اسرائيل تراوح بين إنقاذ أبو مازن والإجهاز عليه

ويقول ان شارون اراد معاقبة محمود عباس على إصراره "الوقح" على قبول خارطة الطريق وعاقبه بإدخال حماس الى غزة ونتنياهو أراد معاقبة عباس على قبوله اقتراح الرباعية وسيدخل حماس الى رام الله.

اسرائيل تراوح بين إنقاذ أبو مازن والإجهاز عليه

انقاذ أبومازن، هو عنوان المقال الذي كتب دوف فايسغلاس، رئيس الوفد الإسرائيلي المفاوض مع الفلسطينيين في عهد أرئيل شارون، في صحيفة "يديعوت اخرونوت" الصادرة اليوم الثلاثاء وعنوان الدعوة التي انطلقت من عدة جهات اسرائيلية، في الاونة الاخيرة، وعلى رأسها الجيش الاسرائيلي.

فايسغلاس كتب يقول "ان كل من كان له تجربة في مفاوضات مع الفلسطينيين يعرف ان تحرير أسرى يعتبر من أعظم الإنجازات ويشير في هذا الصدد، انه خلال المفاوضات على تطبيق المرحلة الاولى من خارطة الطريق، او تفاهمات شرم الشيخ ( المتعلقة بما سمي بمكافحة الارهاب "عرب 48") وجدنا من الضروري تعزيز مكانة السلطة الفلسطينية وأدركنا ان الطريقة الأمثل هي تحرير أسرى فلسطينيين وهكذا قامت حكومة شارون بتحرير مئات الاسرى، كبادرة حسن نية تجاه الفلسطينيين (جميعهم ايديهم غير ملطخة بالدماء) الأمر الذي ساهم في تقوية السلطة وبالتالي تعزيز أحد مركبات الأمن الإسرائيلي.

يبدو أن هذه الصفقة لم تأخذ بالحسبان البتة، ضرورة صيانة السلطة الفلسطينية، يقول فايسغلاس، ويشير الى مشاعر الإحباط والغضب والمرارة القاسية التي يمكن لمسها عند الحديث مع قيادات السلطة الفلسطينية، ابومازن نفسه،يقول فايسغلاس، نقل عنه، قوله لاحد ضيوفه، ان الإسرائيليين قد قرروا ذبحي، على ما يبدو وفيما اذا قال اولم يقل ، فان ذلك يعكس الشعور الصعب الذي يكتنف قادة السلطة الفلسطينية.

ويتابع فايسغلاس قائلا، ان طريق حماس تبدو الان اكثر ربحا، من طريق اللاعنف واللا إرهاب التي تسير بها السلطة وفي ظل اخفاقات السلطة المتعلقة بالتعقيد الذي يرافق موضوع التوجه للامم المتحدة وتوقف المفاوضات مع حكومة نتنياهو واستمرار البناء الإستيطانية خارج الكتل الاستيطانية، لا عجب أن تضعف مكانة السلطة الفلسطينية بشكل حاد.

وبغض النظر عن الشبهات التي تحوم حول حكومة نتنياهو، في انها سعت عمدا الى إضعاف السلطة الفلسطينية، يقول فايسغلاس، ان التاريخ الفلسطيني الاسرائيلي االمكتوب بالدم والدموع، يبين ان سنوات السلطة الفلسطينية، بتركيبتها الحالية هي الأفضل (للاسرائيليين والفلسطينيين) وتشهد على ذلك السنوات الخمس الفائتة من الهدوء، المطلق تقريبا، والاستقرار والازدهار الإقتصادي وهو امر يفترض أن حكومة نتنياهو، حتى لو كانت لا تكن مشاعر الحب للسلطة، تعرفه ولا تفضل عليها حكومة حماس في الضفة ايضا.

المحلل السياسي لصحيفة "هارتس عكيفا الدار" لا يتفق مع استنتاج فايسغلاس هذا ويشبه صفقة شاليط التي أبرمها نتنياهو مع حماس، بالانسحاب أحادي الجانب من غزة الذي نفذه شارون ويقول ان شارون اراد معاقبة محمود عباس على إصراره "الوقح" على قبول خارطة الطريق وعاقبه بإدخال حماس الى غزة ونتنياهو أراد معاقبة عباس على قبوله اقتراح الرباعية وسيدخل حماس الى رام الله.

الدار، يشير الى ما كشفته "هارتس" أمس الأحد من أن نتنياهو والمحيطين به من مجموعة الثمانية، يعارضون بكل ثمن أي بوادر حسن نية تجاه عباس وان مستشاري نتنياهو يضغطون باتجاه معاقبة الرئيس الفلسطيني، على كونه تجرأ وذهب الى الأمم المتحدة بطلب الإعتراف بالدولة الفلسطينية التي ستعيش بسلام الى جانب دولة إسرائيل.

وهو ينفي قلة الفهم عن نتنياهو ومساعديه ويقول، هم يفهمون جيدا أن اضعاف الخصم السياسي تتم عبر تقوية منافسه وفي هذه الحالة المنافس هي حماس والوسيلة الأنجع هي تحرير اسرى، وبضمنهم أسرى من داخل الخط الأخضر والقدس.وحول الادعاء ان هذا العقاب يقرب نهاية محمود عباس والسلطة الفلسطينية يقول نتنياهو ومساعدوه، ان ذلك ليس ما يتمنونه ولكن وقوعه لا تعني نهاية العالم.

ذهاب عباس ومعسكره قد تضع حدا لمصائب حكومة نتنياهو، يقول الدار، مندوبو الرباعية الذين سيصلون غدا الى المنطقة يريدون أن يعرفوا اذا كانت حكومته قد قبلت اقتراح الرباعية من تاريخ 23 أيلول وتصريح اوباما من 19 أيار الماضي (مفاوضات على أساس حدود67 وتبادل أراض متفق عليها) حتى اللحظة الأخيرة تمنى نتنياهو أن يصر الفلسطينيين على شروط مسبقة (طلب احترام خارطة الطريق التي تلزم تجميد الإستيطان تعتبر بنظره شروطا مسبقة) لكنه أكتشف انه لا يمكن الإعتماد على العرب، فقد أبلغ عباس الرباعية أنه يقبل الإقتراح كما هو، ورغم الجهود المتواصلة للمس به، ما زال عباس مصرا على الالتزام الصارم بالتنسيق الأمني وإحباط كل محاولة تقوم بها حماس للقيام بعمليات، كما صرح رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض، في نهاية الاسبوع.

ويختم الدار تحليله بالقول، نتنياهو يعرف ما قاله عباس للرئيس بوِش، بأنه سيذهب الى البيت اذا لم يتم المباشرة بمفاوضات جدية خلال شهرين. قبل ذلك، قد يكون في الأسبوع القادم سيجتمع عباس مع خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في محاولة للتوصل الى اتفاق مصالحة وإقرار انتخابات فلسطينية في كانون ثاني القادم ونتنياهو لا يريد أكثر من ذلك، فحماس حركة إ"رهابية" وانظمة الرباعية التي تحظر التفاوض معه مازالت سارية المفعول.

بالمقابل، يضغط الجيش الاسرائيلي باجاه ترميم وضع ابو مازن والسلطة الفلسطينية، في اعقاب الاضرار التي سببتهما لهما صفقة تبادل الاسرى وفي هذا السياق طرحت عدة افكار
بعضها يتصل بالمرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى، والتي يفترض أن يتم فيها إطلاق سراح 550 أسيرا فلسطينيا.


حيث يقترح الجيش الإسرائيلي، أن يكون غالبية المحررين من حركة فتح، علما ان الصفقة التي ستتركز في أسرى غير بارزين. كما يناقش الجيش، مع اقتراب عيد الأضحى، توصية بإطلاق سراح عدد آخر من الأسرى، كبادرة حسنة تجاه السلطة الفلسطينية.


وهناك اقتراح آخر يتضمن نقل مناطق من "منطقة ب"، التي تقع تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية بحسب اتفاق أوسلو، إلى منطقة "ج"، التي تقع تحت مسؤولية السلطة الفلسطينية الأمنية. ويتصل هذا الاقتراح بمناطق في شمال الضفة الغربية بين جنين ونابلس وطولكرم حيث لا يوجد استيطان إسرائيلي.


وتجري أيضا مناقشة إعادة جثامين شهداء إلى السلطة الفلسطينية، يضاف إليها اتخاذ إجراءات ملموسة مثل إزالة حواجز ترابية من عدد من شوارع الضفة الغربية، وإطلاق سراح جنائيين فلسطينيين من السجون الإسرائيلية.

وزير الأمن أيد القيام ببادرات حسنة على نطاق واسع تجاه السلطة، في حين شكك نتانياهو بالفائدة من ذلك، بينما اعترض بشدة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان.


صحيفة "هارتس" دعت في افتتاحيتها، اليوم الثلاثاء، نتنياهو الى الاصغاء الى ما يقوله الجيش وتبني توصياته المتعلقة بتعزيز موقع محمود عباس وسلطته. وجاء في افتتاحية الصحيفة، انه في غياب أي تقدم في المفاوضات واستمرار الخلاف حول البناء في المستوطنات، كان من المتوقع أن تبدي القيادة السياسية الإسرائيلية بعض الكرم تجاه قيادة السلطة الفلسطينية، بما يتعلق بتحسين شروط الحياة اليومية في الضفة الغربية.

الصحيفة طالبت، ان يأخذ بعين الإعتبار تحذير منسق العمليات في الضفة الغربية، الجنرال إيتان دانجوط، حول تهديد عباس بالاستقالة، في اعقاب الجمود الذي يعتري العملية السياسية وتعزز قوة حماس، على خلفية صفقة شاليط والفشل المرتقب في مجلس الامن خلال التصويت على طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وقالت "هارتس"، انه من الصعب الحكم من هو الأخطر هل هو حل السلطة ووقوع الضفة الغربية بايدي جهات متظرفة على حد قولها أم انتهاج سياسة مخططة تهدف الى تصفية معسكر السلام الفلسطيني وتعميق السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية ومنع تقسيمها،المفاضلة صعبة حسب هارتس ولكن في كلا الحالين فان الاسهام في زيادة قوة الأعداء السياسيين يشير الى سياسة قصيرة النظر وخطرة النتائج.
 

التعليقات