الموساد حضر قمة الرباط ودبر اغتيال بن بركة

* عن دور الموساد في اغتيال مهدي بن بركة * الموساد اختطف ضابطا إسرائيليا من باريس وألقى بجثته في عرض البحر * الموساد يقيم شركة طيران كويتية لاستخدامها في رحلات جوية إلى العالم العربي

الموساد حضر قمة الرباط ودبر اغتيال بن بركة

المهدي بن بركة عام 1959 (أ ف ب)

* عن دور الموساد في اغتيال مهدي بن بركة
* إسرائيل دفعت مقابل تهجير 80 ألف يهودي من المغرب لحسابات سرية
* الموساد قدم لفرنسا معلومات استخبارية عن قادة في جبهة التحرير الوطني الجزائرية
* الموساد زود عملاء فرنسيين بأسلحة في القاهرة لاستهداف قادة في جبهة التحرير
* الموساد يقيم شركة طيران كويتية لاستخدامها في رحلات جوية إلى العالم العربي ثم باعها للحكومة الكويتية
* الموساد اختطف ضابطا إسرائيليا من باريس وألقى بجثته في عرض البحر
* ديغول يغلق المقر القيادي للموساد في باريس

 

'بابا بترا' كان اسم الفضيحة التي أطلقت على تورط الموساد في قضية اغتيال مهدي بن بركة في باريس، ودفنه في إحدى الغابات بعد رش مواد كيماوية على جثته كي تتآكل بسرعة. وفي سياق تناول دور الموساد ينكشف وقوف إسرائيل على عدم استعداد الجيوش العربية للحرب ضد إسرائيل، الأمر الذي سهل على الأخيرة مفاجأة الدول العربية في الحرب عام 1967، من خلال متابعة مؤتمر القمة العربية في الدار البيضاء عام 1965.

وبحسب تقرير مطول أعده رونين بيرغمان وشلومو نكديمون، نشر في ملحق 'يديعوت أحرونوت' الجمعة، كانت البداية في سنوات الستينيات من القرن الماضي، حيث كانت ساحة العمل الأساسية للموساد في القارة الأوروبية في باريس. ولم يكن ذلك بمحض الصدفة، ففرنسا في ذلك الوقت كانت الصديق الأكبر لإسرائيل، وكان هناك تعاون أمني عميق بين الطرفين. وكانت فرنسا في ذلك الحين غارقة في الوحل الجزائري، وطلبت مساعدة الموساد في حربها ضد جبهة التحرير الوطني الجزائرية.

ويقول التقرير إن الموساد زود الفرنسيين بمعلومات عن جبهة التحرير الوطني، وبعد ذلك وفر عملاء الموساد وسائل قتالية، اشتملت على بنادق قناصة ومسدسات ومواد متفجرة، بهدف تنفيذ سلسلة من الاغتيالات قامت بها المخابرات الفرنسية ضد قيادة جبهة التحرير في القاهرة.

ويضيف أنه بعد أن أصبح النشاط في مصر مكثفا، نشأت حاجة لإقامة مسار ثابت إلى مصر، وعندها قام نائب رئيس الموساد في حينه، يوفال نئمان، بتجنيد طيارين يهوديين – أميركيين، وزودهما بمبالغ مالية كبيرة جدا، ثم توجها إلى الكويت، وعرضا على الحكومة الكويتية إقامة شركة طيران تقوم برحلات من الكويت إلى كافة أنحاء العالم العربي.

ولقيت الفكرة قبولا من الحكومة الكويتية، ومنذ ذلك الحين بدأ الموساد بتفعيل ثلاث رحلات أسبوعية إلى القاهرة. وبعد نحو 10 سنوات لم يتبق هناك حاجة لهذا المسار، وعندها تم بيع الشركة إلى الحكومة الكويتية، وهي لا تزال تعمل اليوم باسم 'Kuwait Airways'. بحسب التقرير.

ويضيف التقرير أنه بالرغم من حقيقة أن فرنسا اضطرت للخروج من الجزائر عام 1962، إلا أنها ظلت تقدر المساعدة الإسرائيلية. وبالنتيجة شكلت باريس بالنسبة للموساد نقطة التقاء آمنة ومريحة، حتى مع جهات لم تكن علاقاتها مكشوفة مع إسرائيل. وفي هذا السياق قال رئيس الموساد الأسبق، مئير عاميت إنه كان يؤمن بضرورة إقامة علاقات شخصية مع قادة الأجهزة الأمنية في باريس، وأنه كان يسافر بنفسه إلى هناك، ويلتقيهم وينشئ تحالفا على أساس المصالح المشتركة.

وجاء أنه عن طريق باريس بدأ الموساد ينتشر في أفريقيا وآسيا، وتحول إلى أحد أنشط الأجهزة الاستخبارية فيها. وكان الموساد يقدم المساعدة العسكرية وتدريب الأجهزة الاستخبارية المحلية وحتى تشكيل أجهزة استخبارية، مقابل نشاط عناصر الموساد الحر في هذه الدول لجمع معلومات عن الدول العربية وعن نشاط الاتحاد السوفييتي. وكان هناك تعاون استخباري مع تركيا وإيران وأثيوبيا، تحول إلى تنسيق استخباري بين الأطراف الأربعة.

ويتابع أن الموساد وضع نصب عينيه المغرب كهدف استخباري، وذلك لكونها دولة عربية لها علاقة مع 'دول معادية' لإسرائيل، خاصة وأن 'المغرب دولة معتدلة ليس لها حدود مع إسرائيل، وكان يقودها الملك الحسن الثاني بتوجهه الغربي'.

ويشير التقرير إلى أن العلاقة الاستخبارية مع المغرب بدأت عام 1960، بينما كان الحسن الثاني لا يزال وليا للعهد. وبعد سنة جرى تتويجه ملكا. وفي حينه طلبت إسرائيل منه إتاحة المجال ليهود المغرب بالهجرة إلى إسرائيل. وعقد المسؤول عن الخدمات الاستخبارية في المغرب، محمد أوفقير، صفقة مع مبعوثي الموساد، بموجبها تدفع إسرائيل مبلغ 250 دولار مقابل كل يهودي، وتم تحويل الأموال مقابل 80 ألف يهودي إلى حساب سري.

بعد ذلك طلبت المغرب من الموساد إقامة وحدة حماية خاصة، وتم توكيل دان شومرون ويوسكا شينر للقيام بالمهمة. وتبين خلال الاتصالات أن أوفقير ونائبة الجنرال أحمد دليمي كانا يخشيان على سلطة الحسن الثاني في ظل محاولات مصر والجزائر دعم عناصر المعارضة المغربية.

كما جاء أن إسرائيل أعادت تنظيم الأجهزة الاستخبارية المغربية من جديد، وسلحت سفنا مغربية بعتاد إلكتروني، وفي المقابل، حصلت إسرائيل على حق إقامة مركز ثابت لها في الرباط. ومع اندلاع المواجهات الحدودية بين المغرب والجزائر، قدمت إسرائيل للمغرب معلومات استخبارية، ودربت طيارين، وزودت الجيش المحلي بأسلحة كثيرة، مقابل المشاركة في التحقيق مع أسرى مصريين كانوا يساعدون الجزائريين، والتدرب مقابل طائرات ودبابات سوفييتية.

ووصل التعاون بين إسرائيل والمغرب أوجه عام 1965، حيث عقد في الدار البيضاء مؤتمر القمة العربية، والتي ناقشت إقامة قيادة مشتركة للحرب المستقبلية مع إسرائيل. وفي حينه سمح الملك الحسن الثاني للموساد بمتابعة المؤتمر عن كثب، فوصل  طاقم إسرائيلي برئاسة تسفي ملحين ورافي إيتان إلى الدار البيضاء. وقبل بدء المؤتمر بيوم واحد طلب الحسن الثاني من عملاء الموساد مغادرة الفندق حيث تعقد القمة، لتجنب الاصطدام مع ضيوف القمة العرب. ومع انتهائها عمل على تسليمهم كل المعلومات الضرورية.

وتشير الصحيفة إلى أن لهذه المعلومات كان دور مهم جدا، فقد وفرت للموساد الفرصة للوقوف على تفكير القادة العرب، وكيف تدار الأمور في دول المواجهة مع إسرائيل. وكانت هذه المعلومات الأساس الذي اعتمدت عليه إسرائيل في الحرب المفاجئة عام 1967.

وبعد فترة قصيرة، من تسليم معلومات، تبين أن المغرب تريد شيئا بالمقابل، وهو القيادي المعارض مهدي بن بركة ضمن المطلوبين، ومن هنا نشأ لقب 'ب. ب'،  والاسم 'بابا بترا'.

مهدي بن بركة

كان أحد المعارضين البارزرين للملك الحسن الثاني، وذا نفوذ كبير في المغرب والعالم العربي، كما دعم الثورات والحرب على الاستعمار. وقد جرى نفيه من المغرب في بداية الستينيات، وحكم عليه غيابيا بالإعدام.

وبحسب التقرير فقد بدأ أوفقير ودليمي باقتفاء أثر بن بركة الذي كان يتنقل بأسماء مستعارة، ثم لجأوا إلى الموساد لمساعدتهم. وعن ذلك يقول رئيس الموساد مئير عاميت، لاحقا، إن إسرائيل واجهت معضلة، فإما تقديم المساعدة والتورط أو الرفض وتعريض الإنجاز المهم والذي يعتبر من الدرجة الأولى، والذي تحقق في المغرب، للخطر.

ويضيف أنه 'تقرر نهائيا العمل بمسؤولية وبما يخدم أهداف إسرائيل، دون تجاوز الحدود التي وضعناها لأنفسنا'. وكانت المهمة الأولى للموساد كانت البحث عن بن بركة، وتبين أنه كان مشتركا في عدد من المجلات الأسبوعية، بينها 'The Jewish Observer'، وكان يفترض أن يصل العدد إلى مقصف في جنيف، وبين الحين والآخر كان يزور المقصف لتناول ما تجمع هناك. وعندها قام الموساد بتسليم دليمي عنوان المقصف، وبذلك لم يتبق أمام العملاء المغاربة سوى مراقبته لمدة أسبوعين 24 ساعة يوميا.

ويتابع التقرير أن المغرب طلبت من الموساد أيضا، في الأول من تشرين الأول (أكتوبر) 1965، توفير شقة سرية في باريس، ومواد تساعد على التمويه، وجوازات سفر مزورة. كما طلبوا من الموساد متابعة بن بركة، وتقديم المشورة لهم في قتله.

وبحسب محاضر لقاءات عاميت مع رئيس الحكومة الإسرائيلية في حينه، ليفي أشكول، لم يتم إخبار الأخير بدور الموساد إلا في الرابع من تشرين الأول 1965. وأنه للتغطية على دور الموساد في ملاحقة بن بركة، عمد عاميت إلى إبراز مدى قيمة المعلومات التي حصل عليها الموساد من المغرب عن القمة العربية، والتي كان أهم ما فيها أن جيوش الدول العربية لم تكن جاهزة للحرب ضد إسرائيل. ويضيف عاميت أن هذه المعلومات كانت مقابل تحديد مكان بن بركة الذي أصدر الملك أمرا باغتياله، وأنه طلب من الموساد تقديم المشورة لهم في الاغتيال دون المشاركة في العملية.

وبحسب عاميت فإن أشكول وافق، ولكن طلب إبداء أقصى حد من الحذر، وبدون أن يكون هناك تدخل مباشر لإسرائيل.

ويتابع التقرير أن الموساد سلم المغاربة 5 جوازات سفر أجنبية لكي يتمكنوا من استخدامها دون أن يتم اكتشاف أمرهم، بطريقة تبقي الموساد بعيدا عن الشبهات في حال فشلت عملية الاغتيال.

ويتابع عاميت أنه في الثاني عشر من تشرين أول (أكتوبر) من العام نفسه، طلب دليمي من الموساد لوحة مركبة مزورة ومادة سامة. ورفضت إسرائيل الفكرة، واقترحت استخدام مركبة مستأجرة. وفي النهاة أبلغت إسرائيل بأن دليمي قرر تأجيل العملية حتى نهاية الشهر. وفي الثالث عشر من الشهر نفسه عاد دليمي من فرنسا إلى المغرب، واعتبر عاميت ذلك علامة على أنه تم إلغاء العملية، وأبلغ أشكول بذلك.

وفي الخامس والعشرين من تشرين أول (أكتوبر) وصل عاميت إلى الرباط، وحاول إقناع المغاربة بتأجيل العملية لعدة شهور، إلا أنه فوجئ بقرار دليمي بأن العملية بدأت، وبالنتيجة فقد اضطر لتقديم المساعدة، بحسب التقرير.

ويقول د. يغئال بن نون، المؤرخ المختص بدراسة العلاقات بين إسرائيل والمغرب أنه كان الهدف اختطاف بن بركة، وإلزامه بأن يختار ما بين قبول منصب وزارة التربية في حكومة الملك أو محاكمة علنية بتهمة الخيانة. وبحسب شهادات أخرى فقد كانت هناك نوايا لإعدامه.

ويتابع التقرير، أنه بعد يومين، توجه دليمي إلى باريس لمتابعة العملية. وبحسب دراسة د. بن نون فإن أحد عملاء الموساد كان في انتظار دليمي في المطار، واتفقا على إجراء محادثة في موقع آخر استمرت مدة 10 دقائق تحت حراسة وحدة خاصة من الموساد.

ويضيف التقرير أن المغاربة، ومعهم مرتزقة من الاستخبارات الفرنسة والشرطة المحلية، كان في انتظار وصول بن بركة إلى باريس. وفي التاسع والعشرين من الشهر نفسه وصل قادما من جنيف وبحوزته جواز سفر دبلوماسي جزائري، وتوجه لمقابلة صحفي فرنسي دون أن يعرف أن الحديث عن كمين نصبته المخابرات المغربية لجذبه، وذلك عملا بفكرة الموساد.

وفي أحد المنعطفات في الشارع، طلب منه اثنان من عناصر الشرطة الفرنسية، الذين جندهم الدليمي، مرافقتهما إلى شقة مستأجرة في 'فونتانا لا فيكونت'، جنوب باريس، حيث بدأ دليمي بتعذيبه بقسوة.

وفي الأول من تشرين الثاني (نوفمبر)، وبينما لا يزال بن بركة على قيد الحياة، طلب دليمي من الموساد تزويد خلال يوم بمادة سامة وجوازي سفر مزورين، وأداة حفر، و'شيء ما لطمس الآثار'.

ويشير التقرير إلى أنه في كل الأحوال لم يكن هناك أي حاجة للسم، حيث أن دليمي تنافس مع مساعديه على من هو أشد قسوة في تعذيب بن بركة، والذي بدأ بأعقاب السجائر، مرورا بالضربات الكهربائية، وانتهى بعمليات إيهام متكررة بالغرق. ويدعي التقرير أن الديمي لم يكن في هذه المرحلة يرغب بقتله، وإنما بانتزاع معلومات منه عن مجموعة سرية، والتوقيع على اعتراف بأنه كان ينوي خلع الملك عن العرش.

وينقل التقرير عن أحد عناصر الموساد في حينه، إليعيزر شطيرن، قوله إنه تم ملء حوض الحمام بالماء، وأنه في كل مرة كان دليمي يخرج رأس بن بركة من الماء، كان الأخير يبصق ويشتم الملك. وعندها أبقى دليمي رأسه داخل الماء فترة أطول حتى ازرق لونه، وفارق الحياة. وعندها ارتجف المغاربة خوفا، واحتاروا بماذا يفعلون بجثة قائد عربي معروف في باريس.

بعدها أوفد الموساد وحدة خاصة، وقاموا بلف الجثة ووضعه في صندوق إحدى المركبات في انتظار وصول عملاء موساد آخرين من أوروبا. بعد ذلك قررت الوحدة دفنه في إحدى الغابات القريبة. وبعد أن حفروا حفرة عميقة جدا في ساعات الليل، دفنوا الجثة بعد أن رشوا تحتها وفوقها مواد كيماوية لإحداث تآكل في الجثة، وهي مادة تصبح فعالة أكثر مع تعرضها للماء. وفي الليلة ذاتها هطل مطر شديد الأمر الذي دفعهم إلى الاعتقاد بأنه لم يتبق من الجثة شيء.

ويضيف التقرير أن الموساد زود دليمي وعددا آخر من العملاء بجوازات سفر مزورة لمغادة فرنسا. كما يشير إلى أنه بعد 3 سنوات جرى شق شارع في المنطقة فوق مكان دفن الجثة.

مطالبة بإقالة رئيس الموساد ورئيس الحكومة

ويتابع أن عناصر فرنسية شاركت في العملية سارعت إلى تسريب نبأ إلى مقربين من ديغول، مفاده أن الاستخبارات المغربية خطفت وقتلت قائدا سياسيا في قلب باريس. وعندها أقال الرئيس الفرنسي عددا كبيرا من قادة الأجهزة الاستخبارية، وفكك جهاز المخابرات الخارجية، وطالب الملك الحسن الثاني بتسليمه أوفقير والدليمي، وعندما رفض قطعت فرنسا علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب.

وأدى تحقيق الشرطة الفرنسية إلى تقديم لوائح اتهام ضد 13 شخصا، بينهم أوفقير والدليمي والصحفي الذي استدرج بن بركة. ولم يظهر غالبية المتهمين أمام المحكمة، حيث فروا جميعا إلى المغرب.

ويضيف التقرير أن قلائل في إسرائيل يعرفون دور الموساد في اغتيال بن بركة، القضية التي أطلق عليها 'بابا بترا'، وهنا يبدأ دور المستشار الاستخباري لأشكول، إيسر هرئيل، حيث يقول إنه أبلغ أشكول بضرورة تشكيل لجنة تحقيق لتحديد المسؤولية، وأنه بحسب النتيجة سيتقرر ما إذا كان سيتوجب عليه الاستقالة من منصبه، ولاحقا جرت المطالبة بإقالة عاميت من منصبه.

ويقول أيضا إن مجموعة من كبار المسؤولين في 'مباي' دعموا هرئيل، وطالبوا بإقالة عاميت والتوجه إلى فرنسا وإبلاغها بما حصل قبل انكشاف القضية، بيد أن الأخير رفض أن يتحمل المسؤولية لوحدة وأصر على استقالة أشكول. ولاحقا طالب المسؤولون من غولدا مئير أن تستبدل أشكول، إلا أن الأخيرة رفضت.

وتشكلت لجنة أخرى خارجية، كان من بين أعضائها رئيس أركان الجيش السابق، يغئال يادين، وزئيف شيرف (أشغل لاحقا منصب وزير). وقالت اللجنة في قرارها إنه في بعض الحالات لم يتم إبلاغ أشكول بما يحصل، وفي حالات أخرى أبلغ متأخرا. ومع ذلك، قررت اللجنة أن أشكول صادق على تدخل الموساد في القضية، وأنه 'بشكل أساسي كان أداء الطرفين سويا، ولا يوجد أي سبب لإقالة رئيس الموساد أو رئيس الحكومة'.

الموساد يختطف ضابطا إسرائيليا من باريس ويلقي بجثته في البحر

ويقود التقرير إلى الكشف عن فضيحة أخرى، حيث هدد في حينه عاميت بنبش ماضي هرئيل، لزعزعة ادعاءاته بأنه 'حارس أسوار الأخلاق في الموساد'. وتبين أنه في العام 1954 توجه هرئيل ضمن وحدة مشتركة بين الموساد والشاباك إلى فرنسا، وذلك بهدف خطف أحد ضباط الجيش الإسرائيلي الذي اشتبه بأنه حاول بيع وثائق سرية، وجلبه إلى البلاد لتقديمه للمحاكمة. ولسبب ما فإن الضابط المشار إليه توفي في الطريق إلى البلاد، وألقيت جثته في عرض البحر. كما أمر هرئيل في حينه بدفن الوثائق السرية في مكان لا يصل إليه أحد في الأرشيف، وطلب عدم التحدث في هذا الموضوع بتاتا.

وأدى التهديد بالكشف عن هذه القضية بهرئيل إلى التزام الصمت في قضية بن بركة، ثم استقال من منصبه كمستشار استخباري لرئيس الحكومة.

إلى ذلك، كشف التقرير أيضا أن الرقابة العسكرية فرضت تعتيما كاملا على قضية بن بركة، وفي العام 1966 تم اعتقال محرر المجلة الأسبوعية الإباحية 'بول' بعد أن حاول نشر تفاصيل صغيرة عن القضية. وفي العام 1973 قتل أوفقير (قتلا أو انتحارا) بعد انكشاف دور له في انقلاب ضد الملك، وبحسب ادعاء آخر فإن تبادل إطلاق نار بالمسدسات نشب بينه وبين دليمي. أما الأخير فقد لقي مصرعه في حادث طرق وقع في العام 1982، قيل عنه إنه كان مدبرا.

أما المخابرات الفرنسية، بحسب التقرير، فقد كانت تعلم بدور الموساد في عملية الاغتيال، ولكنها لم تملك الدليل. وفي أعقاب الحرب، عام 1967، فرض ديغول حظر بيع أسلحة لإسرائيل. وفي أعقاب خطاب ألقاه في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام نفسه في البرلمان الفرنسي، قال ديغول إن 'اليهود شعب نخبوي وواثق بنفسه ومتغطرس'. وبعد يومين من الخطاب أصدر أوامر بطرد ممثلي الموساد من فرنسا وإغلاق مقر القيادة في باريس. وكانت تلك المرة الأولى التي يطرد فيها عملاء الموساد بسبب عملية اغتيال من العاصمة الفرنسية، ولكنها ليست الأخيرة.

 

التعليقات