في ظل الثورات: "اليهود العرب" يبعثون برسالة إلى أبناء جيلهم العرب والمسلمين

يؤكدون على تضامنهم مع الثورات وانتمائهم للموروث الديني والثقافي واللغوي للمنطقة، ومع نضال الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة وداخل الخط الأخضر

 في ظل الثورات:
وقع العشرات من أحفاد اليهود الذين هاجروا إلى إسرائيل من الدول العربية والإسلامية، الذين يعرفون أنفسهم على أنهم من "اليهود العرب "، على رسالة موجهة إلى أبناء جيلهم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ظل الثورات التي تجتاح العالم العربي.
 
وأكد الموقعون في الرسالة، التي وصلت موقع عــ48ـرب، على تضامنهم مع الثورات في العالم العربي، وخاصة في مصر وتونس، وقلقهم من الدماء التي تسفك في ليبيا واليمن وسورية والبحرين.
 
واعتبر الموقعون على الرسالة أنفسهم بأنهم إسرائيليون وجزء لا يتجزأ من ثقافة المنطقة، وأن "الثقافة العربية الإسلامية والشعور بالانتماء هما جزء لا يتجزأ من هويتهم ونظرتهم إلى ذاتهم"، وأنهم يشعرون بالانتماء العميق للموروث الديني والثقافي واللغوي التابع للفضاء والواقع الشرق أوسطي والشمال أفريقي.
 
وعبرت الرسالة عن التعاطف والآمال في هذه المرحلة من انتقال الأمور جيل إلى جيل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأن تكون مدخلا للحرية والعدالة والتقاسم العادل لمقدرات الأمة والمنطقة.
 
وتوجه الموقعون إلى أبناء جيلهم على أمل فتح حوار يتيح لهم أن يكونوا جزءا من تاريخ وثقافة المنطقة التي سعت إسرائيل إلى إبعادهم عنها.
 
وبينما أشارت المجموعة إلى انبهارها بالصورة القادمة من تونس ومن ميدان التحرير، قالت إنها تعيش تحت واقع حكم لنظام حكم يقدم للعالم صورة ديمقراطية ومستنيرة عن نفسه، ولكن ذلك لا يمثل شرائح واسعة من المجتمع تقع تحت سلطته في المناطق المحتلة عام 67 وداخل الخط الأخضر. بحسب الرسالة.
 
وأضافت الرسالة أن نضال "الشرقيين" داخل إسرائيل من أجل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مبني على فهمهم بأن التغيير السياسي لا يمكن أن يعتمد على القوى العظمى في الغرب، وإنما يكون نتاجا للحوار الداخلي في المنطقة عبر التضامن والانضمام إلى النضالات المختلفة الجارية اليوم في البلدان العربية، وعلى وجه الخصوص نضال الفلسطينيين في الداخل من أجل حقوقهم السياسية والاقتصادية والمساواة، ووقف المد العنصري ضدهم، إلى جانب نضال الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة الذين يعيشون تحت نير الاحتلال العسكري، ودعم مطالبهم العادلة في إنهاء الاحتلال والاستقلال.
 
وقالت الرسالة إنها تأمل أن يكون هذا الجيل قادرا على التعالي عن أسوار العداء بين الأجيال السابقة، لتجديد الحوار بين "اليهود والسنة والشيعة والمسيحيين، بين العرب والأكراد والبربر، وبين الأتراك والإيرانيين، بين الشرقيين والأشكناز، بين الفلسطينيين والإسرائيليين"، كأصحاب ماض وموروث مشتركين، كمفتاح لإعادة النموذج الأندلسي "الإسلامي – اليهودي – المسيحي".
 
وأكدت الرسالة على أن الوصول إلى "هذا العصر الذهبي"  غير ممكن بدون تجذر المواطنة والديمقراطية، بما يعنيه من التداول السلمي للسلطة وسيادة دولة القانون وضمان الحريات واحترام الأقليات والعدالة الاجتماعية والمحاصصة العادلة لثروات ومقدرات الدول بين أبناء شعبها، وتساوي الفرص في التعليم ومساواة النساء بالرجال، وقبول الناس أجمع على اختلاف معتقداتهم وألوان بشراتهم ووضعهم الاجتماعي وموروثهم الثقافي وجنسهم وميولهم الجنسية وطوائفهم وأعراقهم ولغاتهم.
 
وأكدت الرسالة في النهاية على الالتزام في تحقيق هذه الأهداف، وفي استمرار الحوار الدائم بين كل مواطني المنطقة.
 
وفيما يلي النص الكامل للرسالة:
روح جديدة 2011
رسالة بنات وأبناء الجاليات اليهودية في إسرائيل المهاجرين من الدول العربية والإسلامية إلى بنات وأبناء جيلنا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا:
نحن حفيدات وأحفاد الجاليات اليهودية في العالم العربي والإسلامي، في المشرق والمغرب، وكجيل ثالث من المشارقة في إسرائيل، نتابع بتًأًثرٍ كبير وبشغفٍ شديد الدور المركزي والشجاع الذي تتبوأه نساء ورجال أبناء جيلنا في أرجاء العالم العربي في الثورة والتظاهرات من أجل الحرية والتغيير. كما نشعر بالتضامن والأمل في مستقبل الثورات الناجحة في كلٍّ من مصر وتونس، ونشعر بالألم والقلق الشديديْن لفقدان الأرواح الغالية وسفك دماء الشعوب الزكية في كلٍّ من ليبيا والبحرين واليمن وسورية، وغيرهم من شهداء الحرية في أماكن أخرى.
 
إنّ صرخة أبناء جيلنا في وجه الاضطهاد ووجه الأنظمة المستعبدة المستغلة المستبدة، ودعوتها إلى التغيير وللحرية وبناء أنظمة حكمٍ ديمقراطية، تكفل مشاركة المواطنين في الحياة السياسية، وتمثل في نظرنا لحظةً مثيرة وحاسمة في تاريخ الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. هذه المنطقة التي تمزقت منذ أجيال نتيجة التّجاذبات والصّراعات التي جرت بين قوى خارجية وداخلية مختلفة والتي سحقت الحقوق السياسية والاقتصادية والثقافية لغالبية مواطني هذه المنطقة.
 
نحن إسرائيليون وأحفادُ وذريةٌ ليهود عاشوا منذ مئات بل آلاف السنين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث ساهم آباؤنا وأمهاتنا في تطوير ثقافة المنطقة، وكانوا جزءًا لا يتجزّأ منها. هذا هو الحال بالنسبة لنا نحن أيضًا؛ فالثقافة العربية الإسلامية والشعور بالانتماء المتجذّر في نفوسنا، هما جزء لا يتجزأ من هويتنا ونظرتنا لذاتنا.
 
نحن نحسّ بانتماء عميق للموروث الديني والثقافي واللغوي التابع للفضاء والواقع الشرق أوسطي والشمال أفريقي، على الرغم من أننا قد "نُسينا" أو تم التناسي بأننا تابعون لهذا التاريخ وهذا المجال: بدايةً من طرف إسرائيل، والتي تتخيل نفسها بأنها واقعة بين قارة أوروبا وأميركا الشمالية؛ وثانياً من طرف العالم العربي، الذي وكما يبدو لنا قد قبل في العديد من المناسبات بهذا الانشطار وهذا التضادّ بين العربي واليهودي وسلم بتخيل اليهودي على أنه غربي أو أوروبي، وآثر تناسي -أو قل دفع- التاريخ اليهودي-العربي جانباً، باعتباره جزءًا ثانويًا بالنسبة له، أو كأنه لم يكن أصلاً جزءاً من تاريخه.
 
ثالثاً يجب الاعتراف أيضًا بوجود خجل بهذا الموروث المشترك مع الشعوب العربية، في داخل الجاليات الشرقية ذاتها، نتيجة للاستعمار الغربيّ والحراك القومي اليهودي والعربي. وعليه فقد حاولت هذه الجاليات في العديد من المرات الاندماج والالتصاق بالتيارات الأقوى في المجتمع، مع محاولة محو أو تحجيم وتصغير ماضينا. لقد كانت هذه الثقافة وهذا التبادل الثقافي الضخم بين اليهودية والعربية ضحية محاولاتٍ عنيفة لمحوها وطمس معالمها في الأجيال الأخيرة، لكن يمكننا أيضاً أن نشاهد ثباتها واستمراريتها في مجالات ودوائر حياتية وثقافية مختلفة كالموسيقى والتعبد واللغة والأدب، وغيرها.
 
نريد أن نعبر أمامكم عن تعاطفنا وآمالنا من هذه المرحلة التي يتم فيها انتقال زمام الأمور من جيل إلى جيل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما نأمل أن يكون هذا الانتقال مدخلاً للحرية والعدالة، والتقاسم العادل لمقدرات الأمة والمنطقة بين جميع المواطنين، بما يكفل العدالة الاجتماعية والتكافل الاجتماعي والمواطنة الكريمة لشعوب المنطقة الكرام.
 
كما نتوجه إلى بنات وأبناء جيلنا وأقراننا في العالم العربي والإسلامي آملين بفتح حوار يتيح لنا المجال بأن نكون جزءاً من التاريخ والثقافة في هذه المنطقة.
 
لقد تابعنا بغيرة وانبهار الصور القادمة من تونس ومن ميدان التحرير، وأُعجبنا بالمقدرة على تنظيم معارضة شعبية سلمية استطاعت أن تدفع بمئات الألوف إلى الشوارع والميادين، تلك الجموع التي استطاعت في نهاية المطاف إجبار الحكام على التنحي جانباً والاستقالة. نحن أيضاً نعيش تحت واقع حكمٍ لنظام يقدّم للعالم صورة ديمقراطية ومستنيرة عن نفسه، إلا أنّ هذه الصورة وهذا النظام لا يمثلان شرائح واسعة من المجتمع واقعة تحت سلطته في المناطق المحتلة وداخل الخط الأخضر. فهو يسحق الحقوق الاقتصادية لغالبية المواطنين، وهو مستمرّ في محاولاته تضييق هامش الحرّيات والديمقراطية وبناء جدران عنصرية أمام الثقافة الشرقية العربية واليهودية. لكننا نختلف عن مواطني تونس ومصر ما زلنا غير قادرين على خلق تكافل اجتماعيّ وسياسيّ بين الفئات المجتمعية المختلفة، يُوحّد الصفوف ويعطينا المقدرة على الخطوّ قدماً بكلّ فئات المجتمع إلى الميادين، والمطالبة بنظام مدنيّ يكفل الحرية والعدالة الاجتماعية والثقافية.
 
نحن نؤمن بأنّ نضالنا كشرقيين داخل إسرائيل لتحصيل حقوقنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مبنيّ على فهمنا بأنّ التغيير السياسيّ لا يمكن له أن يعتمد على القوى العظمى من الغرب والتي لطالما استغلت منطقتنا وشعوبنا منذ أجيال عديدة. على التغيير أن يكون نتاجاً للحوار الداخلي في المنطقة، عبر التضامن والانضمام إلى النضالات المختلفة الجارية اليوم في البلدان العربية، وعلى وجه الخصوص نضال الفلسطينيين داخل إسرائيل لحقوقهم السياسية والاقتصادية والمساواة داخل إسرائيل، ووقف المدّ العنصري ضدّهم، إلى جانب نضال الفلسطينيين في غزة والضفة، الذين يعيشون تحت نير الاحتلال العسكري ودعم مطالبهم العادلة لإنهاء الاحتلال والاستقلال.
 
لقد سبق ودعونا في رسالة سابقة بعد خطاب أوباما في القاهرة عام 2009، إلى بزوغ الهوية الشرق أوسطية الديمقراطية ولمشاركتنا داخلها. أما الآن فنحن نأمل بأن يكون جيلنا -في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي واليهودي- جيل جسور حوار متجددة، يستطيع التعالي عن أسوار العداء بين الأجيال السابقة، مُجدِّداً بذلك الحوار العميق الذي لا نستطيع أن نفهم ذاتنا من دونه. حوار بين اليهود والسنة والشيعة والمسيحيين؛ بين العرب والأكراد والبربر؛ بين الأتراك والإيرانيين؛ بين الشرقيين والأشكناز؛ بين الفلسطينيين والإسرائيليين. نحن على ثقة بأننا كأصحاب ماضٍ وموروثٍ مشتركينْ ننظر أيضًا إلى المستقبل بتعاطف وآمال عريضة. نحن نؤمن بالحوار الداخلي في منطقتنا، والذي يهدف إلى الإصلاح وبناء ما قد هُدم في الأجيال السابقة، كمفتاح لإعادة النموذج الإسلامي-اليهودي-المسيحي المشترك في الأندلس، وكمدخل بعون الله وبالتوفيق منه إلى عصرٍ ذهبي آخر لثقافتنا وتاريخنا وحاضرنا المشترك يكون أهلا ومفخرةً لثقافتنا وماضينا العريق إنشاء الله.
 
هذا العصر الذهبي لا يمكن أن يحصل من دون تجذر المواطنة الحقّة والديمقراطية بما تعنيه من التداول السلمي للسلطة وسيادة دولة القانون وضمان الحريات واحترام الأقليات والعدالة الاجتماعية والمحاصصة العادلة لثروات ومقدرات الدول بين أفراد شعبها، وتساوي الفرص في التعليم ومساواة النساء بالرجال وقبول الناس أجمع على اختلاف معتقداتهم وألوان بشراتهم ووضعهم الاجتماعي وموروثهم الثقافي وجنسهم وميولهم الجنسية وطوائفهم وأعراقهم ولغاتهم، كجزء لا يتجزأ من مساعينا لبناء هذا المجتمع الجديد الذي نصبو له جميعاً.
 
نحن ملتزمون بمساعينا في تحقيق أهدافنا هذه، وفي استمرار الحوار الدائم بين كل مواطني المنطقة، وبحوارنا أيضاً مع فئات ومجموعات يهودية أخرى في البلاد وخارجها.
 
الموقعون:
شبا سلهوب (ليبيا)، موئيز بين هراش (من مواليد المغرب)، نعمه جرشي (اليمن، صربيا)، ألموج بيهار (العراق، تركيا، ألمانيا)، يعيل بين يفيت (العراق،عدن)، أهرون شيم طوب (كردستان إيران، العراق)، يعيل برداه (تونس)، يوسي أوحانه (من مواليد المغرب)، يالي هشش (اليمن، ليبيا)، يونيت نعمان (اليمن، تركيا)، أورلي نوي (من مواليد ايران)، ماتي شموئيلوف (سوريا، العراق، إيران)، أليعانه ألموج (اليمن، ألمانيا) يوفال عبري (العراق)، أوفير طوبول (المغرب، الجزائر)، موطي جيجي (المغرب)، شلوميت لير (إيران)، حدفا إيال (إيران)، إيال بين موشيه (اليمن)، شلوميت بين ـ يمين (تركيا،سوريا, كوبا)، يعيل اسرائيل (ايران، تركيا)، بني نوريئيل (تونس)، أريئيل جليلي(إيران)، نتلي أوحنا عبري (المغرب، بريطانيا)، إيتمار طوبي طهر ـ ليف (مصر،القدس،المغرب)، عوفير نميمي (العراق، المغرب)، أمير بنبجي (سوريا)، نفتالي شيم طوب (كردستان إيران، العراق)، ليئة إيني (تركيا، اليونان)، غادي الغازي (مصر، يوغوسلافيا)، عزرا ناوي (العراق)، يوسي داويد (إيران، تونس)، شلوم زربيب (الجزائر)، يردينه حامو (كردستان العراق)، ابيب درعي (المغرب)، مني اقا (العراق)، توم فوجل (اليمن، بولندا)، عران افراتي (العراق)، دان وكسلير دنيئل (سوري، بولندا، أوكرانيا)، يعيل جينديان (إيران)، اليقيم نيصاني (لبنان، إيران، إيطاليا)، شلي حوريش سيجال (المغرب)، يوني ميزراحي (كردستان)، اوفير ايطاح (المغرب)، بتي بنبينيستي (تركيا)، حين مسجاب (العراق، بولندا)، موشيه بالماس (المغرب)، توم كوهين (العراق، بولندا، بريطانيا)، شيرلي قراواني (اليمن، ليبيا، تونس)، لورينة اطرقصي (العراق، الأرجنتين)، ناويت بارئيلل (ليبيا).

التعليقات