وثيقة: باراك خطط مع شارون لشن حرب خاطفة على سورية عام 1982

باراك سلم شارون عن طريق تمير وثيقة تتحدث عن شن حرب خاطفة على سورية، بهدف خلق واقع جديد. وكان تسليم الوثيقة عشية حملة حكومة مناحيم بيغين التي أطلق عليها "أورانيم"، والتي تدهورت إلى ما اصطلح على تسميته بالحرب الأولى على لبنان (عام 1982).

وثيقة: باراك خطط مع شارون لشن حرب خاطفة على سورية عام 1982

 عام 1982 كان إيهود باراك في جيل 40 عاما، ومقربا من وزير الأمن في حينه، أرئيل شارون، وغير مقرب من رئيس الأركان رفائيل إيتان. وفي إطار منصبه كرئيس لـ"دائرة التخطيط في هيئة الأركان" سمح له بالاتصال المباشر مع رئيس الوحدة للأمن القومي في وزارة الأمن، الجنرال أفراهام تمير، واستغل هذه الفرصة للالتفاف على إيتان.

وسلم باراك وثيقة لشارون عن طريق تمير، تتحدث عن شن حرب خاطفة على سورية، بهدف خلق واقع جديد. وكان تسليم الوثيقة عشية حملة حكومة مناحيم بيغين التي أطلق عليها "أورانيم"، والتي تدهورت إلى ما اصطلح على تسميته بالحرب الأولى على لبنان (عام 1982).

ويشير الكاتب أمير أورن، في تناوله للوثيقة في صحيفة "هآرتس" اليوم، الجمعة، إلى أن الهدف المعلن للحرب على لبنان كان "سلامة الجليل"، ومنع استمرار إطلاق القذائف من قبل منظمة التحرير الفلسطينية باتجاه شمال إسرائيل، أما الهدف الخفي فهو كسب كل الأوراق في رزمة شرق أوسطية، ووضع "المسيحيين" في سدة الحكم في لبنان، وإخراج الفلسطينيين من لبنان إلى الأردن، بحيث تنهار المملكة الأردنية وتقوم الدولة الفلسطينية شرق الأردن، في حين تستمر إسرائيل بالسيطرة على كل المناطق غربي النهر. كما كان الهدف تقريب شارون من رئاسة الحكومة، وباراك من رئاسة هيئة الأركان.

وتمتد الوثيقة على 1200 كلمة، وتعكس رؤية كاتبها السياسية والعملانية، والتي تعتمد على تفعيل قوة هائلة لـ"خلق واقع جديد يصوغ وعيا وصورة واقع".

وفي نص الوثيقة جاء أن "حملة أورانيم" لا تستطيع تحقيق الهدف الأدنى، وهو منع إمكانية إطلاق القذائف باتجاه إسرائيل، بدون السيطرة على مناطق تحت سلطة السوريين. أما الأهداف الأوسع للحمة فيه هدم البنى التحتية في كل مناطق لبنان بما في ذلك بيروت، والتقرب من المسيحيين، بما يقتضي التصادم مع السوريين في لبنان".

وتضيف الوثيقة أنه حتى لو كان بالإمكان، عسكريا، السيطرة على مواقع المقاومة الفلسطينية حتى بيروت، والانضمام إلى المسحيين بدون التصادم مع السوريين، فهناك شك في إمكانية تحقيق تغيير قابل للحياة في مبنى النظام في لبنان بحيث يصمد بعد مغادرة إسرائيل، بدون أن "نثبت في وعي كل الجهات في لبنان التفوق الإسرائيلي في استخدام القوة على السوريين".

وتتابع الوثيقة "إن الضرورة تقتضي السيطرة على الأجواء من أجل تسريع وتيرة القتال، في حين أن استمرار وجود منظومة صواريخ أرض – جو في البقاع، تعرض للخطر قدرة الردع إضافة إلى حرية الطيران شرق البقاع، وبالتالي فهي محفز للعمل ضد السوريين في حال تنفيذ عملية في لبنان. ومن غير المعقول فرض قيود على سلاح الجو، وإذا تم تفعيل سلاح الجو ضد صواريخ أرض – جو فيجب أن يكون ذلك في البقاع، ومن الأفضل تفعيل سلاح الجو ضد كل المنظومة الصاروخية، واستغلال النتائج من أجل تفعيل قوة هائلة من سلاح جو والقوات البرية ضد القوات البرية السورية في الجولان".

وتضيف الوثيقة أن العامل الحاسم في صورة النتائج هو النجاح في هزيمة السوريين خلال وقت قصير وبأقل الخسائر. وأنه مع انتهاء القتال ستكون قضية المقاومة الفلسطينية هامشية في أهمتيها.

وتتابع الوثيقة: "قد نكون في وضع تاريخي فريد من نوعه، فيه السوريون منعزلون، وسينضم إليهم حلفاؤهم، إذا ما حصل ذلك، بتأخير كبير. وسيتحدد موقف الولايات المتحدة من العملية ضد سورية بحسب نتائج الصدام الأول. فالإنجاز الجزئي والتورط هناك سيجلبان ضغطا هائلا علينا للانسحاب فورا، وربما التراجع عن قضايا أخرى بين إسرائيل وبين سورية ولبنان. أما الإنجاز الفوري وتدمير صواريخ أرض – جو، والسيطرة على شارع دمشق – بيروت، والانضمام إلى المسيحيين في الساحل والبقاع وتدمير قوات للجيش السوري، سيدفع الأميركيين إلى تشخيص الواقع الجديد بسرعة، وإلى تركيز الجهود للدبلوماسية.

وبحسب الوثيقة فإن المبادرة تنطوي على عدة مخاطر، بينها ضغوط أميركية لتجنب القيام بها، وغياب إجماع قومي للعمل ضد السوريين، إضافة إلى أنه من الممكن أن تؤدي العملية ضد السوريين، على نطاق شامل، إلى وقف الحرب العراقية الإيرانية، وتحويل جزء من الجهود العراقية إلى الجبهة الشرقية، وربما تؤدي إلى تراجع تدريجي في عملية السلام مع مصر وعودة الأخيرة إلى دائرة العدائية الفعالية.

كما جاء في الوثيقة أنه يجب العمل ضد السوريين بطريقة الحرب الخاطفة، كما حصل عام 1967. وتضيف أنه على المستوى الفعلي هناك أهمية قصوى لظروف بدء العملية، بحيث تتوفر القوة الكافية لتحقيق إنجازات برية فورية تدفع بالسوريين إلى الهزيمة خلال 72 ساعة، بحيث يكون الإنجاز الفوري الجزئي قد تحقق خلال 24 ساعة، مثل تدمير منظومة صواريخ أرض - جو بكاملها في الجولان، والسيطرة على محور دمشق – بيروت.

وتتابع الوثيقة أن استكمال تدمير الجيش السوري سيكون ممكنا من خلال عملية التفافية عميقة عن طريق البقاع أو من الجولان، في حل توفرت فرصة تتمثل في تحويل قوات سورية باتجاه دمشق والبقاع.

وجاء فيها أيضا أنه يمكن وضع خطة تحفظ سرا، وضمن أسسها تحديد أيام تأهب في بداية أيار (مايو) 1982، وتحديد موعد لإطلاع عدد صغير من الضباط على الخطط العسكرية. كما تقترح الخطة في نهاية أيار القيام بمناورة عسكرية شاملة للقوات النظامية وللاحتياط، تشارك فيها القوات البرية بأكبر عدد من الدبابات والمدافع في الشمال، إضافة إلى مناورة جوية شاملة.

وفي نهاية الوثيقة، يكتب باراك أنه قد يكون هناك صعوبة في مناقشتها مع المستوى السياسي بشكل صريح يتضمن تحديد الأهداف. ويختتمها بقوله إنه على استعداد ليكون ضمن طاقم تخطيط مقلص لوضع تفاصيل الخطة.

وفي هذا السياق يقول الكاتب أمير أورن إن باراك لا شك ندم على كتابة الأسطر الأخيرة، لأنه أشغل منصب نائب قائد الجيش الذي اصطدم بالقوات السورية في البقاع في حزيران (يونيو)، وأصيب في "سلطان يعقوب". ويختتم الكاتب تعليقه بالقول إن الجيش الإسرائيلي لم يعلق في لبنان ستة شهور، بحسب تقديرات باراك، وإنما 18 عاما، أشغل خلالها الأخير منصب رئيس أركان الجيش ثم رئيس الحكومة التي نفذت انسحابا أحادي الجانب بدون تسوية مع السوريين.

التعليقات