من هو أفيغدور ليبرمان (2)/ حسن عبد الحليم

-

من هو أفيغدور ليبرمان (2)/ حسن عبد الحليم
أفيغدور ليبرمان، الذي عُرف بتصريحاته العنصرية والتهجم على العرب والفلسطينيين، وعلى القيادات العربية الوطنية. يحتل اليوم مساحة لا بأس بها من عناوين وسائل الإعلام، ويظهر كلاعب رئيسي في الساحة السياسية الإسرائيلية بعد حصول حزبه على 15 مقعدا في الكنيست الإسرائيلي جعلت منه الحزب الثالث في الخارطة السياسية الإسرائيلية.

ليبرمان الذي ما زال لا يتقن اللغة العبرية ، هدد العرب بأنه «الوحيد الذي يفهم اللغة العربية» في دعايته الانتخابية، أي أنه يحسن التعامل مع العرب. وركز دعايته الانتخابية، ضد فلسطينيي الداخل ووجودهم وقيادتهم الوطنية، ولعب على غرائز التطرف والخوف في المجتمع الإسرائيلي، وحقق نجاحا غير مسبوق، رأى فيه الفلسطينيون خطرا على مستقبلهم، وبمثابة منح الشرعية للتطرف والفاشية.

عُرف ليبرمان بالتصريحات التي تنم عن فاشية كدعوته لقصف سد أسوان، وقصف غزة بقنبلة نووية خلال العدوان على غزة في شهري كانون أول وكانون ثاني الماضيين. وطالما أطلق تصريحات انفعالية منفلتة مثيرة للجدل اتسمت جميعها بالعداء الشديد للعرب. ويعتبر إسرائيليا وبغياب قيادات لها وزن نوعي بين الجماهير «النجم الصاعد» وفقا لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، و«الموضة» حسب تعريف عدد من الصحفيين. إلا أنه يمكن أن نلمس ايضا أن ظاهرة ليبرمان بدأت تثير حفيظة عدد من السياسيين والمحلليين السياسيين الذين يرون فيه خطرا على مستقبل الحياة السياسية الإسرائيلية، وذهب أحدهم إلى القول إن تشكيل حكومة «فاشية» إسرائيلية لم يعد أمرا مستبعدا.

لقد كانت الأفكار المتطرفة ضد الفلسطينييين داخل الخط الأخضر قبل عقود على الهامش اليميني للخارطة السياسية الإسرائيلية، ولكنها باتت اليوم في مركزها. واصبح هذا الحزب الذي تعتمد قاعدته على المهاجرين الروس ينعت فلسطينيي الداخل بالمخربين وبأنهم طابور خامس، ويطالب بربط حقوقهم المدنية بالولاء لإسرائيل. وحل مكان حزب العمل(الحزب الذي أسس إسرائيل وشكل كافة حكوماتها حتى عام 1977) في المكان الثالث بين الأحزاب الإسرائيلية من حيث التمثيل، بحصوله على 15 مقعدا مقابل 13 للعمل.

يطالب ليبرمان بتبادل مناطق وسكان مع الفلسطينيين في إطار الحل الدائم للحفاظ على إسرائيل دولة يهودية نقية. ويشترط مواطنة فلسطينيي الداخل بولائهم لإسرائيل، ويدعو إلى منح امتيازات لمن أدوا الخدمة العسكرية والمدنية على حساب فلسطينيي الداخل الذين لا يؤدون تلك الخدمة. وحرض ضد قيادات فلسطيني الداخل وعلى رأسهم الدكتور عزمي بشارة، الذي تعرض لملاحقة سياسية بغطاء أمني واضطر للبقاء في منفى قسري بعيدا عن وطنه. ويدعو ليبرمان إلى تهجير من لا يعتبر أن إسرائيل هي دولة يهودية صهيونية ولا يعتبر النشيد الوطني "هتكفا" نشيده، ويشترط حقوق فلسطينيي الداخل بأداء الخدمة العسكرية والولاء لإسرائيل.

كشفت الصحف العبرية مؤخرا أن ليبرمان بدأ حياته السياسية في حركة "كاخ" الإرهابية. أي أن الفاشية لديه متأصلة، ولم يعرف الكثير عن نشاطه في تلك الحقبة.
ولد ليبرمان في 5 يونيو/حزيران 1958 في كيشينيف بمولدافيا خلال الحقبة السوفياتية لعائلة يهودية ناطقة باللغة الروسية. وعمل حارس أمن بأحد الملاهي الليلية في مولدافيا وهو دون العشرين ثم انتقل للعمل في باكو عاصمة أذربيجان قبل الهجرة إلى فلسطين عام 1978.
بعد هجرته إلى إسرائيل وأداء الخدمة العسكرية التحق بالجامعة العبرية بالقدس حيث حصل على شهادة في العلاقات الدولية والعلوم السياسية.
وكان خلال دراسته بمواقفه العنصرية وعدائه الشديد للطلاب العرب، ويذكره طلاب الجامعة العرب في تلك الحقبة بجبنه وعدائه السافر.
ظهر في الساحة السياسية الإسرائيلية أبان حكومة الليكود عام 1996، حين شغل منصب مدير عام مكتب رئيس الوزراء، آنذاك، بنيامين نتنياهو، بعد أن كان قد أمضى عدة سنوات في صفوف حزب الليكود. وقد عرف ليبرمان في تلك الفترة بأنه رجل المهمات القذرة والشخصية الصراعية المثيرة للجدل والأزمات. وقد يعود اختياره لهذا المنصب، إلى محاولة اجتذاب الجمهور الروسي الذي كان يعاني صعوبات في الاندماج في المجتمع ومؤسسات الدولة.

يشار إلى أن ليبرمان هو من وضع تسيبي ليفني، في تلك الفترة، على أول درجة من سلم الحياة السياسية بعد أن عينها رئيسة لمصلحة الشركات الحكومية. واضطر إلى الاستقالة بعد سنة واحدة فقط بسبب ملف جنائي يتعلق بالتهجم على طفل وضربه ضربا مبرحا، بعد أن تشاجر مع ابنه.

هاجر أفيغدور ليبرمان إلى فلسطين عام 1978 ولا تتوفر معلومات كافية حول الحقبة من حياته التي قضاها في مولدافيا، مكان ولادته. وفي أعقاب خلاف بين رئيس حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، ورئيس حزب المهاجرين الروس "يسرائيل بعليا"، نتان شيرانسكي، أشار نتنياهو إلى مدير مكتبه السابق، أفيغدور ليبرمان، بتشكيل حزب روسي جديد موال لليكود. إلا أن مصادر أخرى قالت إن ليبرمان أقام حزبه احتجاجا على قيام نتنياهو بفصله من العمل بعد القضية المذكورة.

شكل ليبرمان حزب "يسرائيل بيتينو" (إسرائيل بيتنا)، عام 1999، نسبة إلى حزب روسي كان بزعامة الرئيس الروسي السابق يلتسين يدعى (روسيا بيتنا) وهي محاولة من ليبرمان لكسب تعاطف المهاجَرين الروس الذين أيدوا ذلك الحزب. ولم تسلم أي مؤسسة إسرائيلية أو أي حزب من لسانه الطويل والسليط طيلة السنوات التي شغل فيها دورا في السياسة الإسرائيلية فقد هاجم أعضاء الأحزاب الآخرين والشرطة، والمحكمة العليا والنيابة العامة وقسم التحقيقات في الشرطة. إلا أن التهجم على الفلسطينيين وعلى قياداتهم والعرب عامة إحدى سماته البارزة.

خاض الحزب الانتخابات من خلال برنامج سياسي، اجتماعي، اقتصادي، دعا فيه إلى استيعاب المهاجَّرين بشكل كامل، والعمل على صهرهم داخل المجتمع، "من أجل إيجاد مجتمع يهودي متكامل"، ومن خلال التحريض على العرب. حصل حزبه في انتخابات الكنيست الخامسة عشرة عام 1999 على 4 مقاعد، وفي عام 2003 خاض الانتخابات في قائمة مشتركة مع حزب موليدت اليميني تحت اسم "إيحود ليئومي" وحصل على 7 مقاعد، وفي انتخابات 2006 حصل تحالفه مع حزب "إيحود ليئومي" على 11 مقعدا، واعتبر هذا التحالف القوة الرابعة في الكنيست السابعة عشرة من حيث عدد المقاعد .وحصل في الانتخابات الأخيرة(10-2-2009) على 15 مقعدا واحتل المكان الثالث، ويعتبر كفة الميزان الراجحة لأي حكومة مستقبلية.

ليبرمان هو علماني ويدعو إلى فصل الدين عن الدولة واعتماد الزواج المدني، وإلى تغيير نظام الحكم في إسرائيل إلى نظام حكم رئاسي، لأن ذلك باعتقاده يخفف من وطأة الرضوخ للضغوطات في الاتفاقات الائتلافية، ويدعو إلى استقالة الوزراء من البرلمان، على غرار النظام القائم في النرويج.

ويرى أن أن هدف الصهيونية هو الحفاظ على دولة ذات قومية واحدة، هي اليهودية، وأن وجود اقلية أخرى كبيرة يتناقض مع هذا الهدف، ويناقض رؤيته في وجوب الحفاظ على الدولة اليهودية النقية. ويطالب "المقطوع من شجرة"، فلسطينيي الداخل بإعلان الولاء إلى دولة إسرائيل وأداء الخدمة العسكرية ويهدد من يرفض ذلك بترحيله إلى ً إلى مناطق السلطة الفلسطينية.

تردد أن ليبرمان لديه ارتباطات مشبوهة مع عصابات المافيا الروسية. ويخضع للتحقيق في قضايا فساد منذ عدة سنوات. وتحوم الشبهات حول المهاجر الروسي الذي صعد نجمه في الانتخابات الأخيرة حول تهم بالرشوة والغش والخداع وتبييض الأموال والفساد الإداري والتهرب من دفع الضرائب. وكانت التحقيقات بدأت ضده عام 2006، وكان آخر حلقاتها اعتقال عدد من مقربيه للتحقيق، بمن فيهم محاميه، قبل نحو ثلاثة أسابيع. ومن المتوقع أن يكون للتحقيقات تأثير على مستقبل ليبرمان في الحكومة التي يجري تشكيلها..
قدم حزب "يسرائيل بيتينو" بعد الانتخابات الثامنة عشرة التي أجريت في 10 شباط فبراير عام 2009، والتي تمخضت عن أغلبية يمينية في الكنيست، وثيقة تتضمن مبادئ أساسية لقبوله الانضمام للاتئلاف الحكومي لحزبي الليكود وكاديما. ووافق الحزبان على معظم بنودها.
وتشمل الوثيقة خمسة مطالب:
1- العمل على «إخضاع الإرهاب» بما في ذلك إسقاط حكومة حماس في غزة. والتعهد بعدم إجراء مفاوضات مع «تنظيمات إرهابية».

2- الموافقة على تقديم الحزب اقتراح قانون «يربط بين المواطنة والولاء للدولة ولقيمها الأساسية (موجه ضد فلسطينيي الداخل)». ومنح امتيازات لمن أدوا الخدمة العسكرية والخدمة الوطنية في مؤسسات التعليم العالي وفي تخصيص الأراضي والوظائف في الخدمات العامة.

3- أن تقدم الحكومة مشروع قانون لتغيير نظام الحكم خلال ثلاثة شهور ومنح الائتلاف حرية التصويت عليه.

4- في مسألة الدين والدولة، يطالب الحزب بسن قانون "عقد الزواج" لحل مشكلة الحالة الشخصية لحوالي 300 ألف مهاجر لا يمكنهم عقد القران حسب الشريعة اليهودية. كما يطالب بتسهيل إجراءات التهويد ونقل الصلاحية في هذا الشأن إلى الرابي في كل مدينة.
5- إقامة مجلس وزاري يعد الخطط لاستيعاب المهاجرين من أوروبا وأمريكا على ضوء «تنامي العداء للسامية في تلك المناطق».
في حديثه في اجتماع عقد في المركز "بين المجالات" في هرتسليا في مطلع شهر فبراير 2009، قال ليبرمان إن إسرائيل تعيش تحت هجمات إرهابية، من الداخل والخارج في الوقت نفسه. وأضاف أن ما أسماه بـ"الإرهاب الداخلي" هو أخطر بكثير من "الإرهاب الخارجي"، مشيرا إلى "ضرورة إدراك ذلك، والعمل بما يقتضيه". وقال عن التجمع الوطني الديمقراطي، إنه "الحزب الوحيد الذي يساند الإرهاب بشكل علني". كما قال إن التجمع "قد نظم مظاهرات رفعت فيها أعلام حركة حماس، وهتف المتظاهرون بشعارات مؤيدة للإرهاب، بينما كانوا الجنود الإسرائيليون يحاربون على الجبهة". وزاد ليبرمان: "إن نضال إسرائيل بيتنا ضد التجمع الوطني الديمقراطي لهو جزء لا يتجزّأ من حرب دولة إسرائيل على محور الشر، الذي ينادي لإبادة دولة إسرائيل".

في مقابلة مع صحيفة هآرتس في أواخر يناير عام 2009 اعتبر رئيس "يسرائيل بيتينو"، الفاشي أفيغدور ليبرمان، أن إيران تشكل التهديد الاستراتيجي الأول على إسرائيل، في حين أن الفلسطينيين في الداخل يشكلون الخطر الاستراتيجي الثاني.

في شهر نوفمبر 2008 قال ليبرمان إذا كان الرئيس المصري «لا يريد المجيء إلى هنا (لزيارة إسرائيل) فليذهب إلى الجحيم». وبعد اعتذار إسرائيل عن أقواله، اعتبر الاعتذار تملقا لمصر. وأضاف قائلا إن «اعتذار رئيس الدولة ورئيس الحكومة السريع شبيه بتصرفات امرأة تتعرض للضرب».

خلال أحداث عكا في نوفمبر 2008، اعتبر رئيس حزب «يسرائيل بيتينو» موجة العنصرية والاعتداءات على عرب عكا «ملاحقة ضد اليهود» وقال أن «ملاحقة اليهود في عكا تعني بداية انتفاضة في قلب الدولة». واعتبر أن «المشكلة أن هؤلاء الذين لم ينجحوا في مواجهة أحداث أكتوبر عام 2000 يغمضون أعينهم الآن ويخبئون رؤوسهم في الرمل، ولا يدركون أن مشكلة عرب إسرائيل تأتي قبل مشكلة الفلسطينيين". وأضاف: "الأحداث الأخيرة تثبت أن الحل الوحيد هو تبادل مناطق وسكان".

قال ليبرمان من على منبر الكنيست، في أول خطاب له في افتتاح الدورة السابعة عشرة، في تاريخ 4/5/2006، إنه "يجب أن نجد حكما للنواب العرب في الكنيست الذين يتعاونون مع العدو ويلتقون قادة حماس." وأضاف إنه "حتى بعد الحرب العالمية الثانية، أمرت المحكمة في نيرنبرغ بإعدام ليس المجرمين فقط بل المتعاونين أيضا. أتمنى أن يكون هذا مصير المتعاونين المتواجدين في هذا البيت"، في إشارة صريحة الى أعضاء الكنيست العرب.

وأضاف أيضاً: "لقد طلبنا أن تكتب الحكومة في خطوطها العريضة أنه يجب معاقبة المحرضين والمتعاونين مع الإرهاب الذين يجلسون في هذا البيت، وكذلك أولئك الذين ما فتئوا يلتقون حماس وحزب الله ويسافرون الى لبنان والذين رفعوا الأعلام السوداء عند اعلان استقلال دولة اسرائيل وأعتبروه يوم نكبتهم. هؤلاء يجب أن يحاكموا كما يحاكم الارهاب."

وفي تاريخ 22/1/2006 شبه ليبرمان عضو الكنيست عزمي بشارة (التجمع الوطني الديموقراطي) بالرئيس الايراني أحمدي نجاد، بزعم أنه يرفض الإعتراف بوجود دولة إسرائيل وينادي بطرد اليهود منها.

وفي تاريخ 9/3/2004، في خطابه في الكنيست، صرخ ليبرمان، موجها كلامه لأعضاء الكنيست العرب: "أنتم مثل محمد ضيف، تريدون أن تدمروا الدولة، ولكن بتكتيك مختلف. لو كنتم في دولة أخرى لكان مكانكم في السجون.

" وفي شهر أيار 2004، عرض ليبرمان على رئيس الحكومة خطة لحل النزاع الاسرائيلي-الفلسطيني، يقترح وفقها، من ضمن أمور أخرى، طرد 90% من الأقلية الفلسطينية الى الدولة الفلسطينية التي ستقام في الأراضي المحتلة. فحسب رأي ليبرمان، المشكلة المركزية لدولة إسرائيل ليست الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، إنما الأقلية الفلسطينية التي تعيش في الدولة.

وفي أيلول/ سبتمبر 2001 طالب ليبرمان بدفن اتفاقيات أوسلو، كما طالب رئيس الحكومة في حينه، أرئيل شارون، بملاحقة رئيس السلطة الفلسطينية الراحل، ياسر عرفات، "مثلما تفعل الولايات المتحدة حيال أسامة بن لادن".



التعليقات