"التلويح بضرب الذرة الإيرانية لا يخرج عن دورإسرائيل ككلب حراسة أمريكي"

اليكس فيشمان المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت احرونوت" يسمي الأمور بمسمياتها الواضحة، حيث يفتتح مقاله المنشور في ملحق الصحيفة الأسبوعي بالقول، هذا مايحدث احيانا عندما يبدأ كلب "البولدوغ" الذي تربيه في الساحة لإخافة اللصوص بالتحرر من رباطه ويهدد بالخروج عن السيطرة.

أحتل الموضوع الإيراني الذي فجرته صحيفة "يديعوت احرونوت" نهاية الأسبوع الفائت وسيطر على أجندة المواقع الاخبارية ووسائل الاعلام الإسرائيلة المختلفة على مدار الاسبوع، احتل الحيز الأكبر من التقارير والتحقيقات التي عجت بها صحف نهاية الاسبوع وحظي فيها بموقع الصدارة.

الملحق الاسبوعي لصحيفة "هارتس"، الذي تضمن جملة تقارير تحت عنوان "رياح الحرب" صدر غلافه الخارجي، بصورة كاريكاتورية لطائرة نفاثة يقودها نتنياهو وبراك، تحت مانشيت تقرير المحلل العسكري للصحيفة عاموس هارئيل " غيوم تتكدر"، وسؤال يفرض نفسه بقوة في اسرائيل هذه الايام هل هناك خطر فعلي لنشوب حرب ام هي حرب نفسية؟

هارئيل يقول، اذا كان الموضوع يتعلق بالقدرة العسكرية فلا جدال أن الجيش الإسرائيلي طور فيالسنوات الأخيرة من قدراته على هذا الصعيد وهناك رضا كبير عن المستوى الذى حققه، ويشير الى ان جزء من القلق الأمريكي ينبع من القدرات التي أظهرتها تدريبات سلاح الطيران الاسرائيلي ولكن الموضوع، على حد قوله، لا يتعلق باغتيال أضافي لقائد عسكري فلسطيني من شأن المس به ان يؤدي الى انهيار لوقف اطلاق النار المؤقت، بل بقرار مصيري يتعلق بمستقبل اسرائيل بل المنطقة كلها، اذ ان المبادرين لاتخاذ هذا القرار عليهم ان يسالوا أنفسهم اذا كانت تل أبيب مبنية بشكل يمكنها من استيعاب ضربات مئات الصواريخ التي تحمل رؤوسا بزنة 300-400 كغم.

السؤال الاضافي الذي يطرحه هارئيل، هو الانجاز مقابل الثمن الذي ستدفعه اسرائيل ويجيب بأن أقصى مايمكن ان تحققه الضربة الإسرائيلية هو تاخير المشروع النووي الايراني من سنتين الى اربع سنوات فقط.

يوسي ميلمان ذهب، في مقال له في نفس الصحيفة، ابعد بخطوة واحدة من هارئيل، حيث شكك في القدرة العسكرية الإسرائيلية على تنفيذ مثل هذه الضربة، أصلا، اذ يقول، حتى لو افترضنا ان الإستخبارات ستكون قادرة على توفير معلومات محتلنة عن الاهداف التي يفترض توجيه ضربة لها، فمن المشكوك فيه ان سلاح الجو الاسرائيلي يمتلك قدرة ناجعة وجدية على ضربها.

ميلمان يقول، استنادا الى ابحاث اجريت خارج اسرائيل( بينها المعهد التكنولوجي في ماستشوتست )، ان سلاح الجو الإسرائيلي يستطيع ان يخصص لضربة من هذا النوع ما يفوق عن 100 طائرة بقليل وأانه يواجه مشكلة ليست بسيطة، فيما يتعلق بالمسار حسب بحث أجراه المعهد المذكور فان الطيران في المسار الجنوبي الذي يمر فوق الأراضي السعودية هو مسار طويل جدا، سيضطر سلوكه من قبل الطائرات الاسرائيلية الى التقليل من حمولتها من القنابل، اما الطيران بالمسار الأوسط، فوق الاراضي الاردنية والعراقية فيتطلب تنسيقا مسبقا مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تعارض ضربة عسكرية ضد ايران، وسلوك المسار الشمالي الذي سلكته الطائرات الإسرائيلية في ايلول ،2007 في طريقها لضرب المفاعل النووي السوري، فانه خطر بسبب امكانية رصد الطائرات واكتشافها من قبل الاطراف المعادية.

ويواصل ميلمان انه بسبب بعد المسافة التي تفصل مواقع الضربة عن اسرائيل، فان الطائرات تستطيع تنفيذ طلعة جوية واحدة يرافق ذلك التزود بالوقود جوا وهي عملية ليست سهلة وذلك بعكس سلاح الجو الأمريكي الذي يستطيع أن يخصص مئات الطائرات التي تستطيع كل واحدة منها تنفيذ عدة طلعات، ناهيك عن القدرة الامريكية على اطلاق صواريخ دقيقة الاصابة وموجهة بالليزر من البوارج الحربية الراسية في عرض البحر.

ميلمان، يصل الى النتيجة التي وصلها هارئيل، حول نجاعة الضربة الإسرائيلية اذا ما تمكنت اسرائيل من اخراجها الى حيز الفعل مقابل رد الفعل الايراني القاسي، الذي سينطلق على شكل صواريخ تسقط على اسرائيل، مع او بدون صواريخ حماس حزب الله وسوريا، على حد قوله، بالاضافة الى امكانية تنفيذ عمليات في الخارج.
اما المحلل العسكري أمير أورن، فقد شكك في استطاعة إسرائيل بالخروج الى مغامرة عسكرية ضد ايران، قائلا ان من يعتقد ان باستطاعة اسرائيل فعل ذلك بمفردها ينسى مدى ارتباط اسرائيل بالجيش الامريكي، حيث كتب تحت عنوان "عناق الدب" ان الجيش الإسرائيلي ليس مرتبطا فقط بالقوات الأمريكية، بل مربوط معها ولا يوجد هناك أي دليل يشير الى ان ادارة اوباما بمستوياتها المدنية والعسكرية من شأنها إفلات "رسن الكلب" بل أن جميع الدلائل تشير الى أن العم الامريكي يعانق أبن شقيقه الإسرائيلي بقوة بشكل يصعب على الجيش الإسرائيليي التحرر من قبضته.
اورن يورد العديد من الأمثلة على هذا العناق بينها مناورة "اوستير تشيلينج" المشتركة التي ستجري في نيسان المقبل في أوروبا والوحدة الإسرائيلية التي تعمل في قاعدة في المانيا والرادار الامريكي المنصوب في النقب والسفينتان الحربيتان من طراز "ايجيس" المزودتان بالصواريخ اللتان من المفترض ان ترسو واحدة في الشواطئ الشمالية لإسرائيل والثانية في مركزها، بحيث يتشكل مثلثرصد يغلق على الصواريخ الإيرانية في حال وفودها ويتم ارسال صواريخ مضادة لها.

اورن يروي عن لقاء قائد القوات البرية الأمريكية في اوروبا، مارك هرتلينج ونظيره الإسرائيلي سامي ترجمان وعن النتائج التي استفاد منها الامريكيون من حرب تموز 2006 ضد حزب الله والحرب على حماس في غزة وعن عمق العلاقة التي تربط القيادات العسكرية والمستويات المختلفة بين الجيشين وهو يشير في هذا الصدد، الى ان اسرائيل وجيشها هما عمليا مركبات مهمة في المنظومة الأمريكية ولذلك تواصل تمويلها لهما ولكن في النهاية هما،على حد قوله، مثل عجلات الطائرة فهي لاتستطيع أن تقف بدونهم على الأرض ولكن من الضروري لمهم عند الطيران.

أورن يختم بالقول، ان تصريحات المسؤولين الحكوميين الإسرائيليين، أحيانا توحي بأنهم نسوا من الطائرة ومن العجلات ولكن في واشنطن والبنتاغون يتذكرون.

اليكس فيشمان المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت احرونوت" يسمي الأمور بمسمياتها الواضحة، حيث يفتتح مقاله المنشور في ملحق الصحيفة الأسبوعي بالقول، هذا مايحدث احيانا عندما يبدأ كلب "البولدوغ" الذي تربيه في الساحة لإخافة اللصوص بالتحرر من رباطه ويهدد بالخروج عن السيطرة.
فيشمان الذي يكتب من واشنطن يقول، هنا يراقبون عناوين الصحف الإسرائيلية ويقولون اذا كان هناك من يعتقد بوجود ضوء أخضر لإسرائيل بتنفيذ ضربة عسكرية فهو مخطئ، لا يوجد حت ضوء اصفر بهذا الخصوص وفي البنتاغون والبيت الابيض غير مستعدين حتى السماع عن امكانية توجيه ضربة عسكرية ولكن يقولون من جهة ثانية، ان من يعتقد ان اوباما سيكون لديه مشكلة بسبب سنة الإنتخابات ان يقفق ويؤيد توجيه ضربة عسكرية لإيران فهو مخطئ.

القدرة العسكرية التي طورتها إسرائيل مقابل إيران أستخدمت من قبل الولايات المتحدة الامريكية عصا للتلويح بها ضد طهران واسرائيل كانت الكلب الذي يتم افلاته من رباطه اذا تجاوزت ايران الخطوط الحمراء لقد تركت لهذا الكلب حرية النباح هنا وهناك ولكن اليوم قد يتخوفون في واشنطن من كون هذا الكلب لا يكتفي بالتكشير عن انيابه بل بدأ يتحرر من رباطه، يقول فيشمان.
 

التعليقات