأركان وعملها، والنشاطات العملياتية في الجيش. ورغم العلم المسبق أن عملية اختطاف جنود في الشمال هي مسألة وقت- في الجيش الذي تحت مسؤوليته، لم تكن أمامه خطة محتلنة ومصادق عليها وسارية المفعول لوضع يحصل فيه تصعيد بمبادرة؛ في لبنان. أخفق رئيس الأركان بمفاهيم كثيرة، ساهمت بالخلل في القرار وفي سبل اتخاذه.

خطة العمليات التي اقترحها على المستوى السياسي لم تشمل تعاطيا كافيا مع كل المركبات ذات الصلة التي تؤثر بصورة مباشرة على ميدان المعركة وقدرة المواجهة للجيش أمام حزب الله.

لم يحذر رئيس الأركان المستوى السياسي من النواقص الكبيرة في وضعية الخطط وجاهزية الجيش وعن أبعاد ذلك، وبالأساس عدم التناسب بين الأهداف المعلنة من قبل المستوى السياسي وبين الخطوات الموصى بها من قبل الجيش ومصادق عليها من قبل المستوى السياسي.

لم يقدر رئيس الأركان بشكل صحيح الأبعاد الخطيرة لكشف الجبهة الداخلية للقصف المتواصل بالصواريخ، ولم يستعد فورا كما يتطلب، حسب الخطط العسكرية، لاستكمال الاستعداد لإمكانية أن الأمر قد يتطلب حملة عسكرية برية واسعة.

وللتلخيص أخفق رئيس الأركان لأنه لم يكن مستعدا وجاهزا للحدث المتوقع، بذلك أنه لم يطلع المستوى السياسي على تعقيدات الميدان، وبأنه لم يقدم له معلومات، وتقديرات وخطط كانت في الجيش بمراحل إعداد ومصادقة مختلفة- كان يمكنها التعامل بشكل أفضل مع تحدياته. مسؤولية رئيس الأركان تصبح أكثر خطورة بسبب علمه أن رئيس الوزراء ووزير الأمن كانا قليلا المعرفة والخبرة في المواضيع ذات الصلة، وبسبب كونه خلق لديهم الانطباع أن الجيش جاهز ومستعد وأن لديه خطط عمليات لوضع كهذا.

التعليقات